إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واغتيال سليماني وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط
د.يوسف يونس
- الملخص –
• لقد ادى تغير السياسة الاميركيةفي المنطقة، وانشغال الروس بحماية مصالحهم الاستراتيجية ، الى اتساع مساحة الفراغ الجيوسياسي، الامر الذي مهد الى محاولات قوى اقليمية مختلفة لتوسيع نفوذها في تلك المنطقة، وعلى راسها ايران وتركيا، اللتان تتمتعان بالحضور الجيوسياسي القوي وتعتبران من المحاور الجيوبوليتيكية المهمة بفضل ما تمتلكانه من إمكانيات وطموح للعب دور إقليمي كبير.
• وجاء صعود النفوذ الإيراني في المنطقة، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، بدفعٍ من "لوبي إيراني" في الولايات المتحدة الامريكية ، اعتبر أنّه على الرغم من العداء الاستراتيجي بين أميركا وإيران، فإنّ السلوك الإيراني لا يشكّل خطراً حقيقياً مثلما هي حال “الأغلبية السنّية” المعادية للولايات المتحدة والغرب. وعزّز احتلال العراق نظرية التحالف الأميركي- الإيراني، وقامت الصفقة على مقايضة "الوجود الأميركي" بـ"الهيمنة الشيعية". وعزّزت الحرب على الإرهاب، بداية من العام 2015، التفاهمات الضمنية، غير الرسمية، الأميركية – الإيرانية، وتوجت بإبرام الاتفاق النووي عام (2015)، والذي كرس إيران قوّة إقليمية معترفا بها، وبدأت ايران في توسيع نفوذها في المنطقة.
• وأدى احتلال العراق 2003 والحروب الأهلية في سوريا والعراق واليمن، الى خلق "توازن مصالح" بين إيران والولايات المتحدة ، فبينما تعزز النفوذ الإقليمي الإيراني ، تعزز في المقابل التواجد العسكري والنفوذ، الأمريكي ، وجرى تثبيت توافق ضمني وفق خطوط حمراء اهم عناوينها: عدم المس بأمن إسرائيل ، وعدم الاستهداف المباشر للقواعد الامريكية في المنطقة والقبول بحروب محدودة بالوكالة ، خارج حدود ايران والولايات المتحدة.ومع وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، أعاد السياسة الأميركية إلى “الصفقة التقليدية” (التحالف مع الأنظمة العربية ومعاداة إيران)، وجاءت عملية اغتيال الجنرال سليماني لتؤشر الى انتهاء "التوافق الضمني" وبداية مرحلة جديدة في العلاقة بين الجانبين.
• وفي إطار استراتيجية "إعادة تفكيك وتركيب" المنطقة، باتت تتحرك القوى الدولية والإقليمية في مسارات متعارضة لاعادة تشكيل الوجه الجيوسياسي للمنطقة، من خلال تصعيد الاشتباك والصدام لفرض واقع ونفوذ جديد في تلك المنطقة التي ترسمها حدود النار بين القوى الكبرى - الولايات المتحدة وروسيا - وتتفاعل مع مجرياتها قوى إقليمية ، إضافة الى إسرائيل. وتعتبر منطقة شمال الشرق الأوسط، أكثر المناطق التي تشكل نواة النفوذ الإيراني، الذي يمتد إلى مناطق متعددة في الإقليم ليشمل: حزب الله في لبنان، الحوثيين في اليمن، النظام السوري، والحشد الشعبي وبعض القوى في العراق ، وحركات المقاومة الفلسطينية. وفي المقابل نجد التفاعل الحيوي الذي تقوده واشنطن في منطقة الخليج ، إضافة الى التفاعلات العسكرية شرق المتوسط حول موضوع الغاز التي تخوض فيه مجموعة من القوى الإقليمية مسارات ساخنة في هذا الاتجاه.
• وعززت إستمرارية الصراع بين القوى الإقليمية، دون مقدرة أيا منهم على حسم الصراع، من احتمالات الانتقال الى آليات "التحالفات المرنه" التي ستميز العلاقات بين الأطراف الفاعلة في المنطقة خلال الفترة المقبلة، نتيجة صعوبة سيطرة وهيمنة قوة إقليمية واحدة على الإقليم فى ظل صراعتها المتناحرة مع القوى الاقليمية الاخرى، ونتيجة لعدم توافر أغلب مقومات القوة فى دولة واحدة من جهة، ورفض القوى العظمى والكبرى بروز قوة إستراتيجية فى الشرق الأوسط تهيمن وتسيطر على الأوضاع داخل النسق الاقليمى الجديد من جهة أخرى، مما ينذر باستمرارية الصراع ولكن فى وجود تعاون بين القوى الاقليمية وتبادل الأدوار داخل الاقليم، وبروز تحالفات أكثر مرونه.
