بعد حادثة "مقام النبي هارون".. الأردن ليس مكانًا للصهاينة
التاريخ:3/8/2019
تواصلت حالة الغضب في الشارع الأردني بعد حادثة انتهاك مجموعة من الصهاينة بذريعة السياحة الدينية لمقام النبي هارون في البتراء، وسط مطالبات بإعفاء المسؤولين عن هذا الأمر وإقالتهم ومنع تكرار الحادثة مرة أخرى، ومنع استفزاز مشاعر الشارع الأردني الذي يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني ويرفض أن تصل اقتحاماته لمساجدنا في الأردن.
وعبرت نخبٌ أردنية عن رفضها القاطع لمجيء هؤلاء الصهاينة للأردن تحت أي ذريعة، مؤكدين على ضرورة تشديد الرقابة على السياح الصهاينة الذين يتعمّدون استفزاز مشاعر المجتمع الأردني عبر سعيهم المتواصل لتزوير الحقائق التاريخية وسرقة الأماكن السياحية الدينية الأردنية والترويج بأنها تعود لهم.
العموش: الأردن ليس مكانًا للصهاينة
عبر الوزير الأسبق بسام العموش عن استنكاره ورفضه لمجيء هؤلاء الصهاينة للأردن من حيث المبدأ وإن كان بذريعة السياحة؛ قائلا: "نحن نرفض التطبيع مع الصهاينة".
وقال العموش في حديثه لـ"البوصلة": "فور وقوع الحاثة اتصلت بمعالي وزير الأوقاف وكان في طريقه للحج في المطار ولمست منه استجابة سريعة وطيبة حيث أمر بإغلاق المكان لمنع وقوع انتهاكات مجددًا".
ونوه إلى أنه قد لا يكون مرتبًا من البداية قيام هؤلاء الصهاينة بهذه الأعمال في مقام النبي هارون، وإنما جاءوا كسياح وعند وصولهم للمكان أخرجوا أدواتهم وقاموا بهذا العمل.
وأضاف: "ما لمسته من محادثتي مع وزير الأوقاف أن الحكومة ترفض مثل هذه السلوكيات واتخذت الإجراءات لمنع تكرار مثل هذا الحادث".
وطالب العموش جميع المسؤولين في الأردن بمنع استفزاز الشعب الأردني، الذي يرفض التطبيع مع دولة الاحتلال، محذرًا من أن "هذا الأمر يؤثر على أمن الأردن الذي نفخر به ولا نضمن النتائج المترتبة على مثل هذه الاستفزازات فأي أردني يرى مثل هذه المشاهد يمكن أن يكون لديه رد فعل".
وشدد على أنه يجب على الحكومة الأردنية أن تمنع مثل هذه الانتهاكات إطلاقًا ويجب أن تعرف من السياح الذين يحضرون لمثل هذه الأماكن وتشدد الرقابة على ما يقومون به.
وأشار العموش إلى أن دولة الاحتلال ما زالت تتاجر بآثار الأردن، وقال: أذكر أنه قبل أن توقع الأردن معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني كانت إسرائيل تتاجر في الآثار الأردنية، وعندما كنت متواجدًا في زيارة لروسيا عام 1991م، أحد التلفزيونات التابعة للصهاينة يقول "زوروا إسرائيل تجدوا الشمس، زوروا إسرائيل تجدوا البترا"، واليوم الوفود السياحية تأتي لزيارة ما يسمّى "إسرائيل" وبالباصات السياحية يأتون للبترا ثم يعودون، حتى أن الدولة الأردنية تدخلت ماذا ستستفيد السياحة في الأردن، وتم الاشتراط أن تبيت هذه الوفود ليلة، ولا ندري إن كان مطبقًا اليوم أو لا كما تقول الحكومة.
ونوه الوزير الأسبق إلى ضرورة أن تكون هناك إجراءات مشددة من وزارة الداخلية والخارجية، مذكرًا بما قام به مجموعة من السياح الصهانية عندما دخلوا مطار الملكة علياء الدولي وصاروا يؤدون رقصات دينية، مستدركا القول: "فإذا كان في كل مرة سيحدث مثل هذا الأمر يجب أن يكون هناك اتفاق على غرامات أو تعهدات أو منع الأشخاص والمؤسسات السياحية التي تجلب هؤلاء".
