منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75827
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية Empty
مُساهمةموضوع: أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية    أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية Emptyالإثنين 8 نوفمبر 2021 - 9:42

أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية

بينما يحتفل الصهاينة اليهود وحلفاؤهم بذكرى مرور سبعين عاماً على إنشاء "إسرائيل"، مع مشاعر الزهو بنقل السفارة الأميركية إلى القدس؛ فإن مرارة النكبة لم تمنع مئات آلاف الفلسطينيين من المشاركة -في الوقت نفسه- في مسيرات العودة على حدود قطاع غزة مع فلسطين المحتلة 1948.

كما لم تمنعهم من التضحية بعشرات الشهداء وآلاف الجرحى، ليؤكدوا حيوية الأمة وإصرارها على المضي في كافة أشكال المقاومة، وليثبتوا للمشروع الصهيوني أن "اللعبة" لن تنتهي إلا بهزيمته واندحاره.

سبعون عاماً مرَّت على النكبة، اعترتها إخفاقات ونجاحات، وحالات هبوط وصعود، ومدٍّ وجزرٍ، لكن الصراع لم يتوقف والملف لم يُغلق.

ويحاول هذا المقال تقديم كشف حساب مختصر ومكثف لأبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ قضية فلسطين. وسنبدأ بالإخفاقات، حيث ما زلنا نعيش ذروة العلو الصهيوني والاستضعاف الفلسطيني العربي الإسلامي.

أبرز الإخفاقات والسلبيات
أولاً: كارثة حرب 1948؛ حيث أخفق الفلسطينيون والعرب في مواجهة المشروع الصهيوني المدعوم دولياً، وتمّ استصدار قرار من الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين(القرار رقم 181) سنة 1947 يعطيه نحو 55% من أرضها، مع أن ملكية اليهود -التي استُحصل معظمها تحت الاحتلال البريطاني- كانت حوالي 6%.

"
من الإخفاقات الفشلُ العربي والإسلامي في مواجهة المشروع الصهيوني، وتراجع البعد العربي والإسلامي الرسمي للقضية الفلسطينية؛ وتحوُّلها مع الزمن إلى قضية تخص الفلسطينيين وحدهم، وقيام الدول العربية في البيئة الإستراتيجية المحيطة بفلسطين المحتلة بمنع العمل المقاوم عبر الحدود، مع منع شعوبهم وقواهم الحية من المشاركة الفاعلة في مشروع تحرير فلسطين
"
وقد أدت الحرب إلى سيطرة الكيان الصهيوني على 77% من فلسطين (20,770 كم2)، وإلى تشريد 57% من الشعب الفلسطيني (نحو 800 ألف من أصل مليون و400 ألف)؛ بينما نجح الصهاينة في تثبيت كيانهم الذي أسسوه وهو "إسرائيل".

ثانياً: كارثة حرب 1967؛ حيث أخفقت الأنظمة العربية في الدفاع عما تبقى من فلسطين، فاحتل الصهاينة الضفة الغربية وقطاع غزة؛ كما احتلوا سيناء المصرية والجولان السورية، وتمّ تهجير نحو 330 ألف فلسطيني تمكَّن جزء منهم من العودة بعد ذلك.

ثالثاً: الفشل العربي والإسلامي في مواجهة المشروع الصهيوني، وتراجع البعد العربي والإسلامي الرسمي للقضية الفلسطينية؛ وتحوُّلها مع الزمن إلى قضية تخص الفلسطينيين وحدهم، وقيام الدول العربية في البيئة الإستراتيجية المحيطة بفلسطين المحتلة بمنع العمل المقاوم عبر الحدود، مع منع شعوبهم وقواهم الحية من المشاركة الفاعلة في مشروع تحرير فلسطين.

رابعاً: نموّ المشروع الصهيوني وتجذّره وتصاعد قوته، وتمكنه من تشكيل لوبيات صهيونية عالمية قوية، وتمتعه بغطاء دولي يدعم بقاءه، وخصوصاً من القوى الكبرى وعلى رأسها أميركا؛ وفرض نفسه كدولة فوق القانون؛ وتحوله إلى شرطي للمنطقة، ونجاحه في بناء جيش حديث مستند إلى منظومة صناعات عسكرية فعالة، وإلى أسلحة غير تقليدية تشمل أكثر من 200 قنبلة نووية.

ونجاحه في استجلاب أكثر من ثلاثة ملايين و230 ألف يهودي منذ سنة 1948 وحتى نهاية 2017، بحيث أصبح يتجمع في كيانه نحو 46% من يهود العالم (نحو ستة ملايين و560 ألفاً)؛ وارتفاع دخل الفرد لديه إلى نحو 40 ألف دولار أميركي سنوياً، وهو ما يوازي الدخل في بعض دول غربي أوروبا.

خامساً: ضعف وفشل النظام السياسي الفلسطيني، خصوصاً في السنوات الخمس والعشرين الماضية، وتضعضع وتقزُّم منظمة التحرير الفلسطينية، واهتراء وعجز مؤسساتها، وتحوّلها إلى دائرة من دوائر السلطة الفلسطينية.

وفشل منظمة التحرير في استيعاب "الكلّ" الفلسطيني وخصوصاً قوى المقاومة، ووجود فصائل وتيارات وشرائح واسعة -لا يقل تمثيلها عن نصف الشعب الفلسطيني- غير ممثلة في هذه المنظمة. والتراجع الهائل والفشل الكبير لدى المنظمة في التعامل مع الخارج الفلسطيني وتفعيل دوره، في الوقت الذي يمثل فيه الخارج نحو نصف الشعب الفلسطيني.

تُضاف إلى ذلك حالةُ الانقسام الفلسطيني وتنازع تياريْ التسوية والمقاومة، ومعاناة المنظومة السياسية الفلسطينية من إشكالية الرؤية، وإشكالية القيادة، وإشكالية البناء المؤسسي، وإشكالية تحديد الأولويات والمسارات والبرامج.

سادساً: فشل القيادة الفلسطينية -التي راهنت على اتفاق أوسلو 1993 طوال ربع قرن- في تحقيق "حلّ الدولتين"، وفي تحويل سلطة الحكم الذاتي التي أنشأتها إلى دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة على الأرض المحتلة سنة 1967.

وفي الوقت نفسه؛ تمكّن الاحتلال الصهيوني من "إدارة" مسار التسوية، واستخدمه كغطاء لتهويد الأرض والمقدسات، ومضاعفة أعداد المستوطنين من نحو 280 ألفاً (سنة 1993) إلى أكثر من 800 ألف مستوطن (مطلع 2018).

كما نجح في تحويل السلطة الفلسطينية إلى سلطة تخدم أغراض الاحتلال، وتمكن من تحويل الاستعمار الصهيوني إلى "استعمار نظيف" وإلى استعمار "خمس نجوم"!!

سابعاً: نجاح المشروع الصهيوني في الاختراق التطبيعي الرسمي في المنطقة مع عدد من الأنظمة العربية، وعمل اتفاقيات تسوية سلمية أخرجت هذه الأنظمة من حالة الصراع مع العدو؛ بينما قامت أنظمة عربية وإسلامية أخرى باتصالات سياسية شبه رسمية، أو عمليات تطبيع وتبادل اقتصادي فوق الطاولة وتحت الطاولة.

كما أن منظومة العجز والفشل العربي أصبحت ترى في الكيان الصهيوني مدخلاً لرضا "السيِّد الأميركي"، وحليفاً محتملاً في صراعاتها الإقليمية.

ثامناً: الفشل في إعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وبيوتهم التي أُخرجوا منها، رغم صدور قرارات دولية تؤكد حقَّهم في ذلك؛ وهي قرارات تكررت وجرى تأكيدها نحو 130 مرة.

تاسعاً: ولعله الأهم؛ الفشلُ في إطلاق وإنجاح مشروع نهضوي وحدوي، خصوصاً في البيئة الإستراتيجية المحيطة بفلسطين، يُحقِّق التكافؤ أو التفوق الإستراتيجي في مواجهة العدو الصهيوني، ويُطلق طاقات الإنسان العربي والمسلم الإبداعية في مجالات الحياة ومسارات النهوض، ويتجاوز العقليات القُطرية والعصبيات الطائفية والعرقية، ويفرض نفسه في المعادلة الدولية.

***

بعد كل جوانب الفشل والإخفاقات هذه، هل ثمة نجاحات أو مؤشرات تبعث على الأمل في هذه البيئة المليئة بالاستهداف والاستضعاف؟!

"
من أبرز النجاحات التمكنُ من إبقاء قضية فلسطين قضية حية طوال المئة سنة الماضية، والقضية المركزية للعالم العربي والإسلامي، وقضية مركزية عالمية. وكلما جرت محاولات لتهميشها وإغلاق ملفاتها عادت لتفرض نفسها مجددا، لتكشف في كل مرة حالة "المظلومية" الفلسطينية، ومدى قبح وتَوحُّش الاحتلال الصهيوني، ومدى نفاق المجتمع الدولي وقواه الكبرى
"
أبرز النجاحات والإيجابيات
أولاً: النجاح في إبقاء قضية فلسطين قضية حية طوال المئة سنة الماضية، والقضية المركزية للعالم العربي والإسلامي، وقضية مركزية عالمية. وكلما جرت محاولات لتهميشها وإغلاق ملفاتها عادت لتفرض نفسها مجددا، لتكشف في كل مرة حالة "المظلومية" الفلسطينية، ومدى قبح وتَوحُّش الاحتلال الصهيوني، ومدى نفاق المجتمع الدولي وقواه الكبرى.

ثانياً: صمود الشعب الفلسطيني على أرضه؛ فبرغم وجود نصف الشعب الفلسطيني في المنافي والشتات؛ فإنه ما زال هناك نحو ستة ملايين ونصف مليون فلسطيني داخل فلسطين التاريخية.

