منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 خرافة أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

خرافة أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي Empty
مُساهمةموضوع: خرافة أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي   خرافة أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي Emptyالثلاثاء 30 أكتوبر 2018, 10:41 am

خرافة أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي

ملف اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول مازال يتفاعل سياسيا واقتصاديا، ويخلّف الكثير من القضايا التي تعتبر دالة للغاية، ولكنها  تعرف الكثير من التغليط، كما هو الشأن في المبالغة في الوزن الاقتصادي للسعودية في العالم، خاصة في صفقات الأسلحة، وكأن سوق السلاح العالمي سينهار بدونها.
تناسلت المقالات في الصحافة الدولية والعربية حول حجم مشتريات السعودية من السلاح، وجرى تقديمها على أساس أنها الزبون الرئيسي الذي بدونه سيشهد سوق السلاح كسادا عالميا. وكانت الدهشة كبيرة عند تقديم قناة غربية باللغة العربية خلال الأيام الماضية معطيات تقول بتصدير الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قرابة 40 مليار دولار سنويا من السلاح للسعودية. وما يغذي مثل هذه الأخبار التي يمكن تصنيفها بأخبار «فيك نيوز»، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه، بحديثه عن صفقات ضخمة بمئات المليارات من الدولارات، علاوة على حديثه عن أهمية الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة.
والواقع أن أغلبية الأخبار هذه الأيام حول صفقات الأسلحة هي عبارة عن «فيك نيوز» بامتياز في مقالات في الإنترنت، ويقف وراء أغلبها الرئيس ترامب، ضمن استراتيجية إنقاذ ولي العهد محمد بن سلمان من أي ملاحقة قانونية، بسبب تورطه المفترض في عملية اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، أي يحاول تبرير استبعاد كل ملاحقة بأهمية العلاقات الاقتصادية مع السعودية.

الحديث عن أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي الآن مجرد خرافة للتغطية على جريمة مقتل خاشقجي

ويمكن الاستعانة بمقال لـ»نيوزويك» في نسختها الرقمية هذه الأيام، الذي يصنف ترامب بأكبر كذاب في تاريخ الرؤساء الأمريكيين، ولعل آخر أكاذيب ترامب ادعاؤه بوجود إرهابيين من الشرق الأوسط ضمن قافلة مهاجرين أمريكا اللاتينية التي تتجه نحو الحدود الأمريكية عبر المكسيك، بحثا عن العيش الكريم. ويمكن استحضار كذبة كبيرة، وهي ادعاؤه بحصول عمل إرهابي في السويد خلال شهر فبراير/شباط من السنة الماضية، وتفاجأ العالم بمستوى التغليط الذي يمارسه الرئيس، الأمر الذي جعل وزارة الخارجية السويدية تطالبه بتوضيحات حول الاعتداء الإرهابي المفترض، ليكون جوابه أنه استنتج ذلك من تقرير لقناة التلفزيون «فوكس نيوز» حول اللاجئين في السويد.
خلال أزمة الاغتيال هذه، يجري تقديم السعودية كنقطة ارتكاز للاقتصاد العالمي وسوق الأسلحة عموما، وكأن معاقبتها على ارتكاب قتل خاشقجي سيطيح بالاقتصاد العالمي، لكن الأرقام الحقيقية تفّنذ هذه الفرضية الكاذبة، بل وتفّنذ فرضية أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي. في هذا الصدد، لا يتجاوز الناتج الإجمالي للعربية السعودية 700 مليار دولار سنويا، وهو أقل من  نصف الناتج الإجمالي لدولة غربية متوسطة مثل إسبانيا، ونصف الناتج الإجمالي لدولة مثل كوريا الجنوبية، ويبقى بعيدا عن دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا. ويبقى ثقلها في المبادلات  التجارية الدولية دون باقي الدول الغربية المتوسطة مثل إسبانيا.
