إخباره صلَّى الله عليه وسلَّم بمقتل علي ابن أبي طالب فكان كما أخبر:
قال الإمام أحمد: ثنا علي بن بحر، ثنا عيسى بن يونس، ثنا محمد بن إسحاق، حدَّثني زيد بن محمد بن خيثم المحاربي عن محمَّد بن القرظي عن محمَّد كعب بن خيثم، عن عمَّار بن ياسر قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لعليّ حين ولي غزوة العثيرة: ((يا أبا تراب - لما يرى عليه من التُّراب - ألا أحدِّثك بأشقى النَّاس رجلين؟))
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: ((أحيمر ثمود الذي عقر النَّاقة والذي يضربك يا علي على هذه - يعني: قرنه - حتى يبلَّ هذه - يعني: لحيته -)).
وروى البيهقيّ عن الحاكم، عن الأصمّ، عن الحسن بن مكرم، عن أبي النضر، عن محمد بن راشد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن فضالة ابن أبي فضالة الأنصاريّ - وكان أبوه من أهل بدر - قال: خرجت مع أبي عائداً لعليّ ابن أبي طالب في مرض أصابه فثقل منه قال: فقال أبي: ما يقيمك بمنزلك هذا فلو أصابك أجلك لم يكن إلا أعراب جهينة تحملك إلى المدينة، فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلَّوا عليك.
فقال علي: إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عهد إليَّ أن لا أموت حتى تخضب هذه - يعني: لحيته - من دم هذه - يعني: هامته - فقتل، وقتل أبو فضالة مع علي يوم صفِّين.
وقال أبو داود الطَّيالسيّ: ثنا شريك عن عثمان بن المغيرة، عن زيد بن وهب قال: جاء رأس الخوارج إلى علي فقال له: إتق الله فإنَّك ميت.
فقال: لا والذي فلق الحبَّة وبرأ النَّسمة ولكن مقتول من ضربة على هذه تخضب هذه، وأشار بيده إلى لحيته، عهد معهود وقضاء مقضي وقد خاب من افترى.
وقد روى البيهقيّ بإسناد صحيح: عن زيد بن أسلم عن أبي سنان المدركيّ، عن علي في إخبار النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقتله.
وروى من حديث هيثم عن إسماعيل بن سالم، عن أبي إدريس الأزديّ، عن علي قال: إنَّ ممَّا عهد إليَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ الأمَّة ستغدر بك بعدي.
ثمَّ ساقه من طريق قطر بن خليفة وعبد العزيز بن سياه عن حبيب ابن أبي ثابت، عن ثعلبة بن يزيد الحماميّ قال: سمعت علياً يقول: إنَّه لعهد النَّبيّ الأمي إليَّ إنَّ الأمَّة ستغدر بك بعدي.
قال البخاريّ: ثعلبة هذا فيه نظر، ولا يتابع على حديثه هذا.
وروى البيهقيّ عن الحاكم، عن الأصمّ، عن محمَّد بن إسحاق الصنعانيّ، عن أبي الأجوب الأحوص بن خبَّاب، عن عمَّار بن زريق، عن الأعمش، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن ثعلبة بن يزيد قال: قال علي: والذي فلق الحبَّة وبرأ النَّسمة لتخضبنَّ هذه من هذه للحيته من رأسه، فما يحبس أشقاها.
فقال عبد الله بن سبيع: والله يا أمير المؤمنين لو أنَّ رجلاً فعل ذلك لأثرنا عشيرته.
فقال: أنشدك بالله أن لا تقتل بي غير قاتلي.
