فلسطين بين الأساطير الصهيونية والأكاذيب العربية الرسمية (3)؛
شبكة البصرة
محمد سيف الدولة
هذه هى الحلقة الثالثة والاخيرة فى سلسلة الاساطير والاكاذيب التى احاطت بفلسطين وقضيتها، وروجت للاحتلال وبررت له أو تواطأت معه. عرضنا فى الحلقتين الماضيتين الاساطير الصهيونية القديمة، والاكاذيب الاسرائيلية الحديثة، وسنتناول فى هذه الحلقة الاكاذيب العربية الرسمية التى عملت جنبا الى جنب مع اساطير وادعاءات واكاذيب العدو على تضليل الراى العام العربى ومحاولة اخضاعه وترويضه حتى ييأس من مواجهة (اسرائيل) والقضاء على كيانها ومشروعها فى المنطقة.
حين شرعت فى الكتابة عن الاكاذيب العربية الرسمية، وجدت انها تحتاج الى صفحات وصفحات، وحتى لا أثقل على القارئ العزيز، قمت بانتقاء الاكاذيب التالية للعرض والتفنيد:
1) لا قبل لنا كعرب بمواجهة (اسرائيل).
2) (اسرائيل) اصبحت امراً واقعاً.
3) تأجيل هدف تحرير فلسطين 1948 الى حين ازالة آثار العدوان.
4) فلسطين هى الضفة الغربية وغزة فقط.
5) ما يسمى بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.
6) فلسطين هى قضية الدول العربية المركزية.
7) وصف دولنا بالدول العربية.
مصر حاربت وضحت وخسرت كثيرا من اجل فلسطين.
9) لا أحد يزايد على دور مصر فى دعم القضية الفلسطينية.
10) لا يمكن استرداد الارض المحتلة الا بالمفاوضات والسلام.
11) 99 % من اوراق اللعبة فى أيدى الولايات المتحدة الأمريكية.
12) لا شأن لنا بفلسطين، وعلى كل شعب ان يحرر ارضه بنفسه.
13) انقسام الفلسطينيين هو السبب فى عدم حل القضية حتى الآن.
14) المطالبة بعودة غزة الى السلطة الفلسطينية دفاعا عن الشرعية الفلسطينية.
15) أضاع الفلسطينيون كل الفرص حين رفضوا قرار التقسيم ثم رفضوا عرض السادات فى كامب ديفيد.
16) لسنا عربا.
الحلقة الثالثة والاخيرة ـ الاكاذيب العربية الرسمية:
1) تأتى على رأسها أكذوبة "انه لا قبل لنا كعرب بمواجهة (اسرائيل)، بسبب الدعم والحماية والرعاية الامريكية اللانهائية لها، وفى ظل الاختلال الهائل فى موازين القوى العسكرية والدولية الحالية.
وهى أوسع الأكاذيب العربية انتشارا وترويجا، يبررون بها خوفهم وعجزهم وتواطؤهم. رغم أن كل تجارب التاريخ وسننه، وكل تجارب الشعوب وثوراتها ومعارك استقلالها، وكل انتصاراتنا وحركات التحرر والمقاومة منا، تؤكد زيف هذا الادعاء. فلقد تحررت كل شعوب العالم من الاستعمار الغربى الذى احتل اوطانها لعشرات السنين، ومعها كل الشعوب العربية، ومنها الجزائر التى طردت احتلالا فرنسيا استمر 132 عاما، حتى جنوب افريقيا نجحت فى التحرر من عنصرية المستوطنين الاوربيين البيض التى بدأت بذورها فى القرن السابع عشر، ولم يعد فى العالم اليوم احتلال استيطانى الا فى فلسطين والجولان. فهل نحن قوم خارج التصنيف البشرى، أقل وأجبن من كل امم وشعوب العالم؟!
2) اكذوبة ان (اسرائيل) اصبحت امراً واقعاً، وعضواً فى الأمم المتحدة، ودولة معترفا بها من الولايات المتحدة وكل الدول الكبرى وغالبية دول العالم، ومن ثم يجب علينا نحن أيضا ان نعترف بها وبحقها فى الوجود وان نتخلص من أى اوهام بامكانية القضاء عليها.
