عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: قصة اجتماعية - فيلم النوم في العسل الخميس 07 مارس 2019, 8:36 am
قصة اجتماعية - فيلم النوم في العسل
مزيج مخيف صنعه وحيد حامد وسكبه شريف عرفه في قالب سينمائي، وقدمه عادل إمام للجمهور، عن "وباء غامض" يجتاح مصر، وتظهر له علامات وأمارات "تبدو عادية" إذا كانت في معدلها الطبيعي.
انتشار الوباء في مناطق بأكلمها لفت نظر شريحتين، المسؤول عن الأمن "مجدي رئيس المباحث" والمسؤول عن الحقيقة "سلمى الصحفية"، اللذين انطلق كل منهما يتابع القضية من واقع مسؤوليته، لتتكشف الحقائق واحدة تلو الأخرى، ليس عن طبيعة الوباء، بل عن وباء أخطر يحيا بين المصريين، وهو "ثقافة الأزمة" بين الشعب والحكومة.
الشعب لم يتغير المصري كثيرا من أيام "شيء من الخوف"، فدفن رأسه في الرمال كالعادة، وتناول التحذيرات باستخفاف، وتكتم على الأمر خشية "الفضيحة"، وتحمل في سبيل ذلك الإهانة والإحباط بل وصل الأمر لتقبل حكم "الإعدام" بنفس راضية عن أن يعترف بوجود "وباء"، وقرر التعايش المرض. وكالعادة لجأ الشعب إلى الحيل، والوصفات الشعبية، وإطلاق النكات، ولا ينسى أحد حين قرر عادل إمام شراء "4 قراطيس" صنيعة الدجال التي يوهم الناس أنها تشفي من الوباء، الذي اختار له المؤلف العجز الجنسي رمزا، فرد أحد الواقفين في طابور الشراء "كفاية عليك قرطاس تبوس بيه".
الحكومة قررت مساندة الشعب ليس ضد الوباء لا سمح الله، بل ساندته في "التكتم"، وقرر وزير الصحة أن "يكفي على الخبر ماجور"، ولم يهتم بشكل مهني بوجود وباء أو لا، ولم يتحرك لنجدة البسطاء الذين أقسم على علاجهم، وذلك من أجل الحفاظ على ما يظن أنه "السلم الاجتماعي"، في حين أن دافعه الحقيقي هو الحفاظ على صورته وتجنب المساءلة عن كيف انتشر هذا الوباء بهذه السرعة، وأين كنت من ذلك؟ واتكأت الحكومة على "صبر الشعب" الذي جاء المعادل الموضوعي له "الاحتمال من أجل عيب"، وقررت هي الأخرى تجاهل الأمر بما أن الشعب "ما قدمش بلاغ".
مجلس الشعب لن تتعب كثيرا وأنت تتخيل مناقشة حول خطر يهدد مصر داخل مجلس شعب تابع لحزب واحد، مع التطعيم ببعض المعارضة، التي تلعب دور "الاستثناء الذي يؤكد القاعدة"، فهي موجودة لتطرح المشكلة ويرد عليها ممثلو الحزب في مجلس الشعب، وهو أيضا حزب الحكومة، لتكون نهاية النقاش أن يتركهم الضابط ويرحل بعد أن يصلوا للنتيجة الطبيعية "العراك"، وليس حل المشكلة وحماية الشعب.
الأمن كل مايشغل رجل الأمن العادي هو ضبط الجاني، وما يشغل رجل الأمن الواعي هو :منع الجريمة"، وهذا الأخير هو الدور الذي لعبه بطل الفيلم، الذي تتبع الوباء في كل مكان يمكن أن يكون فيه، وافترض الكثير من الحلول باجتهاد شخصي ودافع إنساني، خوفا منه على مستقبل الأجيال الجديدة، التي رمز إليها بأولاده.
الصحافة لغة الحقيقة، كاشفة المسكوت عنه، وكالعادة يفني الصحفي الصغير وقته ومجهوده في تتبع "القصة الكاملة" للوباء، بينما يتلقى رئيس تحريره مكالمة من جهة سيادية تطلب "وقف التحقيق" بحجة "حماية السلم الاجتماعي والأمن العام وعدم إصابة المواطنين بالذعر"، لكن لا يهم أن يصابوا بوباء فتاك.