قالوا: يا أمير المؤمنين ألا تستخلف ؟
قال: ولكن أترككم كما ترككم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
قالوا: فما تقول لربِّك إذا تركتنا هملاً؟ قال: أقول اللَّهم استخلفتني فيهم ما بدا لك ثمَّ قبضتني وتركتك فيهم فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم. (ج/ص:6/245)
وهكذا روى البيهقيّ هذا وهو موقوف وفيه غرابة من حيث اللَّفظ ومن حيث المعنى، ثمَّ المشهور عن علي أنَّه لمَّا طعنه عبد الرَّحمن بن ملجم الخارجيّ وهو خارج لصلاة الصُّبح عند السِّدة فبقي علي يومين من طعنته، وحبس ابن ملجم وأوصى عليّ إلى ابنه الحسن بن علي كما سيأتي بيانه وأمره أن يركب في الجنود وقال له: لا يجر علي كما تجر الجارية فلمَّا مات قتل عبد الرَّحمن بن ملجم قوداً، وقيل: حداً والله أعلم، ثمَّ ركب الحسين بن علي في الجنود وسار إلى معاوية كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
إخباره صلَّى الله عليه وسلَّم بذلك مقتل الحسين
وسيادة ولده الحسن بن علي في تركه الأمر من بعده وإعطائه لمعاوية:
قال البخاري في (دلائل النُّبوة): حدَّثنا عبد الله بن محمد، ثنا يحيى بن آدم، ثنا حسين الجعفيّ عن أبي موسى، عن الحسن، عن أبي بكرة قال: أخرج النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذات يوم الحسن بن علي فصعد به على المنبر فقال: ((إنَّ ابني هذا سيد ولعلَّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين)).
وقال في كتاب (الصّلح): حدَّثنا عبد الله بن محمد، ثنا سفيان عن أبي موسى قال: سمعت الحسن يقول: استقبل والله الحسن بن علي معاوية ابن أبي سفيان بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إنِّي لأرى كتائب لا تولى حتى تقتل أقرانها.
فقال له معاوية: فكان والله خير الرَّجلين: أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور النَّاس؟ من لي بنسائهم؟ من لي بضيعتهم؟
فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس: عبد الرَّحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر بن كريز فقال: إذهبا إلى هذا الرَّجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه.
فأتياه فدخلا عليه فتكلَّما وقالا له وطلبا إليه.
فقال لهما الحسن بن علي: إنَّا بنو عبد المطَّلب قد أصبنا من هذا المال وإنَّ هذه الأمة قد عاثت في دمائها.
قالا: فإنَّه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك.
قال: فمن لي بهذا ؟
قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئا إلا قالا: نحن لك به فصالحه.
فقال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على النَّاس مرَّة وعليه أخرى ويقول: ((إنَّ ابني هذا سيد ولعلَّ الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)).
وقال البخاريّ: قال لي علي بن عبد الله: إنَّما ثبت لنا سماع الحسن ابن أبي بكرة بهذا الحديث. (ج/ص:6/246)
وقد رواه البخاري أيضاً في فضل الحسن، وفي كتاب (الفتن) عن علي بن المدينيّ، عن سفيان بن عيينة، عن أبي موسى - وهو إسرائيل بن موسى ابن أبي إسحاق -.
ورواه أبو داود والتّرمذيّ من حديث أشعث.
وأبو داود أيضاً والنَّسائيّ من حديث علي بن زيد بن جدعان، كلهم عن الحسن البصري، عن أبي بكرة به.
وقال التّرمذيّ: صحيح وله طرق عن الحسن مرسلاً، وعن الحسن، وعن أم سلمة به.
وهكذا وقع الأمر كما أخبر به النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم سواء، فإنَّ الحسن بن علي لمَّا صار إليه الأمر بعد أبيه وركب في جيوش أهل العراق وسار إليه معاوية فتصافَّا بصفِّين على ما ذكره الحسن البصريّ فمال الحسن بن علي إلى الصُّلح وخطب النَّاس، وخلع نفسه من الأمر وسلَّمه إلى معاوية وذلك سنة أربعين فبايعه الأمراء من الجيشين واستقلَّ بأعباء الأمَّة فسمِّي ذلك العام عام الجماعة، لاجتماع الكلمة فيه على رجل واحد وسنورد ذلك مفصلاً في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقد شهد الصَّادق المصدوق للفرقتين بالإسلام فمن كفَّرهم أو واحداً منهم لمجرد ما وقع فقد أخطأ وخالف النص النَّبويّ المحمَّديّ الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، وقد تكمَّل بهذه السَّنة المدَّة التي أشار إليها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنها مدَّة الخلافة المتتابعة بعده.