وتابع العموش حديثه: في مجال الإجراءات لدينا وزير داخلية مالي هدومه، بلاش يملّي هدومة على الناس، يملي هدومه على الصهاينة، يجب أن يكون هناك إجراء، أيضًا وزير الخارجية ما شاء الله عليه يطوف العالم وهو خبير وصحفي قبل أن يكون وزيرًا.
وقال نقف مع حكومتنا في منع التطبيع في الأردن ومنع الاستفزازات، ويكفينا ما نراه من استفزازات يومية نراها في الأقصى، لم يتبق لهم سوى اقتحام مساجدنا هنا في الأردن.
وحذر من أننا كشعب أردني إذا لم نجد أي إجراء من الحكومة، فلا أستبعد أن يتصرف المواطن الأردني لوحده، وعند ذلك لا ندري عواقب هذا الأمر، ونحن الشيء الوحيد الذي نراهن عليه هو أمننا، ونريد أن يسير أمن الأردن خلف قرار سياسي يمنع استفزاز الناس المحتقنة على هذا الأمر.
وقال العموش: "الأردن ليس مكانًا للصهاينة"، ويجب أن لايأتوا لنا أصلاً، وإن جاءوا بسبب المعاهدات فيجب منع استفزاز الشعب الأردني من قبلهم، لأن الشعب الأردني يرفض التطبيع مع هؤلاء الصهاينة، فضلاً عن أن كل ما يجري من انتهاكات في فلسطين ينعكس على الداخل الأردني.
وحول تصوير بعض الأفلام في البتراء، علقا العموش بالقول: "ساعة أفلام لقلة الحياء، وساعة أفلام للتطبيع، وساعة أفلام لتأكيد أن اليهود هم أصحاب الأحقية التاريخية بهذه الأرض، تزوير للحقائق يتم من خلال تصوير أفلام".
وتساءل: هل من المعقول أن الدولة تعلم توجهات المواطن الأردني السياسية وأين يروح ومن أين يأتي وما انتماؤه، ثم تدعي أنها لا تعرف من كتب سيناريو الفيلم ولم تطلع عليه"، مطالبا الحكومة بعرض سيناريو هذه الأفلام عليه ليقرأها متطوعًا وبالمجان ويكشف المشاكل التي في محتواها.
ونوه إلى أن أي شخص في الأردن يريد طباعة كتاب يتم الذهاب للمطبوعات والنشر وتبدي ملاحظاتها عليه ليتم تغييرها من قبل الكاتب، وهذه مسؤولية على الدولة، لا يجوز التملص منها عبر قول "ما بعرفش"، مضيفًا أن "المسؤول إذا كان يعرف فتلك مصيبة، وإن لم يكن يعرف ويلتزم الصمت فتلك مصيبة أعظم".
وختم العموش حديثه بالقول: "الحكومة تحت النقد في كل سياستها، فعلى الأقل تكسب فرصة في هذا الجانب وتقترب من الشعب الأردني".
مطالبات بتشديد الرقابة
من جانبه أكد الرئيس السابق لجمعية أدلاء السياح الأردنية حسن عبابنة أن منطقة البتراء السياحية تشهد تشديدًا رقابيًا كبيرًا على السياح وخاصة السياح الإسرائيليين الذين يتم بحقهم "إجراءات خاصة"، حيث يتم منع إدخال أي رمز من رموز الديانة اليهودية إلى الأردن منذ وصولهم للمعابر الأردنية على الحدود، ومع ذلك يصر هؤلاء على تجاوز التعليمات والأنظمة الأردنية وارتكاب المخالفات.
وقال عبابنة في تصريحاتٍ لـ "البوصلة": "يجب على الجهات المعنية تشديد الرقابة على سلوك السياح لمنع حدوث أي استفزاز لمشاعر الشعب الأردني قد يكون له انعكاسات لا تحمد عقباها".
