لا يمكن رؤية وضع المرأة الفلسطينية ومدى مشاركتها في الحياة السياسية والعامة، وفي مواقع صنع القرار وتقلد المناصب العامة، إلا من خلال الغوص عميقاً في الظروف المجتمعية التي تحيط بها؛ ما يحتم ضرورة إلقاء الضوء على واقعها المجتمعي، باعتباره عاملاً مهما في تحديد ورسم ملامح هويتها.
والمجتمع الفلسطيني لا يختلف كثيراً عن المجتمعات العربية الأخرى من حيث الموروث الثقافي والبنية الاجتماعية والاقتصادية؛ إلا أن الأمر لا يخلو من بعض الخصوصية؛ إذ لا يمكن مقارنة وضع مجتمع يعيش حالة من الاستقرار (ولو بالمعنى النسبي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية)، بمجتمع مناضل يسعى بكل أفراده للخلاص من الاحتلال ونيل الحرية؛ فسلك العديد من السبل في شتى ميادين الحياة، وفي شتى ميادين النضال، فصقلته إنسانًا متميزًا بعقله وتفكيره وأساليبه؛ إذ إن سمو الهدف أملى عليه هذا التميز؛ فانصرف عن العديد من اهتمامات الشعوب، واقتصر توجهه على تحقيق هدف مقدس؛ كي يضمن مستقبلًا آمنًا وحياة كريمة دائمة لأبنائه.
وقد عانت المرأة الفلسطينية التي تشكل نصف المجتمع الفلسطيني (49.5%) من اضطهاد مزدوج: قومي بسبب الاحتلال الإسرائيلي؛ وجنسي موروث من التقاليد العربية، يقوم على التمييز بين الجنسين؛ إلا أن ذلك لم يمنعها من أن تكون لبنة فاعلة في الحركة الوطنية الفلسطينية؛ ما أهلها لتبوء مراكز قيادية في المجتمع الفلسطيني؛ فأسّست جمعياتها ومؤسساتها الخاصة منذ عشرينيات القرن الماضي.
ونتيجة مشاركة المرأة الفلسطينية الرجل في مختلف مراحل النضال ضد الانتداب البريطاني، ثم الاحتلال الإسرائيلي؛ أخذت المرأة الفلسطينية موقعها في صفوف المقاومة الفلسطينية؛ فارتقت العديد من النساء الفلسطينيات شهيدات، كما حدث أثناء معركة البراق عام 1929 عندما سقطت 9 شهيدات. وهناك أمثلة عديدة من الفلسطينيات اللواتي ضربن أروع آيات البطولة والفداء، حيث قمن بعمليات استشهادية موقعات بالعدو الصهيوني خسائر فادحة ومن بين هؤلاء النساء دلال المغربي وشهيدات انتفاضة الأقصى، أمثال: "وفاء إدريس، ودارين أبو عيشة، وآيات الأخرس، وعندليب طقاطقة"؛ وقد بلغ عدد الشهيدات الفلسطينيات في فترة انتفاضة الأقصى 127 شهيدة.. كما تعرضت النساء الفلسطينيات إلى الاعتقال، إذ ما يزال نحو 60 أسيرة فلسطينية تقبع في ظلام سجون الاحتلال..ومن أبرز الفلسطينيات اللواتي تعرضن للاعتقال: فاطمة برناوي، التي قضت فترة طويلة رهن الاعتقال قبل أن يفرج عنها، وعايدة سعد، وعطاف عليان..كما تعرضت المرأة الفلسطينية إلى الإبعاد عن مدينتها، كما حدث مع المواطنة انتصار عجوري التي أبعدت من نابلس إلى غزة.
وما زالت المرأة الفلسطينية تقف جنباً إلى جنب مع الرجل الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر على شعبنا، وتتعرض للعديد من الانتهاكات على أيدي جنود الاحتلال، وأبرز هذه الانتهاكات: قتل العديد من النساء؛ واعتقال العديد منهن؛ وإعاقة وصول حالات الولادة إلى المستشفيات؛ ما اضطر العديد منهن إلى الوضع على حواجز الاحتلال؛ كما تتعرض العديد من النساء إلى عمليات الإجهاض المقصودة؛ فدولة الاحتلال ترى في كل مولود عدوًا منافسًا يجب قتله؛ هذا عدا ما تتعرض له العديد من النساء والطالبات من الإهانات بالضرب والشتم.
لقد خاضت المرأة الفلسطينية غمار الحياة السياسية منذ أواخر القرن التاسع عشر، عندما نظمت المرأة الفلسطينية أول تظاهرة احتجاج ضد الاستيطان اليهودي في فلسطين، بعد أن أقيمت أول مستوطنة يهودية في منطقة العفولة الفلسطينية، وكان ذلك عام 1893، ثم أعقبها تشكيل الجمعيات الخيرية التي شكلت الأولى لانطلاقة المرأة الفلسطينية نحو اندماجها في قضايا مجتمعها؛ لتتبلور بعد ذلك نتيجة الظروف السياسية التي مرت بها البلاد.
