كولونيا ديجنيداد… قصة مستعمرة تفضح لنا حقيقة المنظمات الدولية
يعيش الشرق الأوسط-وبخاصةً الدول العربية-حقبة هي الأسوأ في تاريخه الحديث، إذْ تسلّط الحكّام وعمالة القضاء للسلطة، وتأييد من يفترض بهم أن يكونوا رجالًا للدين الحكّام، وصبّوا غضبهم على الشعوب، وغابت منافذ التغيير، وحلّت حالةٌ من الضعف والركود الاقتصادي والأزمات المالية الطاحنة. وفي ظل هذه الحالة يطمح العديد إلى صناعة التغيير دون ضريبةٍ أو تضحيات، فنظّموا جهودهم لمناشدة المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية، ظانين أنّ تلك هي سبيل الخلاص.
والمُطالِع للتاريخ قديمه وحديثه يوقن أنْ تلك هي سبيل المهزومين فاقدي الإدارة، وأنّ هذه السبيل ما هي إلا إحدى حلقات تفريغ شحنات الغضب، فلا تنصر ضعيفًا، ولا تُغيّر حال مُضطهد، ولكن يأبى المتعلّقون بأستار هذا النظام إلا الدوران في حلقاته اللانهائية، فتفنى طاقاتهم في هذه الطواحين الهوائية دونما نتيجةٍ تُذكر. ولنا في كولونيا ديجنيداد وشبيهاتها خير عِبرة.
أنهى بول شيفر -الزعيم ذو الكاريزما والعضو النازي، والمُسعِف السابق في جيش هتلر- الحربَ العالمية الثانية بدرجة عرّيف، كما اشتُهِر بكونه واعظًا إنجيليًا. سافر شيفر من ألمانيا إلى تشيلي في عام 1961م هربًا من المحاكمة بتهمة سوء معاملة الأطفال، والاعتداء جنسيًا عليهم في دور الأيتام الذي كان يُديره؛ فتبعه العديد من محبيه-بمن فيهم أطفال بدون والديهم -وأقام شيفر بلدةً لأتباعه الألمان في منطقة نائية شمال سانتياغو أُطلق عليها اسم كولونيا ديجنيداد أو مستعمرة الكرامة.
ما هي كولونيا ديجنيداد
قرية نموذجية أُطلق عليها كولونيا ديجنيداد أو ما يُترجم إلى “مستعمرة الكرامة”، ولكن هيهات أن تحظى بأي قدر من الكرامة في أرجاء المستعمرة. فهناك على سفوح جبال الأنديز في وسط تشيلي، أٌقيمت كولونيا ديجنيداد ، حيث تعرض المنشقون السياسيون للتعذيب بلا رحمة، وحُفِرت المقابر الجماعية لدفن من قُتِلوا هناك، كما تعرّض الأطفال للإيذاء الجنسي.
مستعمرة تابعة لطائفة دينية أسسها بول شيفر المسعف النازي، عام 1961م. فقد كانت المستعمرة موطنًا لنحو ثلاثمائة من السكان الألمان والتشيليين الذين تم فصلهم إلى معسكرين: واحدٍ للنساء وآخرٍ للرجال، لا يلتقون أبدًا إلا في العرض المختلط، أو بعض الظروف الخاصة التي يُعلنها شيفر.
وكانت هناك مجموعة من الأطفال قَدِموا مع آبائهم، ففُصِلوا عن آبائهم وتابعهم شيفر نفسه، وبعد كشف حقيقة المستعمرة عُرف كيف ازداد عدد هؤلاء الأطفال، وفيما كان يتم استخدامهم. ولم يُسمح للرجال ولا النساء ولا حتى الأطفال بمغادرة المستعمرة أبدًا. واضطُّر الكبار والأطفال-على حد سواء-للعمل في الحقول من شروق الشمس إلى غروبها في ظروف غير آدمية، فالضرب المبرِح والتعذيب بسبب العصيان كانا أبرز ملامح التعامل في المستعمرة.
فالمستعمرة محاطة بأبراج المراقبة والسياج المكهربة بمعزلٍ عن بقية تشيلي. أُوكِلت مهمة الحراسة فيها لعدد من الحرّاس المسلحين وكلاب الحراسة، يمنعون أي محاولة للهرب، وبعد القبض على مَن حاول الهرب، يُرسل إلى تشيفر-والذي كان يُصوِّر نفسه برسول الله القائم بأعماله على الأرض-فيزعم تشيفر بأنه يُطهِّر الهارب المقبوض عليه من ذنوبه عن طريق الضرب المُبرح حتى يخرج منه الشيطان!
وما إن حدث الانقلاب العسكري في تشيلي بزعامة بينوشيه إلا وأصبحت هذه المستعمرة هي موطن أسرار الانقلاب. وتعذيب المنشقين السياسيين والمعارضة وإجراء التجارب على من فَقد منهم عقله نتيجة التعذيب.
ما يحدث داخل المُستعمرة
كانت المستعمرة من الخارج عبارةً عن مجتمعٍ زراعيٍ مستدام، قائمٍ على تصدير الفواكه وبعض المنتجات اليدوية والأطعمة، كما يُوفّر فرصة عمل للسكان المحليين بدلًا من البطالة. انضم المُزارعون والأفراد الذي يسكنون على مقربة من المستعمرة، ظانين أنهم سيُقيمون في مكان أفضل، يعملون فيه ويتكسبون من خلاله قوت يومهم، ويعيشون فيه كمسيحيين جيدين من وجهة نظرهم.
ولكن لم يعثروا هناك إلا على العبودية والقبضة الحديدية والمعاناة. فقد كان المجتمع الزراعي أقرب إلى دور عبادةٍ إنجيلي تُخيّم عليه السِّرية، حيث تعرّض أفراده للإساءة الوحشية ومُنعوا من المغادرة. فلم يسمع بهم أحد ولا بمعاناتهم إلا بعدما هرب اثنان من أفراد المستعمرة موثِّقين ما حدث ببعض الصور الفوتوغرافية.
فرض تشيفر نظامًا شموليًا ذا قبضةٍ حديدية، عانى المستعمرون فيه من أيام العمل الشاقة التي استمرت 16 ساعة، وعقوباتٍ صارمة ومراقبة لا ترحم. وقال المستعمرون السابقون إن الناس تعرضوا للضرب والعلاج بالكهرباء والتخدير. كما تم حظر التلفزيون والهواتف والتقاويم، لكن المجتمع المغلق كان يحتوي على مدرسة، ومستشفى مجاني، ومهبطان للطائرات، ومطعم، وحتى محطة كهرباء.
كما تم حظر الزواج في كولونيا ديجنيداد ما لم يوافق عليه شيفر شخصيًا، بينما كانت هناك العديد من حالات الاغتصاب سواء للنساء أو الرجال أو حتى الأطفال. ولم يكن يُسمح للأزواج الذي قدموا إلى المستعمرة بالسكن في مكان واحد، وكانت الوشاية بكل فرد عُرف عنه نيته للزواج قائمة على قدم وساق.
فيما أُعطيت المخدرات يوميًا لأفراد المستعمرة، كشكل من أشكال التخدير، لتسهيل السيطرة عليهم. ثم كانت هناك عمليات الاختطاف. فخلال سنوات انقلاب بينوشيه، أفادت وثائق عُثر عليها فيما بعد على فهرس بأسماء 39 ألف شخص. وفي عام 1977، أفادت منظمة العفو الدولية أن العديد منهم قد تم نقلهم إلى كولونيا ديجنيداد. التي كانت بمثابة مركز خاص للتعذيب للدكتاتورية العسكرية.
فكشف المحققون ما أسموه “مخبئًا للأسلحة العسكرية”، بما في ذلك أكثر من 100 بندقية، و 90 بندقية رشاشة، وآلاف القنابل اليدوية، وحتى عددٍ لا بأس به من صواريخ أرض-جو. كما كانت المستعمرة بمثابة ملاذٍ آمن للهاربين النازيين-مثل والتر راوف صاحب فكرة غرف الغاز والذي اخترع غرف الغاز المتنقلة-الذين سُمح لهم بالاختباء هناك مقابل الإشراف على أشكالٍ معقدة من التعذيب.
وبعد توثيق ما حدث داخل كولونيا ديجنيداد من قِبل اثنين من الهاربين من المستعمرة وتناول العديد من وسائل الإعلام للقضية، لم يتدخل أحد لنجدة هؤلاء المُستعبدين المختفين قسريًا كفئران التجارب لبينوشيه وديكتاتوريته، وظلّ بينوشيه في الحكم تسانده شيكاغو وصبيان جامعة شيكاغو لتطبيق نظريتهم للعلاج بالصدمة، فكان لا بد للتجربة أن تتم. فلم تُحرّك المنظمات الحقوقية ساكنًا ولم تلتفت إلى معاناة المستعمرة ولا معاناة الشعب التشيلي ولا إلى معارضيهم الذين تمسكوا بأستار نظام دولي لا يفعل إلى ما فيه مصلحة محركيه.
قصة تشيلي بينوشيه وعلاقته بالمستعمرة
بدأت القصة من جامعة شيكاغو، بنظرية جديدة أطلقها فريدمان حول العلاج بالصدمة، والتي وصفتها ناعومي كلاين بمذهب رأسمالية الكوارث القائم على استغلال كارثة ما، سواءً كانت انقلابًا، أم هجومًا إرهابيا، أم انهيارًا للسوق، أم حربًا، أم تسونامي، أم إعصارًا من أجل تمرير سياسات اقتصادية واجتماعية يرفضها السكان في الحالة الطبيعية.
كانت تشيلي هي موطن التجربة الأولى، حيث رتَّبت الولايات المتحدة لانقلاب عسكري دموي في تشيلي يُمثِّل الصدمة التي سيتبعها تطبيق سياسات السوق الحر. كان القائد العسكري بينوشيه على أتمّ الاستعداد لتنفيذ التجربة وتلقي الأوامر. فقام بانقلابه العسكري على الرئيس المنتخب “سلفادور آلندي”، والذي تبعه بحالة اعتقالات تعسفية وقتل وتعذيب لمعارضيه مؤيدي النظام القديم.
ظهرت كولونيا ديجنيداد كصفقة رابحة لكلا الطرفين، فبينوشيه يحتاج هذا المجتمع المُغلق لتعذيب واختطاف وإخفاء معارضيه، أما تشيفر فكانت الصفقة تعني له حرية الاستيراد والتصدير دون دفع الضرائب. كما دعمت سلطة الانقلاب المستعمرة بعدد من المزارعين المحليين، بالإضافة إلى مدرسة ومستشفى على أحدث طراز بُنيت داخل أسوار المستعمرة. وفي محاولة للحصول على دعم السكان المحليين ومساعدتهم في حراسة المستعمرة ضد المتسللين قدمت المستشفى العلاج لأطفال المزارعين.
ولكن مع زيادة القمع والاختطاف والصدمات، وفي عام 1986م استعاد الشعب التيشيلي بعض وعيه وبدأ في محاولةٍ لإزاحة بينوشيه عن الحكم. فبدت أمريكا قلقة للغاية من هذه اليقظة، مخافة أن تتحول إلى حرب أهلية مفتوحة تُطيح ببينوشيه ولا تستطيع بعدها إحكام سيطرتها من جديد. فاتجهت الحكومة الأمريكية إلى تقديم اللجوء السياسي إلى الديكتاتور. إذْ أوضحت الوثائق التي تم اكتشافها مؤخرًا في أرشيفات الولايات المتحدة أن بعثة برئاسة الجنرال الأمريكي جون جالفين توجهت إلى تشيلي في عام 1986م لتقييم احتجاجات الشوارع المتزايدة وجهود حرب العصابات للإيقاع بنظام بينوشيه.
وعندما فهمت الولايات المتحدة عمق المعارضة وشغفها بالتغيير، أجبرت المخاوف أمريكا على البحث عن بدائل. بما في ذلك رحيلًا مشرفًا لبينوشيه، مع إعطائه حق اللجوء السياسي، ليُستقبل كضيفٍ للولايات المتحدة.
بعد سقوط بينوشيه في أواخر التسعينات، بدأ التشيليون يكشفون قصص تجاربهم في المستعمرة. وقال الضباط في وكالة الاستخبارات الوطنية DINA إن مدارج الطائرات استخدمت لشحن الأسلحة إلى شيفر ونقل المنشقين السياسيين المناهضين لبينوشيه.
أين مُدّعوا حقوق الإنسان والهيئات الأمنية؟
بدأت التسريبات حول ما يحدث في المستعمرة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ونشرت الصحافة عنها بكثافة، بيد أنّ الأطراف المعنية بالحلّ غطَّت في نومٍ عميق إلى أن افتُضح أمرها عام 2005م عندما قرر مجموعة من الضحايا إقامة دعاوى قضائية ضد تشيلي وألمانيا والمسئولين الذي تقاعسوا وغضوا الطرف عن المستعمرة.
ففي عام 1978م وعندما ذاع صيت المستعمرة أمر مانويل كونتريراس رئيس وكالة الاستخبارات الوطنية في تشيلي بنبش القبور والتخلص من بقايا الجثث في البحر، على أمل القضاء على أدلة على انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت داخل المستعمرة إثر الأوامر التي وصلته من بينوشيه تحت كود “La Operación Retiro de Televisores” أي عملية سحب / إزالة التلفزيونات.
وفي عام 2011م ظهر رجل يدعى شيفر هاب، وهو طبيب حُكِم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات-فقط-لدوره في الاعتداءات التي حدثت تحت إدارة بينوشيه. ولم يكتفي بهذا بل تمكن هوب-والبالغ 67 عامًا-من الهرب من تشيلي إلى ألمانيا قبل صدور الحكم النهائي. إذْ لا يستطيع الضحايا التشيليين إعادته، فالدستور الألماني يحظر تسليم المواطنين الألمان. وبعد عودة هوب إلى ألمانيا، لُوحِق هوب وزوجته من قِبل جيرانه الذي تعرفوا على ماضيه؛ فما كان من السلطات المحلية الألمانية إلا أن نقلته لمنزل جديد لحمايته.
وفي مارس 2005م وبعد عقد ونصف، تم القبض على بول شيفر-زعيم الطائفة النازي-وتسليمه إلى تشيلي، حيث تم سجنه في العام التالي، فهل كانت السلطات والمنظمات الأمنية والحقوقية عاجزة لعقد ونصف عن القبض على مجرم مثل بول؟
فيما أخبر شتاينماير-أحد الناجين من المستعمرة-أن الدبلوماسيين الألمان لعقود غضوا الطرف عن المأساة الإنسانية التي تحدث أمامهم في تشيلي، مضيفًا أن موظفي السفارة في تشيلي يجب أن يكونوا قادرين على رؤية ما يجري في مستعمرة كولونيا ديجنيداد. فخلال الفترة من الستينات إلى الثمانينات، بدا الدبلوماسيون الألمان وكأنهم في عالم آخر، ولم يفعلوا سوى القليل لحماية مواطنيهم داخل هذا المُعتقل.
وقال فولفجانج كنيز: “عندما غادرت المستعمرة، كنت حَذِرًا من وزارة الخارجية الألمانية”. مضيفًا أن نظام بول شيفر ينطوي على أشخاص استفادوا من كولونيا ديجنيداد فكانوا يسيرون جنبًا إلى جنب مع جهاز القمع سيء السمعة.
لذا تستهدف الدعوى القضائية التي أقامها الضحايا الذين نجوا من المستعمرة أيضًا الدولة الألمانية التي لم تهب لنجدة مواطنيها. وأقر وزير الخارجية الألماني أن حكومة بلاده في ذلك الزمن لم تتعامل مع هذه القضية كما يجب. وقال “على مدى سنوات طويلة، بين الستينات والثمانينات، غض الدبلوماسيون الألمان الطرف عما كان يجري في ذلك المكان ولم يقوموا بواجب حماية مواطنيهم في المستعمرة”.
كما انتقد الرئيس الألماني يواخيم جاوك صمت بلاده المستمر منذ فترة طويلة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مستوطنة أسسها مواطن ألماني في تشيلي واستخدِمت كمركزٍ للتعذيب. وقال يواخيم “الدول الديمقراطية تخطئ أيضًا، وأحيانًا تحتاج إلى اللوم”.
ولكن يبدو أنّ هذا اللوم هو كلمات لتهدئة الوضع العام فقط، فالهاربين من المحاكمة يتمتعون بحياتهم في ألمانيا تحت حماية الحكومة دون مساس بهم، كما ترفض ألمانيا تسليمهم لتشيلي.
هل هذه هي الواقعة الوحيدة أم هذا هو الأصل؟
لم تكن يومًا المنظمات الدولية وبخاصة الأمنية منها، ذات قوة في مجال وقف الاعتداءات أو ردّ المظالم لأصحابها. والنماذج والأدلة على ذلك لا تُحصى. لذا سنمر سريعًا على بعض مسارح الجرائم التي ما زالت تنزف دماء ضحاياها، بينما قتلتهم أحياء يتنعمون دون مساءلة.
مصر
عانت مصر منذ إنشاء ديكتاتوريتها العسكرية ووصولهم إلى الحكم من قضايا حقوق الإنسان والانتهاكات، فمن عبد الناصر إلى السادات وصولا إلى مبارك، كانت أروقة الأجهزة الشرطية أو ما عُرِف لاحقًا بجهاز أمن الدولة منطقة منزوعة الكرامة والحقوق، آخر ما تقدمه المنظمات الحقوقية لقاطنيها، تقريرًا يصف بعض ما يحدث داخل أروقة عرف التعذيب وانتزاع الاعترافات، ويتستر على الكثير.
والآن ومنذ خمس سنوات لم يعد الأمر مجرد اعتقالات تعسفية أو تعذيب فقط، بل ابتدأ الانقلاب تثبيت دولته على بحور من الدماء في مذبحة هي الأسوأ في تاريخ مصر الحديث. ومع هذا فالقتلة ما زالوا في السلطة والضحايا بين القبور والاختفاء القصري ومراكز العلاج التي يذهبون إليها خلسة مخافة اعتقالهم.
سوريا
سلخانة التعذيب التي لا تجف دماؤها، فماذا قدمت المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية للسوريين، وما الذي ناله قتلتهم؟ حتى بعد مخالفة بشار ومن ورائه روسيا وإيران لكافة معاهداتهم ومعاييرهم للقانون الدولي؟
السعودية
السعودية وقد فتحت أبواب سجونها على مصراعيها حتى أشار حساب “معتقلي الرأي” المعني بشؤون المعتقلين في المملكة، في تغريدة له عبر “تويتر” بارتفاع عدد معتقلي الرأي في السعودية إلى 2613 معتقلًا. ولا جديد سوى بعض الإدانات.
العراق وأفغانستان
وهذا لن نشير فيه إلى مصادر عربية علّنا نُتهم بالانحياز، بل سنذكر ما استقرّت عليه التقارير الغربية، فلقد ذكرت دراسة قامت بها جمعية ”أطباء من أجل المسؤولية الاجتماعية = Physicians for Social Responsiplity PRS” أن المملكة المتحدة شاركت في مقتل 6-8 مليون نسمة في العراق وأفغانستان. أما تقرير تشيلكوت والصادر في 2016م أن الحرب على العراق فشلت في تحقيق أهدافها حيث أن أسلحة الدمار الشامل لم تكن موجودة أصلًا ليتم انتزاعها.
وبحسب ميثاق هيئة الأمم المتحدة يُعد هذا الاعتداء البريطاني الأمريكي غزوًا للعراق واحتلالًا مباشرًا دون شرعية قانونية. وهي ذات التهمة التي أُسنِدت إلى العراق عند غزو الكويت والتي بمقتضاها عُوقب العراق وفرض حصارًا اقتصاديًا عليه راح ضحيته حوالي مليون ونصف طفل.
ولم تكن هذه الأحداث على كثرتها هي الوحيدة في تاريخ المنظمات الدولية، فهناك الجزائر وتشيلي وفيتنام والبرازيل والصومال بل وأفريقيا بشكل عام، واليمن وفلسطين على رأس القائمة.
رسالة إلى اللاهثين خلف المنظمات الحقوقية
بعدما سردناه من حقائق حول حقيقة المنظمات الدولية لا تتعدى كونها حلقات لتفريغ الغضب لا تستطيع اتخاذ قرار إلا إن كان في صالح الفيتو، فرغم المعاناة التي عاشها ضحايا كولونيا ديجنيداد كان من السخرية أن تحولت المستعمرة إلى مزار ومنتجع سياحي، ليصبح اسمها فيلا بافيرا. حيث العديد من الزوار الرائعين يتجولون داخل المزارات السياحية والمطاعم والمتاحف وينفقون الكثير من المال، متناسين تاريخ المستعمرة الذي جمع بين الاستعباد، والتعذيب، والعبودية النازية، وكل أشكال التعدي السافر وامتهان الكرامة. فالسائحون يتمتعون بالمناظر البرية التيشيلية الخلابة ويُدِرُّون الأموال.
لكن الماضي دائمًا ما يترصد في الجوار. فخلف ملعب الأطفال لا يزال الكثير من البنية التحتية للمستعمرة القديمة. حيث المخبز وحظيرة الألبان وورشة الأثاث والمباني المتنوعة التي يمكن العثور عليها حول المنتجع السياحي، حيث أُجبر الأعضاء على كسب قوتهم من تلك الأعمال بينما يحتجزهم زعيمهم.
وقالت مارغريتا روميرو، رئيسة جمعية الذاكرة وحقوق الإنسان:
- اقتباس :
ليس من الممكن أن يكون المكان الذي تنتهك فيه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان: مثل التعذيب والقتل والاختفاء، وجهة سياحية. تخيل فندقًا بني في معسكر اعتقال في أوروبا؛ لن يُسمح به مطلقًا
والعجيب أن فيلا بافيرا تُدار الآن من قِبل آنا شنيلنكامب، ابنة أحد رجال بول شيفر، يُدعى كورت شنيلينكامب، الذي توفي عام 2017م بعد قضاء عقوبة السجن لمدة خمس سنوات بسبب تمكينه شيفر من إساءة معاملة المُحتجزين.