كما تقدَّم في حديث سفينة مولاه أنَّه قال: ((الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثمَّ تكون ملكاً)).
وفي رواية ((عضوضاً)).
وفي رواية عن معاوية أنَّه قال: رضينا بها ملكاً.
وقد قال نعيم بن حماد في كتابه (الفتن والملاحم): سمعت محمد بن فضيل عن السري بن إسماعيل، عن عامر الشِّعبيّ، عن سفيان بن عيينة قال: سمعت الحسن بن علي يقول: سمعت علياً يقول: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((لا تذهب الأيَّام واللَّيالي حتى يجتمع أمر هذه الأمَّة على رجل واسع القدم ضخم البلغم، يأكل ولا يشبع وهو عري)).
وهكذا وقع في هذه الرِّواية.
وفي رواية بهذا الإسناد: ((لا تذهب الأيَّام واللَّيالي حتى تجتمع هذه الأمَّة على معاوية)).
وروى البيهقيّ من حديث إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر - وهو ضعيف - عن عبد الملك بن عمَّار قال: قال معاوية: والله ما حملني على الخلافة إلا قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لي: ((يا معاوية إن مُلِّكت فأحسن)).
ثمَّ قال البيهقيّ: وله شواهد من ذلك حديث عمرو بن يحيى عن سعيد بن العاص، عن جدِّه سعيد أنَّ معاوية أخذ الأداوة فتبع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فنظر إليه فقال: ((يا معاوية إن ولِّيت أمراً فاتق الله واعدل)).
قال معاوية: فما زلت أظنّ أني مبتلى بعمل لقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
ومنها حديث الثَّوريّ عن ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد الدَّاري، عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إنَّك إن اتبعت عورات النَّاس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم)).
ثمَّ يقول أبو الدَّرداء: كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فنفعه الله بها، رواه أبو داود.
وروى البيهقيّ من طريق هشيم عن العوام بن حوشب، عن سليمان ابن أبي سليمان، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الخلافة بالمدينة والملك بالشَّام)). (ج/ص:6/247)
وقال الإمام أحمد: حدَّثنا إسحاق بن عيسى، ثنا يحيى بن حمزة عن زيد بن واقد، حدَّثني بشر بن عبيد الله، حدَّثني أبو إدريس الخولانيّ عن أبي الدَّرداء قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((بينا أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب رفع واحتمل من تحت رأسي، فظننت أنَّه مذهوب به فأتبعته بصري فعمد به إلى الشَّام، ألا وإن الإيمان - حين تقع الفتن - بالشَّام ههنا)).
رواه البيهقيّ من طريق يعقوب بن سفيان عن عبد الله بن يوسف، عن يحيى بن حمزة السلميّ به.
قال البيهقيّ: وهذا إسناد صحيح، وروي من وجه آخر ثمَّ ساقه من طريق عقبة بن علقمة عن سعيد بن عبد العزيز الدِّمشقيّ، عن عطية بن قيس، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إني رأيت أن عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فنظرت فإذا نور ساطع عمد به إلى الشَّام، ألا إنَّ الإيمان إذا وقعت الفتن بالشَّام)).
ثمَّ أورده البيهقيّ من طريق الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز، عن يونس بن ميسرة، عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فذكر نحوه، إلا أنَّه قال: ((فأتبعته بصري حتَّى ظننت أنَّه مذهوب به)) قال: ((وإني أوَّلت أنَّ الفتن إذا وقعت أنَّ الإيمان بالشَّام)).
قال الوليد: حدَّثني عُفير بن معدان أنَّه سمع سليمان بن عامر يحدِّث عن أبي أمامة، عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مثل ذلك.
وقال يعقوب بن سفيان: حدَّثني نصر بن محمد بن سليمان الحمصيّ، ثنا أبي أبو ضمرة محمَّد بن سليمان السَّلميّ، حدَّثني عبد الله ابن أبي قيس سمعت عمر بن الخطَّاب يقول: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((رأيت عموداً من نور خرج من تحت رأسي ساطعاً حتَّى استقرَّ بالشَّام)).
وقال عبد الرَّزاق: أنَّا معمَّر عن الزهري، عن عبد الله بن صفوان قال: قال رجل يوم صفِّين: اللَّهم إلعن أهل الشَّام.