• وفق المؤشرات الاستراتيجية السابقة ، يمكن صياغة السيناريوهات المستقبلية التالية لاتجاهات الأوضاع في المنطقة في المرحلة المقبلة :
1. لا يرغب الطرفان الأمريكي والإيراني في الوصول الى المواجهة العسكرية الشاملة، ولذلك ستواصل الادارة الامريكية الامتناع عن ممارسة "ضغوط عسكرية قصوى" على ايران، وستكون القيادة الإيرانية حذرة في خطواتها لتجنب خيار الحرب الشاملة ،وسيقتصر الامر على "مناوشات ميدانية"، في اطار "حرب الاستنزاف". وستعمد إيران إلى تسريع برنامجها النووي، وسوف تستأنفتخصيب اليورانيوم إلى درجة 19.75 في المائة، وهي خطوة مهمة نحو تخصيب اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة النووية.
2. على الرغم من الحديث عن انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة وتقليل نفوذها، وفق تغييرات في الاستراتيجية الامريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، الا ان العديد من المؤشرات تؤكد ان الاستراتيجية الامريكية ستقوم على مبدأ "التحكم عن بعد" والاشراف على "إعادة رسم التحالفات" و "توزيع الأدوار" للأطراف الفاعلة في الإقليم ، بما يوسع هامش الحركة امام إسرائيل التي ستكون ضمن تحالف إقليمي جديد يفتح أبواب منطقة الخليج امامها، بحجة مواجهة التحديات التي تمثلها ايران ، ولذلك تم المبادرة الى طرح مشروع صفقة القرن بحجة تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، وفي حقيقة الامر فان هدفها هو إعادة رسم المشروع الاستراتيجي الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.
3. بينما تشهد المنطقة إعادة تصميم التحالفات وقواعد اللعبة بصورة جوهرية، سيجري الدفع بـ "صفقة القرن" التي سيكون عنوانها “السلام الإقليمي” القائم على تحالف أميركي – إسرائيلي – عربي في مواجهة النفوذ الإيراني ، حيث ستسعى إسرائيل لاستغلال الانسحاب الأمريكي من المنطقة لتصبح طرفاً أساسياً في إقامة تحالفات أمنية جديدة في المنطقة، تضم معها دولاً خليجية التي ستكون بحاجة ماسة الى التحالف مع إسرائيل في مواجهة الخطر الإيراني المتصاعد في المنطقة والذي سيتعزز بتسريع ايران مشروعها النووي، وستعتبر بمثابة الخطر الداهم على إسرائيل ودول الخليج والذي يتطلب التعاون بين الجانبين لمواجهته. ومسارات التحول في مفهوم التطبيع مع إسرائيل وخلق بيئة مناسبة لدمجها في المنطقة، بحيث تقوم تل أبيب من خلالها بتفعيل الصورة التي تبني عليها محور مواجهة إيران وشطب نفوذها في المنطقة. حيث تربط الولايات المتحدة مفهوم القوة وسد الفراغ في إطار الهدف المشترك وهو احتواء النفوذ الإيراني في المنطقة بين السعودية وإسرائيل، على قاعدة أن "إسرائيل تملك القوة العسكرية والاستخباراتية، بينما تملك السعودية المال والقوة الناعمة والكثير من النفوذ في المنطقة.
4. بينما يتوقع ان تشهد المنطقة تغييرات في التحالفات القائمة وفق استراتيجية "التحالفات المرنة"، والتي ستفرضها تطورات الأوضاع وتعقيداتها ، الا انه وفي المقابل من المتوقع ان يؤدي صراع المحاور والنفوذ الى المزيد من التوتر وإعادة اخراج الكثير من أدوات العنف والإرهاب للتأثير على الأطراف المختلفة وخاصة في العراق : (أمريكا - ايران) ، ليبيا : (تركيا – مصر – أوروبا – روسيا)، وفي منطقة الخليج : (أمريكا - السعودية – ايران – اليمن – الامارات).
5. فلسطينيا ، على الرغم من الهوامش الواسعة التي تسعى إسرائيل للاستحواذ عليها في اطار خريطة التحالفات الجيوسياسية الجديدة في المنطقة وفق تصورات الإدارة الامريكية ، والتي ستكون بالطبع على حساب الشعب الفلسطيني ، الا ان التطورات الإقليمية ستدفع باتجاه محورية هذا الدور الفلسطيني ، فكافة التحالفات التي يجري إعادة صياغتها في المنطقة لا يمكن ان تتجاوز الطرف الفلسطيني وهو الامر الذي يتطلب براعة في التعامل مع مجريات الأوضاع وتحركات على كافة الأصعدة.
6. ووفق التقديرات فان قطاع غزة او الجبهة الجنوبية مقبلة على تطورات درامية في المرحلة المقبلة ، خاصة انه تشكل محورا هاما من محاور صفقة القرن الامريكية والتي تطرقت بصورة واضحة لمستقبل قطاع غزة وخاصة لجهة سلاح التنظيمات .. وتشير التطورات الميدانية الى ان هناك قراءة خطيرة من جانب تنظيمات فلسطينية لتطورات الاحداث ، سيتبعها اندفاعات عسكرية في اتجاه قطاع غزة .. خاصة في ضوء التصعيد المتواصل لعمليات الاحتكاك الخشن واطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية.