وقد تمكنوا مطلع سنة 2018 من تجاوز أعداد اليهود في فلسطين، وذلك بعد مرور أكثر من 120 عاماً على المشروع الصهيوني و70 عاماً على إنشاء الكيان الصهيوني. ورغم كافة أشكال الاحتلال والقهر والمعاناة فإن ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه، ما زال يسبب مشكلة وجودية للمشروع الصهيوني.

ثالثاً: فشل "إسرائيل" في التحول إلى كيان طبيعي في المنطقة، واستمرار النظرة إليها ككيان سرطاني غريب؛ والفشل الذريع لكافة أشكال التطبيع الشعبي معها، وانزواء التطبيع مع "إسرائيل" في القشرة الرسمية لبعض الأنظمة العربية. وبالتالي اعتماد "إسرائيل" في بقائها على منظومة غطرسة القوة والغطاء الدولي، وهو ما لا يمكن ضمانه على المستوى البعيد.

رابعاً: تعمّق قضية فلسطين في الوجدان العربي والإسلامي والإنساني، باعتبارها قضية حقّ وعدل، فشلت كافة المحاولات الصهيونية والدولية (وكذلك محاولات حلفائهم في المنطقة) في عزلها وتشويهها وإطفاء لهيبها.

خامساً: استمرار وتطور المقاومة الفلسطينية بأشكال مختلفة طوال المئة سنة الماضية، فمن انتفاضات وثورات موسم النبي موسى 1920، ويافا 1921، والبراق 1929، وانتفاضة 1933، وإعلان عز الدين القسام الجهاد 1935، والثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939، وحرب فلسطين 1948، وانطلاقة العاصفة 1965، والعمل الفدائي الفلسطيني عبر الحدود خصوصاً في أواخر ستينيات وطوال سبعينيات القرن العشرين.

ثم جاءت الانتفاضة المباركة 1987-1993، وانتفاضة الأقصى 2000-2005، وحروب غزة مع العدو 2008-2009 و2012 و2014…، وانتفاضة القدس 2015-2017؛ وصولاً إلى مسيرات العودة 2018؛ إنه جهاد ونضال وإبداع لا يتوقف. وهو جهاد وصمود فرض على الاحتلال الانسحاب من قطاع غزة سنة 2005.

ورغم حصار غزة وتنسيق سلطات رام الله الأمني مع الاحتلال؛ فإن العمل المقاوم نما وطوَّر إمكاناته النوعية، وليس من المستبعد في المستقبل الوسيط أن يصل إلى إمكانات وقدرات تؤرِّق المشروع الصهيوني، وتفرض معادلات جديدة في إدارة الصراع.

كما أن العدو الصهيوني أُجبر على الانسحاب من جنوب لبنان سنة 2000 تحت ضربات المقاومة، وفشل في حربه التي خاضها ضدّ لبنان في 2006، وتمكنت المقاومة من فرض معادلتها ولم يعد قادراً ولا راغباً في التوسع في لبنان.

وبشكل عام، فإن البيئة الإستراتيجية المحيطة بفلسطين تحمل في مستقبلها تحديات كبيرة للمشروع الصهيوني.

سادساً: رغم الحالة "المزرية" الراهنة للمنظومة السياسية الفلسطينية؛ فقد حافظ الشعب الفلسطيني على هويته الوطنية طوال المئة عام الماضية، وشكّل مؤسسات تُمثله وتعبّر عن تطلعاته، ابتداء من المؤتمر العربي الفلسطيني 1919-1934، ومروراً باللجنة العربية العليا 1936-1946، والهيئة العربية العليا 1946-1964، ومنظمة التحرير الفلسطينية منذ 1964.

ونظم تشكيلاته ومؤسساته وفصائله ونقاباته بروح الشعب الواحد، المتجاوز للحدود الجغرافية المفروضة عليه؛ فكان لمعظمها امتدادات في الداخل والخارج، وظلت القدس وفلسطين والقضية والاهتمامات والتطلعات المشتركة تجمع أبناء فلسطين.

سابعاً: نجح فلسطينيو الخارج في المحافظة على هويتهم الفلسطينية على مدى السبعين عاماً الماضية، رغم الشتات ورغم الأغلبية العددية للجيلين الثالث والرابع للنكبة. وما زال نحو 75% من فلسطينيي الخارج يقيمون في الأرض المحيطة بفلسطين (الأردن وسوريا ولبنان).

وما زال الجميع متمسكين بحق العودة إلى البيوت والقرى والمدن التي أُخرجوا منها. كما أن فلسطينيي الخارج كان لهم دورٌ ريادي في قيادة العمل الوطني الفلسطيني، وفي تأسيس معظم فصائله الفاعلة على الأرض؛ وتولَّوا قيادة منظمة التحرير الفلسطينية نحو ثلاثين عاماً 1964-1994؛ كما تركز العمل المقاوم المسلح في الخارج معظم الفترة التي سبقت انتفاضة 1987 المباركة بالداخل الفلسطيني.

"
ما زال الجميع متمسكين بحق العودة إلى البيوت والقرى والمدن التي أُخرجوا منها. كما أن فلسطينيي الخارج كان لهم دورٌ ريادي في قيادة العمل الوطني الفلسطيني، وفي تأسيس معظم فصائله الفاعلة على الأرض؛ وتولَّوا قيادة منظمة التحرير الفلسطينية نحو ثلاثين عاماً 1964-1994؛ كما تركز العمل المقاوم المسلح في الخارج معظم الفترة التي سبقت انتفاضة 1987 المباركة بالداخل الفلسطيني
"
وها هم فلسطينيو الخارج الآن ينشطون لتحقيق التكامل الفعَّال مع إخوانهم في الداخل الفلسطيني، عبر مناشطهم السياسية والإعلامية والخيرية والثقافية وغيرها. ويبرز ذلك في الفعاليات المتصاعدة لمؤسسات العودة وحقوق اللاجئين، وإطلاق المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.

ثامناً: ما زالت القدس وفلسطين هي القضية التي تجمع العرب والمسلمين وتوحدهم، مهما كانت الخلافات والنزاعات فيما بينهم. وما زالت المظاهرات تخرج دعماً لفلسطين من طنجة إلى جاكرتا، وما زالت البوصلة تتجه إلى فلسطين رغم محاولات البعض لحرفها.

وما زال كثير من السياسيين يتعاملون مع قضية فلسطين (أو يستخدمونها) كوسيلة لرفع شعبيتهم، وما زالت معادلة أن فلسطين والقدس ترفع من يرفعها وتخفض وتفضح من يخذلها معادلة قائمة.

***

ربما يُظهر المشهد العام الحالي لقضية فلسطين صورة مؤلمة ومحبطة، في واقع فلسطيني وعربي وإسلامي ودولي بئيس.

لكن علينا قراءة المشهد في ضوء حركة التاريخ، وفي ضوء سنن التدافع والتداول، وفي ضوء حالات التشكُّل وإعادة التشكُّل، التي تشهدها البيئة الإستراتيجية المحيطة بفلسطين، وفي ضوء صمود الشعب الفلسطيني، وثبات العمل المقاوم، وفي ضوء الطاقات المذخورة في الأمة، وفي ضوء أزمة المشروع الصهيوني.

فكل ذلك يشير إلى أن وجود أمتنا الحالي في حالة الجزر -أو في قعر الموجة- لا يمنع من توفر العناصر المُهيِّئة لانطلاقة موجة جديدة أكبر وأقوى فاعلية من الموجات التي سبقتها؛ إن شاء الله.. وإن غداً لناظره قريب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75827
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية Empty
مُساهمةموضوع: رد: أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية    أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية Emptyالإثنين 8 نوفمبر 2021 - 9:43

أزمة المشروع الوطني الفلسطيني - محسن محمد صالح


يعاني المشروع الوطني الفلسطيني حالة من الانسداد وفقدان الاتجاه، انعكست بشكل سلبي واسع على قدرته على العمل، وعلى قدرته على الاستفادة من الفرص المتاحة، وعلى قدرته على الاستفادة من الإمكانات الهائلة المذخورة في الشعب الفلسطيني وفي الأمة العربية والإسلامية.

في الوقت الراهن، هناك انسداد في مسار التسوية السلمية الذي تبنته منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة السلطة في رام الله وحركة فتح. وهناك تعطّل في مسار المقاومة المسلحة الذي تبنته حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي. وهناك تعثّر في مسار المصالحة الفلسطينية الذي وقعت عليه القوى والفصائل الفلسطينية.

"
تعاني منظمة التحرير من غياب مؤسساتها وتراجع دورها، كما تعاني السلطة الفلسطينية من انقسامها إلى سلطتين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن الهيمنة الإسرائيلية في الضفة والحصار الإسرائيلي في غزة
"
وتعاني منظمة التحرير من غياب مؤسساتها وتراجع دورها، كما تعاني السلطة الفلسطينية من انقسامها إلى سلطتين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن الهيمنة الإسرائيلية في الضفة والحصار الإسرائيلي في غزة، ومن أزماتها المالية، بالإضافة إلى وجود حالة إحباط واسعة في الشارع الفلسطيني من أداء القيادات السياسية الفلسطينية، ومن ضعف التفاعل مع التغيرات في العالم العربي، وعدم الاستفادة منها على النحو المطلوب.

يجادل البعض بمرارة ساخرة: وهل لدينا مشروع وطني أصلاً؟! وعلى أي أساس يمكن أن يصبح المشروع الوطني "وطنيًّا"؟! وهل يمكن أن يكون التنازل عن معظم فلسطين للصهاينة عملاً وطنيًّا أو جزءًًا من برنامج وطني؟ وما هي الخطوط الحمراء والثوابت الوطنية التي لا يمكن تجاوزها في المشروع الوطني، والتي يُعدُّ اختراقها ضربًا من الخيانة أو سلوكًا غير وطني ومعاديًّا لمصالح الشعب الفلسطيني؟ وكيف يمكن التفريق بين ما هو "خيانة" وبين ما هو مجرد "وجهة نظر"، إذا كانت الثوابت نفسها محلّ نقاش واجتهاد؟!