وعلاقة بالولايات المتحدة، يبقى المثير في الأمر أنه مقابل حديث ترامب عن صفقات تجارية ضخمة مع السعودية، فقد حصل العكس منذ مجيئه، إذ تراجع التبادل التجاري خلال السنة الأولى من ولايته، وكان التبادل التجاري سنة 2016 هو 37 مليار دولار، أما سنة 2017 لم يتجاوز 35 مليار دولار، ومرشح للتراجع سنة 2018 بحوالي 5 مليارات دولار، لأن الولايات المتحدة لم تعد تستورد النفط السعودي إلا القليل جدا. وهذه الأرقام تجعل تصريحات ترامب محل تساؤل عريض.
في الوقت ذاته، تبقى الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة متوسطة، أو دون المتوسط، إذا جرت مقارنتها بدول أخرى، أو إذا تمت مقارنتها بالأخبار المغلوطة التي تنشرها الصحافة. وطيلة السنوات الماضية لم تحتل السعودية المراكز السبعة الأولى، بل ولا العاشرة في الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، التي تعود دائما الى بريطانيا واليابان ولكسمبورغ وسويسرا والمانيا وكندا وفرنسا. بينما توجد تقارير دقيقة حول الاستثمارات الأوروبية في الولايات المتحدة، لا توجد تقارير دقيقة حول الاستثمار السعودي في الولايات المتحدة، الأمر الذي يترك الباب مفتوحا لإعطاء أرقام خيالية.
ويبقى الغموض الكبير الذي يفسح المجال للكثير من التأويلات المغلوطة، هو سوق السلاح وصفقات الأسلحة. اعتمادا على أهم الوثائق الدقيقة حول مبيعات الأسلحة في العالم، توجد التقارير الصادرة عن «مصلحة الكونغرس للدراسات» أو «مصلحة الكونغرس للبحث»، وهو جهاز مرتبط بالكونغرس الأمريكي، وتعتبر تقاريره ذات مستوى عال جدا. وفي تقرير لهذه المصلحة صدر منذ سنة حول مبيعات الأسلحة في العالم ما بين 2008 الى 2015، يبرز أن العربية السعودية اقتنت ما قيمته 30 مليار دولار من الأسلحة، أكثر من 16 مليار دولار من الولايات المتحدة و11 مليارا و400 مليون دولار من دول أوروبا الغربية ومليار و600 مليون دولار من أوروبا الشرقية، ومليار و300 مليون دولار من الصين. وهذا يعني اقتناء هذا البلد ما قيمته 4 مليارات و200 مليون دولار سنويا، واقتنت من الولايات المتحدة مليارين و300 مليون دولار سنويا. وهذه الأرقام تهم الأسلحة التي جرى تسليمها فعليا إلى الجيش السعودي، وليس الحديث عن صفقات جرى التوقيع عليها ولم تنفذ. ويدخل في هذه الميزانية الأسلحة والتدريب والصيانة وكذلك العمولات التي كان يحصل عليها الأمراء، وشكلت فضائح كبيرة في الكثير من المناسبات.
عندما نراجع ترسانة الأسلحة السعودية، سنجد أن أكبر الصفقات عقدت منذ سنوات، وتعلق الأمر بطائرات أف 15. وبعدها، لم تتوصل السعودية بأسلحة متطورة، بل بأسلحة محدودة وأساسا الذخيرة لاستعمالها في حرب اليمن. لم تقتن لا طائرات أف 22، ولا أف 35، ولا منظومة التاد للصواريخ التي طلبتها، ورفض البنتاغون بيعها إياها ولا حاملات طائرات ولا قنابل نووية، فمن أين يأتي ترامب بهذه الأرقام. ونتساءل جميعا، لو كانت السعودية تشتري سنويا أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات لما احتاجت إلى الولايات المتحدة لتوفير الحماية لها، ولكانت قد انتصرت في حرب اليمن في أسابيع.
