حرب الرمال
حرب اندلعت بين المغرب والجزائر عام 1963 بسبب مشاكل حدودية، استمرت لأيام معدودة وانتهت بوساطة الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، ولكنها خلّفت توترا مزمنا في العلاقات المغربية الجزائرية.
البداية
نشأت مشكلة الحدود الجنوبية بين المغرب والجزائر عام 1950 عندما ضمت سلطات الاستعمار الفرنسي منطقتي تندوف وبشار إلى الأراضي الجزائرية، في حين طالب المغرب باسترجاع المنطقتين بعد استقلاله عام 1956.
لم تلتفت باريس إلى المطالب المغربية، وبادرت عام 1957 بإقرار منظومة إدارية جديدة للصحراء، واقترحت على المغرب بدء مفاوضات لحل الإشكال الحدودي.
لكن الملك محمد الخامس، رفض العرض الفرنسي، مؤكدا أن المشكل الحدودي سيحل مع السلطات الجزائرية بعد استقلال الجزائر عن فرنسا.
ووقعت الرباط يوم 6 يوليو/تموز 1961 اتفاقا مع فرحات عباس، رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، يعترف بوجود مشكل حدودي بين البلدين، وينص على ضرورة بدء المفاوضات لحله مباشرة عند استقلال الجزائر.
كانت فرنسا تريد من وراء مقترحها وقف دعم المغرب المستمر للثورة الجزائرية، حيث كان يستضيف قادة الثورة وخاصة بمدينة وجدة شرق البلاد، كما كانت الرباط توفر إمدادات السلاح للثوار، وهو ما كان يقض مضجع الاحتلال الفرنسي.
وبعد أن نجح ثوار الجزائر في طرد الاحتلال الفرنسي وإعلان استقلال البلاد عام 1962، بادر أحمد بن بلة، أول رئيس للجزائر، لتأكيد على أن التراب الجزائري جزء لا يتجزأ.
قام الملك الحسن الثاني -الذي خلف أباه في الحكم بعد وفاته عام 1961- بأول زيارة إلى الجزائر يوم 13 مارس/آذار 1963، حيث ذكّر نظيره الجزائري بن بلة بالاتفاق الموقع مع الحكومة الجزائرية المؤقتة بشأن وضع الحدود بين البلدين الذي خلقه الاستعمار الفرنسي.
ويؤكد المستشار الملكي الراحل عبد الهادي بوطالب، الذي رافق الحسن الثاني في تلك الزيارة، أن الرئيس بن بلة طلب من ملك المغرب تأجيل مناقشة الأمر إلى حين استكمال بناء مؤسسات الدولة الحديثة.
تصعيد
لكن سرعان ما اندلعت حرب إعلامية بين المغرب والجزائر التي قالت إن الرباط لديها نيات توسعية، فيما رأى المغرب في الاتهامات الجزائرية المدعومة إعلاميا من طرف مصر الناصرية التي تبحث عن امتداد لها في منطقة المغرب العربي، عناصر قلق تهدد وحدة البلاد.
تطورت الأحداث بعدها بشكل متسارع، حيث شنت عناصر من القوات الجزائرية يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 1963 هجوما على منطقة حاسي بيضا قتل فيه عشرة عناصر من الجيش المغربي الموجود بالمركز العسكري للبلدة.
سارعت الرباط بعدها إلى إرسال أكثر من وفد رسمي إلى الرئيس الجزائري بن بلة للاحتجاج على تلك الهجمة وغيرها من الهجمات التي اتهمت الرباط أطرافا جزائرية بالقيام بها على مناطق حدودية جنوبا وشمالا منها تينجوب وإيش، وتؤكد الرواية الرسمية المغربية أن تلك الوفود لم تجد لها آذانا صاغية في الجزائر.
وصل الجانبان إلى طريق مسدود، وأغلقت أبواب التفاوض والعمل الدبلوماسي، واندلعت الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 1963، واستمرت لأيام معدودة قبل أن تتوقف المعارك في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1963، حيث نجحت جهود جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية في توقيع اتفاق نهائي لإطلاق النار في 20 فبراير/شباط 1964.
تداعيات
تسببت الحرب في نشوء توتر مزمن أصاب علاقات البلدين حتى بعد مجيئ رئيس جديد للجزائر هو هواري بومدين الذي قاد انقلابا على نظام أحمد بن بلة عام 1965.
وازداد الوضع تعقيدا بعد تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء عام 1975، التي شارك فيها نحو 350 ألف شخص دخلوا إلى مناطق بالصحراء، منهيا بذلك وجود الاستعمار الإسباني في المنطقة.