أزمة المشروع الوطني ليست أزمة جديدة، فمنذ أيام الاحتلال البريطاني كان هناك صراع الحسينية والنشاشيبية، وهو -وإن أخذ شكلاً عائليًّا- يحمل مضامين مرتبطة بطرق العمل الوطني وبشكل العلاقة بالاحتلال البريطاني، وبالبيئة الإقليمية، وأولويات اللجوء لأساليب المقاومة والعمل السياسي السلمي. كما ظهرت الأزمة عندما نشأت منظمة التحرير بقيادة أحمد الشقيري وسط مقاطعة الفصائل الفدائية الفلسطينية وخصوصا فتح التي رأت في إنشاء المنظمة محاولة للهيمنة الرسمية العربية على العمل الوطني الفلسطيني.

أين تكمن الأزمة الحالية للمشروع الوطني الفلسطيني؟ لا يظهر أن هناك عاملاً واحدًا لهذه الأزمة.
هل هي أزمة الهوية والأيديولوجيا؟ حيث تتنازع التيارات الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية.. لعل هذا سبب مهم، خصوصا عندما يتعلق الخلاف بقضية مرتبطة بثوابت دينية حيث ترفض التيارات الإسلامية الاعتراف بـ"إسرائيل" أو بالتنازل عن أي جزء من فلسطين، بينما تربط تيارات أخرى الأمر بالاعتبارات الواقعية وبالمصلحة والتكتيك والعمل المرحلي.

وينطبق ذلك مثلاً على التعامل مع شروط الرباعية الدولية التي وُضعت بعد فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني سنة 2006، والتي كان على رأسها شرط الاعتراف بـ"إسرائيل"، وقد أدى رفض حماس لهذا الشرط وغيره، (وهو شرط لم يكن لدى حركة فتح مشكلة في الموافقة عليه)، إلى فرض حصار قاسٍ على حماس وحكومتها والشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع قادته أميركا والدول الغربية، كما أدى وما زال يؤدي إلى نزاع بين فتح وحماس، أو بين معسكري التسوية والمقاومة، فيما يتعلق بطريقة التعامل مع شروط الرباعية، والتطبيقات المرتبطة بذلك في إدارة السلطة الفلسطينية.

هل هي أزمة تحديد الأولويات والمسارات؟ لعل هذا سبب آخر لأزمة المشروع الوطني الفلسطيني، إذ يبرز الخلاف عادة حول ما إذا ما كانت الأولوية لمسار المقاومة المسلحة أم لمسار التسوية السلمية أم للمقاومة المدنية، وما إذا كانت الأولوية يجب أن تُعطى لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وإجراء الانتخابات، أم لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها، أم لإصلاح الأجهزة الأمنية، أم للبرامج الاقتصادية، أم لرفع الحصار وإعادة الإعمار، أم لتحقيق الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، أم لقضية اللاجئين، أم لمواجهة برامج التهويد، خصوصا في القدس. وكيف يمكن التعامل مع القضايا السابقة بما تستحقه من اهتمام، وكيف يمكن تحديد الوزن النوعي لكل قضية، وعلى أي أساس يتم تقديم أو تأخير أي من هذه القضايا، وما هي القضايا التي يمكن الانشغال بها في وقت واحد؟!

ومن جهة ثالثة، هل هي أزمة العمل المؤسسي، وأزمة انعدام وجود مظلة مؤسسية واحدة للعمل الوطني الفلسطيني؟ هذا جزء أساسي من الأزمة، إذ إن هناك فصيلاً فلسطينيا واحدا هو فتح، يتولى إدارة منظمة التحرير الفلسطينية منذ نحو 44 عاما، بينما لم تدخل حماس والجهاد الإسلامي اللتان تمثلان قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني في عضوية المنظمة، مع غيابٍ لتمثيل الكثير من الفعاليات الشعبية والرموز والمستقلين. وبالتالي، لم تعد المنظمة تعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب الفلسطيني. وليس هناك الآن بيت فلسطيني واحد يجمع كلّ الفلسطينيين، يتدارسون فيه أوضاعهم، ويضعون فيه برنامجهم الوطني والسياسي، ويحددون من خلاله أولوياتهم وبرامجهم.

تعطلت دوائر منظمة التحرير ومؤسساتها وفقدت فعاليتها، وتضاءلت أو اندثرت مع "تغوّل" السلطة الفلسطينية عليها. ولم يعقد المجلس الوطني الفلسطيني جلسة حقيقية منذ سنة 1991، ولم يتم تجديد انتخاب أعضائه بشكل سليم منذ سنوات طويلة. إن حركة فتح تتحمل مسؤولية تاريخية تجاه ما حدث لمنظمة التحرير، كما تتحمل مسؤولية تاريخية في وجوب المسارعة إلى فتح أبواب المنظمة ليتم إعادة بنائها وتفعيلها على أسس جديدة.

ومن جهة رابعة فإن التأثير الخارجي الإقليمي والإسرائيلي والدولي ما زال لاعبًا مؤثرًا في صناعة القرار الفلسطيني، وما زالت مواقفه تنعكس بدرجات متفاوتة على أزمة المشروع الوطني الفلسطيني.

إذ لا يخفى دور مصر وسوريا والأردن والسعودية في صنع القرار الفلسطيني. وتلعب مصر عادة دورًا أساسيًّا في إعطاء الغطاء للقيادة الفلسطينية، وفي ترتيبات البيت الفلسطيني. وقد كانت وراء إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، وتعيين الشقيري رئيسًا لها، كما أعطت الغطاء لإزاحته وحلول فتح في قيادة المنظمة، واستمرار هيمنتها عليها، فضلاً عن الغطاء الذي وفرته لمسار التسوية السلمية لقيادة المنظمة، كما كانت مسؤولة (قبل ثورة 25 يناير2011) إلى حد كبير عن شكل التعامل مع حماس، ومحاولة عزلها وإضعافها وإفشالها. وفي المقابل فإن سوريا (قبل الثورة التي تشهدها حاليًّا)، شكلت حاضنة لحماس وقوى المقاومة، وكان لذلك تأثيره في مواجهة ما يسمى محور الاعتدال.

"
تتحمل الدول العربية، وخصوصا دول الطوق مسؤولية تاريخية في تعميق أزمة المشروع الوطني الفلسطيني بسبب تضييقها أو منعها للعمل المقاوم، وللنشاط السياسي والشعبي الفلسطيني 
"
وتتحمل الدول العربية، وخصوصا دول الطوق، مسؤولية تاريخية في تعميق أزمة المشروع الوطني الفلسطيني بسبب تضييقها أو منعها للعمل المقاوم، وللنشاط السياسي والشعبي الفلسطيني، وعدم قدرة الشعب الفلسطيني على تنظيم نفسه بحرية في تلك الدول، وتعطيل عقد الانتخابات أو المجالس الوطنية الفلسطينية، وعدم السماح بذلك أو بعضه إلا بأثمان سياسية باهظة.

أما من الناحية الإسرائيلية، فإن دخول منظمة التحرير (ومن ثمّ السلطة الفلسطينية) في "عصر أوسلو" وما نتج عنه من ترتيبات على الأرض منذ 1993، جعل الجانب الإسرائيلي "الحاضر الغائب" في كثير من الأحيان في صناعة القرار لدى قيادة المنظمة وقيادة السلطة.

إذ إن اتفاقية أوسلو أدت إلى انتقال قيادات "المقاومة" للإقامة تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة والقطاع، وألزمت المنظمة بعدم اللجوء إلى المقاومة المسلحة، وبإقامة سلطة وطنية يتحكم الإسرائيليون في مدخلاتها ومخرجاتها، وفي وارداتها وصادراتها، وتحويل أموالها وانتقال أفرادها وقياداتها.

وهذا أعطى الإسرائيليين فرصًا واسعة لاستخدام أدوات ضغط هائلة على القيادة الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني من خلال تعطيل مؤسساته واعتقال قياداته وخنقه اقتصاديًّا وتدمير البنى التحتية، بحيث أصبح السلوك الإسرائيلي المحتمل محدِّدًا أساسيًّا في نقاشات ومفاوضات المصالحة الفلسطينية وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني.

وبالتأكيد، فإن الموقف الغربي وخصوصا الأميركي له تأثيره الذي لا يستهان به على المسار الفلسطيني، إذ إن الدعم الأميركي المطلق لـ"إسرائيل" وتوفير الغطاء الدائم لاحتلالها وانتهاكاتها وممارساتها ضدّ الشعب الفلسطيني، وكذلك التدخل لفرض شروط الرباعية على حماس والقوى الوطنية الفلسطينية بما في ذلك الاعتراف بـ"إسرائيل" ووقف المقاومة المسلحة والاعتراف بالاتفاقيات التي وقعتها المنظمة بما فيها اتفاقيات أوسلو، شكل تدخلاً سافرًا ومحاولة لتحديد تصورات الشعب الفلسطيني ومواقفه. كما سعت أميركا وحلفاؤها لإسقاط حماس وعزلها، واعتبارها حركة "إرهابية"، ونزع الشرعية عنها، بالإضافة إلى معاقبة الشعب الفلسطيني على اختياره الديمقراطي الحر لحماس.

أسهم السلوك الأميركي المتحيّز في إفشال مسار التسوية السلمية، وفي انسداد أية آفاق لتحصيل الحقوق الفلسطينية أو بعضها من خلال مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، وأسهم في إدخال المشروع السلمي الذي تحمله القيادة الفلسطينية الحالية في أزمة حقيقية.

وكان جزء أساسي من نقاشات المصالحة الفلسطينية منصبًّا على طريقة تكييف تشكيل الحكومة الفلسطينية بما يتواءم مع شروط الرباعية ومع "الفيتوات" الأميركية والإسرائيلية المحتملة، وهو ما ينطبق أيضا على إجراء الانتخابات وعلى إصلاح الأجهزة الأمنية وغيرها.

