من هي نانسي بيلوسي التي طالبت بعزل الرئيس؟
الشخصية الثالثة في هرم السلطة في الولايات المتحدة باتت تُشكِّل تهديداً مباشراً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد أن أصرَّت على فتح تحقيقات قد تؤدي إلى عزله من منصبه.. مَن هي نانسي بيلوسي؟
أصبح هذا الاسم حديث وسائل الإعلام بعد إثارتها لمحاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتلاعب بنتائج الانتخابات القادمة، وذلك عن طريق تزوير حقائق حول منافسه المرتقب جو بايدن بمساعدة أوكرانية.
بيلوسي سياسية أمريكية شغلت منصب رئيس مجلس النواب في الولايات المتحدة منذ 3 يناير/كانون الثاني 2019، حيث حازت على غالبية أصوات المجلس (220 صوتاً من أصل 435).
حيث تولَّت رئاسة مجلس النواب مرتين، وهي الآن في فترتها السابعة عشرة كعضو في مجلس النواب.
عملت بيلوسي أيضاً رئيسة للأقلية الديمقراطية في مجلس النواب مرتين وزعيمة الديمقراطيين بمجلس النواب الأمريكي، وممثلة لولاية كاليفورنيا بالمجلس.
توليها تلك المناصب جعل البعض ينظرون إليها على أنها سياسية محنكة، ومواجهتها مع ترامب منحتها لقب "المرأة الحديدية".
نانسي بيلوسي واحدة من بين 126 عضواً ديموقراطياً في مجلس النواب صوَّتوا ضد استخدام القوة في العراق في عام 2002، إلا أنها عادت وصوَّتت لصالح تمويل الحرب بعد أن بدأت العمليات ودخلت القوات الأمريكية إلى العراق.
social media نانسي بيلوسي
نانسي بيلوسي لطالما تسبَّبت بالإزعاج للكثيرين
قضية ترامب ليست القضية الأولى التي تُسبِّب فيها بيلوسي إزعاجاً للقادة السياسيين، فلطالما كانت حاضرة في حروب الديمقراطيين والجمهوريين التي اتخذت من مجلس النواب ساحة لها.
فقد قادت قانون الرعاية الصحية الذي طرحه الرئيس السابق باراك أوباما في المجلس وكان لها دور في تمريره التاريخي الشائك في 2010.
وقد يكون هذا سبب اعتبارها من كثيرين مصدر إزعاج حقيقي في مجلس النواب.
كما تعرَّضت بيلوسي لهجمات من اليمين على مدى سنوات، فالمحافظون كانوا يصورونها على أنها زوجة المليونير المجسدة لنخبة اليسار.
وهي متهمة من قِبلهم بالسعي لزيادة الضرائب على العائلات المتوسطة ودعم تدفُّق المهاجرين غير الشرعيين.
مواجهات مع ترامب
قبل انتخاب نانسي رئيسة لمجلس النواب، كان ترامب يخشى بشدة وصولها إلى ذلك المنصب، حتى إنه توجَّه لأنصاره بالقول في أحد التجمعات في مينيسوتا: "أيمكنكم تصوُّر نانسي بيلوسي رئيسة لمجلس النواب؟"، وأضاف: "لا تفعلوا هذا بي! لا أتصور ذلك، ولا أنتم".
مع ذلك حصدت بيلوسي أصوات الأغلبية في مجلس النواب.
التحدي الأول بين نانسي بولسي وترامب منذ توليها لرئاسة مجلس النواب كان التصويت على قوانين مؤقتة للميزانية، تبعتها تحديات أخرى تمثلت بسعي بيلوسي والقيادة الديمقراطية لتعطيل الكثير مما جاء في أجندة ترامب الانتخابية من التخفيضات الضريبية إلى بناء جدار على الحدود مع المكسيك.
عزل ترامب.. أقوى النزالات بين بيلوسي والرئيس الأمريكي
أحد الأخطاء "الكثيرة" التي ارتكبها ترامب خلال فترة رئاسته هو حثّه نظيره الأوكراني على إجراء تحقيقٍ عن جو بايدن، الذي يُعتبر أكبر خصومه في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
استغل الديمقراطيون، وعلى رأسهم رئيسة مجلس النواب، هذه الحادثة لاتخاذ إجراءات قد تُفضي إلى عزل الرئيس الأمريكي، خاصة بعد أن علت الأصوات المنادية بسحب الثقة منه.
فقد قدم أحد العاملين الاستخبارات الأمريكية شكوى رسميةً تتضمن مكالمات هاتفية بين ترامب والرئيس الأوكراني؛ حيث ضغط ترامب على الأخير لأجل إجراء تحقيقٍ يتعلق بمزاعم قضايا فساد لنجل جو بايدن، هانتر بايدن، الذي خدم في مجلس إدارة إحدى شركات الطاقة الأوكرانية، مع العلم أنه لا توجد أي أدلة لتورط نجل بايدن بتلك القضايا.
هنا برز دور نانسي بيلوسي، ففي خطوة غير مسبوقة أعلنت رئيسة مجلس النواب في 24 سبتمبر/أيلول 2019، أن مجلس النواب الأمريكي سوف يبدأ تحقيقاً رسمياً لسحب الثقة من الرئيس.
وقد قالت أمام مجلس النواب: "لقد خالفَت أفعالُ الرئيس حتى يومنا هذا الدستورَ بصورة جدية. تجب محاسبة الرئيس. لا أحد فوق القانون".
مع العلم أن بيلوسي تجنبت لفترة طويلة ضغط أعضاء الحزب الديمقراطي لسحب الثقة من ترامب بسبب علاقاته مع روسيا.
لكن التفاصيل التي كُشفت بشأن أوكرانيا قد كثَّفت من الأصوات المنادية بسحب الثقة.
مع ذلك تعتبر تلك الخطوة أقوى نزالاتها مع ترامب الذي لم يتردد باتهامها بالخيانة، ووصف الإجراء الذي اتخذته بالانقلاب.
نانسي بيلوسي: كيف وصلت رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى القمة وحافظت على موقعها؟
تصدرت نانسي بيلوسي عناوين الأخبار من جديد بعد فوزها بولاية رابعة كرئيسة لمجلس النواب الأمريكي، فيما يمثل فصلاً جديداً في مسيرتها السياسية مع الديمقراطيين، وربما التحدي الأكبر بالنسبة لها حتى الآن.
ومع استعداد كامالا هاريس لتسلم مهام منصبها لتكون أول نائبة للرئيس في تاريخ البلاد، لن يصبح بوسع بيلوسي الاحتفاظ بعباءة المرأة الأقوى في السياسة الأمريكية.
غير أن السيدة البالغة من العمر 80 عاماً ستلعب دوراً حاسماً في تنفيذ أجندة الرئيس الجديد، الأمر الذي يعني أنه لا وقت للتفكير في خيبة أملها الشخصية بشأن نتائج انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني. إذ تتحمل بيلوسي مسؤولية تقلص أغلبية الديمقراطيين داخل مجلس النواب.
كما أن إعادة انتخابها رئيسة للمجلس جاءت بأغلبية ضئيلة فقط، عقب انشقاق عدد من زملائها الديمقراطيين.
لذا، يتعين أن تبرز بيلوسي خلال ولايتها الجديدة جميع صفاتها التي تمكنها من حشد أنصارها وإبعاد منتقديها على السواء
وفي هذا تبرز فطنتها التشريعية، وقدرتها على الحفاظ على وحدة الحزب حين يقتضي الامر، وحنكتها على المسرح السياسي (وسنتحدث بالتفصيل لاحقاً عن تصفيقها الساخر أمام ترامب).
نانسي بيلوسي رئيسة لمجلس النواب الأمريكي مرة أخرى
فريق بايدن الإعلامي كله من النساء
نشأت في عائلة سياسية
صور الجمهوريون بيلوسي على أنها "ليبرالية من سان فرانسيسكو" مفتونة بالحكومة الكبيرة، تقف في أقصي اليسار فيما يخص القضايا الاجتماعية.
لكن جذورها تنحدر من نهج سياسي أكثر عملية، على الجانب الآخر من القارة.
فقد ترعرعت في كنف عائلة سياسية، وكانت الإبنة الأصغر ضمن سبعة أبناء في مدينة بالتيمور الساحلية بولاية ميريلاند، حيث كان والدها عمدة.
وذهبت إلى الجامعة في واشنطن القريبة، وهناك التقت الخبير المالي بول بيلوسي وتزوجا.
وانتقلا في البداية إلى مانهاتن ثم سان فرانسيسكو حيث كانت بيلوسي ربة منزل. وفي غضون ست سنوات كان لها خمسة أطفال (أربع بنات وولد).
بداية لشيء كبير
وانخرطت في السياسة عام 1976، إذ ساعدت حاكم كاليفورنيا، جيري براون، في الفوز بالانتخابات التمهيدية خلال ترشحه لمنصب الرئيس، معتمدةً على صلاتها العائلية القديمة.
ثم تدرجت في صفوف الحزب الديمقراطي بالولاية، قبل أن تصبح رئيسة له، وتفوز بمقعد في الكونغرس عام 1988.
ومن ثم شقت طريقها داخل مجلس النواب. وبحكم تمثيلها لمدينة تضم مجتمعاً كبيراً من المثليين، أعطت أولوية لتمويل أبحاث مرض الإيدز.
عضوة الكونغرس نانسي بيلوسي تتابع الرئيس السابق بيل كلينتون أثناء توقيعه أمراً تنفيذياً عام 1993
وفي عام 2001، ترشحت لمنصب مُراقب نظام حزب الأقلية في مجلس النواب، والذي يعد ويسجل أصوات نواب الحزب ويأتي في المركز الثاني في قيادته داخل المجلس، وفازت بأغلبية ضئيلة.
وفي العام التالي صارت زعيمة الأقلية المعارضة داخل مجلس النواب.
الوصول إلى القمة
كانت بيلوسي واحدة من أبرز الأصوات المعارضة للغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
وقد تعزز هذا الموقف وحصد ثماره عام 2006 بفوز الديمقراطيين بالسيطرة على مجلس النواب للمرة الأولى منذ 12 عاما.
وحينها انتخبت بيلوسي من جانب حزبها رئيسة لمجلس النواب، لتصبح أول سيدة تتولى هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة.
وبعد أربع سنوات، فقد الديمقراطيون سيطرتهم على المجلس.
غير أن بيلوسي رغم الانتكاسة تغلبت على تحديات عدة، لتمسك بزمام الأمور من جديد مع صعود حزبها عام 2018.
ماهو دور رئيس مجلس النواب؟
يعد منصب رئيس مجلس النواب واحداً من مناصب الكونغرس المنصوص عليها في الدستور الأمريكي. ويحتل شاغله المركز الثاني في سلم الرئاسة، بعد نائب الرئيس.
ويعكس المكتب الضخم لرئيس مجلس النواب في مبنى الكابيتول هيبة المنصب، بشرفته الخاصة المطلة على نصب واشنطن التذكاري.
بيلوسي مع الرئيس السابق باراك اوباما عام 2014
ويتمتع حزب الأغلبية في مجلس النواب فعلياً بسيطرة غير مقيدة على العملية التشريعية.
إذ يحدد رئيس المجلس ونوابه ورؤساء اللجان مشروعات القوانين التي تتم دراستها والتصويت عليها. كما يقررون جدول الأعمال والقواعد الحاكمة للنقاش.
وفي حال استطاع رئيس مجلس النواب الاحتفاظ بأغلبيته بصورة متواصلة، يمكن للعملية التشريعية داخل المجلس أن تسير بسلاسة.
فما بين عامي 2009 و2001، أصدر مجلس النواب برئاسة بيلوسي حزمة إنقاذ بقيمة 840 مليار دولار في أعقاب الانهيار الاقتصادي عام 2008.
كما عملت بقوة من أجل تمرير قانون الرعاية ميسورة التكلفة -الذي صار المعركة الحاسمة لرئاسة باراك أوباما- داخل مجلس النواب وصولاً إلى مكتب الرئيس.
اللحظة الأهم لبيلوسي
واجهت بيلوسي ظروفاً مختلفة للغاية بعودتها لمقعد رئيس مجلس النواب عام 2018.
إذ كانت حينها موضع غضب الجمهوريين، الذين بدورهم رأوا فيها تمثيلاً للنخبة القادمة من الساحل تدفع باتجاه سياسات إنفاق كبيرة وراديكالية.
وخلال حملة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس عام 2018، أشار رئيس مجلس النواب -الجمهوري حينها - ديفيد برات إلى نانسي بيلوسي و"أجندتها الليبرالية" 21 مرة خلال مناظرة واحدة.
وقد أسفر ذلك عن نتائج سلبية بالنسبة له ولحزبه، إذ حقق الديمقراطيون فوزاً تاريخياً في مجلس النواب.
غير أنه في ذلك الوقت كانت أمامها عقبتان تتمثلان في الرئيس دونالد ترامب وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل. وبالتالي فإن أي مشروعات قوانين نجح حزبها في تمريرها داخل مجلس النواب لم تتقدم أكثر من ذلك.
نانسي بيلوسي: "لا أكره الرئيس ترامب...أدعو له كل يوم"
وفيما يخص لحظاتها الأكثر انتشاراً على الانترنت، فقد تجسدت في وسم تصفيق بيلوسي (
#PelosiClap) عن موقفها الساخر خلال خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه ترامب بعد شهر من توليها المنصب. وما زال المشهد يحظى بشعبية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي مشهد أكثر إثارة للجدل بعد 12 شهراً، مزقت بيلوسي كلمة ترامب أمام كاميرات التلفزيون. وفي وقت لاحق دافعت عن تصرفها -بعد اتهامها بالازدراء- واصفة كلماته بأنه "بيان مليء بالأخطاء".
بعد انتهاء ترامب من كلمته أمسكت بيلوسي نسخة من أوراق الخطاب ومزقتها أمام الكاميرات
مواجهة ترامب
في البداية ترددت بيلوسي في قيادة ثالث مساءلة لرئيس أمريكي.
لكن بعد تكشف المزيد عام 2019 بشأن تعاملات ترامب مع أوكرانيا، قالت إن الأمر يتضمن إساءة استخدام للسلطة لايمكن تجاهله.
وقد اُتهم ترامب بالضغط على أوكرانيا من أجل الحصول على معلومات تضر بمنافسه الديمقراطي جو بايدن واستخدام المساعدات العسكرية كأداة للضغط، غير أنه تمت تبرئته داخل مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون.
ماذا كان يفعل هانتر بايدن في أوكرانيا والصين؟
وقد كان بعض من أعضاء حزبها ممن طالبوا صراحة بإبعادها عام 2018 منبهرين بأدائها في مواجهة ترامب.
فإضافة إلى بعض التبادلات الكلامية المحمومة داخل المكتب البيضاوي، أحرزت بيلوسي بعض المكاسب التشريعية الكبرى على حسابه، في ملفات تخص تمويل بناء الجدار الحدودي مع المكسيك والإغلاق الحكومي.