· والرد البسيط على هذه الادعاءات، أن (اسرائيل) بالفعل هى أمر واقع، وليست خيالا او اوهاما فى عقولنا، والا من ذا الذى يغتصب اوطاننا ويقتل فينا ويعتدى علينا ونقاتله ونقاومه كل هذه السنين والعقود؟ نعم هى بالفعل امر واقع، ولكنه واقع غير مشروع، واقع استعمارى يجب التصدى له والقضاء عليه.
· أما عن اعتراف الامم المتحدة والدول الكبرى وغالبية المجتمع الدولى فانه لا يلزمنا فى شئ، فما يعرف باسم المؤسسات الدولية أو القرارات الدولية أو الدول الكبرى منذ ما يزيد عن قرنين من الزمان، ليست سوى قوى وكيانات معادية تخدم المصالح الاستعمارية وتهدف الى اقتسام النفوذ وادارة العالم فيما بينها، بداية من عصر الاستعمار الاوروبى فى القرنين السابع والثامن عشر، مرورا بعصبة الامم التى قسمتنا ووزعتنا كغنائم حرب على المنتصرين فى الحرب العالمية الاولى، وزرعت بذرة الكيان الصهيونى فى فلسطين، الى آخر اعادة تقسيم مناطق النفوذ فى العالم بعد الحرب العالمية الثانية واصدار قرار التقسيم والاعتراف بدولة اسرائيل وقبولها عضوا بالامم المتحدة، وانتهاء بهزيمة الاتحاد السوفيتى وتفككه وهجرة مليون يهودى سوفيتى الى فلسطين، وانفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم.
· انه مجتمعهم الدولى ومؤسساتهم وقراراتهم وموازين قواهم الدولية التى تدافع عن نفوذهم وأطماعهم ومصالحهم، ولا تزال تعتدى علينا وتهددنا وتنهبنا وتجور على حقوقنا، فبأى منطق نحتكم اليها فى تحديد مواقفنا من الاغتصاب الصهيونى لفلسطين، وفى قبول قراراتها وأختامها الباطلة القاضية بشرعية ما يسمى بدولة (اسرائيل)؟!
3) وهناك الأكذوبة القديمة والخدعة الكبرى التى أطلقتها الدول العربية بعد 1967، وهى تأجيل هدف تحرير فلسطين 1948 الى حين ازالة آثار العدوان، التى لا نزال بعد ما يزيد عن نصف قرن عاجزين عن ازالتها! (فيما عدا سيناء التى عادت الى مصر منقوصة السيادة، ومقابل أثمان باهظة دفعتها من سيادتها واستقلالها.) وهو ما ترتب عليه ان اختفى هدف تحرير فلسطين تماما من اجندة النظام الرسمى العربى باقطاره الاثنين وعشرين، بل ان هناك منهم من يتواطأ مع العدو ضد الشعب الفلسطينى.
4) ويرتبط بها بطبيعة الحال الأكذوبة الأخطر وهى ان ارض فلسطين هى الضفة الغربية وغزة فقط، أما باقى الارض المحتلة فهى من حق (اسرائيل)، وما ترتب عليها من المطالبة بدولة فلسطينية على حدود 1967 فقط. وهى الأكذوبة التى انتهت الى التفريط العربى الرسمى الكامل فى أرض فلسطين التاريخية والتنازل عنها لاسرائيل فى معاهدات السلام العربية الاسرائيلية وفى مبادرة السلام العربية. فى انتهاك وعدوان على كل الثوابت الوطنية والحقائق التاريخية التى تؤكد ان كل فلسطين هى جزء لا يتجزأ من الامة العربية، لا يحق لكائن من كان التفريط فيها أو فى أى جزء منها. فهى ملكية تاريخية مشتركة بين كل الأجيال، لا يملك جيل واحد أن يتنازل عنها، كما انه لم يحدث فى أى مكان فى العالم أن قام شعب بالتفريط فى ارضه والتنازل عنها بسبب اختلال مؤقت فى موازين القوى.