فقال له علي: لا تسبّ أهل الشَّام جماً غفيراً فإنَّ بها الأبدال، فإنَّ بها الأبدال.
وقد روي من وجه آخر عن علي.
قال الإمام أحمد: ثنا أبو المغيرة، ثنا صفوان، حدَّثني شريح - يعني: ابن عبيد الحضرميّ - قال: ذكر أهل الشَّام عند علي ابن أبي طالب وهو بالعراق فقالوا: إلعنهم يا أمير المؤمنين.
قال: لا، إني سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((الأبدال يكونون بالشَّام وهم أربعون رجلاً كلَّما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً يستسقى بهم الغيث، وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشَّام بهم العذاب)).
تفرَّد به أحمد، وفيه انقطاع فقد نص أبو حاتم الرَّازيّ على أن شريح ابن عبيد هذا لم يسمع من أبي أمامة ولا من أبي مالك الأشعري وأنَّه رواية عنهما مرسلة، فما ظنك بروايته عن علي ابن أبي طالب وهو أقدم وفاة منهما. (ج/ص:6/248)
إخباره صلَّى الله عليه وسلَّم عن غزاة البحر إلى قبرص:
قال مالك: عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت تحت عبادة بن الصَّامت، فدخل عليها يوماً فأطعمته، فنام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثمَّ استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله ؟
قال: ((ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرَّة أو مثل الملوك على الأسرة)) - شكَّ إسحق -.
فقلت: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم.
فدعا لها ثمَّ وضع رأسه فنام ثمَّ استيقظ وهو يضحك.
قالت: قلت: ما يضحكك يا رسول الله ؟
قال: ((ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله)) كما قال في الأولى.
قالت: قلت: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم.
فقال: ((أنت من الأوَّلين)).
قال: فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمان معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.
رواه البخاريّ عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك به.
وأخرجاه في الصَّحيحين من حديث اللَّيث وحماد بن زيد، كلاهما عن يحيى بن سعيد، وعن محمد بن يحيى بن حبَّان، عن أنس بن مالك، عن خالته أم حرام بنت ملحان، فذكر الحديث إلى أن قال: فخرجت مع زوجها عُبادة بن الصَّامت غازية أوَّل ما ركبوا مع معاوية، أو أوَّل ما ركب المسلمون البحر مع معاوية ابن أبي سفيان، فلمَّا انصرفوا من غزاتهم قافلين فنزلوا الشَّام فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت.
ورواه البخاري من حديث أبي إسحاق الفزاريّ عن زائدة، عن أبي حوالة عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن أنس به.
وأخرجه أبو داود من حديث معمَّر عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أخت أم سليم
ما قيل في قتال الرُّوم:
حدَّثنا إسحاق بن يزيد الدِّمشقيّ، ثنا يحيى بن حمزة، حدَّثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان أنَّ عمير بن الأسود العنسيّ، حدَّثه أنَّه أتى عبادة بن الصَّامت وهو نازل إلى ساحل حمص وهو في بناء له ومعه أم حرام، قال عمير: فحدَّثتنا أم حرام أنَّها سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((أوَّل جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا)).
قالت أم حرام: فقلت: يا رسول الله أنا فيهم ؟
قال: ((أنت فيهم)).
قالت: ثمَّ قال النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أوَّل جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم)).
قلت: أنا فيهم يا رسول الله ؟
قال: ((لا)) تفرَّد به البخاريّ دون أصحاب الكتب السِّتة. (ج/ص:6/249)
وقد رواه البيهقيّ في (الدَّلائل) عن الحاكم، عن أبي عمرو ابن أبي جعفر، عن الحسن بن سفيان، عن هشام بن عمَّار الخطيب، عن يحيى بن حمزة القاضي به وهو يشبه معنى الحديث الأوَّل.