وفي عام 1929؛ عقد أول مؤتمر نسائي فلسطيني في القدس انبثقت منه "اللجنة التنفيذية لجمعية السيدات العربيات"، ثم أنشئ في العام نفسه "الاتحاد النسائي العربي" في القدس، وآخر في نابلس.
وفي الفترة 1948ـ1967، نشطت العديد من المؤسسات النسائية الخيرية، كدور الأيتام ومراكز رعاية المسنين وغيرها..وفي عام 1965 أُسس "الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية".
وكانت الانطلاقة الحقيقية في مستوى مشاركة المرأة في الحياة السياسية قد حصلت بعد تشكيل "منظمة التحرير الفلسطينية" في 1964، والذي أعقبه تشكيل "الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية"..وحظيت المرأة الفلسطينية بـ "كوته" في المجلس الوطني تراوحت بين 2% في 1964 إلى 7.5% في دورة المجلس التي عقدها في غزة عام1996..وساهمت المرأة الفلسطينية بفعالية في الانتفاضة، ولعبت دوراً مهماً في النشاطات والفعاليات الانتفاضية، وبخاصة في السنوات الأولى للانتفاضة.
ومع مرور الوقت؛ أصبحت المرأة الفلسطينية أفضل حالاً من المرأة في كثير من البلدان العربية والإسلامية؛ حيث اقتحمت مجال التعليم لدرجة أنها أصبحت تشكل نصف أعداد الطلبة في مختلف المراحل الدراسية؛ واقتحمت مجال العمل لتشكل لا بأس بها من القوى العاملة في المجتمع الفلسطيني، وأصبحت تتبوأ بعض المناصب القيادية العليا، فمنها: الوزيرة، ومنها عضو البرلمان، ناهيك عن ممارستها للمهن الراقية: كالطب، والهندسة، والمحاماة بالرغم من ان هذه النسبة غبر مرضية.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن اوضاع المرأة الفلسطينية عشية يوم المرأة العالمي،8/3/2019، جاءت على النحو الآتي:
المرأة نصف المجتمع الفلسطيني
بلغ عدد السكان المقدر في منتصف عام 2019 في فلسطين، حوالي 4.98 مليون فرد؛ منهم 2.53 مليون ذكر بنسبة 51% و2.45 مليون أنثى بنسبة 49%، فيما وصلت نسبة الجنس 103.5، أي أن هناك 103.5 ذكر لكل 100 أنثى.
أكثر من عُشر الأسر الفلسطينية ترأسها نساء
ترأس النساء في فلسطين حوالي 11% من الأسر، بواقع 12% في الضفة الغربية و9% في قطاع غزة، وذلك بناءً على بيانات القوى العاملة للعام 2018.
انخفاض ملحوظ في نسبة الزواج المبكر في فلسطين
هناك انخفاض في نسبة الزواج المبكر (لمن هم أقل من 18 سنة) لكلا الجنسين، فقد بلغت نسبة الإناث أقل من 18 سنة واللواتي عقد قرانهن خلال عام 2017 حوالي 20% من إجمالي الإناث اللواتي عقد قرانهن خلال نفس العام؛ بواقع 19% من إجمالي الإناث اللواتي عقد قرانهن في الضفة الغربية، و21% من إجمالي الإناث اللواتي عقد قرانهن في قطاع غزة، في حين كانت النسبة للإناث عام 2010 حوالي 24%.
كما بلغت نسبة الذكور أقل من 18 سنة والذين عقد قرانهم خلال عام 2017 حوالي 1% من إجمالي الذكور الذين عقد قرانهم خلال نفس العام، في حين كانت النسبة للذكور عام 2010 حوالي 1.5%.
وعلى مستوى محافظات الضفة الغربية بلغت أعلى نسبة للزواج المبكر للإناث في محافظة الخليل بنسبة 38%، وأقلها في محافظة أريحا والأغوار بنسبة 1% وذلك من مجموع الإناث اللواتي عقد قرانهن في الضفة الغربية، وعلى مستوى محافظات قطاع غزة فقد بلغت أعلى نسبة للزواج المبكر للإناث في محافظة غزة بنسبة 42%، وأقلها في دير البلح بنسبة 8% من مجموع الإناث اللواتي عقد قرانهن في قطاع غزة خلال العام 2017.
حوالي ثلثي النساء في العمر 18 سنة فأكثر متزوجات
[size]
إستناداً إلى بيانات مسح القوى العاملة 2018، بلغت نسبة النساء المتزوجات من مجموع النساء في العمر 18 سنة فأكثر 64%، و28% لم يتزوجن أبداً، وبلغت نسبة الأرامل 6%، ونسبة المطلقات 2%.[/size]
النساء ذوات الإعاقة
حسب النتائج النهائية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2017 يزيد عدد الأفراد ذوي الاعاقة[url=file:///C:/Users/mt2x/Downloads/Press_Ar_7-3-2019-woman-ar (1).docx#_ftn1][1][/url] في قطاع غزة عنه في الضفة الغربية لكلا الجنسين؛ فقد بلغ عدد الأفراد ذوي الإعاقة من الذكور حوالي 27 ألف بنسبة 2.9% من مجموع الذكور وحوالي 21 ألف للإناث بنسبة 2.3% من مجموع الاناث في قطاع غزة، وبلغ عدد الأفراد ذوي الإعاقة من الذكور حوالي 24 ألف بنسبة 1.9% من مجموع الذكور وحوالي 20 ألف للاناث بنسبة 1.6% من مجموع الاناث في الضفة الغربية.
انخفاض ملحوظ في معدلات الأمية بين النساء
رغم الانخفاض في معدلات الأمية لدى النساء خلال العقد الماضي، إلا أنه ما زالت هناك فجوة لصالح الرجال، حيث بلغ معدل الأمية لدى النساء 4% مقابل 1% للرجال حسب بيانات مسح القوى العاملة 2018.
معدلات التحاق مرتفعة للإناث في التعليم الثانوي والتعليم العالي
بلغت معدلات الالتحاق الإجمالية للذكور في المرحلة الثانوية حوالي 71% مقابل 91% للإناث. كما بلغت نسبة الطالبات الملتحقات في مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية 60% من مجموع الطلبة الملتحقين في مؤسسات التعليم العالي، وذلك وفق بيانات وزارة التربية والتعليم العالي للعام الدراسي 2017/2018
فجوة واضحة في نسبة المشاركة في القوى العاملة والأجر اليومي بين النساء والرجال
رغم ارتفاع مشاركة النساء في القوى العاملة خلال السنوات السابقة ولكنها لا تزال منخفضة جداً مقارنة مع الرجال، فقد بلغت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 21% من مجمل النساء في سن العمل في العام 2018 مقابل 10% في العام 2001، وبلغت نسبة مشاركة الرجال 72% للعام 2018. مع وجود فجوة واضحة في معدل الأجر اليومي بين النساء والرجال إذ بلغ معدل الأجر اليومي للنساء 92 شيقل مقابل 129 شيقل للرجال.
تتعمق فجوة المشاركة في القوى العاملة بين النساء والرجال من ذوي الإعاقة
أشارت بيانات مسح القوى العاملة 2018، أن نسبة مشاركة النساء ذوات الإعاقة في القوى العاملة في فلسطين بلغت 4% فقط من إجمالي النساء ذوات الإعاقة، مقابل 21% للرجال من إجمالي الرجال ذوي الإعاقة.
معدلات بطالة مرتفعة بين النساء، وأكثر من نصف الحاصلات على 13 سنة دراسية فأكثر عاطلات عن العمل
بلغ معدل البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة 51% في العام 2018 مقابل 25% بين الرجال، وتصل معدلات البطالة بين النساء الحاصلات على 13 سنة دراسية فأكثر إلى 54%.
الأسر التي ترأسها نساء أكثر فقراً
بلغت نسبة الفقر بين الأسر التي ترأسها نساء في قطاع غزة 54%، بينما كانت في الضفة الغربية 19% من إجمالي الأسر التي ترأسها نساء، وذلك حسب النتائج الرئيسية لمستويات المعيشة في فلسطين (الانفاق والاستهلاك والفقر)، 2017.
النساء الفلسطينيات في الحياة العامة
لا تزال مشاركة النساء في الحياة العامة محدودة مقارنة مع الرجال، حيث أن 82% من القضاة هم رجال مقابل 18% نساء، و73% من المحامين المزاولين للمهنة هم رجال مقابل 27% نساء، و80% من أعضاء النيابة العامة هم من الرجال مقابل 20% من النساء. و25% من المهندسين المسجلين في نقابة المهندسين هن نساء مقارنة بما نسبته 75% من الرجال، اما على صعيد أعضاء مجالس الطلبة في جامعات الضفة الغربية فقد بلغت نسبة الطالبات 31% مقابل 69% من الطلاب.
وعلى صعيد المشاركة في القطاع العام المدني، فتشكل النساء 43% من موظفي القطاع العام المدني مقارنة مع 57% للرجال، وتتجسد الفجوة عند الحديث عن الحاصلين على درجة مدير عام فأعلى فبلغت 12% للنساء مقابل 88% للرجال لنفس الفئة