ولعل هناك سببًا خامسا ذا أبعاد ثقافية حضارية مرتبطًا بحالة التخلف وبأمراض المجتمع الفلسطيني، خصوصا تلك المتعلقة بفن إدارة الاختلاف وبالتداول السلمي للسلطة، وبفن التعايش والالتقاء على القواسم المشتركة، والبعد عن الأنانية الفردية والحزبية، ونزعات السيطرة والاستئثار، وتغليب الشك وسوء الظن والمكايدة السياسية على برامج بناء الثقة والعمل المشترك.

ومن ناحية سادسة فإن هناك بُعدًا تاريخيًّا للأزمة، إذ تكرست من خلال العلاقات الفصائلية وخصوصا بين فتح وحماس، وطوال ربع قرن، أزمة كبيرة في الثقة. فمن لغة الاتهام القاسية بين الطرفين بالفشل والعمالة، إلى حملات المطاردة الأمنية والاعتقالات والإقصاء التي قامت بها السلطة بقيادة فتح خلال الفترة 1994-2000، في مقابل عمليات المقاومة التي كانت تقوم بها حماس وفصائل المقاومة، والتي كانت ترى فيها فتح تعطيلاً وإفشالاً لمسار التسوية المؤدي لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية، إلى محاولات الإفشال والإسقاط والتعطيل ونزع الصلاحيات التي قامت بها قيادة السلطة (فتح) في مواجهة المجلس التشريعي الذي فازت حماس بأغلبيته الساحقة، وفي مواجهة الحكومة التي شكلتها حماس، إلى حالة الانقسام التي نتجت عن سيطرة حماس على قطاع غزة وسيطرة فتح على الضفة الغربية، إلى الإجراءات الأمنية المتبادلة التي قام بها الطرفان لضمان سيطرتيهما، مع بلوغ التنسيق الأمني بين السلطة في رام الله وبين الطرف الإسرائيلي والأميركي حدودًا قصوى، في السعي لاجتثاث العمل المقاوم، وتفكيك البنية التنظيمية لتيار الإسلام السياسي في الضفة. كما كان للانفلات الأمني وسيل الدماء بين الطرفين أثره في تعزيز انعدام الثقة بينهما.

"
بالرغم من تطلع الشعب الفلسطيني كله إلى تحرير فلسطين وتحقيق حلمه في العودة والاستقلال، فإن بيئات الحياة وظروف الحكم المختلفة أثرت في ثقافة الفلسطينيين وطريقة تناولهم وفهمهم للأمور
"
ولا يخلو الأمر -من ناحية سابعة- من أزمةٍ في القيادة الفلسطينية، التي لم ترقَ إلى مستوى تطلعات شعبها إليها، والتي وقعت بدرجات متفاوتة في مسالك الإدارة الدكتاتورية الفردية، والحسابات الشخصية، وإضعاف العمل المؤسسي التنفيذي، وعدم احترام السلطات التشريعية، والسلوك الزبائني الأبوي، والمكايدات الحزبية الرخيصة، والانتهازية السياسية، والفساد المالي، وعدم القدرة على توظيف الطاقات الهائلة والأدمغة المذخورة في الشعب الفلسطيني، والفشل في إدارة الاختلاف السياسي… وغيرها.

وثامنًا وأخيرًا، لعل حالة التشتت والتشرذم الجغرافي التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، أسهمت في تعقيد القدرة على الاجتماع والتفاهم وصناعة القرار. إذ لا يجمع الفلسطينيين مكان واحد، ولا يحكمهم نظام سياسي واحد. وتختلف ظروفهم من وجود نحو مليونين و600 ألف في الضفة الغربية تحت الاحتلال وتحت السلطة الفلسطينية، ووجود نحو مليون و600 ألف في قطاع غزة تحت الحصار الإسرائيلي وتحت قيادة حماس، ووجود نحو مليون و300 ألف في فلسطين المحتلة سنة 1948 أو ما يسمى "إسرائيل"، ووجود نحو ثلاثة ملايين و400 ألف في الأردن، ونصف مليون في سوريا، و430 ألفًا في لبنان، ونصف مليون في السعودية، وربع مليون في أوروبا، وربع مليون في أميركا…إلخ.

وبالرغم من تطلع الشعب الفلسطيني كله إلى تحرير فلسطين وتحقيق حلمه في العودة والاستقلال، فإن بيئات الحياة وظروف الحكم المختلفة أثرت في ثقافة الفلسطينيين وطريقة تناولهم وفهمهم للأمور.

وهكذا فإن المشروع الوطني الفلسطيني يواجه أزمة حقيقية. ولعل حالة الانتفاضات والتغيير التي يشهدها العالم العربي تعطي أملاً بإمكان حدوث تغيير إيجابي حقيقي في الوسط الفلسطيني. غير أن المدخل الحقيقي لمشروع وطني جاد هو إصلاح البيت الداخلي الفلسطيني، تحت مظلة فلسطينية واحدة (م ت ف) تسع الجميع، وتستفيد من طاقات الجميع، وبناء على ميثاق وطني جامع، وعلى برنامج سياسي متوافقٍ مع الثوابت، تنفذه قيادة وطنية منتخبة، تلتزم بأولويات العمل الوطني، بعيدًا عن الضغوط والحسابات الخارجية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75827
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية Empty
مُساهمةموضوع: رد: أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية    أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية Emptyالإثنين 8 نوفمبر 2021 - 9:43

مأزق المصالحة الفلسطينية والمسار الخاطئ - الكاتب: محسن صالح


لا يظهر أن المسار الذي تسلكه عملية المصالحة الفلسطينية يؤتي ثماره، ولا تلوح في الأفق إمكانات حقيقية لأن تستكمل المصالحة الملفات التي تعهدت بإنجازها. وباختصار فإن هذه المصالحة كانت "ملغّمة" بمعوقات، يمكن أن تتفجر في وجهها عندما تقوم بعملها بشكل جاد.

"
"الحاضر الغائب" في اتفاق المصالحة هو "إسرائيل, فبإمكانها أن تُفشل أو تُعطِّل عملية المصالحة، إذا لم تَسر الأمور وفق رغبتها أو وجدتها مخالفة أو متضاربة مع مصالحها
"
ومع افتراض حسن النوايا والجدية لدى طرفي المصالحة الرئيسيين، فإن "الحاضر الغائب" في اتفاق المصالحة كانت "إسرائيل"!! ففي ملفات المصالحة الخمسة، كانت هناك ثلاثة ملفات هي تشكيل الحكومة الفلسطينية، وإجراء الانتخابات، وإصلاح الأجهزة الأمنية لا يمكن أن تتم دون موافقة أو على الأقل سكوت إسرائيلي، خصوصاً في مناطق الضفة الغربية. وبهذه الطريقة يمكن لـ"إسرائيل" أن تُفشل أو تُعطِّل عملية المصالحة، إذ لم تَسر الأمور وفق رغبتها أو وجدتها مخالفة أو متضاربة مع مصالحها.

تسعة أشهر كاملة مضت من عمر المصالحة لتحديد رئيس وزراء السلطة، وهي "تخضُّ الماء" دون أن تحصل على اللبن أو الزبدة!! كان مرشح محمود عباس الوحيد هو سلام فياض ليس لأنه من فتح، وليس لأن الشعب الفلسطيني لا يملك الآلاف من أصحاب الكفاءات والطاقات، ولكن لأن عباس يريد شخصاً مقبولاً إسرائيلياً وأميركياً. وكان المخرج في اتفاق الدوحة أن نفسر "الماء بعد الجهد بالماء" فيصبح أبو مازن نفسه رئيساً للوزراء، لتضاف مهمة جديدة إلى مهماته في رئاسة دولة فلسطين ورئاسة منظمة التحرير الفلسطينية ورئاسة السلطة الفلسطينية ورئاسة فتح والقيادة العليا للقوات الفلسطينية!! قد لا يعرف البعض أن عباس احتفل بذكرى ميلاده السابعة والسبعين يوم 26 مارس/آذار الماضي (ولد 1935).

لم تتشكل حتى الآن الحكومة الفلسطينية التي تُعبر عن الوحدة الوطنية والشراكة بين الفصائل الفلسطينية، لأن هذه الحكومة إذا أرادت أن تعمل في الضفة الغربية فيجب أن لا يكون عليها أو على بعض وزرائها فيتو إسرائيلي، وإذا أرادت أن تعمل في قطاع غزة فلا يجب أن يكون عليها فيتو من حماس، وإذا أرادت أن تعمل في المنطقتين فلا يجب أن يكون عليها فيتو من فتح.

وفي النهاية فإذا أصرَّت "إسرائيل" على معاييرها، فعلى أطراف المصالحة أن تستجيب، وإلا فلن تكون هناك حكومة تستطيع العمل على الأرض، ببساطة لأن هناك شيئاً اسمه الاحتلال الإسرائيلي، بوجهه القبيح والشرس، وبأدواته الغليظة في القتل والقمع والحصار والتدمير والمصادرة والاعتقال ومنع حركة الأفراد وتعطيل المؤسسات.. إلخ. قد نحتاج بضعة أشهر أخرى لنصل إلى "معادلة سحرية" جديدة نظهر فيها وكأننا حققنا إنجازاً وطنياً بتشكيل حكومة توافق وطني، ولكننا في الحقيقة لا نكون قد أرغمنا الطرف الإسرائيلي على شروطنا، بقدر ما أبدت بعض الأطراف "مرونة" استجابت فيها للخطوط الحمر الإسرائيلية.

