نواف الزرو: لماذا تتعطل المواثيق والقوانين الدولية امام اسرائيل”؟!
نواف الزرو
هل ينطوي قرار الجنائية الدولية الجمعة/2021-2-5 بإمكانية فتح تحقيقات بجرائم حرب اسرائيلية في الضفة والقدس وغزة حقا على تداعيات مهمة جدا تتعلق بامكانية محاكمة مجرمي الحرب الصهاينة …؟!.
وهل يشكل نقطة تحول في العدالة الدولية لصالح فلسطين….؟!
ولماذا تثور ثائرة “اسرائيل” والادارة الامريكية ضد الجنائية الدولية…؟.
وكيف تعاملت وتتعامل الادارتان الصهيونية- والامريكية مع قرارات الجنائية الدولية…؟!.
أسئلة وتساؤلات كثيرة مطروحة في هذا السياق على كل الاجندات وخاصة الصهيونية الامريكية …!
في هذا السياق نستحضر السياسات والمواقف الدولية على مدى العقود الماضية، فلم يحصل ان احتشد العالم وراء شعارات العدالة والحرية وحقوق الانسان، كما احتشد منذ نحو عشر سنوات في ظل ما سمي ب”الربيع العربي”، وكما احتشد قبلها في الحالات العراقية والسورية والليبية واليمنية التي نعيش نتائج وتداعيات العدالة والحرية الامريكية فيها بابشع صورها من تفكيك وتدمير والغاء وحروب طائفية اهلية مرعبة ومحاصصات سياسية ضيقة على حساب الوطن والدولة والتاريخ العراقي.
اما في الحالة الفلسطينية فالامور والمعايير والمكاييل تتعدد وتتغير…!
فبالاجماع الفلسطيني/ العربي الى حد كبير، هناك مشاعر وقناعات عربية راسخة بان العدالة الدولية/ الاممية غائبة ومغيبة في فلسطين، وبأن الدور الاممي الحقيقي الذي يجب ان تلعبه المؤسسات الدولية في فلسطين، وفي مقدمتها مجلس الامن هو توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الذي يذبح على مدار الساعة وبالبث الحي والمباشر على مرأى من العالم كله، على يد بلدوزر الاحتلال الصهيوني مجسدا بجنرالات الاجرام الصهاينة الاميز في العالم.
المشهد الفلسطيني الطافح بالجرائم الصهيونية المنهجية المتصلة المستمرة منذ اكثر من اثنين وسبعين عاما يثير دائما وابدا جملة من الاسئلة والتساؤلات الكبيرة المتعلقة بدور المجتمع الدولي:
– اين فلسطين من المواثيق والقوانين والاعراف والاخلاق الدولية والبشرية..؟
– لماذا تتوقف كلها عندما يتعلق الامر بفلسطين والشعب العربي الفلسطيني..؟
– اين المجتمع الدولي.. واين الأمم المتحدة.. واين مجلس الامن الدولي من المجازر الجماعية وجرائم الحرب الصهيونية المروعة المنفلتة بلا كوابح ضد نساء واطفال وشيوخ فلسطين..؟!
– اين محكمة لاهاي..؟
– اين المحكمة الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب وجنرالات الاجرام في الدولة الصهيونية..؟!
ففلسطين تتعرض الى سلسة مجازر متصلة لم تتوقف ..
واهلنا في فلسطين يتعرضون الى حملات وموجات من القمع والتنكيل والذبح الجماعي…
والمجتمع الفلسطيني يتعرض الى التدمير الشامل المنهجي…
والمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية تتعرض الى حملات متلاحقة من الاجتياحات الحربية التدميرية الاقتلاعية الهستيرية..
دولة الاحتلال تستبيح فلسطين وشعب فلسطين استباحة اجرامية شاملة، ولم تترك مجالا من مجالات الحياة المدنية الا والحقت به الاذى والدمار…
– فاين المجتمع الدولي اذن من كل ذلك..؟!
– واين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الاعزل..؟!
– ولماذا يتوقف المجتمع الدولي بمجلسه الامني وبكل منظماته الدولية مشلولا حينما تمس المسألة “اسرائيل” وجنرالات الاجرام فيها…؟!
-لماذا تتعطل المواثيق والقوانين الدولية امام “اسرائيل”…؟!
– ولماذا تتعطل المواثيق والقوانين والاعراف الدولية عندما يمس الأمر الدولة الصهيونية..؟!
وفق المادة 13 من قانون حماية السكان المدنيين الذي اقر عام 77 فان المدنيين يجب ان يتمتعوا بحماية عامة من الاخطار العسكرية، ويجب ان لا يكونوا هدفا لاي هجوم”، غير ان معطيات المشهد الفلسطيني تبين للعالم كله ان دولة الاحتلال تقترف جرائم الحرب على اوسع نطاق وعلى مختلف الجبهات وفي مختلف المجالات ضد الشعب الفلسطيني، حيث تشير احدث التقارير مثلا الى استشهاد حوالي 8000 فلسطيني، منهم نحو 241 شهيدة، ونحو 1000 طفل، وقرابة 75 الف جريح، ناهيكم عن التدمير الشامل للبنى التحتية الفلسطينية، ولحوالي 82 الف منزل فلسطيني.
وحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية فان “الجيش الاسرائيلي يرتكب جرائم حرب ضد الفلسطينيين”، ودعا التقرير الاسرة الدولية الى التدخل باسرع وقت ممكن..
– فماذا يقول الامين العام للامم المتحدة الذي يدعو للتدخل في شؤون الدول العربية الاخرى في كل ذلك..؟!
– واين عدالته وحمايته للشعب الفلسطيني…؟!
وهل نأمل خيرا وتطرا ايجابيا على مستوى الجنائية الدولية بعد القرار الاخير…؟!
في سلسة مواقف وتصريحات سابقة للأمناء العامين للامم المتحدة لم نر سوى معاداة السامية ولم يذرفوا الدموع الا على المحرقة التي انقضى عليها نحو سبعة عقود ونصف من الزمن، وطالبوا العالم بعدم التزام الصمت تجاه معاداة السامية، واعتبر “ان المعركة –اي ضد اللاسامية- يجب ان تكون معركتنا” – اي معركة المجتمع الدولي-، بينما لم يروا المحرقة الصهيونية المفتوحة لابتلاع فلسطين والشعب الفلسطيني والحقوق الفلسطينية المشروعة المدعمة حتى بمئات القرارات الدولية..؟!
نشعر بالغضب الشديد من هذا “الموقف الاممي” … ونشعر بالخجل الشديد ايضا من السلبية العربية والدولية من كل ذلك… ونعتقد ان اقوال ومواقف الامناء العامين للامم المتحدة خطيرة ويجب ان لا تمر هكذا بلا مساءلة او شجب اخلاقي… فالامين العام يمثل المجتمع الدولي ويتحدث باسمه، ونطالبه بشجب المحرقة الحية الماثلة المفتوحة ضد الفلسطينيين قبل ان يتباكى على محرقتهم – المشكوك بامرها -..؟!!
والاخطر من كل ذلك ان العرب اصحاب الحق بلا ارادة ولا حول ولا قوة، وفي حالة استسلام واستخذاء وتأقلم وبارادتهم هم وليس غير ذلك.
فإلى متى ستستمر يا ترى حالة العرب هذه..؟!
منطقيا يفترض ان يستفيق وينهض العرب من استخذائهم وسباتهم في مواجهة هذا الهجوم الاميركي – الصهيوني الكاسح الذي يستهدف حسب المخطط المشترك بين الادارتين الاميركية والصهيونية الامة العربية ومقومات وجودها ونهضتها وقوتها واستقلالها.
ونقول: طالما ان القرارات الدولية كلها بلا اسنان وغير قابلة للنفاذ ضمن المعادلات الدولية الراهنة، فلماذا لا يكون لدى العرب العرب انيابهم الخاصة للدفاع عن امننا القومي وعن اوطاننا وحقوقنا..؟!
الامر ممكن ومساحته وادواته العربية واسعة وكثيرة اذا ما جد الجد لدى امتنا ودولنا.. والمسألة في نهاية الامر مسألة ارادة عربية قومية سياسية تحررية.. أليس كذلك؟!!
كاتب فلسطيني