تاريخ اليهود منذ بدايتهم حتى تشتتهم على أيدي الرومان*
تعود بداية بني إسرائيل إلى نبي الله يعقوب عليه السلام و هو إبن نبي الله إسحاق عليه السلام و توأم عيسو (العيص) والد الروم, و سمي يعقوب بذلك لأنه خرج و هو آخذ بعقب أخيه.
رزق الله يعقوب عليه السلام إثني عشر ولداً, منهم يوسف عليه السلام. فعندما أصبح يوسف عليه السلام أميناً على خزائن مصر، جاء بأبيه و إخوته من أرض فلسطين إلى مصر.عاشوا فيها إلى أن انحرف بنو إسرائيل و ضلوا. أرسل الله إليهم موسى عليه السلام ليهديهم بإذن الله و يعود بهم إلى أرض فلسطين بعد مكوثهم في مصر أربعمائة و ثلاثون سنة. خرج مع موسى عليه السلام ستمائة ألف ماشٍ من الرجال ما عدا الأولاد. مات موسى عليه السلام قبل أن يدخل بهم إلى الأرض المباركة ، فتولى بعده زمام الأمور يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.و هو الذي ذكره الله في القرآن الكريم غير مصرح به في سورة الكهف في قوله تعالى (و إذ قال موسى لفتاه آتنا غداءنا).
كان عهد يوشع بن نون عليه السلام عصر إنتصارات لبني إسرائيل حيث أن الله سخر له جيلاً مجاهداً غير الذي تربى على العبودية في مصر، فدخل بهم إلى الأرض المقدسة فبقي بنو إسرائيل مؤهلين للإقامة في الأرض المباركة لأنهم استمروا على طاعة الله حتى حصل فيهم الكفر و تكذيب الأنبياء و قتلهم فكتب الله عليهم الطرد عن الأرض المباركة و حصل لهم السبي و المهانة.
تاريخ اليهود بعد يوشع بن نون عليه السلام :
مر تاريخ اليهود بعد يوشع بن نون عليه السلام بثلاث مراحل:
عهد الملوك الأول:
- عهد الملك طالوت :
أبرز ما فيه هو حربه ضد الوثنيين في فلسطين الذين كانوا بقيادة جالوت, و كان من جيشه داود عليه السلام , قال تعالى (و قتل داود جالوت و آتاه الله الملك و الحكمة).
- عهد داود عليه السلام:
يعتبر عهده الأقوى مع عهد ابنه سليمان عليه السلام في تاريخ بني اسرائيل.
- عهد سليمان عليه السلام.
عهد التدهور و الانقسام :
و قد قسمت مملكة بني اسرائيل إلى مملكتين بعد سليمان عليه السلام :
- مملكة إسرائيل: في شمال فلسطين و عاصمتها نابلس ( شكيم ), احتوت على عشرة أسباط من الأسباط الإثني عشر و استمرت من عام 935 ق.م إلى 722 ق.م و سقطت على يد الآشوري سرجون الثاني.
- مملكة يهوذا : و تنسب إلى يهوذا أحد أبناء يعقوب عليه السلام و تتكون من سبطي يهوذا و بنيامين، تقع في جنوب فلسطين و استمرت من 935 ق.م – 586 ق.م و سقطت على يد بختنصر البابلي.
و بذلك أصبحت فلسطين خالية من اليهود في ما عدا ما تركه السبي البابلي من المساكين و الفلاحين و الذين ليس لهم شأن يذكر.
عودة اليهود إلى فلسطين بعد السبي البابلي:
خلال السبي البابلي حصل اليهود على كثير من الحقوق مما كان له الأثر في اندماجهم و تكيفهم مع الثقافة الكلدانية حتى امتزجوا بها إمتزاجاً كاملاً لدرجة تخلقهم بأخلاقهم و عبادة آلهتهم. استمروا كذلك حتى ضعفت مملكة بابل و ظهرت فارس كقوة كبيرة بزعامة الملك (كورش 559 ق.م – 535 ق.م ). هجمت فارس على مملكة بابل في العام 539 ق.م، و في آذار من العام 538 ق.م إعترفت مناطق الإمبراطورية البابلية بما فيها سوريا و فلسطين بالحكم الفارسي. عامل الملك كورش اليهود و المنفيين إلى بابل في عهد نبوخذنصر معاملة ظهر فيها العطف و التسامح فسمح لهم بالعودة إلى الأرض المباركة، لم يرحب شباب اليهود و أغنياءهم بهذه العودة لأنهم ألفو الحياة البابلية و لا يريدون ترك مزارعهم و أموالهم ،فعادت مجموعة من الفقراء المتحمسين والمتدينين و بنو هيكلهم المسمى بهيكل زربابل و انتهو منه في العام 515 ق.م . فكانت عودتهم عودة أشخاص لا عودة دولة و إنما كانوا تحت الحكم الفارسي. لذلك رحبوا بالإسكندر الأكبر عندما زحف إلى فلسطين.
الإضطهاد اليوناني و فرض الثقافة الهيلينية :
بعد أن ضعف الحكم الفارسي إنتصر الإسكندر المقدوني على داريوس الثالث في معركة اسيوس فانتهى بذلك الحكم الفارسي الممتد من (539 ق.م إلى 333 ق.م ). بعد موت الإسكندر عام 323 ق.م تمزقت إمبراطوريته و دب الصراع بين قواده للفوز بأفضل أماكنها و أحسن أقسامها. منهم إثنان لهم علاقة بفلسطين و هم بطليموس الذي استولى على مصر و أسس فيها أسرة البطالمة أو البطالسة. الثاني هو سلوقس الذي إستولى على بابل و سورية و أسس أسرة السلوقيين.
و كان الصراع بين هاتين الدولتين يذيق أهل فلسطين الشدائد و المحن. و بالرغم من ذلك عمل كلاً من البطالمة و السلوقيون على نشر الثقافة اليونانية (الهيلينية) في كل البلاد الخاضعة لهم، فتأثر بها اليهود أيما تأثر مما أدى ببعضهم لترك التوراة و ترك الختان و انغمسوا في ما تدعوا إليه الثقافة الهيلينية من التعري و التحرر.
الشتات الروماني :
سنة 36 ق.م إنتصر الرومان على السلوقيين و بهذا أصبحت أرض فلسطين تحت الحكم الروماني فكان اليهود مذبذبين بين التسامح و الإضطهاد من قبل الرومان. قام اليهود بثورة في العام 66م ضد الرومان إستولوا على إثرها على القدس و على فلسطين كلها تقريباً. قام (تيطس) قائد القوات الرومانية بحصار القدس فأمعن في الحصار حتى نفذت المؤن و انتشر الوباء فتمكن الرومان بعدها من فتح ثغرات في حصون القدس حتى دخلوها و فتكوا بأهلها و تم إرجاعها من اليهود في العام 70م.
قام اليهود بثورة أخيرة في العام 132م على يد (باركوخبا),لكن الحكومة الرومانية قضت على هذه الثورة عام 135م بعد مذبحة رهيبة قضوا بعدها على اليهود و على مصيرهم كتجمع ديني في فلسطين. فأصبح تاريخ اليهود بعد ذلك ملحقاً بتاريخ الممالك التي استوطنوها أو نزلوا فيها و ضُربت عليهم الذلة و المسكنة. من ذلك التاريخ لم تقم لليهود قائمة حتى نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين الميلادي حيث استطاعوا بمعاونة الصليبية العالمية إقامة دولة لهم في فلسطين عام 1948م-1367 هـ.