وفيه من دلائل النبوة ثلاث: إحداها الإخبار عن الغزوة الأولى في البحر وقد كانت في سنة سبع وعشرين مع معاوية ابن أبي سفيان حين غزا قبرص وهو نائب الشَّام عن عثمان بن عفَّان وكانت معهم أم حرام بنت ملحان هذه صحبة زوجها عبادة بن الصَّامت أحد النُّقباء ليلة العقبة فتوفيت مرجعهم من الغزو قتل بالشَّام كما تقدَّم في الرِّواية عند البخاري، وقال ابن زيد: توفِّيت بقبرص سنة سبع وعشرين، والغزوة الثَّانية غزوة قسطنطينية مع أوَّل جيش غزاها وكان أميرها يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان وذلك في سنة اثنتين وخمسين وكان معهم أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري فمات هنالك - رضي الله عنه وأرضاه - ولم تكن هذه المرأة معهم لأنها كانت قد توفيت قبل ذلك في الغزوة الأولى.
فهذا الحديث فيه ثلاث آيات من دلائل النُّبوة الإخبار عن الغزوتين، والإخبار عن المرأة بأنها من الأوَّلين وليست من الآخرين، وكذلك وقع - صلوات الله وسلامه عليه -.
الإخبار عن غزوة الهند:
قال الإمام أحمد: حدَّثنا هشيم عن سيار بن حسين بن عبيدة، عن أبي هريرة قال: وعدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم غزوة الهند فإن استشهدت كنت من خير الشُّهداء وإن رجعت فأنا أبو هريرة المحرر.
رواه النَّسائيّ من حديث هشيم وزيد بن أنيسة عن يسار بن جبر ويقال: جبير عن أبي هريرة قال: وعدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم غزوة الهند فذكره.
وقال أحمد: حدَّثنا يحيى بن إسحق، ثنا البراء عن الحسن، عن أبي هريرة قال: حدَّثني خليلي الصَّادق المصدوق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: ((يكون في هذه الأمَّة بعث إلى السِّند والهند، فإن أنا أدركته فاستشهدت فذاك وإن أنا وإن أنا فذكر كلمة رجعت فأنا أبو هريرة المحدث قد أعتقني من النَّار، تفرَّد به أحمد.
وقد غزا المسلمون الهند في أيَّام معاوية سنة أربع وأربعين وكانت هنالك أمور سيأتي بسطها في موضعها، وقد غزا الملك الكبير الجليل محمود بن سبكتكين صاحب غزنة في حدود أربعمائة بلاد الهند فدخل فيها وقتل وأسر وسبى وغنم ودخل السومنات وكسر الند الأعظم الذي يعبدونه، واستلب سيوفه وقلائده ثمَّ رجع سالماً مؤيداً منصوراً
الإخبار عن قتال التُّرك كما سنبينه إن شاء الله:
قال البخاريّ: ثنا أبو اليمان، أنَّا شعيب، ثنا أبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لا تقوم السَّاعة حتى تقاتلوا قوماً نعالهم الشَّعر، وحتى تقاتل التُّرك صغار الأعين حمر الوجوه ذلف الأنوف كأنَّ وجوههم المجان المطرقة، وتجدون من خير النَّاس أشدَّهم كراهية لهذا الأمر حتَّى يقع فيه والنَّاس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام وليأتينَّ على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله)) تفرَّد به من هذا الوجه.
ثمَّ قال البخاريّ: ثنا يحيى، ثنا عبد الرَّزاق عن معمر، عن همام عن أبي هريرة أنَّ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لا تقوم السَّاعة حتى تقاتلوا خوزاً وكرمان من الأعاجم حمر الوجوه، فطس الأنوف، صغار الأعين، كأنَّ وجوههم المجان المطرقة، نعالهم الشَّعر)).
تابعه غيره عن عبد الرَّزاق.
وقد ذكر عن الإمام أحمد أنَّه قال: أخطأ عبد الرَّزاق في قوله: خوراً بالخاء، وإنَّما هو بالجيم جوزاً وكرمان هما بلدان معروفان بالشَّرق فالله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان عن الزهريّ، عن سعيد، عن أبي هريرة فبلغ به النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تقوم السَّاعة حتى تقاتلوا قوماً كأن وجوههم المجان المطرقة نعالهم الشَّعر)).
وقد رواه الجماعة إلا النَّسائيّ من حديث سفيان بن عيينة به.
وقال البخاريّ: ثنا علي بن عبد الله، ثنا سفيان قال: قال إسماعيل: أخبرني قيس قال: أتينا أبا هريرة رضي الله عنه فقال: صحبت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثلاث سنين لم أكن في سني أحرص على أن أعي الحديث مني فيهنَّ سمعته يقول: - وقال هكذا بيده -: ((بين يدي السَّاعة تقاتلون قوماً نعالهم الشَّعر)) - وهو هذا البارز -.
وقال سفيان مرَّة: وهم أهل البارز.
وقد رواه مسلم عن أبي كريب، عن أبي أسامة ووكيع كلاهما، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن قيس ابن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تقوم القيامة حتى تقاتلوا قوماً نعالهم الشَّعر كأنَّ وجوههم المجان المطرقة، حمر الوجوه، صغار الأعين)). (ج/ص:6/251)
قلت: وأمَّا قول سفيان بن عيينة: أنَّهم هم أهل البارز فالمشهور في الرِّواية تقديم الراء على الزَّاي ولعلَّه تصحيف اشتبه على القائل البازر وهو السوق بلغتهم فالله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدَّثنا عفَّان، ثنا جرير بن حازم سمعت الحسن قال: ثنا عمرو بن ثعلب قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إنَّ من أشراط السَّاعة أن تقاتلوا قوماً نعالهم الشَّعر، أو ينتعلون الشَّعر، وإنَّ من أشراط السَّاعة أن تقاتلوا قوماً عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة)).
ورواه البخاري عن سليمان بن حرب وأبي النعمان، عن جرير بن حازم به.
والمقصود أنَّ قتال التُّرك وقع في آخر أيَّام الصَّحابة قاتلوا القان الأعظم فكسروه كسرة عظيمة على ما سنورده في موضعه إذا انتهينا إليه بحول الله وقوته وحسن توفيقه.
خبر آخر عن عبد الله بن سلام:
قال الإمام أحمد: حدَّثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، ثنا ابن عون عن محمد - هو ابن سيرين - عن بشر بن عبَّاد قال: كنت في المسجد فجاء رجل في وجهه أثر خشوع فدخل فصلَّى ركعتين فأوجز فيهما.
فقال القوم: هذا رجل من أهل الجنَّة، فلمَّا خرج اتبعته حتى دخل منزله فدخلت معه فحدَّثته، فلمَّا استأنس قلت له: إنَّ القوم لمَّا دخلت المسجد قالوا: كذا وكذا.
قال: سبحان الله والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدِّثك أني رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقصصتها عليه رأيت كأني في روضة خضراء - قال ابن عون: فذكر من خضرتها وسعتها - وسطها عمود حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السَّماء في أعلاه عروة، فقيل لي: إصعد عليه.
فقلت: لا أستطيع فجاء بنصيف - قال ابن عون: وهو الوصيف - فرفع ثيابي من خلفي فقال: إصعد عليه.
فصعدت حتى أخذت بالعروة.
فقال: إستمسك بالعروة، فاستيقظت وإنها لفي يدي.
قال: فأتيت النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقصصتها عليه.
فقال: ((أمَّا الرَّوضة فروضة الإسلام، وأمَّا العمود فعمود الإسلام، وأمَّا العروة فهي العروة الوثقى أنت على الإسلام تموت)).
قال: وهو عبد الله بن سلام.
ورواه البخاريّ من حديث عون.
ثمَّ قد رواه الإمام أحمد من حديث حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة، عن المسيّب بن رافع، عن حرشة بن الحر، عن عبد الله بن سلام فذكره مطولاً وفيه قال: حتى انتهيت إلى جبل زلق فأخذ بيدي ودحاني فإذا أنا على ذروته فلم أتقار ولم أتماسك، وإذا عمود حديد في يدي ذروته حلقة ذهب فأخذ بيدي ودحاني حتى أخذت بالعروة، وذكر تمام الحديث. (ج/ص:6/252)
وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث الأعمش عن سليمان بن مسهر، عن حرشة بن الحر، عن عبد الله بن سلام فذكره.
وقال: حتى أتى بي جبلاً فقال لي: إصعد فجعلت إذا أردت أن أصعد خررت على رأسي حتى فعلت ذلك مراراً.