5) اكذوبة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى:
· وهى الاكذوبة التى ينطبق عليها القول الدارج والمأثور "وضع السم فى العسل"، لان الحق المشروع الوحيد لاى ارض محتلة، هو تحرير كامل ترابها.
· ولكن حين يتم الحديث بشكل مرسل عما يسمى بالحقوق المشروعة بدون تحديد وتعيين دقيق لماهية هذه الحقوق، فانه يصيبها ما اصابها حتى اليوم بان تقلصت هذه الحقوق من تحرير كل فلسطين، الى وعد لم ينفذ بدولة منزوعة السيادة والسلاح على حدود 1967، الى ان وصلت الى بعض الفتات المالي والاقتصادي التى تشدق بها كوشتنر صبى ترامب فى ورشة البحرين مؤخرا.
· لا تقل حقوق مشروعة، وانما تحرير كامل التراب الفلسطينى المحتل.
6) أكذوبة أن فلسطين هى قضية العرب المركزية: هى بالطبع قضية الامة العربية المركزية، من حيث انها القضية التى تجسد صراع الأمة ضد قوى الاستعمار العالمي على امتداد قرنين من الزمان، ولكنها بالتأكيد ليست كذلك بالنسبة الى النظام العربى الرسمى وكافة الدول العربية بدون استثناء واحد، بل على العكس من ذلك تماما، "فغالبية" الدول العربية قد خانت القضية وتاجرت بها وغدرت بالشعب الفلسطيني وحركات المقاومة، وتنازلت عن الحقوق الفلسطينية وساومت عليها وباعتها فى سوق النخاسة الأمريكى والدولى تحقيقا لمصالحها الخاصة. الى الدرجة التى وصلت ببعضها الى التحالف مع العدو لتصفية القضية الفلسطينية فيما يعرف اليوم بصفقة القرن.
7) بل ان مجرد وصف دولنا بالدول العربية، وجامعتنا بالجامعة العربية ونظامنا الاقليمى بالنظام العربى الرسمى، هو تضليل فى تضليل، فهم ليسوا عربا ولا عروبيين ولا قوميين بأى مقياس من المقاييس الوطنية أو الموضوعية، بل هى دول وانظمة تعادى الشعوب العربية وتضهدها وتنهب ثرواتها وتتآمر ضد مصالحها وتضعف مناعتها وتصفى مقاومتها حتى تصبح لقمة سائغة للدول الاستعمارية و(اسرائيل).
الأكذوبة التى اطلقها السادات ومن بعده من ان الدولة المصرية حاربت وضحت كثيرا من اجل فلسطين.
وهو تضليل كبير يستهدف تبرير الانسحاب المصرى الرسمى من مواجهة (اسرائيل)، ومصدر الكذب والتضليل فيه هو أنه فيما عدا حرب 1948، فان مصر حاربت فى اعوام 1956 و1967 و1973 فى مواجهة الاحتلال الصهيونى لسيناء وليس من أجل تحرير فلسطين.
9) الأكذوبة اللصيقة بها والمشابهة لها، هى ما يقولونه دائما من أنه لا أحد يزايد على دور مصر فى دعم القضية الفلسطينية.
ومصدر الكذب الواضح فى هذا الادعاء هو أن مصر الرسمية باعت فلسطين فى اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية مقابل استرداد سيناء، حين اعترفت بشرعية دولة (اسرائيل) وبحقها ان تعيش داخل حدودها الآمنة على أرض فلسطين!
10) واكذوبة ان المفاوضات والسلام وحدهما هما القادران على استرداد الارض المحتلة بدليل عودة سيناء بموجب اتفاقيات كامب ديفيد، فى الوقت الذى لا تزال فيه ارض الجولان وفلسطين محتلة.
· لقد عادت سيناء لمصر، مقابل اثمان باهظة على رأسها سقوط الدولة المصرية بكاملها فى التبعية الكاملة للولايات المتحدة الامريكية، ناهيك عن القيود المفروضة على قواتنا فى سيناء الا باذن (اسرائيل).