ومن ناحية ثانية، هل يمكن إجراء انتخابات حرة نزيهة شفافة في أجواء صحية في كلّ مناطق الضفة الغربية بما فيها القدس، دون موافقة أو على الأقل سكوت إسرائيلي؟! لنفترض أن الانتخابات حصلت، وأنها تمت في أجواء حرة نزيهة. ولنفترض أن حماس فازت مرة أخرى بأغلبية ساحقة، هل يمكن لحماس أن تنفذ برنامجها في الإصلاح والتغيير (مع تمسكها بثوابتها الإسلامية والوطنية) تحت الاحتلال؟

وإذا كان الاحتلال يملك مداخل السلطة ومخارجها، ويحتل أرضها وسماءها، ويملك تدمير بناها التحتية ومصانعها ومدارسها ومؤسساتها الاقتصادية، ويستطيع التحكم بحركة المال، كما يستطيع تعطيل عمل المجلس التشريعي واعتقال الوزراء، ومنع أجهزتهم من العمل، ومنع إداراتهم من التنفيذ. فأين هي عناصر النجاح لأي اتجاه مقاوم يسعى لطرد الاحتلال وتغيير معادلة الصراع؟

ولنفترض، من جهة أخرى، أن فتح فازت بأغلبية ساحقة. فهل تستطيع أن تقدم لنا معادلة "سحرية" جديدة، تنهي فساد السلطة المستشري، وتنهي الدور البئيس للأجهزة الأمنية في قمع الشرفاء وقوى المقاومة، وهل ستتمكن من تقديم معادلات جديدة توقف الاستيطان وتهويد القدس وتعيد تحويل السلطة من سلطة وظيفية تخدم أغراض الاحتلال، إلى سلطة تؤدي حقاً إلى اندحار الاحتلال وتحقيق حلم الدولة الفلسطينية (عبر الوسائل السلمية المعتمدة لدى قيادة فتح)؟ أم أنها ستتقدم للسيطرة على قطاع غزة لإدخاله في "بيت الطاعة" المرهون باتفاق أوسلو، والمرهون بدوره للشروط الإسرائيلية الأميركية؟! أم أن المطلوب فقط هو استرجاع الشرعية الشعبية والشرعية الدستورية التي فقدتها في انتخابات 2006؟ وإذا تمّ ذلك، فهل سنتابع السباحة في دوامة المأزق الفلسطيني نفسه، حيث يسيطر فصيل فلسطيني واحد على منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى صناعة القرار الفلسطيني منذ نحو سنة 1968؟ وحيث يعطّل العمل الفعلي للمنظمة منذ أكثر من عشرين عاماً؟ وهل سنتابع المسارات البائسة نفسها التي سارت فيها عملية التسوية والسلطة الفلسطينية؟ وهل سيتم ذبح المقاومة الفلسطينية بسلاح "الشرعية" الفلسطينية الجديدة؟

ومن ناحية ثالثة تبرز إشكالية الأجهزة الأمنية، التي أشرف الجنرال الأميركي دايتون في السنوات الماضية على إعدادها في الضفة الغربية، والتي تمّ تأهيلها على أساس التعاون مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وملاحقة قوى وعناصر المقاومة، والتي جرى استبعاد المئات (إن لم يكن الآلاف) من الكوادر الوطنية من صفوفها، وهي كوادر محسوبة على فتح وغيرها من أولئك الذين كان لهم ماضٍ نضالي.

"
هل يمكن في أجواء الاحتلال الإسرائيلي والسكون الفلسطيني، أن يتم "نفض" المؤسسة الأمنية بناء على اتفاق المصالحة، بحيث يُعاد تعريف دورها، و"تنظيفها" من العناصر التي تُشكل عبئاً على المشروع الوطني الفلسطيني؟
"
فهل يمكن في أجواء الاحتلال الإسرائيلي والسكون الفلسطيني، أن يتم "نفض" هذه المؤسسة الأمنية بناء على اتفاق المصالحة، بحيث يُعاد تعريف دورها، وبحيث يتم "تنظيفها" من العناصر التي تُشكل عبئاً على المشروع الوطني الفلسطيني، وتقف عائقاً في وجه أية مصالحة وطنية حقيقية، وبحيث تفتح بشكل حقيقي أمام أبناء الشعب الفلسطيني، بناءً على إخلاصهم ووطنيتهم وكفاءتهم، وليس وفق اعتبارات الانتماء لفصيل فلسطيني مُعيَّن، أو اعتبارات "السلامة الأمنية" من أنه بعيد كل البعد عن قوى المقاومة وتياراتها.

في الحكومتين اللتين شكلتهما حماس في الفترة بين 2006 و2007 مثلت الأجهزة الأمنية عناصر التفجير والتوتير، التي استخدمت لإسقاط التجربة وإفشالها وإغراق البلد في الفوضى والانفلات الأمني. ولم يتمكن وزير الداخلية المستقل هاني القواسمي من إصدار أية أوامر لها، ولا أن يوجه حتى شرطياً برتبة "عريف". وحتى هذه اللحظة، ظلت الأجهزة الأمنية معوقاً حقيقياً، انضمت العديد من القيادات الفتحاوية إلى الشكوى منها إلى جانب حماس وباقي فصائل المقاومة.

وإذا كان ثمة إصرار على أن تبقى الأجهزة الأمنية مستجيبة لشروط ومعايير الاحتلال، وقائمة عملياً بوظائف تتعارض مع جوهر مشروع المصالحة، فستكون النتيجة أن يقوم الاحتلال وهذه الأجهزة بإفشال المصالحة وإفراغها من محتواها. وعلى أطراف المصالحة عندئذ ألا تستغرق كثيراً في أحلام المصالحة.

في الأوضاع العادية، فإن اختيار رئيس الوزراء في البلدان المختلفة يحتاج يوماً أو يومين، وتشكيل الوزارات يحتاج يوماً أو بعض يوم, وهو أهون الأمور قياساً بمهامها المنتظرة والتحديات التي تواجهها، فكيف بشعب مشرد يواجه الاحتلال الصهيوني المدعوم بالقوى الكبرى. ألا يحتاج هذا مزيداً من الجد وروح المسؤولية والتضحية، وأن يكبر أصحاب القرار بقدر عظمة قضيتهم؟
إذا كان اختيار رئيس الوزراء احتاج لنحو سنة، وقد نحتاج سنة أخرى لاستكمال الحكومة وحتى "تتموضع" لتبدأ عملها، وربما سنة ثالثة بانتظار الانتخابات وتهيئة الأجواء والحصول على أضواء خضر إسرائيلية وأميركية، ثم قد نحتاج إلى سنتين رابعة وخامسة لنجد أننا غير قادرين على إدارة مشروع وطني تحت الاحتلال ووفق شروط أوسلو، وأننا عدنا من حيث بدأنا لنكتشف مرة أخرى أننا بحاجة إلى مسار آخر بعيداً عن الإملاءات الإسرائيلية والمحددات الأميركية، فلماذا لا نعترف منذ الآن بأن المسار الحالي خاطئ، ولا يؤدي إلى نتيجة حقيقية جادة؟ ولماذا لا نبحث عن مسار آخر أقدر على الإنجاز، حتى وإن كانت أثمانه الأُولى عالية، ما دام مساراً يستحق الاستثمار فيه؟

لا يبدو أن محمود عباس في عجلة من أمره، فقد حقق التوظيف السياسي الذي يريده من خلال المصالحة، إذ ظهر بعدها مرة أخرى رئيساً معترفاً به من كلّ تيارات الشعب الفلسطيني بما فيها حماس. وتمكن من تقديم ملف فلسطين إلى الأمم المتحدة وقد أزاح الاتهامات عنه بأنه وفصيله لا يمثلان إلا جزءاً من الشعب الفلسطيني. وها هو يعيد تشكيل الحكومة الفلسطينية في رام الله برئاسة فياض، على الرغم من أنه هو نفسه مكلف بتشكيل حكومة التوافق الوطني. وهذه رسالة معناها الضمني أن "الحكاية طويلة" وأن "اللي عند أهله على مهله". كما لا يخلو الأمر من اتهامات لحماس، خصوصاً في غزة، بأنها ليست في عجلة من أمرها ما دامت هي الجهة الحاكمة والمهيمنة في القطاع. 

يظهر أن المسار الأفضل في مثل هذه الأوضاع هو البدء بملف منظمة التحرير الفلسطينية، فإذا كان ثمة جدية حقيقية لعلاج المأزق الفلسطيني، فإن الأولى هو البدء بترتيب البيت الفلسطيني نفسه، والاتفاق على برنامجه الوطني، وتحديد أولوياته الوطنية. وعند ذلك يكون موضوع حكومة السلطة وانتخاباتها هو أحد تجليات وتطبيقات البرنامج الوطني، وتكون السلطة الفلسطينية نفسها هي إحدى أدوات تطبيق هذا البرنامج.

إن مزيّة التركيز على مسار المنظمة أولاً هي أن المنظمة تمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وبالتالي فإن عملها وأداءها ليس مرهوناً بمتطلبات الاحتلال ولا واقعاً تحت رحمته. ويمكن لها أن تعيد بناء نفسها وأن تفعّل مؤسساتها، وأن يعمل ممثلوها دون أن يكونوا عرضة للتعطيل والإفشال والاعتقال، كما في حالة السلطة تحت الاحتلال.

في الفترة بين 1964 و1994 كان مركز عمل قيادة م.ت.ف في الخارج. بل إن أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني الذين كانوا يتمتعون بعضوية عاملة، ويقررون الشأن الفلسطيني، كانوا من الفلسطينيين المقيمين في الخارج، ولم يكن أبناء الداخل (بعد احتلال الضفة والقطاع) من أعضاء المجلس منتخبين أو معروفين، ولم يكونوا يحتسبون في نصاب الحضور، بحجة أنهم تحت الاحتلال، وخشية من إجراءاته ضدهم. ونحن مع دور فاعل ومؤثر لأهل الداخل، شريطة ألاّ يكون مرتهناً للاحتلال.

"
حرية صناعة القرار، وصدوره في إطار مؤسسي جامع هو أكثر ما يحتاجه الشعب الفلسطيني، وهو أهم من مجرد تشكيل حكومة تحت الاحتلال، وإجراء انتخابات تحت الاحتلال
"
إن حرية صناعة القرار، وصدوره في إطار مؤسسي جامع هو أكثر ما يحتاجه الشعب الفلسطيني، وهو أهم من مجرد تشكيل حكومة تحت الاحتلال، وإجراء انتخابات تحت الاحتلال، وإدارة حياة الناس تحت الاحتلال، لأن القاسم المشترك في ذلك هو الاحتلال وسقف أوسلو، أما في م.ت.ف، بعد إعادة بنائها وتفعيلها، فالقاسم المشترك هو إنهاء الاحتلال والتخلص منه، وهو برنامج لا تملك آليات إنجاحه كافة مهارات سلطة حكم ذاتي منزوعة الأسنان والأظافر و"الدسم" أنتجها اتفاق أوسلو.

