[rtl]
الأردن لمن؟
خالد عياصرة
هو للشركات، لقطاع الطرق، للمستمرين باثواب ضباع، للعملاء التابعين لدوائر المخابرات الدولية و شركاتها.
هو للحكومة والوزراء والأعيان والنواب ومسؤولي الدولة، خصوصاً من يعشقون لبس البدل الرسمية من نوع ” فرزاتشي ” !
هو الدستور الذي يحدد الواجبات والحقوق للعبيد بشكل نظري، لكن في زمن توزيع المناصب والغنائم يضرب الدستور عرض الحائط، وتصفع وجوه العبيد بماء بارد.
هو للأجهزة الأمنية، و المعارضين الموجهين، للسحيجة، لكل هؤلاء الشركاء، في كل شيء حتى في ملفات الفضائح التي يحتفظ بها الى حين ميسرة، او لزمن يغرد خارجاً عن السرب.
لكل واحد منهم او منهن دورا مرسوماً بمنتهى الابداع، انت تخصص صفحات فيسبوك، انت لك تويتر، انت لك الشارع، انت لك النقابات، كلاً له وظيفة، ولقب، هذا معالي وذاك سحيج، هذا موالي وذاك خائن، هذا وطني وذلك عميل، انت من الداخل وهو من الخارج، ما خرب بيت الاردن الا الذين يتحدثون بالوطنيات الفارغة كثيراً.
يخطر ببالي كثيراً، ما جدوى أن تحدثني عن وطن وانت لا تقوى على تأمين رغيف خبز لي، كيف تحدثني عن الامانة والعفة، وجميع ما في بلدي مسروق منهوب من قبل معروف معلوم، لكن الصمت سيداً خائفاً أبتلع لسانه.
كيف تتحدث عن حماية الحدود من عدو يتربص بنا، وعدو الداخل أهلكنا، شردنا، أفقرنا، حتى وصل البعض لحدود الكفر بالوطن، أي وطن تتحدثون عنه ، وثمة جوع ينخر في الجسد الممتد من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب، او لنقل ما تبقي منه، تباً لوطن لا يحترم اهله وناسه، وتبا لجغرافيا يريدون الاحتفاظ بها اليوم على جثتي حتى يضمنوا بقاءها غداً لأولادهم وعصاباتهم، تباً لوطن احلام ابنائنا فيه احلام عبيد، متوالية من الوهم والخداع والكذب، أليس الجوع الكافر الذي قاد شباباً بعمر الورد للمبيت أمام ساحات القصور، التي ينعم بها السادة والقادة بكل الملذات ! عن اي وطن تتحدثون ؟
هو وطن اللاجئون، إذ تري كل الوجوه حولك، فتفقد وجهك، هناك ترى السوري، والفلسطيني، والعراقي، واللبناني، والمصري، واليمني، والليبي، والعراقي، السوداني، والصومالي، فيتلاشى وجهك ويكبر وجعك، وان كنت سعيد الحظ لقيته بواباً لعمارة، او جنديا بشرف يحمل سلاحه على الحدود أهلكته الديون والهموم، أو مزارعاً يزرع الأرض كل عام مع أنه يعلم حقيقة خسائره.
هو وطن ” النشامى ” الذين تحولوا جراء عهر الحكومات والمسؤولين الوطنيين منهم تحديداً الى شحاذين، على أبواب ممالك الغاز والكاز وامارات الجهل والمال، او في اصقاع الدنيا، التشرد هو عنوان و اسم المستقبل.
نعم نحب الاردن، لكن لا نحب ما صار إليه، الاردن فقط لأهله، والحكومة ليست منا، والمسؤول فيه عمل غير صالح، من يقوم عليها ويحميها ويعينها ليسوا منها هم مجرد موظفين يعبدون الكرسي،لا يشعرون بنا.
اني لفقير أن يحس بشعور المتخم من الغنى، وأني لغني أن يشترك مع فقير شريف عفيف، هو لنا، أبناء البوادي الذين خرجوا من شقوق الصخر، ابناء القرى الذين نبتوا مع شعاع الشمس، لأبناء تلك العجوز التي تسري مع خيط الأمل لتعجن ترياقاً للاستمرار، للجندي على الحدود ينظر صورة طفلته من بعيد، فيتذكر طلباتها، فتجول الدمعة في عيناه، لكنه يصمت على مضض ويقول : يبقي وطني، لعامل الوطن المجبول عطرة برائحة الأرض وعبيرها إذ يمر بجانب القصور لبرهة ويستمر، لكن ثمة حسرة عابرة للأيام ترافقه، يوماً ما سنحررها من سارقيه !
هو لنسوة يجتمعن كل صباح أمام بيت احدهن، في الجنوب كما في الشمال، يتناولن اخر الاخبار، لكنهن لا يركزن على آخر ما توصلت له خطوط الموضة، او اخر الجوائز الاستعراضية التي تمنح للممثلات ،أو لمذيعات السيليكون اذ يطلقن سؤالاً ساقطاً ” من انتم، نسوة لا يتابعن آخر جوائز الموضة واخر الفساتين ! هو لصبية يلعبون في ساحة ترابية، مع بقايا ما تبقى من كرة، تنظر إليهم، هناك تشرق الشمس اذ يغيب وجهك هناك قرص دائري كرغيف خبز تنور، هناك أمل هو لهم، حتما لهم. لكن كل هذا يتطلب تحرر وتحرير، ولابد ان يصير السادة عبيداً ويصير العبيد سادة محررين، يصير الاردني ملكاً دون عقد اجتماعي، فالعقد من يكتبه هو من يزرع هذه الأرض ويحرسها، لا من يسرقها ويقتلها.
[/rtl]