فلنحترس من زيارة أوجاع الماضي
د. محمد غاني/ المغرب
هناك تقنيات للتعامل مع الذكريات مهمة للغاية اذا تمعنا في فاعليتها في حياتنا اليومية، فرب شخص يعيش تعيسا، لا لأن حاضره بئيس، بل لمجرد انه عانى التعاسة يوما...، كما ان استحضار الذكريات ذات الحمولة الايجابية التحفيزية هوما ينبغي التنبه الى أهميته، هاته القطبية المتناقضة بين ذكريات ذات حمولة سلبية تصطحب لنا في حياتنا الحاضرة شعورا بالأسى والألم، رغم تجاوزنا للحظاته، وذكريات ذات طابع تحفيزي تقوي أملنا ورغبتنا في الحياة نظرا للعبرة والحكمة التي قد نستقيها من تلك الذكرى، فتتقوي هممنا للمضي قدما في طريق الحياة.
تقنية حكيمة ينصحنا بها الاديب جبران خليل جبران في صياغة مذهلة: «احترس من ذكرياتك، فالوجع يزورك مرة واحدة، ولكنك لا تتوقف عن زيارته»، هذا تكتيك اقل ما يمكن ان نصفه أنه مهم للهروب من الاحزان يقابله لتحقيق نفس الهدف «تقمص شخصية القدوة» فإن طالب النجاح في مجال ما لا بد له من تتبع طريق سابقيه في ذلكم الحقل العلمي المطلوب، حتى يتمكن منه تمكينا بليغا، فالذي يريد ان ينجح في تجارة ما، عليه مثلا ان يتقمص حال الناجحين تجاريا، لذلك عبر أحد الحكماء الصينيين عن هذا المعنى في ايماءة لطيفة قائلا: «إن الرجل الذي لا يعرف كيف يبتسم، لا ينبغي له ان يفتح متجرا».
يسبح العقل في بحر التفكير ولا بد لربان سفينته من التحكم في مجذافيه حتى لا يغرق بنا في متاهات أعماقه دون التسلح بتجهيزات السباحة العميقة من قنينات اوكسجين التفكير الى لباس النظارات الواقية من أضرار مياه التفكير على عيون البصيرة، فالعقول كما يرى تشارل ديكنز مثل الاجسام، غالبا ما تسوء حالتها جراء الراحة الزائدة»، ميكانيكا التفكير تزداد فاعليتها بالممارسة كما هو الحال بالنسبة لموتورات السيارات التي يشهد لها خبراء الميكانيكا بازدياد جودتها بارتفاع نسبة تشغيلها.
ليس المفكرون الاجانب فقط من شبهوا عالم الافكار بعالمنا الحسي، بل نجد من المفكرين العرب من انتبه لهذا الامر فنبه عليه: كالمفكر الرصين مالك بن نبي الذي يرى انه «من الطبيعي ان نتصور الخلل في عالم الاشخاص بكل سهولة، اما الخلل في عالم الافكار فمن الصعب كشفه»، ولذلك ينصح الاطباء الناس الذين يهدفون الى تحسين قدرات التذكر بالتمارين الرياضية لما لتدفق الدم في الدماغ من قدرة كبيرة على تحسين الذاكرة.
كما ان تمارين علوم الرياضيات مفيدة للغاية في تمديد عضلات الدماغ، ومن ثم لها الدور الكبير في ارتفاع القدرة على التحليل وتحسين المقدرة على التذكر والاستذكار، لكن هاته القدرة على التذكر وتحليل الذكريات ينبغي طبعا اجتماعها بعامل اهم في توجيه تركيز الدماغ على ما ينبغي تذكره وكيف ينبغي تحليله، ونقصد بطبيعة الحال عامل «القراءة»، حيث لا يخفى على احد ما لها من فاعلية كبرى في تحسين مستوى الذكاء الذي ما هو في النهاية الا معرفة كيفية استخدام مختلف التقنيات الحياتية في واقعنا اليومي