عندما يتحدث دونالد ترامب عن مبيعات الأسلحة للسعودية، تذكروا أنه لم يقدم ولو صفقة واحدة مكتملة لكي يصادق عليها الكونغرس، بل مجرد وعود. وكانت افتتاحية لـ»الواشنطن بوست» منذ عشرة أيام قد طالبته بتقديم عقود الصفقات التي يتحدث عنها. وتذكروا جميعا أنه تحدث عن وقوع عملية إرهابية خلال فبراير من السنة الماضية في السويد، وكذب على العالم بأكمله، فمن سيمنعه من الكذب في صفقات تجارية لم تحصل.
الحديث عن أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي الآن هو مجرد خرافة سواء في التبادل التجاري أو صفقات الأسلحة، والهدف من المبالغة هو التغطية على جريمة مقتل خاشقجي. أهمية السعودية تكمن في أسعار النفط فقط. ولنحتفظ بهذه الأرقام، التبادل التجاري السعودي- الأمريكي يشكل أقل من 1% من مجموع التجارة الخارجية الأمريكية التي تصل الى 3953 مليار دولار سنة 2017، ومشتريات السعودية من الأسلحة الأمريكية لا تتجاوز سنويا وفي أحسن الحالات 0.1% من مجموع صادرات الولايات المتحدة.
كاتب مغربي من أسرة «القدس العربي»
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

خرافة أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: خرافة أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي   خرافة أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي Emptyالثلاثاء 30 أكتوبر 2018, 10:42 am

اكذوبة قطع النفط عن أمريكا: القصة الكاملة

بقلم: أمين محمود
كثيرا ما تُختَزل سير القادة في الذاكرة الشعبية بأحداث معدودة تُستَنبط منها صفاتهم وطموحاتهم. تُضَخم تلك الأحداث وتُسطح ويُعاد تفسيرها حسب الحاجة. يصعب استحضار شخصية الملك فيصل دون الرواية الأسطورية لقطع النفط عن الولايات المتحدة التي انطلقت شرارتها مع بدء حرب أكتوبر في مثل هذا اليوم العاشر من رمضان من عام 1393هـ الموافق للسادس من أكتوبر من عام 1973. تخفي الرواية المنتشرة أكثر مما تظهر وتنقل معها سردًا مشوّها للتاريخ.
أتاح مشروع ويكيليكس مؤخرا أكثر من مليون وسبع مئة ألف برقية توثّق مراسلات السفارات الأمريكية ولقاءاتها واستراتيجيتها وتحليلاتها في حقبة السبعينيات. تعد تلك البرقيات مرجعا ثريا وسردا دقيقا يساعد على فهم كواليس السياسة الحديثة، ولعل أهم حدث على الصعيد العربي في تلك الفترة كان حرب أكتوبر. راجعت مئات من تلك البرقيات وفيما يلي سرد للدور الكامل للسعودية في الحرب وقطع النفط.
طالما كان سلاح النفط موضعا للسجالات الإعلامية والتهديدات الصورية ففي أغسطس 1973 التقى الملك فيصل بالمُمثّل الأمريكي لشركة أرامكو (حيث كانت ملكية الشركة تشترك فيها السعودية وأمريكا) فأخبره أن السعودية قد تستخدم سلاح النفط للدفاع عن القضية الفلسطينية. التقى المُمثّل بعد ذلك بوزير الداخلية الأمير فهد الذي أكد على قوة علاقته بأمريكا وإيمانه بأن مصلحة السعودية تكمن في تلك العلاقة وأنه بصفته رئيس المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن سيحرص أن تبقى السياسة النفطية تحت السيطرة.1 في سبتمبر 1973 زار الملك فيصل السفارة الألمانية ليؤكد عمق العلاقة بين السعودية وأمريكا وعلى ضرورة أن تسعى ألمانيا والسعودية للتقرب من أمريكا وحفظ العلاقات معها فعدتها السفارة تراجعا عن التهديد.2