أراد هذا المقال أن يركز على إشكالية المسار الذي اختطه اتفاق المصالحة، وأن يسلط الضوء على مدى وقوع هذا المسار تحت التأثير السلبي المحتمل (والمؤكد) للاحتلال الإسرائيلي. وبالطبع فهناك إِشكاليات أخرى مرتبطة بالخلفيات الأيديولوجية والفكرية، وبعدم وجود المظلة التمثيلية الموحدة، وبأزمة الثقة بين أطراف المصالحة، وبالبيئة العربية والدولية.. وغيرها.

والخلاصة أن العمل على ترتيب البيت الفلسطيني وترتيب أولوياته من خلال م.ت.ف، يمثل مجالاً حقيقياً لاختبار نوايا وجدية فتح وحماس وباقي الأطراف المعنية بالمصالحة الفلسطينية، بعيداً عن الهيمنة والإملاءات الإسرائيلية والأميركية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75827
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية Empty
مُساهمةموضوع: رد: أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية    أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية Emptyالإثنين 8 نوفمبر 2021 - 9:44

الوضع الفلسطيني.. من الانقسام إلى الاقتسام


 
ليس تحركاً إستراتيجياً
المعوقات الفعلية للمصالحة
نحو مصالحة حقيقية

ما زال مشروع المصالحة الفلسطينية يفتقد إلى قوة دفع كافية، تجعل منه برنامجاً عملياً ينزل على أرض الواقع. مضى نحو ستة أشهر على توقيع اتفاق المصالحة (3/5/2011)، دون أن تظهر أية مبادرات جدية لتطبيقه، بالرغم من أن التفاوض على الاتفاق بين فتح وحماس أخذ شطراً كبيراً من سنة 2009، بينما استغرقت الاستجابة لملاحظات حماس الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2009 وحتى نهاية أبريل 2011 أي أكثر من سنة ونصف.
 
وبالرغم من أن الاتفاق كان شاملاً ومفصلاً وجاء في نحو 4100 كلمة موزعة على 22 صفحة، فإن كل التفصيلات والتحوطات لم تتمكن من بثّ الحياة والحيوية فيه.
 
وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فإن الأيام القادمة قد لا ترى انفراجات جدية في عملية المصالحة، وستشهد مزيداً من التأجيلات في تشكيل الحكومة الفلسطينية، والانتخابات، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية، وفي إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية.
 
وبالتالي فإن إعلان إنهاء الانقسام سيكون أقرب إلى "هدنة"، مع إبقاء جوهر المشكلة حيث ستستمر سيطرة طرفين مختلفين على الضفة الغربية وقطاع غزة، ليصبح الوضع انتقالاً معنوياً من "انقسام" معلن، إلى "اقتسام" للصلاحيات والنفوذ في المنطقتين، ولكن ربما دون ضجيج ودون صراع مكشوف في وسائل الإعلام.
 
وليس هذا بالتأكيد ما سعى ويسعى الفلسطينيون إلى تحقيقه، غير أن الأمنيات والنوايا الحسنة، إن وُجدت، لا تكفي.
 
"
أبو مازن وقيادة السلطة قاموا بتوظيف اتفاقية المصالحة توظيفاً تكتيكياً للحصول على حالة إجماع فلسطيني خلف قيادتها، وتمكينها من الظهور أمام المجتمع الدولي باعتبارها القيادة الشرعية الوحيدة للشعب الفلسطيني
"
ليس تحركاً إستراتيجياً

افتقد اتفاق المصالحة الأخير، كما افتقدت الاتفاقات السابقة في القاهرة وفلسطين ومكة، إلى آليات حقيقية ملزمة للتنفيذ. وقد جعل اتفاق المصالحة قيادة "الأوركسترا" وإنزال البرامج على الأرض مرتبطاً بأبي مازن بصفته رئيس المنظمة ورئيس السلطة.
 
فمثلاً لم تتشكل اللجنة المشتركة لتنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية التي يفترض أن تتشكل من 16 عضواً من الفصائل والمستقلين، وتسمي كل من فتح وحماس ثمانية أعضاء، ولم يصدر أبو مازن مرسوماً بتشكيلها بالرغم من أنه كان من المفترض أن تبدأ عملها فور توقيع الاتفاق.
 
وكان من المفترض أيضاً أن تبدأ اللجنة المكلفة بتطوير منظمة التحرير باستكمال تشكيلها وعقد أول اجتماعاتها فور البدء بتنفيذ الاتفاق، لكنها لم تتشكل ولم تجتمع حتى الآن. كما لم يُعمل شيء على صعيد الترتيبات للانتخابات التشريعية والرئاسية، ولا على صعيد إعادة بناء وتأهيل قوات الأمن الفلسطينية.
 
والذي يستقرئ تجربة شهور السنة الماضية يلاحظ أن أبا مازن وقيادة السلطة قامت بتوظيف اتفاقية المصالحة توظيفاً تكتيكياً للحصول على حالة إجماع فلسطيني خلف قيادتها، وتمكينها من الظهور أمام المجتمع الدولي باعتبارها القيادة الشرعية الوحيدة للشعب الفلسطيني، بما يمكنها من تقديم أوراق اعتماد الدولة الفلسطينية للأمم المتحدة. وبما يمكنها أيضاً من استخدام ذلك كأداة ضغط على الإسرائيليين والأميركان بوجود بدائل أخرى لديها.
 
وقد استفاد أبو مازن من هذه الورقة بالفعل، لكنه لم يتقدم بأية خطوات عملية في مسار تشكيل الحكومة أو في المسارات الأخرى، واكتفى بترشيح اسم سلام فياض لرئاسة الوزراء وهو يعرف مسبقاً رفض حماس له، وليتم إضاعة الوقت لأشهر عديدة في مناقشة اسمه.
وربما رغب أبو مازن ألا يتم تشكيل حكومة يكون لحماس دور في عضويتها أو تشكيلها، بما يُثير حفيظة الإسرائيليين والأميركان، في الوقت الذي يقدم فيه طلب الدولة الفلسطينية. ولذلك لم يكن أبو مازن مستعجلاً في تطبيق الاتفاق بانتظار نتائج تقديم الطلب لمجلس الأمن وللأمم المتحدة.
 
وإذا ما استمرت هذه السياسات على حالها، فلن نرى حكومة فلسطينية تعبر عن حالة وحدة وطنية حقيقية، ولن نرى أجهزة أمنية يتم إصلاحها، كما لن نرى أجواء صحية تؤدي إلى انتخابات نزيهة وشفافة، خصوصاً إذا ما أظهرت التوقعات احتمالات فوز حماس، حيث سيسعى الإسرائيليون والأميركان وأطراف أخرى لقطع الطريق على ذلك.
 
المعوقات الفعلية للمصالحة
من الناحية العملية نحن نجد أنفسنا أمام شريكين متشاكسين اضطرا للدخول في المصالحة وهما يعانيان من اختلافات أيديولوجية حادة، ومن عدم وجود مرجعية مؤسسية مشتركة، ومن أزمة عميقة في الثقة المتبادلة، ومن التدخلات الخارجية في صناعة القرار الفلسطيني.
 
فمن جهة أولى لا توجد مرجعية فكرية وأيديولوجية واحدة مشتركة تحدد ما هو ثابت وما هو خط أحمر لا يقبل التنازل والمساومة، وما هو خاضع للتكتيك والتقدير السياسي والظروف الذاتية والموضوعية وموازين القوى.
 
وقد انعكس ذلك على البرنامج الوطني لكلا الطرفين، وكيفية تحديد الأولويات، وما يمكن تقديمه من تنازلات، ورؤية الطرفين الإستراتيجية والتكتيكية لمشروعي المقاومة والتسوية.
 
"
يطالب أبو مازن ومعه قيادة المنظمة وفتح بتشكيل حكومة ترفع الحصار، غير أن "إسرائيل" وأميركا ترفضان رفع الحصار دون الاستجابة لشروط الرباعية، وأولها الاعتراف بـ"إسرائيل"، وهو ما لا يمكن لحماس قبوله
"
وقد يبدو ذلك للوهلة الأولى أمراً يمكن التعايش معه، غير أن التجربة العملية في الحالة الفلسطينية أثبتت وجود عقبات حقيقية لا يستهان بها. ومثال ذلك مسألة الاعتراف بـ"إسرائيل" وحقها في 77% من أرض فلسطين، التي ترفضها حماس على أسس إسلامية مبدئية؛ بينما تتقبلها قيادة منظمة التحرير والسلطة باعتبار ذلك استحقاقاً سياسياً نتيجة اتفاق أوسلو، الذي تشكلت على أساسه السلطة الفلسطينية، وانبنى عليه حلم تحويل السلطة إلى دولة فلسطينية.

 
أما حماس فتريد أن تمارس حقها في خدمة شعبها وإدارة السلطة، دون أن تعترف بـ"إسرائيل"، ودون أن تتخلى عن المقاومة، ودون أن تعترف بالاتفاقيات التي وقعتها المنظمة؛ أي أن حماس تريد أن تفرض شروطاً جديدة لإدارة اللعبة، وهو ما يرفضه الإسرائيليون والأميركان.
 
ومن الناحية التطبيقية يطالب أبو مازن ومعه قيادة المنظمة وفتح بتشكيل حكومة ترفع الحصار، غير أن "إسرائيل" وأميركا ترفضان رفع الحصار دون الاستجابة لشروط الرباعية، وأول شروط الرباعية هو الاعتراف بـ"إسرائيل"، وهو ما لا يمكن لحماس القبول به.
 