-
التاريخ : 14-2-2020م
إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
اغتيال سليماني وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط
بقلم الدكتور يوسف يونس – نائب رئيس مركز الناطور للدراسات
المقدمة :
تحظى منطقة الشرق الأوسط بأهمية قصوى على الصعيد الدولي، وتمر حاليا بحالة من عدم الاستقرار، في ظل الصراعات الحادة والعنيفة وفقدان أية آفاق للحلول السياسية لأزمات المنطقة، التي تتشابك فيها علاقات أطرافها الداخلية مع الأطراف الإقليمية والدولية، وتتغير أنماط التحالفات والخريطة الجيواسترايتجية. مع احتدام وتداخل الصراعات بين قوى عظمى وإقليمية، وعلى رأسها المواجهة الأميركية- الإيرانية ، التي تفاقمت مؤخراً، ناهيك عن قيام روسيا وتركيا وإسرائيل، إضافةً إيران بلعب أدوار مختلفة في المنطقة. وقد أدى كل ذلك إلى تقويض سيادة دول وتفتيت كياناتها وإضعاف حكوماتها. وعدا عن الآثار السلبية التي تُخلّفها هذه الصراعات والحروب على هذه الدول والمنطقة ، فإن لها أيضاً أبعادها وآثارها على الصعيد الدولي، بما في ذلك ما تُنبئ عنه من تحولات جارية على النظام الدولي الأحادي القطبية القائم حالياً.
ولقد مهد صراع المحاور الجيوبولتيكية فى مواجهة القوى الدولية، الى ان يصبح النسق الشرق أوسطى "فوضويا" ، واصبحت منطقة الشرق الأوسط تشهد نهجا تدميريا ، بفضل استراتيجية "إعادة الفك والتركيب" التي اعتمدتها الإدارة الامريكية والتي تستهدف إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة وتوزيع مناطق النفوذ في المنطقة، التي تحولت إلى ساحة صراع دولية وإقليمية.
ووضعت حالة عدم الاستقرار وتبدل قواعد اللعبة قيودا على الدور الأمريكي في المنطقة ، الذي اصبح أقل تأثيرا في توجيه مساراتها العسكرية أو تسويتها السياسية، خاصة في المرحلة التي تسعى إدارة الرئيس ترامب الى إعادة صياغة استراتيجيتها في المنطقة ، والتي تتمحور حول تقليص تدخلها المباشر وإعادة بناء تحالفات مع الأطراف الفاعلة في الإقليم. وهو أمر يواجه أيضا تحديات عديدة، في ظل تعارض المواقف والمصالح بين هذه الدول في الكثير من تلك الأزمات، مما سوف يحد من خياراته بشأن الشرق الأوسط.
ولقد جاءت عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني في اطار توجهات إدارة الرئيس ترامب، لتغيير «قواعد الاشتباك»، واعتماد استراتيجية الضغط العسكري بدلا من دبلوماسية «الضغط الأقصى» القائمة على سلاح الخنق الاقتصادي، والتي لم تثبت جدواها ، و«سياسة الصبر الاستراتيجي» المعتمدة منذ زمن أوباما. كما جاءت هذه الخطوة بهدف اعادة صياغة التحالفات الإقليمية بما يسمح للولايات المتحدة بالانسحاب من المنطقة مع استمرار نفوذهاوفق استراتيجية "التحكم عن بعد"، والتي ستمنح إسرائيل هامشا أوسع من الحركة في منطقة الشرق الأوسط ، في مقابل الثمن الهائل الذي حصلت عليه إسرائيل والذي عنوانه "صفقة القرن"، لنجد ان التزامن بات واضحا بين كلا الخطوتين ، على عكس التقديرات التي اعتبرت ان كلا الامران يرتبطان بحسابات داخلية وهو الامر الذي سنحاول دراسته في تقريرنا التالي.
كما سنحاول دراسة العملية الامريكية الاستراتيجية المتمثلة في اغتيال الجنرال قاسم سليماني والردود المحتملة ومحددات الأطراف المختلفة وصولا الى التأثيرات المتوقعة لتلك العملية على الأطراف الرئيسية الفاعلة في المنطقة وصولا الى السيناريوهات المستقبلية والرؤية الاستراتيجية لمستقبل الأوضاع في المنطقة في ضوء تلك التوجهات الامريكية.
التأثيرات المحتملة لاغتيال الجنرال "قاسم سليماني":
شغل الجنرال “قاسم سليماني” منصب قائد “فيلق القدس” القوة الأبرز في الحرس الثوري الإيراني، وكان مقربا من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية “علي خامنئي”، وأحد أهم أعمدة النظام الإيراني، والممثل الرئيسي والمخطط للسياسة الأمنية الإيرانية على المستوى الإقليمي، والمشرف على المشروع الاستراتيجي لمد النفوذ الإيراني إلى البحر المتوسط. وكان حلقة الوصل الأساسية بين إيران وحلفائها ووكلائها في دول الإقليم، وكان ممسكا بخيوط لعبة القوى الإقليمية المتغيرة، كان يعتبر بمثابة محور تصدير الثورة الإيرانية الى دول الشرق الأوسط ، وأنشأ لهذا الغرض الفروع الإيرانية في سوريا والعراق ولبنان واليمن وفلسطين، وقاد حملة تسليح وتدريب الميليشيات الشيعية في العراق وأصبح الممول الرئيسي للنفوذ السياسي الإيراني في العراق، وعلى الأخص من خلال جهوده لمحاربة تنظيم “داعش”.
وكان أحد المشاريع المهمة التي قام بها هو تأسيس المنظومة العسكرية الإيرانية في سوريا ، كما قاد سياسات إيران لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، بما في ذلك عن طريق نشر ما يقدر بنحو 50.000 من مقاتلي الميليشيات الشيعية في سورية ، بالإضافة إلى وحدات قوة القدس من الحرس الثوري. وأنشأ الجسر البري الكبير بين العراق وسوريا. وكان هو رجل الارتباط في علاقة إيران بحزب الله في لبنان؛ حيث ساعد على تزويد الحزب بالقذائف والصواريخ المتطورة وساهم في تطوير القدرات العسكرية للحزب بصورة كبيرة جدا. كما قاد تسليح الحوثيين في اليمن وفق خطوط استراتيجية تستهدف تطويق السعودية والسيطرة على المضائق البحرية الاستراتيجية في المنطقة وخاصة باب المندب على البحر الأحمر ومضيق هرمز على الخليج العربي ( ).
زيارات قاسم سليماني المتكررة الى جبهات القتال والمغطاة اعلاميا عززت مكانته في اوساط جنوده، الا ان تحركاته العلنية والمكشوفة ، اظهرت ثقة زائدة بالنفس ، جعلته يستخف بقواعد الأمان الاساسية. ولم يكن ذلك هو الخطأ الوحيد فالاهم كان الخطأ الاستراتيجي والذي تمثل في تجاوز قواعد اللعبة في العراق، فقد سمحت له الولايات المتحدة العمل في العراق وسورية لخدمة مصالح مشتركة ، الا ان خطواته الأخيرة واقترابه من المصالح الامريكية، خاصة استهداف ميليشيا “الحشد الشعبي” قاعدة عسكرية أمريكية في كركوك شمال العراق، بعشرات القذائف، ومحاولة اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد، ما جعلالإدارة الامريكية تعتبر ذلك تجاوزا للخطوط الحمراء ومعادلة التوازن المتفق عليها مسبقا ( ).
وجاءت عملية اغتيال الجنرال سليماني لتنهي سياسة "حافة الهاوية" التى طالما نجحت إيران والولايات المتحدة الأمريكية فى إدارتها خلال عقود.واصبح من المتوقع ان تحدث هزة في الشرق الأوسط ، جراء تأثيرات الحدث الذي سيسجل باعتباره خطوة نوعية وتجاوزاللخطوط الحمراء. لينتقل الصراع بين إيران واميركا الى مرحلة جديدة، وسنتعكس تأثيراتهعلى مجمل الأوضاع في الشرق الأوسط ، والتي يمكن استعراضها على النحو التالي :
1 - فلسطين :
حاولت إسرائيل الزج بالفصائل الفلسطينية في أية ردود انتقامية محتملة ردا على اغتيال الجنرال سليماني وخاصة حماس والجهاد الإسلامي ، حيث صرح العديد من المسؤولين الإسرائيليين ان حركة حماس قد تتدخل في أيّ مواجهة قادمة، قد تندلع بين إسرائيل وإيران، كون الأخيرة لا تمنح دعماً بلا مقابل"، واستندت تلك التقديرات الإسرائيلية الى تصريحات نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني العميد علي فدوي، التي قال فيها: "إن الثأر لسليماني من أميركا ليس منوطاً بإيران فقط بل بكل محور المقاومة”.
وتزامنت عملية اغتيال الجنرال سليماني مع عمليات مشابهة استهدفت عناصر أساسية في محور المقاومة واهمها اغتيال بهاء أبو العطا احد القادة البارزين في سرايا القدس في قطاع غزة ومحاولة اغتيال اكرم العجوري المسؤول العسكري لحركة الجهاد الإسلامي والمقيم في دمشق إضافة الى محاولة اغتيال احد قادة حزب الله اللبناني بطائرات مسيرة مفخخة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وفرض هذا التسلسل العملياتي ، ضرورة الربط بين الاحداث ، مما يدفعنا الى الاستنتاج ان هناك تنسيق كامل بين الولايات المتحدة وإسرائيل لتحجيم الفصائل المتحالفة مع ايران في المنطقة والتي تشكل الذراع الضارب وفق سياساتها الإقليمية والفاعلة في اطار تمدد نفوذها الإقليمي في المنطقة. خاصة و انه هذا التنسيق قد جاء استباقا لاعلان "صفقة القرن"، التي منحت إسرائيل تفويضا للاستيلاء على ما تبقى من فلسطين التاريخية وفق المخططات الاستراتيجية الإسرائيلية.
ووفق التقديرات فان قطاع غزة او الجبهة الجنوبية مقبلة على تطورات درامية في المرحلة المقبلة ، خاصة انها تشكل محورا هاما من محاور صفقة القرن الامريكية والتي تطرقت بصورة واضحة لمستقبل قطاع غزة وخاصة لجهة سلاح التنظيمات .. وتشير التطورات الميدانية الى ان هناك قراءة خطيرة من جانب التنظيمات الفلسطينية لتطورات الاحداث وللربط اللازم والضروري لحادثة اغتيال قاسم سليماني وإعلان صفقة القرن والتي سيتبعها اندفاعات عسكرية في اتجاه قطاع غزة .. خاصة في ضوء التصعيد المتواصل لعمليات الاحتكاك الخشن واطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية.
2 –إسرائيل :
حوّلت إسرائيل في الأعوام العشرة الأخيرة اهتمامها الاستراتيجي إلى الجبهة الشماليّة والصراع مع إيران ، على حساب الملف الفلسطينيّ، ووضعت الجنرال سليماني على رأس قائمة أعداء إسرائيل، باعتباره المسؤول عن التوسّع الإيرانيّ في المنطقة، وفق إستراتيجيّة إحاطة إسرائيل بحلقة من التنظيمات الموالية لإيران، إضافة الى مسؤوليته عن تطوير مشروع الصواريخ الدقيقة لدى “حزب الله” اللبنانيّ، ودعم وتطوير قدرات حلفاء إيران في المنطقة بطائرات مسيّرة وصواريخ دقيقة، والمسؤولية عن عمليّة تفجير السفارة الإسرائيليّة في الأرجنتين عام 1992، وتفجير حافلة في مدينة بورغاس في بلغاريا عام 2012( ).
ووضعت إسرائيل عدة أهداف استراتيجية في إطار صراعها مع إيران، أهمها منع إيران من امتلاك سلاح نووي ومنع تموضعها العسكري في سورية، إضافة الى إجهاض محاولاتها تسليح المنظمات الفلسطينية وحزب الله بسلاح نوعي "كاسر للتوازن". واستطاعت إسرائيل خلق ادواتها لتنفيذ تلك الاستراتيجية من خلال الهجمات المتكررة على القواعد الإيرانية في سورية، ضمن توافق روسي- إسرائيلي، إضافة الى الضغط الاقتصادي على إيران، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وإضعافها إقليميا في باقي الساحات ( ).
وعلى الرغم من أن اغتيال الجنرال سليماني قد جاء متوافقا مع المصلحة الإسرائيلية ، الا ان التقديرات الإسرائيلية تتخوف من أن الولايات المتحدة قد تتخذ خطوات أحادية فيما يتعلق بالشرق الأوسط، مثل انسحاب القوات الأمريكية من العراق؛ وهو ما سيضع إسرائيل بمفردها في مواجهة التحديات الإقليمية، ذلك أن الالتزام الأمريكي بحماية «إسرائيل» وأمنها سيضعف كثيراً مع غياب الجنود الأمريكيين المنطقة، وهو ما يتطلب إعادة حسابات حرية الحركة «الإسرائيلية». خاصة ان إسرائيل كانت قد شنت خلال السنوات الأخيرة مئات الهجمات في سورية، مستفيدة من الحضور الأميركي في المنطقة والذي وفرا لها غطاء سياسيا واستراتيجيا.
وبينما تستبعد التقديرات الاستخبارية الإسرائيليةحدوث تغييرا كبيرا في سياسة ترامب في الشرق الأوسط، التي ستظل محكومة بالمصالح الأميركية فقط، وسيواصل الإيرانيون تركيز عملياتهم الانتقامية على القواعد العسكرية الامريكية ، وليس على إسرائيل، الا ان القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل تتحسب لاحتمالات تغيرتلك الاحتمالات ، حيث ستضطر إلى استئناف جهودها لمواجهة النشاطات الإيرانية في سورية، وإحباط عمليات تهريب الأسلحة لحساب حزب الله ، وخاصة الصواريخ الدقيقة ، وهو الامر الذي قد يؤدي الى حدوث تغييرات في المعادلة الاقليمية ( ).
التوازن العسكري بين ايران وإسرائيل
ويتوقع ان يتم اتخاذ قرارات مهمة فيما يتعلق بسياسة إسرائيل تجاه التموضع الإيراني في سورية وحزب الله، فقط بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، حيث ستكون إسرائيل مطالبة، باستثمار موارد كثيرة في تحليل المعلومات الاستخبارية حول إيران، ومتابعة البرنامج النووي، حيث سيكون هناك تغيير جوهري في الوضع، وبما يتلاءم مع ذلك فإن سلم أولويات الجيش الإسرائيلي قد يتغير في كل ما يتعلق بعمل الاستخبارات والتدريبات وبناء القوة في سلاحي البرية والجو" ( ).
ولذلك يمكن القول انه وبينما جاءت الخطوة الامريكية بازاحة الجنرال سليماني من المشهد ، لافساح المجال امام إسرائيل لتركيز عملها لمواجهة ايران وحلفائها في سورية ولبنان ، الا انه وفي المقابل فرض على «إسرائيل» معادلة حذرة وخطرة، حيث تشير التقديرات ان إيران وحلفاءها اصبحوا على استعداد للرد حتى على أي محاولة إسرائيلية لجس النبض، سواء كانت عبر طائرات حربية مقاتلة أو طائرات مُسيّرة أو من خلال قصف صاروخي، ما يعني أن «إسرائيل» ستبقي على جاهزية قواتها، خصوصاً في الشمال، ربما لفترة طويلة، وعندها قد تكون «إسرائيل» أمام خيارين: إما التخلي عن استراتيجيتها السابقة في ضرب التموضعات الإيرانية، وهو ما سيعد فشلاً ذريعاً لها، أو المغامرة بإشعال حرب جديدة في المنطقة يصعب التكهن بنتائجها( ) .
3 - العراق :
نظرا لان العراق هو المسرح الذي وقعت فيه الضربة الأميركية ضد قاسم سليمان وأبو مهدي المهندس، احد رموز المشروع الشيعي في العراق، فسوف تتسبب الخطوة الأمريكية في إذكاء الصراع مع إيران على الأراضي وفي ضوء تهديدات الميليشيات الشيعية الموالية لإيران بتحويل العراق إلى “فيتنام رقم 2”، فانه على الولايات المتحدة أن تتوقع الدخول في صراع مباشر مع الميليشيات الشيعية في العراقوالتي ستستهدف القوات والمصالح الامريكية، خاصة وان أحد أهداف إيران هو اقتلاع الوجود الأمريكي بالكامل من العراق من خلال تكثيف الهجمات على أساس أنها “قوة احتلال”. ومن الجدير بالذكر فانه يوجد في العراق حوالي 6000 جندي أمريكي وفقًا لاتفاقية أمنية بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية هدفها الأساسي هو محاربة داعش ( ).
وبينما شكلت عملية الاغتيال انتهاكاً للسيادة العراقية ، فانه عرضت المسؤولين العراقيين لضغوط سياسية هائلة لإخراج القوات الأميركية، وتصاعدت أصوات القوى الشيعية العراقية المطالبة برحيل الأميركان. وعرض على البرلمان العراقي في 5-1-2020م مشروع قانون اخراج القوات الأميركية من العراق وهددت كتائب حزب الله الكتل البرلمانية التي تعارض هذا القانون بمنعها من دخول بغداد ( ). وسوف تغذي المساعي التي يشهدها البرلمان العراقي لإعادة تقييم تعاون العراق الأمني مع الولايات المتحدة، كما ستتعقد جهود قوات الأمن العراقية لمواصلة العمل مع واشنطن ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”. واذا نجحت ايران في تمرير هذه الخطوة فانه تكون قد استطاعت تحقيق إنجازا هاما في معركة التأثير في العراق، عبر التصويت الديمقراطي، وستكون لهذه الخطوة أبعادا خطيرة على المصالح الأمريكية الاستراتيجية، التي يمكن اعتبار أنها فقدت العراق لصالح إيران، وبذلك أصبح "الهلال الشيعي"، الممتد من إيران عبر العراق وإلى الشرق والبحر المتوسط ، حقيقة واقعة تخدم المصالح الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة ( ).
وبينما كان ترامب يحاول أن يرسم خطاً رفيعاً للعلاقات مع الحكومة العراقية والأجنحة داخل الحكومة والأجهزة الأمنية المرتبطة بسليماني مباشرة، أي محاولة كسر سلسلة هرمية تعتقد واشنطن أن سليماني نجح في تثبيتها، الا ان الارتدادات جراء الاغتيال في القريب لن تكون في صالح الولايات المتحدة، إذ نجحت ايران في إعادة التحشيد ضد الولايات المتحدة، لأن عملية ترامب أضرت بمشروعية الاحتجاجات الشعبية ضد النخب الحاكمة في العراق، وسهلت وصم المتظاهرين باتهامات تضعهم في سياق المشروع الأميركي. وأصبحت الانتفاضة العراقية، والتي كانت قد بدأت تحقق مكتسبات محددة ابتداء من استقالة الحكومة والهيئة العليا للانتخابات وتغيير قانون الانتخابات وربما تغييرات دستورية، يبدو انها ستتراجع أمام تطورات الاحداث وضغوط المواجهة.
4 –سورية:
نجح الجنرال سليماني في توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة، واستطاع المحافظة على نظام بشار الأسد في سورية باعتبارها “منطقة عازلة وخط الدفاع الأول لحماية إيران، مقابل إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة، أهمها : قاعدة في مطار دمشق الدولي (تعمل كمحطة لنقل المقاتلين والأسلحة من إيران إلى سورية ولبنان)، قاعدة في مطار “ تي 4 “ في منطقة حمص ، وجود عسكري إيراني في مطار حماة، ووجود عسكري إيراني بالقرب من دمشق. كما نشرت إيران عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة العراقيين في سورية ، غادر جزء كبير منهم سورية بعد وصول القوات الروسية. وركز قاسم سليماني على إنشاء الجسر الكبير في منطقة القائم البوكمال على الحدود السورية العراقية، بهدف نقل الأسلحة والصواريخ الدقيقة إلى سورية وحزب الله في لبنان. ويعتبر هذا الجسر البري الكبير هو أحد الإنجازات الإستراتيجية التي حققها قاسم سليماني.
وتشير التطورات الميدانية ان الأمريكيين سيعملون على تحييد الساحة السورية عن العمليات الانتقامية الإيرانية، خاصة وان الساحة السورية تم اعتبارها ملفا خاصا لإسرائيل، التي تواصل عملياتها لاستهداف التواجد الإيراني ( ). وعلى الرغم من تزايد احتمالات ان تصبح القوات الامريكية المحدودة في سورية ، هدفا للعمليات الانتقامية الإيرانية ، بسبب تواجد تلك القوات بالقرب من الميليشيات المتحالفة مع إيران، خاصة وان الوجود الأمريكي في هذه المنطقة، بات يشهد عمليات «تعرض خشن» في الآونة الأخيرة، ومن المرجح أن تتواصل هذه العمليات التي ستنفذها المليشيات الشيعية بصورة منهجيةومستمرة، وصولا الى انهاء الوجود الأمريكي تماما.
وترجح التقديرات ان تعتمد ايران على "سياسة الكبح"، والتي تهدف الى منع روسيا وتركيا من قضم معاقل نفوذها في سوريا ، ومواصلة الاحتفاظ بقدراتها وقواعدها العسكرية ، التي نجح الجنرال سليماني في تأسيسها، وذلك على الرغم من أن الدور الروسي استطاع ابعاد ايران عن تحقيق مكاسب اقتصادية في سورية ، وسيعمل جاهدا أيضا على الحيلولة دون تحول سوريا الى ساحة حرب شاملة بين ايران وإسرائيل ( ). وتتخوف ايران من احتمالات استغلال إسرائيل الفراغ الناشئ عن اغتيال سليماني والمعادلة القائمة بين ايران والولايات المتحدة في سورية ، لتكثيف الهجمات العسكرية ضد الأهداف الإيرانية بهدف تعطيل المشروع الإيراني وتدمير ما تم إنجازه خلال السنوات الماضية وتقويض المنظومة العسكرية الإيرانية في سوريا ( ).
خريطة النفوذ الإيراني في سورية
خريطة خطوط الامداد الإيرانية الى لبنان وسورية
5 –لبنان :
في اعقاب مقتل الجنرال سليماني ساد قلق في أوساط اللبنانيين من احتمالات قيام حزب الله بالمشاركة في الرد الانتقامي ضد إسرائيل، على الرغم من تشديد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أن إيران هي التي ستتولى الرد. الا ان قواعد اللعبة الاقليمية لمحور المقاومة بقيادة ايران تضمن عدة أهداف أهمها المس بالاهداف العسكرية الامريكية في الشرق الأوسط بهدف اخراج القوات الامريكية ( ). وهو ما فاقم التخوفات من احتمالات أن تتعرض أهداف أميركية في المنطقة إلى هجمات على يد وكلاء إيران في المنطقة، وفي طليعتهم حزب الله في لبنان( ). وهو ما سيربط المستقبل في لبنان بتطوّرات الوضع الإقليمي ومخاطر الصراع الأمريكي الإيراني في المنطقة واحتمالات تورط حزب الله اللبنانيبالاستجابة لطلبات إيرانية وأن يقوم بمهاجمة أهداف أميركية في لبنان او شن هجمات صاروخية على الأراضي الإسرائيلية ( ).
حزب الله يبدو غير معني بالتصعيد لاعتبارات اقتصادية، سياسة وامنية. فمن ناحية اقتصادية، يوجد الحزب في وضع صعب، والمواجهة مع اسرائيل من شأنها أن تؤدي به الى الافلاس. من ناحية سياسية، توجد أزمة حكم في لبنان وحزب الله يفضل تركيز الجهود على اعادة الاستقرار السياسي الى لبنان. ومن الناحية الامنية، مثلما اوضحت محافل رفيعة المستوى في اسرائيل، فانه في المواجهة التالية لن يتعرض حزب الله وحده للضرب بل الدولة اللبنانية نفسها ايضا. وحزب الله يخشى من المبادرة الى خطوة من شأنها ان تؤدي الى دمار شديد للبنان,
ولذلك من غير المرجح، أن تكون لبنان، ميدان لتصفية الحسابات، بالنظر للظروف الخاصة التي يعيشها حزب الله في مواجهة الازمة الداخلية اللبنانية، والتي تشكل عائقا هاما امام إمكانية دخول حزب الله في مغامرة غير محسوبة العواقب سواء باتجاه إسرائيل او المصالح الامريكية في المنطقة.( ) .
وسيحاول حزب الله استغلال التصعيد الإقليمي الناجم عن اغتيال الجنرال سليماني والتوتر الذي تشهده المنطقة والتخوفات سالفة الذكر وذلك لاحتواء التوترات الداخلية في الساحة اللبنانية والاحتجاجات الشعبية التي هددت الاستقرار السياسي الذي أسسه الحزب على مدى السنوات الماضية والذي سيطر من خلاله على كافة مقاليد الأمور في الدولة اللبنانية.
المليشيات الشيعية الداعمة للمشروع الإيراني في المنطقة
6 - منطقة الخليج :
التصعيد الإيراني – الأمريكي من شأنه ان يعيد إلى الواجهة خطر تعطيل إمدادات النفط العالمية خاصة في مضيق هرمز، الطريق الوحيد لنقل النفط من الخليج إلى العالم،حيث يوجد حوالي 80٪ من النفط الخام الذي تتعامل معه في آسيا، ولا يمكن للاقتصاد العالمي أن يعمل بدون تلك الإمدادات. والسوابق الماضية تشير إلى نوعية الخطر المحدق بهذا الممر الهام، ففي العام الماضي، أسفرت الهجمات على سفينتين- إحداهما تحمل نفطًا، والأخرى تنقل شحنة من المواد الكيميائية – في خليج عمان عن زيادة مؤقتة في أسعار النفط. وعقب اغتيال سليماني قفزت أسعار النفط بواقع 4%، وتراجعت أسعار الأسهم؛ مما يزيد من التوترات الجيوسياسية في منطقة تسهم بنسبة 25% من نفط العالم، ويهدد بتعطيل إمدادات الطاقة العالمية.ويؤشر استمرار التوتر بين الولايات المتحدة وايران الى احتمالات قيام إيران بتوجيه انتقامها في اتجاه احد الاحتمالات التالية في منطقة الخليج :
1. استهداف حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج، ومن الجدير بالذكر فقد هاجمت إيران منشأتي “بقيق” و”خريص” لمعالجة النفط في السعودية في شهر أيلول / سبتمبر من العام الماضي ، وذلك بفضل قدرات عسكرية وتكنولوجية متطورة تمتلكها إيران( ). الا ان التقديرات القائمة تستبعد أن تقوم ايران باللجوء الى هذا الاحتمال بصورة مباشرة نظرا للتداعايات المحتملة للانتقال الى مرحلة التصعيد المفتوح في المنطقة وهو الخيار الذي لا ترغب فيه ايران في المرحلة الحالية .
2. اليمن، مرشح للتصعيد، في ظل المناخات التصعيدية ، ويمكن لإيران أن تدفع الحوثيين لشن هجمات انتقامية ضد السعودية ، على الرغم من أن إيران لا تسيطر بشكل مباشر على هذه المجموعة. ويحافظ الحوثيون على ترسانة قوية من الطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى صواريخ باليستية وصواريخ كروز، وكانوا قد استخدموها لشن هجمات في اليمن والسعودية والمياه المحيطة باليمن مثل مضيق باب المندب.
3. تنفيذ هجمات ضد الوجود البحري الأمريكي في الخليج بالرغم انه وخلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، ترددت إيران في استخدام قواتها البحرية لمضايقة السفن الأمريكية في الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عُمان، على الرغم من استراتيجيتها العدوانية لمواجهة ضغوط العقوبات الأمريكية. الا ان تطورات الأوضاع قد تؤشر الى احتمالات تغير هذا الثابت ، وأشارت معلومات الشهر الماضي عن قيام سفن البحرية الإيرانية بمضايقة حاملة الطائرات الهجومية “يو إس إس أبراهام لينكولن” أثناء انتشارها في الخليج العربي. وبات من المرجح أن تستأنف إيران مضايقاتها لسفن الشحن التجارية في الخليج، وقد تطلق تدريبات عسكرية لتعطيل عمليات الشحن مؤقتًا.
..... يتبع