في 10 رمضان الموافق 6 أكتوبر كانت السعودية أمام اختبار حقيقي حين شنّت سوريا ومصر هجوما مشتركا لاستعادة الجولان وسيناء الذيْن احتلتهما إسرائيل عام 1967. تؤكد البرقيات السرية أن السعودية لم تكن تعلم عن الهجوم شيئا، بعكس الروايات التي تحاول إبراز دورها زاعمة أن استخدام النفط كان قد رُتّب له مسبقا لإنجاح المعركة. الواقع أن الملك فيصل بدا مستاءً من الهجوم لأنه سيضعه في موقف حرج مع الولايات المتحدة ولأنه سيبدو متخلفا عن الركب ولأن الاتحاد السوفيتي قد يجدها فرصة للنيل منه.3 في 8 أكتوبر التقى محمود ملحس مساعد الأمير فهد بالسفير الأمريكي وأكد له أنه منزعج مما أقدمت عليه سوريا ومصر وأنه يعده عبثيا لكن السعودية ستضطر لمساعدتهما مراعاة للضغوط الداخلية.4 ظهر سريعا التفوق العسكري العربي لدرجة أذهلت الدبلوماسيين الأمريكيين الذين علموا أن أمريكا ستزود إسرائيل بالسلاح فطلبوا من واشنطن أن يكون تدخلها هادئا.5 كان المسؤولون السعوديون على علم بتسليح أمريكا لإسرائيل لكنها برّرت لهم ذلك بأن الاتحاد السوفيتي يزود العرب بالسلاح وأن ذلك يجعل الكفتين غير متساويتين.6 عتّمت الصحافة السعودية على أي ذكر لتسليح أمريكا لإسرائيل بل ذهبت أبعد من ذلك فحذفت أجزاءً من خطبة للسادات يشير فيها إلى معونة أمريكا لإسرائيل؛7 وأخبرت وزارة الإعلام السفارة الأمريكية أنها أقدمت على ذلك تفاديا لتهييج المشاعر ضد أمريكا.8
في هذه الأثناء التقى السفير البريطاني بعدد من المسؤولين السعوديين وجميعهم بلا استثناء كان قلقا من أن السعودية قد تضطر للمشاركة الفعلية لأنها إن لم تفعل فسيحملها العرب المسؤولية حال الخسارة وسيلومونها حال الفوز وانتقد بعضهم بشدة السادات وبدأه للمعركة.9 في 9 أكتوبر كان وزير الدولة للشؤون الخارجية عمر السقاف في الأمم المتحدة وهدد بقطع النفط، لكن يبدو أنه كان تصريحا ارتجاليا إذ إن السفارة البريطانية سألت سعود الفيصل عن ذلك فأخبرهم أنه لم يكن على علم مسبق.10 صرّح الأمير سلطان أيضا أن السعودية ستقلل من إمدادات النفط لكن الخارجية السعودية أخبرت السفارة أن حديث الأمير سلطان عام ولا علاقة له بالظروف الراهنة. في ذات الأثناء أخبر مسؤولون سعوديون السفارة الأمريكية أنهم يستبعدون أن تخوض السعودية الحرب،11 لكنها لا تستطيع أن تمكث هكذا ولذا فإن اضطرت للمشاركة فستكون مشاركتها رمزية.12 في 10 أكتوبر أخبرت السعودية الأردن أنها سترسل كتيبة إلى سوريا فخاف رئيس الوزراء الأردني زيد الرفاعي من ذلك فاتصل بالسفارة الأمريكية في عمّان ليطلب منها أن تتواصل مع الملك فيصل لأن الأردن لن تستطيع أن ترفض.13في هذه الأثناء كانت الصحافة السعودية تهوّل من دور السعودية وتشيد بمشاركتها في الجبهة السورية ولتتأكد أمريكا أن السعودية لن تُقدِم على شيء ولتُحكِم قبضتها راسلت وزارة الخارجية الأمريكية شركات الدفاع الأمريكية طالبة منها ألا تشترك في أي نشاط خارج الحدود السعودية.14 في 11 أكتوبر التقى الأمير نواف بن عبد العزيز السفير الأمريكي ليؤكد له حرص السعودية على علاقتها بأمريكا وعلى ضرورة وقف إطلاق النار وأكد له أن العرب لا يريدون تدمير إسرائيل بل تنفيذ قرار مجلس الأمن 242 القاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967.15