· وحين حذت منظمة التحرير الفلسطينية حذو مصر واعترفت (باسرائيل) فى اتفاقية اوسلو عام 1993، لم تنجح حتى اليوم وبعد ما يزيد عن ربع قرن من المفاوضات ان تحصل على شئ من (اسرائيل).
· اما سوريا فلقد وقعت بين فكى الرحى، فمن ناحية رفضت ان تدفع الاثمان التى دفعها النظام الحاكم فى مصر، ومن ناحية أخرى عجزت بعد انسحاب مصر من الصراع ومن المواجهة، ان تتصدى لاسرائيل منفردة. ان مسئولية بقاء الجولان محتلة حتى اليوم يتحملها نظام كامب ديفيد فى مصر بقدر ما يتحملها النظام السورى.
11) واكذوبة ان 99% من اوراق اللعبة فى أيدى الولايات المتحدة الأمريكية:
وهى اكذوبة قام السيد ترامب مؤخرا باطلاق رصاصة الرحمة عليها وعلى كل من راهن عليها، حين اعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل وشرع فى تصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية معلنا موت ما يسمى بعملية السلام الفلسطينى الاسرائيلى، ونهاية اوهام انسحاب (اسرائيل) من اى ارض محتلة أو قبولها بدولة فلسطينية على حدود 1967.
أما عن الدول التى اعطت كل اوراقها للامريكان، فها هو ترامب يهددها ويهينها ويستنزفها كل يوم حين يعلن انها لا تعدو ان تكون محميات امريكية لا تصمد انظمة الحكم فيها اسبوعا واحدا ان هو رفع عنها الحماية الامريكية. فعن اى لعبة وعن اى اوراق تكذبون؟
12) واكذوبة انه لا شأن لنا بفلسطين ولا بقضيتها، فلفلسطين شعب يدافع عنها، اما مصر فلقد قامت بتحرير ارضها المحتلة، وليس مطلوب منها ان تقاتل لتحرير اراضى غيرها، فعلى كل شعب ان يحرر ارضه بنفسه.
وهو تضليل صريح ولوى للحقائق وانتهاك للثوابت وتهديد لوجودنا وأمننا ومصالحنا لعديد من الاسباب:
· اولها لانه حتى اذا افترضنا اننا وفلسطين لسنا أشقاء واجزاء من امة عربية واحدة، لها ارض واحدة وشعب واحد ومصير واحد ومعارك وتحديات واحدة..الخ، فان ضرورات الأمن القومى المصرى أو السورى أو الاردنى...الخ، تستدعى تحرير المنطقة من هذا الخطر السرطانى الاستيطانى التى ينمو بين جنباتنا.
· هكذا فعلت ولا تزال كل الدول الحرة المستقلة والانظمة والحكام الوطنيون فى كل بلدان العالم على مر الزمان، والا لما قررت بريطانيا على سبيل المثال، اعلان الحرب على المانيا النازية بعد ان قام هتلر بالهجوم على بولندا (بولندا وليس بريطانيا).
· وكيف ننسى ما صرح به جورج بوش الابن بكل استعلاء ووقاحة، من ان عدم تمكين المرأة العربية يهدد الامن القومى الامريكى، فهل يعقل ان يكون ذلك كذلك، ولا تعتبر مصر وباقى الدول العربية ان وجود (اسرائيل) لا يهدد امنها القومى.
· بل أن (الصهاينة) ومجتمعهم الدولى، يحرصون على ابقائنا دائما الطرف الاضعف فى معادلة القوة، فيحرمون علينا وعلى غيرنا امتلاك السلاح النووى الذى تمتلكه (اسرائيل)، بل ان هناك قانونا فى الكونجرس الأمريكي بحظر عقد اى صفقة سلاح لأى دولة عربية تخل بالتفوق العسكرى الإسرائيلي على الدول العربية مجتمعة.
· بالإضافة بالطبع الى سعيهم الدائم لتقسيمنا وتفتيتنا واختراق مجتمعاتنا وزرع الفتن الطائفية والمذهبية ودعم الميليشيات الانفصالية والارهابية وتفجير الحروب الاهلية والحروب بالوكالة.. الخ، بما يجعل من النظرية المصرية والعربية الرسمية بأنه لا شأن لنا بفلسطين أو بمواجهة المشروع الصهيونى، نظرية متواطئة مع المشروعات الاستعمارية ضد الامة وفى القلب منها المشروع الصهيونى.
· والأمثلة والبديهيات عديدة لا تحصى، انظروا الى صراعات النفوذ والأمن القومى والمنافسة التجارية بين الدول الكبرى فى كل بقاع الارض من اوكرانيا الى سوريا الى ايران الى الصين الى بحر الصين الى كوريا الشمالية الى افريقيا، التى تؤكد انه لا توجد دولة عاقلة، تقبل وجود او نفوذ لكيان استعمارى عدوانى ارهابى كاسرائيل فى القلب من محيطها الاقليمى.
· ولكن من ناحية أخرى ايضا، فان فى الادعاء بأنه لا شأن لنا بفلسطين، وان عليهم ان يحرروا أرضهم بأيديهم، كما حررناها نحن بأيدينا، فى هذا الادعاء مغالطة تاريخية كبرى، تتجاهل الطعنات العربية الرسمية فى الظهر الفلسطينى، وتوظيف القضية والتجارة بها، وفى مقدمتها الدور المصرى الرسمى فى تثبيت وتقوية وشرعنة الوجود والاحتلال الصهيونى لفلسطين، بعد ان قامت بالانسحاب من الصراع بعد حرب 1973، واعترفت بشرعية (اسرائيل) فى اتفاقيات كامب ديفيد كما تقدم.
· واذا طبقنا ما ورد فى المواثيق الدولية من الحق فى التعويض عن سنوات الاحتلال، لكان على الشعب الفلسطينى ان يطالب كل نظام عربى تركه يواجه عدونا المشترك منفردا، أو قام بالاعتراف بشرعية (اسرائيل) او التطبيع معها بتعويضات لا تعد ولا تحصى.
13) أكذوبة أن انقسام الفلسطينيين هو السبب فى عدم حل القضية حتى الآن:
· وهى أكذوبة ترددها الانظمة العربية كثيرا، لنفى مسئوليتها عما آلت اليه القضية الفلسطينية بسبب انسحابها من مواجهة (اسرائيل) او تواطؤها معها.
· وهى مكشوفة الكذب والضلال، لان الانقسام الفلسطينى بين السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة، هو انقسام حديث تفجر بعد انفصال حماس بغزة عام 2007، فى حين أن عمر القضية الفلسطينية يمتد لعشرات السنوات.
· كما ان فى نظرية أن "الانقسام هو السبب" جانب آخر من التضليل، حين يساوون بين طرفين لا يستويان؛ طرف اعترف باسرائيل وتنازل عن ارض فلسطين التاريخية وعن الحق فى المقاومة والكفاح المسلح وينسق مع العدو امنيا، وطرف يتمسك بالثوابت والحقوق الفلسطينية ويشتبك مع العدو ويقاتله.
· ان المطالبين بوحدة الصف الفلسطينى من الانظمة العربية، انما فى الحقيقة يطالبون فصائل المقاومة بالالتحاق بنادى التسوية وجبهة المستسلمين والقبول باتفاقيات أوسلو.
· كما انه فى كل المحاولات التى تمت فيها رعاية اتفاقيات المصالحة الفلسطينية، كانت السلطة برئاسة ابو مازن هى الطرف الذى يجهضها، ويتراجع عن استحقاقاتها فى اللحظات الاخيرة، لسبب معلوم للجميع، هو الفيتو الامريكى والاسرائيلى.
14) وهناك أكذوبة اخرى وثيقة الصلة بنظرية "الانقسام هو السبب" ومقترنة بها وهى اكذوبة التمسك والدفاع عن الشرعية الفلسطينية والمطالبة بعودة غزة الى السلطة الفلسطينية:
· وهو ما تم طرحه بوضوح شديد فى مؤتمر اعمار غزة الذى استضافته القاهرة عام 2014 بعد العدوان الصهيونى على القطاع، والذى اوقع ما يزيد عن 2000 شهيدا، حيث تم الاتفاق والنص صراحة على ربط الاعمار باعادة غزة الى السلطة الفلسطينية.