وهكذا، بطريقة أو بأخرى يصبح معنى "حكومة ترفع الحصار" هو حكومة تعترف بـ"إسرائيل". ولذلك فإن جوهر تعطيل تشكيل الحكومة ليس مرتبطاً بكيفية تقسيم الكعكة أو بعدد الوزراء لهذا الطرف أو ذاك، لكن بكيفية إدارة عملها تحت الاحتلال الإسرائيلي، من خلال إيجاد معادلة "سحرية" تقبل بها كل من فتح وحماس، ويسكت عنها -على الأقل- الإسرائيليون.
 
وتنطبق الإشكالية نفسها على مسار التسوية السلمية الذي تعدُّه قيادة المنظمة مسارها الإستراتيجي؛ بينما ترى حماس فيه مساراً عبثياً، وترى في العمل المقاوم مساراً إستراتيجياً. ولهاتين الرؤيتين تطبيقات مختلفة متناقضة على الأرض، مرتبطة بتحديد أولويات المشروع الوطني الفلسطيني، وبكيفية التعامل مع العدو ومع البيئة العربية والدولية.
 
ومن جهة ثانية تبرز إشكالية عدم وجود مرجعية مؤسسية يحتكم إليها الطرفان، وتحدد أولويات المشروع الوطني، وآليات اتخاذ القرار، وشرعية تمثيل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وآليات التداول السلمي للسلطة.
 
ومع أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الجهة المفترضة للقيام بهذا الدور إلا أن حماس ومعها حركة الجهاد الإسلامي وغيرها ليست أعضاء في المنظمة، بينما تحتكر حركة فتح قيادة المنظمة منذ أكثر من 42 عاماً (فبراير/شباط 1969).
 
وبالرغم من أن اتفاق المصالحة ينص على إصلاح منظمة التحرير ومشاركة كافة الفصائل الفلسطينية فيها، إلا أن السلوك السياسي والعملي لقيادة المنظمة كان عادة ما يُعطِّل الاستحقاقات المرتبطة بإصلاح المنظمة وإعادة بناء مؤسساتها، ومحاولة الاستمرار في احتكار قيادتها.
 
كما أن السلوك السياسي لحماس والجهاد الإسلامي وعدد من الفصائل، لا يسعى فقط للشراكة في قيادة المنظمة، وإنما في إعادة بناء أولويات المشروع الوطني الفلسطيني على أسس ترفض التنازل عن الأرض وتحمي خيار المقاومة، وهو ما يعني إعادة النظر في الاتفاقات التي وقعتها المنظمة وربما إلغاء أو تعديل عدد منها، وهو ما قد يكون محطّ اعتراض شديد من فتح، التي قد تسعى لقطع الطريق على هكذا تغييرات.
 
ويظهر العامل الخارجي من جهة ثالثة كعامل معوق في عملية المصالحة؛ عندما نجد أنفسنا أمام سلطة فلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وتحت الحصار في قطاع غزة، وهي سلطة مكبلة باتفاق أوسلو الذي يفرض عليها دوراً وظيفياً في حماية الأمن الإسرائيلي ومنع العمل المقاوم؛ بينما تتحكم "إسرائيل" في الحدود، وصادرات السلطة ووارداتها، وتستطيع "إسرائيل" تدمير البنى التحتية، واحتلال مناطق الحكم الذاتي، واعتقال من تشاء، وخنق الاقتصاد، والاستمرار في التهويد، وفرض العقوبات التي تريد، كوسائل ضغط وابتزاز وتركيع سياسي واقتصادي وأمني.
 
"
أزمة الثقة بين فتح وحماس التي تعمقت بين الطرفين في السنوات الماضية تزيد من تعقيد الأمور، وتحتاج إلى الكثير من المبادرات الإيجابية فيه لتجاوز حواجز الخصومة وبناء الثقة بين الطرفين
"
كما تستطيع تعطيل الانتخابات التشريعية، واعتقال مؤيدي تيار المقاومة مثل وزراء حماس ونوابها في المجلس التشريعي، مما يؤدي إلى تعطيل آليات عمل السلطة الفلسطينية.

 
والعامل الخارجي يمكن تحسسه في النفوذ الأميركي والغربي، سواء في فرض شروط الرباعية، وفي الحصار، ومقاطعة حماس، وفي اعتماد حوالي نصف ميزانية السلطة على المساعدات الخارجية، وفي إشراف دايتون ومايكل مولر على الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية.
 
وبالإضافة إلى ما سبق فإننا نجد من جهة رابعة أن أزمة الثقة بين فتح وحماس التي تعمقت بين الطرفين في السنوات الماضية تزيد من تعقيد الأمور، وتحتاج إلى الكثير من المبادرات الإيجابية لتجاوز حواجز الخصومة وبناء الثقة بين الطرفين.
نحو مصالحة حقيقية
يتضح مما سبق أن المشكلة أكبر من أن يحلها اتفاق المصالحة، وأن الاتفاق وإن كان أسهم في تقريب العديد من وجهات النظر، وأوجد عدداً من الآليات المقترحة لحل الخلافات وإعادة بناء المؤسسات؛ إلا أن هناك الكثير المطلوب عمله لاتخاذ مجموعة إجراءات جادة على الأرض، تتجاوز المحاولات المعتادة للاستفادة التكتيكية من الاتفاق.
 
وإذا كان ثمة إرادة لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية، فإن هناك أسئلة بحاجة إلى إجابة من أبرزها:
 
– ما أولويات المشروع الوطني الفلسطيني، وهل يمكن بناء موقف متفق عليه بشأن التعامل مع مشروعي المقاومة والتسوية؟
 
– كيف يمكن صناعة قرار وطني فلسطيني مستقل، دون تدخل أو ابتزاز إسرائيلي وأميركي…، ودون اشتراطات الرباعية وغيرها؟
 
– كيف يمكن الوصول إلى "عقد وطني" يُحدّد الثوابت، ويحترم العمل المؤسسي، ويُقر التعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، وينهي عقلية الهيمنة والاحتكار والتسلط؟
 
– هل ما زالت السلطة الفلسطينية تصلح قاطرة لإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة؟ وهل ما زال مسار التسوية يوفر غطاء لذلك؟
 
– وهل أصبح من الضروري إعادة النظر في وظيفة السلطة ودورها، وكيفية تكييفها لخدمة الشعب الفلسطيني، وليس لخدمة أغراض الاحتلال؟ بما في ذلك مناقشة الأفكار المرتبطة بحل السلطة أو إنشاء سلطة مقاومة.
 
"
اتفاق المصالحة وإن كان أسهم في تقريب العديد من وجهات النظر بين فتح وحماس، إلا أن هناك الكثير المطلوب عمله لاتخاذ مجموعة إجراءات جادة على الأرض، تتجاوز المحاولات المعتادة للاستفادة التكتيكية من الاتفاق
"
– ما تصور حماس عن كيفية الجمع بين السلطة والمقاومة؟ وكيفية تطبيق برنامجها في الإصلاح والتغيير تحت الاحتلال خصوصاً في الضفة الغربية؟

 
– كيف يمكن تحقيق تكامل وتفاعل حقيقي لدور الفلسطينيين في الداخل والخارج، والاستفادة من الطاقات الهائلة المذخورة في هذا الشعب؟ وكيف يمكن توسيع دائرة التفاعل عربياً وإسلامياً ودولياً باتجاه مشروع التحرير والاستقلال؟
 
تلك بعض الأسئلة برسم الإجابة من صانع القرار الفلسطيني، وهذا يحتاج -بالإضافة إلى الإرادة الصادقة والجدية اللازمة- إلى رؤى ناضجة تقوم بالمساعدة في إعدادها مراكز الأبحاث والتفكير، والمتخصصون والمعنيون من مختلف الاتجاهات.
 
ويحتاج إلى تكوين رأي عام شعبي ضاغط وفاعل باتجاه إنزال اتفاق المصالحة على أرض الواقع. كما يحتاج إلى نبذ التعصب الحزبي والفئوي والخروج من شرنقته، ليرتقي الجميع إلى مستوى تحدي المشروع الصهيوني، وقبل ذلك وبعده الاستعانة بالله وعدم الاستسلام للمصاعب مهما كانت.
 
أما إذا ظلت الأمور على حالها، فستظل فرص إنجاح المصالحة الحقيقية ضعيفة، وستظل إمكانات الإفشال والتعطيل قائمة، وسيظل التوظيف للمصالحة تكتيكياً، وسيعبر الوضع الحالي عن حالة انتقال من "الانقسام" إلى "الاقتسام" للمناطق ولدوائر النفوذ، بانتظار إصلاح حقيقي، أو انفجار الوضع من جديد حتى تغلب رؤية طرف وإرادته على الطرف الآخر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75827
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية Empty
مُساهمةموضوع: رد: أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية    أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية Emptyالإثنين 8 نوفمبر 2021 - 9:44

هل عرقلت حماس التهجير وهدم الأقصى? : مهنا الحبيل

إن الإشكالية المستمرة التي تمارس على مشهد الإعلام العربي والدولي الموجه سياسيا هي عزل الحدث أو الحلقة الآنية عن أصل مسلسلها الرئيسي وشركاء التنفيذ الذين سواء تم استنفاذهم أو استمرت أدوارهم في موقع جديد يخدم ذات المشروع وهو هنا مشروع الحركة الصهيونية المركزي في طورها الأخير الذي بدأ أوائل التسعينيات وكان متطابقا مع الرؤية الأميركية.

من هنا يدرك المراقب السياسي أنّ إعلان العزم على خطة التهجير وتوقيت كنيس الخراب وما رافقه لم يكن إلاّ حلقة منتظمة في دورات مترادفة سعت فيها الحركة الصهيونية العالمية ومن عاصمتيها في تل أبيب ورديفها في واشنطن للوصول إلى التدشين المباشر لوضع الرأي العام العالمي والإسلامي والعربي أمام القبول الراضي أو المُضطّر لقضية الترانسفير وهدم المسجد الأقصى وإحلال الهيكل وإن تمّ ذلك في طور مرحلة التنفيذ النهائي ولكن أيضاً بالتدريج.