في 10 أكتوبر دعت الكويت الدول المُصدّرة للنفط لاجتماع عاجل لبحث استخدام سلاح النفط وجاءت الدعوة بعد تنامي ضغط البرلمان الكويتي والاحتجاجات الشعبية.16 عدت السعودية المبادرة محرجة لأنها لا تريد المغامرة.17 في ذات الوقت أكد ولي العهد الكويتي جابر الأحمد الصباح للسفير البريطاني أن الكويت “لا تريد أن تضر أصدقاءها فهي تحتاجهم”. في 17 أكتوبر عُقد الاجتماع وسرعان ما وشى وزير النفط السعودي أحمد زكي يماني بمجرياته التفصيلية للسفارة الأمريكية: كانت العراق وليبيا تقفان في الجانب “الرديكالي” فطالبا بقطع النفط تماما وقطع العلاقات مع أمريكا وسحب أرصدة الدولار لينهار، لكن السعودية واجهت بشدة كل تلك المقترحات، فدعت العراق الدول للانسحاب من الاجتماع لكن أحدًا لم يلحق بها. انتهى الاجتماع بعد التسوية إلى خفض نسبة الإنتاج 5% على الأقل شهريا وبأثر رجعي حتى حل القضية.18
في 19 أكتوبر طلب الرئيس الأمريكي ريتشارد نكسون من الكونغرس اعتماد معونة عسكرية عاجلة لدعم إسرائيل بمبلغ 2.2 مليار دولار. كان التطور صارخا ولا يمكن كتمانه كما كُتِمت المعونات السابقة، فاضطرت السعودية لإعلان قطع النفط عن أمريكا بعد أن قامت ليبيا بذلك.
حاولت العراق استثمار الفرصة لرفع سقف الطموحات فطالبت بتأميم شركات النفط وسحب جميع الأرصدة العربية من الدولار وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع أمريكا ثم هاجم إعلام العراق السعودية واتهمها بالخيانة والوقوف على المصالح الأمريكية. وصرّح وزير النفط السوري أنه كان ينتظر إجراءات أقوى على الجبهة النفطية.19
قُسّمت الدول المستهلكة للنفط لثلاثة أقسام: دول مُقاطَعة وهي الدول التي تسلح إسرائيل ولا تنال من نفط السعودية شيئا (أمريكا وهولندا والبرتغال)، ودول مُحبّذة وهي الدول التي أدانت إسرائيل وتنال حصتها كاملة كما كانت قبل الحرب دون نقصان (بريطانيا وفرنسا وإسبانيا)، ودول غير مُحبّذة وهي الدول التي لم تنحز للعرب وتتأثر بالنقصان الشهري المتصاعد لإمدادات النفط (بقية دول العالم).20
لم يكن قرار قطع النفط مؤثرا على بقية العلاقات العسكرية والتجارية والدبلوماسية والشخصية بين السعودية وأمريكا.
على الصعيد العسكري التقى نائب وزير الدفاع الأمير تركي بن عبد العزيز برئيس البعثة الأمريكية للتدريب العسكري في 21 أكتوبر (بعد الحظر بيومين) ليؤكد له أن السعودية اضطرت لاتخاذ هذه “القرارات السياسية” وأنها يجب ألا تؤثر في التعاون العسكري،21 وبعد أسبوع زار نائب رئيس شركة ريثيون الأمريكية للسلاح وزير الدفاع الأمير سلطان ليطمئن على استمرار صفقة شراء معدات دفاعية،22ثم زار وفد سعودي ولاية جورجيا الأمريكية ليستلم طائرات حربية من شركة لوكهيد،23 وتواصل رئيس الحرس الوطني الأمير عبد الله بن عبد العزيز مع السفارة الأمريكية طالبا صفقات للحرس الوطني.24
أما على الصعيد الاقتصادي فأكّد رئيس مؤسسة النقد السعودي أنور علي للسفارة الأمريكية أن السعودية لا تنوي سحب أرصدتها من الدولار،21 وراسلت السفارة الأمريكية وزارة الخارجية الأمريكية لتبلغها أن بإمكان رجال الأعمال الأمريكيين القدوم وإتمام صفقاتهم كما كانوا25 وأجريت مشاورات عن استمثار شركة جنرال موتر في السعودية.26
أما على الصعيد الدبلوماسي فاستمرت الاتصالات الدبلوماسية بين المسؤولين السعوديين والسفارة الأمريكية بل أُبلِغت أن السعودية لن تقطع علاقتها بأمريكا حتى لو قطعتها كل الدول العربية. وأكد أحمد زكي يماني أن علاقة السعودية بأمريكا ستكون أقوى مما كانت بعد انتهاء الأزمة.27 وأكد الملك فيصل لوزير الخارجية الأمريكي هنري كسنجر أن المقاطعة لن تنتهي فحسب بل سيزداد الإنتاج النفطي عما كان عليه قبل الحرب.28 أما وزير الدولة للشؤون الخارجية عمر السقاف فزار عددا من العواصم العربية (منها القاهرة ودمشق) ثم عاد ليبدي للسفارة الأمريكية استياءه من التوجه العربي “العدواني” لأنه وجد أنهم يعتقدون أن بإمكانهم الإثخان في إسرائيل ولم يكونوا حريصيين على إيقاف إطلاق النار وطلب من أمريكا أن تصدر تصريحا يعزّز من موقف “المعتدلين” (السعودية والمغرب وتونس).29
وفوق ذلك كله كانت العلاقات الشخصية بين المسؤولين السعوديين والأمريكيين متينة إذ كان السعوديون يسمون الأمريكيين “الأصدقاء”، وفي عيد الفطر لعام 1973 (في ظل توتر حاد على الجبهة المصرية الإسرائيلية) دعا وزير النفط أحمد زكي يماني السفير الأمريكي لقضاء إجازة العيد معه.30
كانت السعودية في وضع ممتاز: قدّمت أقل ما يمكن أن تقدمه، وحافظت على علاقات متينة بأمريكا، وحقق الملك فيصل منزلة نضالية لم يسبق له أن نالها31(ولا تزال تذكر له إلى اليوم). وعلاوة على ذلك كله زاد دخل السعودية نتيجة لزيادة لارتفاع الطلب على النفط وانخفاض العرض؛ حيث قدرت السفارة الأمريكية الزيادة بأنها من 4 إلى 8 مليارات دولار سنويًا.32
في 26 نوفمبر 1973 عُقِدت قمة عربية في الجزائر وحضرها الملك فيصل وقررت القمة أن تترك المجال لكل دولة لتخفض من إنتاجها النفطي كما شاءت. أبدى السفير السعودي في بريطانيا عبدالرحمن الحليسي سعادته للسفير الأمريكي لأن هذا القرار سيخفف الضغط على السعودية.33
في 22 ديسمبر عقدت أوبك اجتماعًا في طهران ومثّل السعودية وزير النفط أحمد زكي يماني وأصر فيه الشاه على رفع أسعار النفط من 3.05 دولار إلى 7 دولار. رفضت السعودية الارتفاع مطلقا لكن الشاه أكد أنه تشاور مع أمريكا وبريطانيا وكلاهما وافقا على الرفع. اتصل يماني بالسعودية فأمره الأمير فهد ألا يواجه الشاه وأن يقبل. عاد يماني من الاجتماع ليشي مجددا بمجرياته للسفير الأمريكي ويخبره أنه حاول جاهدا أن يقنعهم بتخفيض الأسعار، فأخبره السفير أن الولايات المتحدة -بعكس دعوى الشاه- لم توافق على الرفع فأجابه يماني أن السعودية ستدعو لاجتماع آخر عاجل لأعضاء أوبك للتراجع عن القرار.34 وهذا ما جرى، ففي 8 يناير 1974 اجتمعت دول أوبك في جنيف وهددت السعودية بأن تخفض وحدها الأسعار.35