وحذر من إغلاق أي معلم سياحي أردني تحت أي ظرف لما له من انعكاسات سلبية على السياحة الأردنية التي تشكل رافدًا مهما جدًا للاقتصاد الأردني.
ونوه إلى أن ما يشاع من دخول السياح الإسرائيليين لمقام النبي هارون مجانًا عبر طرق التفافية غير صحيح، مؤكدًا أن مسارات البترا جميعها فيها نقاط مراقبة وأكواخ لا يمكن لأي أحد تخطيها بسهولة.
إعادة النظر في إدارة الصراع مع الصهاينة
من جانبه وصف الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص الصهاينة الذين اعتدوا على مقام النبي هارون في البترا بأنهم "جمهور ناخبي نتنياهو وأقرب حلفائه الذين سلَّمهم رُبع وزارات حكومته".
وقال ابحيص في تصريحاتٍ لـ "البوصلة": الصهاينة الذين دنسوا مقام النبي هارون، ليسوا شرذمة صغيرة ومارقة، هؤلاء هم ممثلو الوعي الصهيوني السياسي كما يتجلى اليوم، والذي لا يرى في اتفاقات "السلام" و"الواقعية" و"التكتيك" العربي إلا منصة يضع قدميه فوقها ليمضي نحو مزيد من التهويد".
وحذر من أن فتح باب التفاوض على مصلى باب الرحمة سينتهي إلى مثل هذه الصور في قلب الأقصى، فالمناورة والتكتيك من زاوية الانفصام عن الجماهير ستنتهي إلى هذه الصور وأسوأ.
ونوه ابحيص إلى أن الصور التي انتشرت من المسجد المملوكي المعروف بمقام "النبي هارون" في البتراء تطرح تساؤلاً خطيراً أمامنا جميعاً: إذا كان هذا مصير مقدساتٍ تقع تحت السيادة الأردنية المباشرة، فترى ماذا سيكون مصير الأقصى الواقع تحت "الوصاية" وتحت الاحتلال الصهيوني المباشر؟!
وأكد الباحث بشؤون القدس أن حديثه ليس تشفياً ولا بحثاً عن الفضائح، إن الفشل في حماية المقدس ثمنه لا يحتمل، لن تحتمله الدولة الأردنية ولا الدول الأكبر منها، ولا بد أن نسعى جميعاً لمنع حصوله لأنه يهددنا جميعاً، ولأجل ذلك لا مفر من إعادة النظر في "التسامح الديني" مع مشروع استعماري إحلالي وما تنطوي عليه هذه الدعوة من سوء الإدراك وفساد المنطق.
وختم حديثه بالقول: لا بد من إعادة النظر في إدارة الصراع على الأقصى لتكون ملتحمة بنقطة قوتنا الكبرى في القدس، جماهيرها الوفية لمسجدها وأقصاها، لا بد أن تتوقفَ فوراً محاولات الحَجْر على إرادة الجماهير في الأقصى، وأن لا نسمح أن يجرّنا المحتل إلى مربع إجهاض تلك الإرادة أو التحايل عليها.
وحول ارتداء بعض الصهاينة في مقام النبي هارون للشماغ الأردني، علق الباحث ابحيص بالقول: هذا الشماغ الذي نزل مع مئات الشهداء الأردنيين إلى قبورهم حين قرروا الدفاع عن القدس حتى الشهادة رغم علمهم أن الموت مصيرهم الحتمي في المعركة.
وأضاف أن هذا الشماغ الذي لطالما تخضب بالدماء انتهى اليوم على رأس مستوطن متطرف يؤدي طقوساً تلمودية في البتراء التي يزعم أنها أرضه وأرض أجداده.
وختم حديثه بالقول: "عشرات الأسئلة الممزوجة بالحسرة والألم تثيرها هذه المفارقة"
وزيرة أردنية: الفكر الصهيوني التوسعي لا حدود له
من جانبها حذرت وزيرة السياحة والآثار السابقة مها الخطيب ممّا أسمته الفكر الصهيوني التوسعي الذي لا حدود له، مؤكدة أن معاهدة السلام سمحت للإسرائيليين بدخول البلاد لزيارة مقام النبي هارون، بينما منعت الأردنيين من دخول فلسطين.
وقالت تعليقا على الطقوس اليهودية التي أدتها مجموعة من الإسرائيليين في البتراء، إنها "خلال توليها وزارة السياحة حاولت بكل صلاحياتها أن تضع حدا لوقاحتهم عندما منعت الصهاينة من إدخال ملابسهم الدينية كونهم يأتون لإقامة صلوات عند مقام النبي هارون".
وأوضحت أن وكلاء السياحة الإسرائيليين أعلنوا حينها الإضراب وقام سفير إسرائيل بتقديم شكوى ضدها للحكومة، فقامت برفع رسوم دخولهم للبتراء كونهم لا ينفقون فلسا واحدا فيها ويتركون لنا مخلفاتهم.
وتابعت: "طبقنا الرسوم الجديدة مما زاد من شكواهم علي وفي النهاية انتهت المعركة بخروجي في أول تعديل وزاري من حكومة سمير الرفاعي رغم أننا في ذلك الحين كنّا نحقق أعلى دخل سياحي في تاريخ المملكة".
وذكرت أن موقع النبي هارون ليس موقعا دينيا إنما هو موقع أثري كما أكدت مشاهدة كثير من الإسرائيليين يدفنون قطعا تبدو أثرية عليها كتابات عبرية في مواقع عدة مثل وادي بن حمّاد في الكرك والبتراء وطبقة فحل.
وقالت، "قبضنا عليهم بالجرم المشهود"، وعلقت على هذه المشاهدات بأن الفكر التوسعي الصهيوني لا حدود له، وأضافت: "هم يريدون إقناع العالم بأن أي مكان مروا به ولو لليلتين في غابر الأزمان هو من حقهم. أما نحن فمحرّم علينا ذكر تاريخ وجودنا والذي سبقهم بآلاف السنين. الفكر الصهيوني مؤدلج تماما بالدين والدين بالنسبة لهم حجة للتوسع".
مطالبات بإقالة وزير الأوقاف ومحاسبة المسؤولين
وعلى إثر الحادثة طالب النائب عن كتلة الإصلاح النيابية سعود أبو محفوظ، بإقالة وزير الأوقاف وذلك على خلفية قيام مجموعة من معتنقي الديانة اليهودية بأداء صلوات خاصة بهم في مقام النبي هارون في منطقة البترا بمحافظة معان.
وقال أبو محفوظ في تصريح صحفي وصل "البوصلة" نسخة منه: "لقد تكرر انتهاك مساجدنا وهو المسؤول عنها (وزير الأوقاف) فكيف هو حال مقدساتنا هناك في بيت المقدس، وهو المسؤول عنها أيضا، وكيف هو حال الأوقاف المترهلة جداً، في مواجهه انتهاكات الاجتياحات، والاقتحامات والزحوف وفق الروزنامة اليومية التلمودية، بقياده الوزراء المتطرفين يوري ارئيل، وميري رجب، والتي واجهتها الاوقاف باغلاق مصلى باب الرحمة، بعد رفضها تعيين إمام راتب له، عقب هبة 22 /02 /2019م، والتي رسمت انتصاراً مدوياً، قهر إرادة المحتل".
وبين النائب بأن "وزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية عجزت حتى عن مجرد تقديم رواية أردنية، لمواجهة الروايات اليهودية المظللة التي يرويها مزيف عن مزور، لغايات غسل أدمغة السواح والزائرين للمسجد الأقصى".
وتابع أبو محفوظ قائلا: "إنني احترم شخص معالي الوزير، واقدر علمه، ونبله، ولكن المسئوولية الشرعية، والواجب الوطني، والتزامي أمام المواطنين يحتم علي المطالبة بإعفائه، لتكرار الأخطاء واستمرار العثرات، وبقاء الثغرات، وترهل الهيكل، وضعف الأداء، لوزارة مهمة جداً، وتضطلع بأدوار مهمة للغاية، ان دور وزارة الأوقاف مؤثر وسيادي في بعض الدول كالمغرب، وأمام استمرار رخاوة الأوقاف فلا مناص من التشديد في طلب الإعفاء لمعالي الوزير".