صواريخ "الكورنيت".. كل ما تود معرفته عن "درة تاج" سلاح المقاومة الفلسطينية
للمرة الثالثة تستخدم المقاومة الفلسطينية في حروب غزة صواريخ الكورنيت المضادة للدروع، وهي صواريخ محمولة لها تأثير في استهداف المركبات، التقرير يعرف بهذا الصاروخ وتوظيف المقاومة الفلسطينية له في معاركها ضد الاحتلال الإسرائيلي.
استهدفت المقاومة الفلسطينية صباح اليوم الخميس حافلة عسكرية إسرائيلية على حدود غزة بصاروخ موجه مضاد للدروع يُسمى "الكورنيت"، وهي المرة الثالثة التي يستخدم فيها خلال الحرب الحالية على غزة، وقد أوقع إصابات إسرائيلية مباشرة لأنه مزود بكمية كبيرة من المتفجرات، كما أنه يتمتع بدقة عالية لإصابة هدفه.
السطور التالية تطرح جملة من التساؤلات عن هذا السلاح الذي تحوزه المقاومة: من أين حصلت عليه؟ ولماذا يُعتبر "درة التاج" لقدرات المقاومة؟ وهل يمكن استخدامه في أي وقت؟ وما اعترافات الإسرائيليين بشأن الخسائر التي يوقعها في صفوف جنودهم؟
كيف دخل الكورنيت حرب غزة الحالية؟
في 10 مايو/أيار الجاري، أعلنت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- استهداف جيب إسرائيلي بصاروخ "كورنيت" شرق غزة، وأكدت إصابة الجيب بشكل مباشر.
وفي 12 مايو/أيار، أعلنت كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- استهداف مركبة عسكرية إسرائيلية من نوع "ديفندر" بصاروخ "كورنيت" قرب مستوطنة نتيف هعسراه شمال غزة، وأعلنت تل أبيب مقتل جندي، وإصابة اثنين بإصابات خطيرة، ثم قصفت المقاومة محيط الجيب الذي استهدفته بـ21 قذيفة هاون، وبثت وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية مقاطع فيديو وثّقت لحظات إجلاء الجنود المصابين والقتلى.
واليوم 20 مايو/أيار، استهدفت كتائب القسام حافلة لنقل جنود الاحتلال الإسرائيلي قرب قاعدة "زيكيم" شمال قطاع غزة بصاروخ موجه، ثم دكت محيط الحافلة المستهدفة بقذائف الهاون.
ما "الكورنيت" الذي تحوزه المقاومة؟
هو صاروخ مضاد للدروع، روسي الصنع، مُوّجه ومُصوّب بأشعة ليزر، وبشكل نصف أوتوماتيكي، بحيث يُصوّب الرامي الصاروخ نحو الهدف، ويوجه علامة تصويب الصاروخ حتى الإصابة، ويمكن إطلاقه من خلال منصة تُثبت على الأرض أو الكتف مباشرة.
ويتم توجيه الصاروخ عبر موجّه بصري من خلال الرامي الذي يتابع توجيهه حتى يصل إلى هدفه، ويمتلك قدرة على المناورة من خلال الالتفاف في حلقات دائرية أثناء تحليقه باتجاه الهدف حتى المرحلة الأخيرة، التي يطبق فيها على الهدف ويتوجه إليه بشكل مباشر.
وقد أسهم استخدام المقاومة الفلسطينية للكورنيت في الضغط على قوات الاحتلال التي تُسيّر دورياتها العسكرية على حدود غزة، لأنه يحقق أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف قواتها ومستوطنيها.
https://www.youtube.com/watch?v=vJOAOCyouXcمتى بدأت المقاومة استخدام مضادات الدروع؟
في تطور نوعي، تمكنت كتائب القسام من قصف مركبة إسرائيلية بقذائف "آر بي جي" (RPG) في 2001.
وبعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، حصلت المقاومة على عينات ونماذج عديدة من صواريخ الكورنيت، واستخدمتها بكثافة خلال الحروب الإسرائيلية المتكررة على القطاع في أعوام 2008 و2012 و2014، وأسفرت عن سقوط العديد من جنود الاحتلال، مما شكل رادعا لهم عن التقدم باتجاه اجتياح غزة.
وسعت المقاومة للحصول على الكورنيت من الخارج لعدم قدرتها على تصنيعه محليا، وشكّلت حقبة الربيع العربي بيئة خصبة لشراء هذه الصواريخ وإدخالها إلى غزّة، خاصة من إيران وليبيا وسيناء، فضلا عن مضادات روسية الصنع وأخرى كورية وصينية وصلت غزة عبر الأنفاق.
وتنظر إسرائيل بخطورة بالغة للكورنيت لأنه مضاد للدروع والتحصينات، ويحمل رأسا شديد الانفجار وقدرة اختراق تدميرية، ويضاف إلى باقي أسلحة المقاومة كالبنادق الرشاشة، والأسلحة المضادة للطائرات، والسلاح الثقيل، وقذائف الهاون، و"آر بى جي"، والعبوات الناسفة، وأسلحة القنص.
مقتال في كتائب القسام يحمل صاروخ كورنيت المضاد للدروع (الصحافة الفلسطينية)
ما رسائل المقاومة من استهداف الاحتلال بالكورنيت؟
في الوقت الذي أطلقت فيه المقاومة آلاف الصواريخ -حسب تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو- تغلب على استخدامها للكورنيت الندرة والتباعد، نظرا لنتائجه الثقيلة على الاحتلال، مما يجعل المقاومة تلجأ إليه في المواقف المفصلية والحساسة، التي تريد منها جباية ثمن باهظ من الاحتلال وتفعيل سياسة "الضرب مقابل الضرب".
أكثر من ذلك، فإن قرار إطلاق المقاومة صواريخ الكورنيت لا يتم بمستويات عسكرية منخفضة من العناصر الميدانية، بل من مستويات قيادية عليا، وهدفها استعادة الردع أمام إسرائيل، والوصول للمعادلة التي تريح المقاومة جيدا.
ولذلك فإن إقدام حماس على استخدام الكورنيت ينطلق من رغبتها في إرسال المزيد من الرسائل للاحتلال بأن أي تفكير في توغل جيشه على مشارف القطاع، فضلا عن عمقه، سيُواجه بعشرات من هذه الصواريخ، ومن ثم فإن مستوى الردع الإسرائيلي فقد قدرته تماما.
ويأتي قرار حماس إطلاق الكورنيت اليوم بوصفه رغبة في إبقاء يد المقاومة الأعلى، لا سيما في ظل تزامن ذلك مع الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، الأمر الذي يشير إلى سعي حماس للحصول على ثمن مجزٍ قبل تطبيق الهدنة.
كيف تابعت إسرائيل إطلاق المقاومة صواريخ الكورنيت؟
يعتقد الإسرائيليون أن حماس تحاول من خلال هذه العمليات النوعية تحقيق "معادلة ردع" أمام إسرائيل، التي تبحث عن طرق لطي صفحة هذه الحرب.
وفي كل مرة تطلق المقاومة صواريخ الكورنيت باتجاه الحافلات العسكرية الإسرائيلية يعتبرها جيش الاحتلال "كسرا لقواعد المواجهة"، ويثبت أن الردع الإسرائيلي تم فقدانه، لأن اللجوء لهذه الصواريخ المضادة للدروع يعني سلوكا عسكريا غير تقليدي يسلكه الفلسطينيون كل عدة سنوات.
ولعل أهم اعتراف إسرائيلي من ضراوة الكورنيت ما صرح به أحد الجنرالات الإسرائيليين بأن "الكورنيت تفوّق على الكابينت"، وهو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، الذي قرر مهاجمة غزة.
https://www.youtube.com/watch?v=oqcnQCtptY4أين تكمن نقاط القوة في صواريخ الكورنيت؟
تُولي المقاومة أهمية استثنائية لصواريخ الكورنيت في استهدافها للمواقع والحافلات العسكرية الإسرائيلية، لأسباب كثيرة، منها:
1- هذه الصواريخ تُوقع أكبر عدد من الإصابات والخسائر الإسرائيلية.
2- القبة الحديدية الإسرائيلية لا تستطيع التصدي لها.
3- الإعلام العسكري للمقاومة دأب على التقاط مشاهد حية ومباشرة من العملية، مما يمنحها إنجازا نوعيا في معركة الوعي أمام إسرائيل.
4- استخدام هذه الصواريخ يعمل على تشويش حركة الدوريات العسكرية على حدود غلاف غزة.
ورغم تباعد استخدام المقاومة صواريخ الكورنيت، فإنها تقلق إسرائيل بسبب نوعية الأهداف التي يختارها المقاومون، كما أن هذا النوع من العمليات يعني استنزافا للآلة الحربية الإسرائيلية، وكسرا لما يعرف بـ"كبرياء" الجيش الإسرائيلي وقوة ردعه.
ما الوسائل الإسرائيلية المضادة لصواريخ الكورنيت؟
ابتكرت الصناعات العسكرية الإسرائيلية في 2011 منظومة دفاعية تدعى "معطف الريح"، وهي تقنية عسكرية يتم تزويد الدبابات بها لاعتراض الصواريخ المضادة للدبابات، ولكن بسبب زيادة استخدام كتائب القسام للكورنيت، فقد قرر الجيش الإسرائيلي التزوّد بـ200 مدرعة "نمر"، وهي من أكثر المدرعات قوة ومتانة.
وفي سنوات لاحقة بدأ الجيش بإنشاء جدار خرساني بطول 600 متر وبارتفاع مترين على حدود غزة لتأمين المناطق الحدودية المكشوفة وحمايتها من ضربات الصواريخ الموجّهة.
لكن هذا الجدار الخرساني لم يمنع المقاومة من استهداف الآليات والمركبات الإسرائيلية، الأمر الذي اعتبره مراقبون فشلا إسرائيليا في حماية آلياتها على الحدود بالتقنيات العسكرية والمنظومات الدفاعية المناسبة، إضافة إلى عجز استخباراتها عن كشف نوايا المقاومة في استخدام الكورنيت