في أواخر ديسمبر 1973 تلقى الملك فيصل رسالة من معمر القذافي يحرض فيها على السادات الذي بدأ مفاوضات السلام مع إسرائيل ويتهمه فيها بالخيانة، فسارع عمر السقاف في اليوم التالي إلى السفارة الأمريكية ليعرضها عليهم ويعرض عليهم مسودة رد الملك التي خطّأ فيها القذافي وحدثه عن ضرورة القبول بالحلول “الواقعية”.36
في 18 يناير 1974 وقّعت مصر وإسرائيل اتفاقا تنسحب بموجبه إسرائيل عن غرب قناة السويس (التي احتلتها بعد بدء الحرب) وتحافظ على سيطرتها على معظم سيناء، وبقيت الجبهة السورية دون تسوية. في أواخر يناير تصدّرت السعودية مساعي إلغاء المقاطعة عن أمريكا وسعت لإقناع بقية الدول ثم التقى عمر السقاف بالسفير الأمريكي ليبلغه بالردود التي تلقاها (لم يمانع إلا ليبيا)، واعترف السقاف للسفير أنه رغم سعادته بانتهاء الحرب إلا أن ما تم لا يمكن أن يعد إنجازا لهدف المقاطعة.37 في أوائل فبراير التقى السفير الأمريكي بنواف بن عبد العزيز (مستشار الملك فيصل) ومساعد بن عبد الرحمن (وزير الاقتصاد) وكلاهما أبلغاه أنه لو كان الأمر بيد الملك فيصل لألغى المقاطعة فورا لكنه يخشى من أن يناله نقد بقية الدول العربية وأن يُتّهم بشق الصف العربي ولذا فلن يتخذ قرارا قبل قمّة طرابلس التي عقدت أخيرا في 13 مارس.38 لم ينتج عن تلك القمة اتفاق لأن ليبيا أصرت على تأجيل إلغاء المقاطعة لحين تسوية الجبهة السورية، فأُجل إعلان الرفع إلى قمة أوبك في فينا لأن الحضور رأوا أنه من غير الملائم أن يتم ذلك من الأراضي الليبية رغم معارضتها.39 في 18 مارس أعلن أحمد زكي يماني في مؤتمر صحفي لأوبك أن السعودية ومصر والكويت وقطر والإمارات والبحرين قرروا إلغاء المقاطعة عن أمريكا مع امتناع ليبيا وسوريا عن ذلك.40 تعهد يماني أن تعوّض السعودية أمريكا عن النقص الذي سيلحقها بسبب مقاطعة ليبيا وأنها ستزود إنتاجها 300،000 برميل،41 بل ذهب أبعد من ذلك وأخبر السفارة سرًا أن السعودية ستزيد الإنتاج إذا ما احتاجت أمريكا ذلك.42
في الأيام التالية شنت الصحافة اليسارية هجوما على موقف السعودية وعدَّته بعضها خيانة للقضية وتعاميا عن أن أمريكا لم تقدم شيئا بل أثبتت الحرب تماهيها مع الموقف الإسرائيلي.43 44 أحست السفارة الأمريكية بمقدار الهجوم فأرسلت إلى واشنطن طالبة أن يشكر الرئيس الأمريكي الملك فيصل وأن يهنئه وأشادت ب”حكمة” السعودية ودورها “القيادي”.45
وهكذا انتهت 150 يومًا من قطع النفط عن الولايات المتحدة: لم يكن الدور السعودي بطوليا فدائيا ولا رياديا، بل كان دور الحريص على تخفيف المقاطعة وتأجيلها قدر المستطاع ثم دور الواشي بالاجتماعات والمراسلات ثم دور الساعي لرفع المقاطعة سريعا بأقل المكاسب. كانت معركة إعلامية ومساومة سياسية ما تزال أساطيرها سائدة حتى اليوم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
خرافة أهمية السعودية للاقتصاد الأمريكي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ترامب وبايدن يطرحان رؤيتين متناقضتين للاقتصاد الأمريكي
» خرافة الكرامة العربية!
» دبي تنظم أول قمة شرق أوسطية للاقتصاد الأخضر
» ماذا يحدث للاقتصاد الألماني؟
» الضغط النفسي يسبب السكري .. حقيقة أم خرافة؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث اقتصادية :: الاقتصاد-
انتقل الى: