معهد واشطن
كيف يؤثر إغلاق ترامب الحكومي على أمن "إسرائيل"؟
أكد الزميل مساعد في معهد واشنطن نيري زيلبر أن الإغلاق الحكومي الأمريكي بسبب خلاف الكونغرس مع ترامب سيؤثر بشكلٍ ما على أمن "إسرائيل" وله انعكاسات كبيرة قد تدفع بالأوضاع الفلسطينية لمزيد من الاحتقان خاصة في غزة ونشوب حرب محتملة.
وقال زيلبر في مقال له نشرته صحيفة ديلي بيست ونشره معهد واشنطن إنه على مدى أكثر من عقد من الزمن، كان التعاون الوثيق بين "الجيش الإسرائيلي" و"قوات أمن السلطة الفلسطينية" أقوى دعامة استقرار في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المتقلب، من خلال عملهما معاً للحفاظ على النظام وإبقاء "الإرهابيين" تحت المراقبة في الضفة الغربية.
وأضاف أنه الآن تبدو هذه القوات الفلسطينية التي تتلقى تدريباتها وأسلحتها وتمويلها من الولايات المتحدة بشكل رئيسي، وكأنها آخر المتضررين من الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي اتخذه ترامب.
وشدد على أن التشريع الأمريكي الذي أقره الكونغرس في العام الماضي، والذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في نهاية هذا الشهر، سينهي فعلياً جميع المساعدات المتبقية لـ "السلطة الفلسطينية"، بما فيها قوات الأمن. كما سيخفض التمويل لبعثة أمريكية صغيرة في القدس، يرأسها جنرال أمريكي بثلاث نجوم، التي تساعد على تنسيق العلاقات بين القوات الفلسطينية و"الجيش الإسرائيلي".
ونقل الكاتب عن مصدرين على دراية بهذه القضية لصحيفة "ذي ديلي بيست"، قولهما إن التعديلات المحتملة على القانون التي من شأنها السماح باستمرار هذه المساعدات، معلّقة بسبب الإغلاق الحكومي الأمريكي. فضلاً عن ذلك، يؤدي جو المجابهة والأزمة في واشنطن إلى تهميش قضايا ملحة مثل إصلاح التشريعات السيئة.
وتابع قوله، ومما يزيد الطين بلة، أن قانوناً إسرائيلياً مستقلاً يحجز جزءاً كبيراً من الميزانية الفلسطينية سيدخل أيضاً حيز التنفيذ في نهاية الشهر الحالي، الأمر الذي سيزيد من الضغط على حكومة "السلطة الفلسطينية" التي تعاني من ضائقة مالية، وربما يدفع بقطاع غزة إلى أتون الحرب. إن كل خطوة لوحدها سيئة بما فيه الكفاية، وإذا أُخذت مجتمعةً فهي تمثل وصفة محتملة لمستقبل يسوده العنف.
وأشار إلى أنه وبعد أن تمت الموافقة على "قانون مكافحة الإرهاب" قرب نهاية العام الذي شهد قيام إدارة ترامب بقطع جميع المساعدات الأمريكية للفلسطينيين تقريباً: أي مئات ملايين الدولارات التي قُدمت حتى الآن لتمويل "وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين"، وبرامج التنمية والبنية التحتية التابعة لـ "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية"، ومستشفيات القدس الشرقية، وبرامج المصالحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ونوه إلى أنه كانت الدفعة الوحيدة من المساعدات التي بقيت قائمة - 60 مليون دولار - هي تلك المخصصة لـ "قوات الأمن الفلسطينية" وبعثة "المنسق الأمني الأمريكي" في القدس، مما يسلط الضوء على قيمتها حتى في وجهة النظر المستهجنة للإدارة الأمريكية الحالية. وكما ذكرت صحيفة "ذي ديلي بيست" سابقاً، تعمل "قوات الأمن الفلسطينية" المؤلفة من 30 ألف شخص بشكل وثيق مع "الجيش الإسرائيلي" للحفاظ على القانون والنظام في المدن الفلسطينية، ومكافحة الإرهاب، ومنع المظاهرات من التفاقم، وإعادة المئات من الإسرائيليين الذين يدخلون الأراضي التي تسيطر عليها "السلطة الفلسطينية" بأمان إلى إسرائيل.
وأكد زيلبر أن العشرات من مسؤولي الأمن الإسرائيليين الذين أُجرِى معهم كاتب هذه السطور لقاءات في السنوات الأخيرة على دعم إعادة تشكيل "قوات الأمن الفلسطينية"، ومساندة التنسيق الأمني المستمر، وتأييد الجهود الأمريكية والدولية في هذا الصدد. وكان الجنرال غادي آيزنكوت، الذي اختتم فترة ولايته كرئيس أركان "جيش الدفاع الإسرائيلي" في الأسبوع الماضي، قد نصح الحكومة الإسرائيلية وفقاً لبعض التقارير بـ "تعزيز" «قوات الأمن الفلسطينية» خلال الكلمة التي ألقاها في ملاحظات وداعه لرئاسة الأركان.
واستدرك بالقول: وفي هذا الصدد، ذكر المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، سكوت أندرسون، أن الكونغرس وإدارة ترامب بدتا غير مدركتين للضرر الذي يمكن أن يلحقه "قانون مكافحة الإرهاب" بالمكاسب المذكورة أعلاه، والتي يمكن القول إنها أكثر الجوانب إيجابية في "عملية السلام" برمتها بقيادة الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، كتب أندرسون: "لا يبدو أن أحداً قد توقع هذه النتيجة"، مشيراً إلى احتمال قطع المساعدات الأمنية الفلسطينية، "أو إذا كان أي شخص في العملية التشريعية قد قطعها بالفعل، فهو لم يذكر ذلك". وقد تم إيفاد "المنسق الأمني الأمريكي" نفسه، اللفتنانت جنرال إريك فندت، إلى واشنطن في كانون الأول/ديسمبر للضغط من أجل تعديل مشروع القانون أو كما قال أحد المصادر بصراحة، لإنقاذ البعثة. ويبدو أن هذه الجهود كانت تكتسب إذناً مُستقبِلة، وفقاً لمصدر آخر، إلى أن تمت عملية إغلاق الحكومة التي استحثها ترامب. إن واشنطن هي الآن في سباق مع الزمن إلى حين دخول التشريع حيز التنفيذ في 1 شباط/فبراير.
وختم الكاتب الأمريكي حديثه بالقول: لقد أغلق الرئيس ترامب الحكومة الأمريكية من أجل بناء جدار الذي غالباً ما يبرره بنجاح الحواجز التي تقيمها إسرائيل. ويمكن أن تؤدي الأزمتان الأمنيتان المندلعتان في الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب السياسات المتخذة في واشنطن والقدس، إلى وضع تلك الجدران في موضع اختبار، وهي مفارقة قد تكون مهمة إن لم تكن شديدة الخطورة.