ذكريات الأجداد عن ليالي رمضان
كيف كان رمضان قديما؟ وكيف كان الناس يقضون ذلك الشهر الكريم قبل ظهور الفضائيات والوسائل الحديثه من تلفاز وانترنت وخلوي وغيرها الكثير.
الحاجه فتحية، واحدة من هولاء الذين عاشوا رمضان بفقره الجميل بلا راديو ولا تلفاز. تقول الحاجه فتحيه: كان المسجد يبعد عن بيتنا مسافة 2 كيلو متر ولم يكن له سماعات. كنا نذهب ونجلس عند المسجد الى حين يقول الله أكبر لنركض الى البيت ونبلغهم أن اذان المغرب قد حان. وكان المسجد الوحيد وبجانبه مدرسة. (كانت الحياة حلوة )، (كنا نقعد على لمبة الكاز لنفطر وكان اولاد الحاره يأتون يجلسون عندنا «ع البرندة» وكل واحد فيهم ومعه صحنه).
لم نكن نملك اللحمة او الدجاج. كان اكلنا من العدس والمجدرة.. والخبز. عندما كان يأتي رمضان بالصيف كنا (نشكح بطيخ لنتحلا فيها وبعدين نصلي التراويح وننام ).
هكذا عبرت عبرت الحاجة فتحية بلهجتها البسيطة. واضافت: كنا نقوم بأعداد طعام السحور من الليل وعلى البابور كنا نقلي البطاطا والبندوره وعندما نستيقظ على السحور نعد الشاي ونتسحر كانت أمي تيقظني على الساعه الثامنه مساء لنحضر سفينة نوح على الراديو. كنا نستمع لحزازير «مضافة ابو محمود» التي كان يقدمها الفنان اسحاق المشيني والد الفنان نبيل المشيني، التي نقوم بحلها وارسالها على الاذاعه وعندما تنتهي بطارية الراديو نضعها بالشمس حتى تشحن كان يجوب ارجاء القريه شباب يمسكون الطبله وقبل الاذان بساعه لينادوا: (يا نايم وحد الدايم) .. (وحدوالا اله الا هو) .. يا أبو علي كوم»قُم» اتسحر.
كان العاشر من رمضان يوما مميزا. كان يسمى «عاشور رمضان» تقوم به العائلات بأعداد اللحم والمفتول وتوزيع على العائلات الفقيرة.
ذكريات
الحاج عيد يحمل ذكريات حسرة وألم، يتمنى فيها عودة تلك أيام الخوالي. يقول لقد كنا نعلم ان رمضان اتى من الهلال فنصوم على رؤياه ونفطر على رؤياه. كانت الباروده التي كان يطلقها احد الجيران تعلمنا ان أذان المغرب قد حان.
«العصيده والجريشه والعدس» إفطارانا. كانت النساء يقمن بعمل «المريسة» وهو عباره عن قمر الدين او التمر السائل الذي يضاف له القليل من السمنه أو الزيت ويؤكل بخبز الشراك.
للسحور كانت هنالك نجمة عند تظهر في السماء يحين وقت السحور وصياح الديك مشيرا الى طلوع الفجر اما باقي أوقات الصلاه كنا نستدل عليها من ظلال الشمس.
تقول الحاجة فاطمة: كنا ننتظر صوت المدفع مؤذنا بالافطار، وعند الانتهاء من تناوله يتردد الاطفال على البيوت فيخرج أحد اصحاب البيت ويقدم لهم قطعا من الحلوى او الفاكهة او اي شيء بشكل يشيع البهجة والفرح مرددين:
«يلي قاعدين عالنموسية هاتوا العقد يا أفندية... يلي قاعدين عالنموسية هاتوا هاتوا واليهود ماتوا ... هاتوا هيا واليهود في البرية. كان للفانوس نكهة خاصة لدى الاطفال ،كنا نصنعه من التنك ويثقب من جوانبه ويوضع داخله شمعة مضيئة، كما كان الرجال والشباب يجتمعون في المقهى يستمعون الى جكايا عنترة بن شداد وابو زيد الهلالي.
«كيس الحواجة»
ترجع ذاكرة الحاج محمد الى اغرب معلم رمضاني كان يراه يقول ابتداء من اول يوم من ايام رمضان أشاهد رجلا غريبا أسود يرتدي ملابس غريبة يحمل عصا بيده اليمنى وعلى كاهله كيس، وينادي بصوت جهوري:
« فطرة تمام، زكاة صيام، سنته عليه السلام».
كان يخيل لي ان هذا الشخص «رمضان» او أنه لا يأتي دون حضوره الى مدينة نابلس كل عام ليجمع ما تيسر من طعام.
إن الفروقات كثيرة وبين ماض يحاكي البساطة والعيش الكريم والالفة والمحبة بين الناس لحاضر جمع تكولوجيا رهيبة ومسلسلات، وقطع حديثا ومسامرة و قتل أحلى الاجواء البسيطة والجميلة ولهذا نقول «ياريت ترجع ايام زمان».
الرئيسية 
البوابة 