· فى حين الغاية الحقيقية وراء التذرع بالشرعية والدفاع عنها، هى نزع سلاح غزة، واخضاع القطاع لترتيبات اوسلو، بحظر وتجريم اى مقاومة ضد قوات الاحتلال.
15) بالاضافة الى الاكذوبة الشهيرة الوقحة بان الفلسطينيين هم الذين اضاعوا كل الفرص حين رفضوا قرار التقسيم ثم رفضوا عرض السادات فى كامب ديفيد:
· ان الاوطان ليست سلعا يمكن ان تقام حولها مزادات دولية، لا تحصل فيها الشعوب الا على أنصبة تتناسب مع ميزان قوتها مع قوى العدوان والاستعمار؛ وعليهم أن يقبلوا بنصف أوطانهم أو ثلثها او ربعها او حتى خمسها كما هو الحال المنصوص عليه فى اتفاقيات اوسلو.
· وانما الاوطان ملكية مشتركة بين الاجيال المتتالية، لا يحق لجيل واحد ان يتنازل عن اى جزء منها، لانها ليس ملكه وحده.
· كما ان الذى رفض، عن حق، قرار التقسيم الصادر من الامم المتحدة عام 1947 هم الدول العربية مجتمعة وليس الفلسطينيين وحدهم.
· اما فى اتفاقيات كامب ديفيد، فلم يكن فيها للفلسطينيين سوى عرض صهيونى وقح بشكل من اشكال الحكم الذاتى للسكان مع بقاء الارض تحت الاحتلال الكامل لاسرائيل، ولم يكن الادعاء الكاذب للاعلام الرسمى المصرى حينذاك، الا للتغطية على الجريمة الكبرى التى ارتكبها السادات حين فرط فى حقوق لا يملكها واعترف لاسرائيل بحقها فى ارض فلسطين 1948 مقابل استرداد سيناء، التى عادت لمصر منتهكة السيادة مقيدة القوات والسلاح الا باذن (اسرائيل) كما تقدم.
· ثم ماذا حصدت م.ت.ف. حين استجابت لضغوطكم وقبلت ما عرضته عليها اسرائيل عام 1993 فى اوسلو؟
· لم تحصد حتى اليوم ورغم مرور ربع قرن على ذرة تراب واحدة، بل ان مزيد من الارض الفلسطينية يتم ابتلعها يوميا.
16) وأخيرا وليس آخرا بلغ بهم الفجر فى أكاذيبهم لتبرير الانسحاب من الصراع والمعركة ضد (اسرائيل)، ان قاموا بتزييف التاريخ والحقائق والثوابت والهوية، فنفوا عنا عروبتنا وادعوا اننا لسنا عربا من الاساس ولسنا جزءا من الامة العربية بل ادعوا انه لا يوجد أساسا ما يسمى بالامة العربية، وان ما يسمى بالفتح العربى الاسلامى على ايدى عمرو بن العاص لم يكن فتحا بل كان غزوا، وان بين المصريين واليهود علاقات تاريخية اقوى مما بيننا وبين العرب، او اننا و(اسرائيل) ننتمى الى شعوب البحر المتوسط، وانه علينا ان نقف على الحياد بين العرب و(اسرائيل) كما وقفت سويسرا على الحياد فى الحربين العالميتين الاولى والثانية...الخ، قالها توفيق الحكيم ولويس عوض وحسين فوزى وآخرين، وأكمل مسيرة التزييف والتضليل، خلفاؤهم من كتائب مثقفى السلطة وكهنة كامب ديفيد، الى ان بلغ الأمر باحدهم مؤخرا (يوسف زيدان) ان نفى وجود المسجد الاقصى فى فلسطين.
هذا بالاضافة بطبيعة الحال الى الكذب المستدام والخطاب الاعلامى الرسمى الزائف والتضليل اليومى للراى العام من المحيط الى الخليج فى كل شأن من شئون الأمة.