حملة «العودة حقي وقراري»
أعلن الأسبوع الماضي من عمّان عن انطلاق حملة «العودة حقي وقراري»، والتي يتولى تنسيقها «مركز العودة الفلسطيني» من لندن، وبرعاية لجنة فلسطين النيابية في البرلمان الأردني وعدد من النقابات المهنية، هدف الحملة هو جمع مليون توقيع من اللاجئين الفلسطينيين، وعرضها على المنظمات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة.
والحال أن للحملة بعدها الرمزي أكثر من بعدها القانوني والعملي، ذلك أن كياناً لم يأبه لقرارات لا تحصى من هيئة الأمم المتحدة، ومن مجلس الأمن، ومن محكمة «لاهاي»، لن يأبه لأي إجراء أو بيان من أي طرف كان، ما دام محمياً من الولايات المتحدة.
على أن رمزية الحملة ليست بالأمر الهامشي بحال من الأحوال، فهي بجمعها لملايين التواقيع، وليس مليوناً واحداً، بمساعدة أبناء الشعب الفلسطيني في كل مكان، ستعيد التأكيد على أن قضية فلسطين التي هي في أصلها قضية احتلال وطن وتشريد شعب، لن تموت عبر «صفقة القرن» أو سواها، ليس فقط بوجود صامدين في الأراضي المحتلة، ولكن أيضاً بوجود لاجئين يتمسكون بوطنهم وحق العودة إليه، ويورّثون ذلك لأبنائهم جيلاً بعد جيل.
الأسبوع الماضي، كتب المحلل الصهيوني المعروف عاموس جلبوع في صحيفة «معاريف» يقول: «يجب أن نفهم أن موضوع «حق العودة» بالنسبة للفلسطيني ليس موضوع كلمات ورؤى، بل هو جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، من التعليم ومن الثقافة السياسية، إن حق الوجود للشعب الفلسطيني مستقبله وأمله متجذر في هذه الرواية العملية للعودة إلى بيوتهم».
من هنا، فإن المشاركة في الحملة من قبل كل اللاجئين الفلسطينيين، في الداخل الفلسطيني، وفي الشتات، هي أكثر من ضرورة، ويجب عدم التعاطي مع الموضوع بمنطقه الظاهري من حيث قدرته على تهديد الكيان.
إنه صراع تاريخي معقّد، وكل جهد يصبّ في تأكيد روايته الفلسطينية، في مواجهة رواية الغزاة هو عمل نبيل يجب عدم التردد في المشاركة فيه، لا سيما في هذه اللحظة الحساسة التي يعتقد فيها العدو أنه سيشطب فيها القضية من الذاكرة الإنسانية، بل ومن ذاكرة العرب قبل ذلك، وما هذا الاحتفاء اليومي من قبل نتنياهو بالتطبيع مع الدول العربية سوى محاولة لشطب القضية، حتى من دون توقيع.
لا شك أن المسار الأهم الذي يُعوَّل عليه في إحباط المؤامرة، وقلب الطاولة في وجه صنّاعها، وكل المتواطئين معها، يتمثل في الانتفاضة الشاملة في كل الأرض الفلسطينية، مع دعم من قبل الشتات وكل أبناء الأمة، وهو المسار الذي لا زالت قيادة العجز والجبن في رام الله تحول دونه، بما تملكه من أدوات، ومن خلال وقوف حركة فتح وراءها، لكن ذلك ليس قدراً بكل تأكيد، وسيجد شعبنا سبيلاً للتخلص من هؤلاء الذين يصرّون على تجريب المجرّب، ورفض خوض غمار المواجهة، مستمتعين بعيشهم الذليل في ظل الاحتلال.
لكن المشاركة في الحملة المذكورة «عنوان موقعها هو: myreturn.net»، ليست أمراً هامشياً كما أشرنا من قبل، بل هي جزء لا يتجزأ من حملة إسقاط «صفقة القرن» التي لا تعترف بوجود اللاجئين، وتعوّل على مشاريع التوطين.