"
إعلان العزم على خطة التهجير وتوقيت كنيس الخراب لم يكن إلاّ حلقة منتظمة في دورات مترادفة سعت فيها الحركة الصهيونية العالمية لوضع الرأي العام العالمي والإسلامي والعربي أمام القبول الراضي أو المُضطّر لقضية الترانسفير وهدم المسجد الأقصى
"
وقد كان هذا الهدف معتمداً في أصل المشروع الرئيسي لاتفاقية أوسلو وقبل ذلك مهمة مؤتمر مدريد الذي سعى لدفع النظام الرسمي العربي للعمل المباشر على تهيئة الأرض لتحقيق هذا الهدف من ثلاث مسارات رئيسية الأول ترسيخ مفردة السلام الإستراتيجي ومشاريعه كخيار نهائي وبديل وهو ما يعني عملياً في هذا الضّخ المستمر في الإعلام أنّ تل أبيب وحلفاءها لن تتعرض لأي ردة فعل من النظام الرسمي العربي المشارك في هذه الأجندة وسيعمل ذاتياً على تطويع الشعب العربي لتحقيق هذا الهدف.

المسار الثاني المترادف والذي سعت لتسويقه واشنطن بكل قوة وحيوية هو تعويم قضية التطبيع وتوسيع دائرة اختراقاتها وتكثيف حضورها حتى تنتهي إلى عجز كامل عن القدرة لمقاومتها المدنية من قبل قوى الممانعة الشعبية في الوطن العربي والإسلامي, وفي ذات الوقت تسوق الضرورات المزعومة لكل قُطر مخترق بحسب فزّاعة خطر آخر أو بحسب مصلحة قُطرية مع حملة تضليل كبيرة لا تخضع حتى للغة التقويم الإستراتيجي المنصف.

أمّا المسار الثالث فهو استثمار ولادة الفريق الفلسطيني الجديد الذي تطلب توليده مرحلة زمنية ليست قصيرة كانت ترصد مبكرا وتنسج علاقات إستراتيجية مع أطرافها في فريق أوسلو منذ أن كانوا في بيروت ببرنامج تصعيد دقيق يستغّل ثوب العهد الثوري النضالي لحركة فتح ويعمل على تصفية العراقيل أمام صعوده وإزاحة قيادات فتحاوية كان أبرزها الرئيس الراحل ياسر عرفات حين عارض التسليم للنسخة الأخيرة لمشروع السلام , فتُضمن بعد ذلك عملية إشعار الرأي العام أنّ هذا الفريق المقيم في رام الله هو الممثل لذلك التاريخ الثوري وقد وقّع اتفاقية سلام نهائية رحّلت وعوّمت قضية القدس إلى حين يتقدم الإسرائيليون على الأرض وفي ذات الوقت تعمل هذه الجماعة الجديدة بحكم الشرعية المزعومة التي فُرضت بالسلاح الإسرائيلي وبالمال الأميركي على تصفية المقاومة وتحويل فصائلها للعبة داخلية في قضية الصراع على التمثيل السياسي لمكاتب خدمات تسمى مجالس بلدية ومؤسسات تشريعية تسيطر على حراكها وساحتها تل أبيب بعيدا عن أسوار الأقصى.

لكنّ هذا المشروع تعرّض لانتكاسة كبيرة عطّلت خطة الهدم الأولى للمسجد الأقصى فقد حوّلت حماس هذه المشاركة إلى تعطيل تنفيذي قوي واجه شرعنة مهمة فريق التوليد الذي عملت واشنطن وتل أبيب وأركان من النظام الرسمي العربي على بلوغه نقطة الصفر للمشروع التصفوي ومرحلة الخلاص من مأزق الضغط الأدبي على مصالحها مع واشنطن, مع أنّ البعض من هذا النظام المتطوع وبرغم كل ما قدمه في سبيل هذه الصفقة بقي مضطرباً ولم تستقّر وضعيته برغم كل ما بادر به لمصلحة المشروع.

"
مشروع حركة حماس الفدائي الذي نفذت تضحياته عبر قياداتها كان العقبة الأولى والصلبة أمام خطة هدم المسجد الأقصى أو تصفيته تدريجيا, وهو ما كان سبباً في الاضطراب المتعاقب لدى حلفاء حرب غزة من استمرار هذه العرقلة لمشروع التصفية الشامل للقضية الفلسطينية
"
ولذلك كانت الحملة العسكرية عنيفة في محرقة غزة وغُطيت في البداية من قبل تلك الأركان العربية إلا أنّ الانتكاسة عاودتها مجددا برغم كل تلك النازية والوحشية في الحصار, وأعقب ذلك حملة أمنية عنيفة جدا على حماس مع حملة تضليل وحصار وقمع على الحركة الإسلامية في الخط الأخضر بقيادة الشيخ رائد صلاح, وهو ما يعنى أنّ مشروع حركة حماس الفدائي الذي نفذت تضحياته عبر قياداتها كان العقبة الأولى والصلبة أمام خطة هدم المسجد الأقصى أو تصفيته تدريجيا, وهو ما كان سبباً في الاضطراب المتعاقب لدى حلفاء حرب غزة من استمرار هذه العرقلة لمشروع التصفية الشامل للقضية الفلسطينية والتي سيظل ركنها الرئيس هدم المسجد الأقصى وإحلال الهيكل.

من هنا سيبرز لنا بصورة مباشرة وانعكاس واضح بأن حرب التصفية ضد حماس وحلفائها الإسلاميين في الخط الأخضر في دوراتها المتعددة كانت لما مثلته الحركة في صعودها وصمودها والالتفاف الشعبي الصلب حولها رغم كل ما عاناه شعب غزة والضفة وعموم فلسطين من أبناء القطاعات الشعبية الموالية للمقاومة من حصار وتجويع واعتقال وتصفيات دموية تاريخية كلها فشلت حتى الآن في الوصول إلى إسقاط حماس.

ولذلك قررت تل أبيب أمام هذا الإحباط التقدم مجددا لهدفها المركزي من ما يسمى عملية السلام في مقابل عملية إسناد عربي رسمي مستمر لدعم فريقها في أوسلو وتغطية حكومة نتنياهو مع تحويل المشروع الأميركي المزعوم للسلام إلى معاتبات رقيقة أو حادة بعض الشيء لتل أبيب تنتهي إلى تسوية تدعو للمفاوضات التي دعا لها العرب مجدداً في قرار الجامعة الأخير. فتباشر تل أبيب تحتها عملية تنفيذ الهدم الأول عبر زحف كنيس الخراب.

الأهم في هذا المقال أنّ التحرك الواجب المطلوب لتعطيل هذه المهمة التي صدتها خيارات المقاومة سابقاً ولا تزال تربكها وبالتالي فإن هذا الرصد يُطرح لكي تُنظّم حركة الإسناد العالمي العربية والإسلامية والإنسانية لقضية الأقصى وغزة معا فهما مرتبطان بالاستهداف وبالممانعة أيضاً وأول بند يطرح هو خطورة وصول حالة الإحباط إلى النخب والاعتقاد بأن المساهمة بالمشاركة غير مجد.

وهذه النقطة هي التي ينتظر الآخرون الوصول إليها بفارغ الصبر والعجيب أنّ البعض يعتقد بأن خطط الإصلاح السياسي والتنمية المعرفية تتعارض مع تحريك قواعد الرأي العام والمساهمات المساندة المتعددة بالمال والإعلام والضغط على النظام الرسمي العربي لأجل فلسطين وهذا خطأ خطير والصحيح أن المهمتين تسيران جنباً إلى جنب, فحتى الغرب الذي وصل إلى إقرار عهد التنمية السياسية لديه فهو لا يتردد من تحريك الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني للضغط ضد من يهدد مصالحه ولو كان صاحب حق.

"
مطلوب خطة إعلامية عربية وإسلامية شاملة تنطلق لإسناد مشروع المقاومة تعيد تشكيل فعالياته وكل روابطه الأهلية والرسمية الممكنة للقيام بهذا الواجب المقدّس لسورة الإسراء
"
إن تفشي هذا المفهوم في أوساط المسلمين هو بحد ذاته سلاح فاتك ضد قضية الأقصى فالإصلاح والكفاح الحقوقي والتنموي لا يتعارض مع المشاركة في دعم قضية فلسطين بل أثبت التاريخ بالقراءة السياسية التحليلية أنّ هذا الحصار لقوى الإصلاح في داخل الوطن العربي مرتبط بالحصار على فلسطين وحين ينجح النظام الرسمي العربي في قمع الإصلاح فهو يتزامن دائما مع زحف تل أبيب ويرتد في الاتجاه المعاكس ضد مصالح المواطن وحقوقه, فضلاً عن أن فلسطين قضية مبدئية أخلاقية للأمة والإنسانية لا يجوز التراخي فيها وقد كانت ولا تزال مرتبطة بفكرة المشروع المركزي للإمبريالية العالمية وحلفائها في الحركة الصهيونية وهو ما يعني عمليا استمرار الاستهداف للخريطة العربية حتى تفتيتها كليا ووضع اليد لهذا التحالف ليشمل كل مقومات الاقتصاد المركزي للوطن العربي.

وإنه من المهم أن يعلن الإعلام العربي والإسلامي المستقل عن تأثيرات الحلف الصهيوني ومن يتضامن مع القضية من حلفائهم الإنسانيين النفير العام ليس لمشاعر عاطفية هي مستحقة بكل تأكيد ولكن لخطة شاملة تنطلق لإسناد مشروع المقاومة لمقدمات هدم الأقصى وتعيد تشكيل فعالياته وكل روابطها الأهلية والرسمية الممكنة للقيام بهذا الواجب المقدّس لسورة الإسراء. فهل يختلف المسلمون على نص القرآن ومسرى الرسول فتسقط عهدة عمر؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
أبرز الإخفاقات والنجاحات في تاريخ القضية الفلسطينية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: قصة قضية فلسطين :: اهم الاحداث-
انتقل الى: