صور - عصية على التهويد..."اللصيمة" أكلة شعبية تُلهب المشاعر وتنثر عبق الماضي من جديد
كثيرون لا يعرفون ما هي "اللصيمة"، ولا يتذكرون حديث الأجداد عنها، و"الجمعة – اللمة" حولها ليلا يغنون ويتسامرون.
تلك "الأكلة"، ونكتها التي كانت جزء من تراث الأكل الشعبي في الماضي، يُعيدها الأبناء وبشغف مضاف.
في بيت من الشعر غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، احتفل كبار السن مع الشباب والأطفال في إعداد تلك "الأكلة الشعبية" بتوجيهات من المسنين، تحت شعار "تراث الأجداد يعاصره الأحفاد".
مكونات "اللصيمة"، البندورة، الباذنجان، الكوسا، القرع، الفلفل الحار، وبطيخ غير ناضج (العجر)، يضاف لها خبز الطابون، وزيت الزيتون.
اهتم مجلس عائلات محافظة رفح برعاية عائلة "القاضي" بإقامة مهرجان "اللصيمة" للتأكيد على عمقها التراثي وهويتها الفلسطينية، حيث تحاول دولة الاحتلال سرقتها، كما سرقت كثيرا من تراث فلسطيني لتهويده.
يستغرق إعداد "اللصيمة" أكثر من ساعتين، يقوم عدد من الشباب بإحضار كميات من الخضروات والدقيق "الأبيض والقمح، يجلسوا وسط الحاضرين أمام وعائيين كبيرين من المعدن، يمزجون الدقيق بكميات معروفة، ومن ثم يضاف الماء بالتدريج مع عجنه حتى يصبح كتلة متماسكة، فيما يشعل آخرون النار ويبدؤوا بمتابعة مراحل شوي الخضروات، وكلما نضجت بعض الحبات يتم رفعها، حتى تم تجهيز كامل الكمية، لتبدأ المرحلة الثالثة، وهي وضع رقائق العجين وسط "الرمضاء الساخنة" ( تراب حرارته مرتفعة)، لتنتج خبز الطابون، الذي يتم مزجه مع الخضروات المشوية بطريقة يدوية احترافية، ويضاف له زيت الزيتون وبعض التوابل ليصبح جاهزاً للأكل، وعندا تبدا "حفلة" الأكل لكل الحاضرين.
أستاذ القانون في جامعة فلسطين الدكتور تامر القاضي يعتبر الأكلات الشعبية القديمة جزء من التراث الفلسطيني العريق المهدد بالضياع، وتحاول سلطات الاحتلال سرقته.
وحسب القاضي تصريح لـ "أمد للإعلام"، هناك بعض الكتب العبرية نسبت الكثير من التراث لها، ومن بين ذلك أكلات فلسطينية شهيرة، مثل الشكشوكة، والمقلوبة، وهذا يستدعي مواجهة محاولات سرقة وتزييف التراث والتاريخ، مثل مبادرة مهرجان "القرصة"، وعمل مهرجانات مماثلة تُحيي كل أشكال التراث القديم ومنع سرقته".
وقال الحاج سليم انشاصي لـ "أمد"، أن الأكلات الشعبية جزء من التراث ويجب المحافظة عليه من خلال المؤسسات الثقافية، وذلك بعمل الندوات الثقافية للتذكير به، ومبادرات احتفالية كثيرة، حتى نقول لدولة الاحتلال هذا تراثنا وسندافع عنه ما حيينا".
الحاج أبو صلاح الجمل اعتبر في حديثه لـ "أمد"، أننا في قطاع غزة وفلسطين بشكل عام بحاجة إلى الترابط والالتفاف حول بعضنا، مثل تجمُعنا أثناء صنع الأكلات الفلسطينية التاريخية.
أما الشاب محمد أبو حميد، الذي يقوم بدعوة أصدقاءه في موسم البطيخ لصنعها تحدث لـ "أمد" قائلا: "نتسابق على صنعها أنا وأصدقائي في سهراتنا أمام منازلنا، لأنها قليلة التكاليف، خاصة في ظل وضعنا المادي المعدوم ".
أبو حميد يضيف: " تُغنينا لمتنا حولها عن الذهاب إلى المقاهي، أو المنتزهات التي تتطلب مبلغاً من المال".
وفي رده على سؤال هل يعمد في صنعها بتوجيه رسالة لسلطات الاحتلال بأن مثل هذه الأكلات هي عمود تراثنا، يقول أبو حميد لـ "أمد للإعلام": "بالتأكيد هذا الهدف يجب أن نتطلع إليه، وهذا يحتاج جهود كبيرة من المؤسسات الخاصة وليس على سبيل الأفراد، رغم أننا ننشر تفاصيلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
"اللصيمة" وجبة شهية مغذية غنية بالفوائد، إن تذوقتها لا تستطيع أن تتوقف عن تناولها، وقد تصاب بالتخمة فيحدث ما يشبه بـ "اللصم" داخل المعدة، ولذا أطلق عليها (اللصيمة)، ولكن تناولها باعتدال يجعلها متعة وذكرى جميلة لمعاودة تناولها.