وأنَّ رسول الله قال له حين ذكر رؤياه: ((وأمَّا الجبل فهو منزل الشُّهداء ولن تناله)).
قال البيهقيّ: وهذه معجزة ثانية حيث أخبر أنَّه لا ينال الشَّهادة وهكذا وقع فإنَّه مات سنة ثلاث وأربعين فيما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره.
الإخبار عن بيت ميمونة بنت الحارث بسرف:
قال البخاري في (التَّاريخ): أنَّا موسى بن إسماعيل، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا عبد الله بن عبد الله بن الأصمّ، ثنا يزيد بن الأصمّ قال: ثقلت ميمونة بمكَّة وليس عندها من بني أختها أحد فقالت: أخرجوني من مكة فإني لا أموت بها إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أخبرني أني لا أموت بمكة، فحملوها حتى أتوا بها إلى سرف الشجرة التي بنى بها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تحتها في موضع القبة فماتت رضي الله عنها.
قلت: وكان موتها سنة إحدى وخمسين على الصَّحيح.
ما روي في إخباره عن مقتل حجر بن عدي وأصحابه:
قال يعقوب بن سفيان: ثنا ابن بكير، ثنا ابن لهيعة، حدَّثني الحارث عن يزيد، عن عبد الله بن رزين الغافقيّ قال: سمعت علي ابن أبي طالب يقول: يا أهل العراق سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الأخدود، فقتل حجر بن عدي وأصحابه.
وقال يعقوب بن سفيان: قال أبو نعيم: ذكر زياد بن سمية علي ابن أبي طالب على المنبر فقبض حُجر على الحصباء ثمَّ أرسلها وحصب من حوله زياداً فكتب إلى معاوية يقول: إن حُجرا حصَّبني وأنا على المنبر، فكتب إليه معاوية أن يحمل حجراً فلمَّا قرب من دمشق بعث من يتلقَّاهم فالتقى معهم بعذراء فقتلهم.
قال البيهقيّ: لا يقول علي مثل هذا إلا أنَّه يكون سمعه من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
وقال يعقوب بن سفيان: حدَّثنا حرملة، ثنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: دخل معاوية على عائشة فقالت: ما حملك على قتل أهل عذراء حُجراً وأصحابه ؟
فقال: يا أمَّ المؤمنين إني رأيت قتلهم إصلاحاً للأمة وأن بقاءهم فساداً.
فقالت: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السَّماء)). (ج/ص: 6/253)
وقال يعقوب بن سفيان: ثنا عمرو بن عاصم، ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيّب، عن مروان بن الحكم قال: دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: يا معاوية قتلت حُجراً وأصحابه وفعلت الذي فعلت أما خشيت أن أخبىء لك رجلاً فيقتلك ؟
قال: لا إني في بيت أمان سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((الإيمان قيد الفتك لا يفتك، لا يفتك مؤمن)) يا أمَّ المؤمنين كيف أنا فيما سوى ذلك من حاجاتك ؟
قالت: صالح.
قال: فدعيني وحُجراً حتى نلتقي عند ربِّنا عزَّ وجل.
حديث آخر:
قال يعقوب بن سفيان: ثنا عبيد الله بن معاذ، ثنا أبي، ثنا شعبة عن أبي سلمة، عن أبي نضرة، عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال لعشرة من أصحابه: ((آخركم موتاً في النَّار)) فيهم سمرة بن جندب قال أبو نضرة: فكان سمرة آخرهم موتاً.
قال البيهقيّ: رواته ثقات إلا أنَّ أبا نضرة العبديّ لم يثبت له من أبي هريرة سماع والله أعلم.
ثمَّ روى من طريق إسماعيل بن حكيم عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أنس بن حكيم قال: كنت أمرُّ بالمدينة فألقى أبا هريرة فلا يبدأ بشيء حتى يسألني عن سمرة فلو أخبرته بحياته وصحته فرح وقال: إنَّا كنَّا عشرة في بيت وإنَّ رسول الله قام علينا ونظر في وجوهنا وأخذ بعضادتي الباب وقال: ((آخركم موتاً في النَّار)).
فقد مات منَّا ثمانية ولم يبق غيري وغيره، فليس شيء أحبّ إليَّ من أن أكون قد ذقت الموت، وله شاهد من وجه آخر.
وقال يعقوب ابن سفيان: ثنا حجَّاج بن منهال، ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن أوس بن خالد قال: كنت إذا قدمت على أبي محذورة سألني عن سمرة، وإذا قدمت على سمرة سألني عن أبي محذورة.
فقلت لأبي محذورة: مالك إذا قدمت عليك تسألني عن سمرة وإذا قدمت على سمرة سألني عنك ؟
فقال: إني كنت أنا وسمرة وأبو هريرة في بيت فجاء النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: ((آخركم موتاً في النَّار)).
قال: فمات أبو هريرة ثمَّ مات أبو محذورة ثمَّ مات سمرة. (ج/ص:6/254)
وقال عبد الرَّزاق: أنَّا معمَّر سمعت ابن طاوس وغيره يقولون: قال النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأبي هريرة وسمرة بن جندب ولرجل آخر: ((آخركم موتاً في النَّار)) فمات الرَّجل قبلهما، وبقي أبو هريرة وسمرة فكان الرَّجل إذا أراد أن يغيظ أبا هريرة يقول: مات سمرة، فإذا سمعه غشي عليه وصعق، ثمَّ مات أبو هريرة قبل سمرة وقتل سمرة بشراً كثيراً.
وقد ضعَّف البيهقيّ عامَّة هذه الرِّوايات لانقطاع بعضها وإرساله ثمَّ قال: وقد قال بعض أهل العلم: أنَّ سمرة مات في الحريق.
ثمَّ قال: ويحتمل أن يورد النَّار بذنوبه ثمَّ ينجو منها بإيمانه فيخرج منها بشفاعة الشَّافعين والله أعلم.
ثمَّ أورد من طريق هلال بن العلاء الرقيّ أنَّ عبد الله بن معاوية حدَّثهم عن رجل قد سمَّاه أنَّ سمرة استجمر فغفل عن نفسه وغفل أهله عنه حتَّى أخذته النَّار.
قلت: وذكر غيره أنَّ سمرة بن جندب رضي الله عنه أصابه كرار شديد وكان يوقد له على قدر مملوءة ماءاً حاراً فيجلس فوقها ليتدفأ ببخارها فسقط يوماً فيها فمات رضي الله عنه وكان موته سنة تسع وخمسين بعد أبي هريرة بسنة وقد كان ينوب عن زياد بن سمية في البصرة إذا سار إلى الكوفة، وفي الكوفة إذا سار إلى البصرة، فكان يقيم في كل منهما ستة أشهر من السَّنة وكان شديداً على الخوارج مكثراً للقتل فيهم ويقول: هم شرُّ قتلى تحت أديم السَّماء.
وقد كان الحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهما من علماء البصرة يثنون عليه رضي الله عنه.
خبر رافع بن خديج:
روى البيهقيّ من حديث مسلم بن إبراهيم عن عمرو بن مرزوق الواضحيّ، ثنا يحيى بن عبد الحميد ابن رافع عن جدَّته أنَّ رافع بن خديج رُمي.
قال عمر: لا أدري أيُّهما قال - يوم أحد أو يوم حنين - بسهم في ثندوته فأتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله إنزع لي السَّهم.
فقال له: ((يا رافع إن شئت نزعت السَّهم والقبضة جميعاً وإن شئت نزعت السَّهم وتركت القبضة وشهدت لك يوم القيامة أنَّك شهيد)).
فقال: يا رسول الله إنزع السَّهم واترك القبضة واشهد لي يوم القيامة أني شهيد.
قال: فعاش حتى كانت خلافة معاوية انتقض الجرح فمات بعد العصر هكذا وقع في هذه الرِّواية أنَّه مات في إمارة معاوية.
والذي ذكره الواقديّ وغير واحد أنَّه مات سنة ثلاث وقيل: أربع وسبعين، ومعاوية رضي الله عنه كانت وفاته في سنة ستين بلا خلاف والله أعلم. (ج/ص:6/255)
.... ينبع