أين أصابت حماس وأين أخطأت خلال 34 عامًا؟
يرى مراقبون أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حققت عديد النجاحات في شتى الميادين منذ انطلاقتها قبل 34 عامًا، لاسيما في ميدان المقاومة، واستطاعت فرض نفسها فلسطينيًا وإقليميًا ودوليًا، لكن الأمر لم يخل من بعض الأخطاء.
ووفق كتاب ومحللين تحدثت معهم وكالة "صفا"؛ فإن "حماس" رسمت منذ انطلاقها في الرابع عشر من ديسمبر 1987م، وإعلانها عن ميثاقها في أغسطس من العام 1988م، خارطة طريق واضحة للسير بوتيرة عالية نحو تحقيق أهدافها، وقدّمت قادتها وعناصرها في سبيل ذلك.
وحصلت الحركة على شرعية شعبية بلغت ذروتها بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر/2000م، وتجلّت في الانتخابات التشريعية عام 2006م عندما حصلت على 60% من مقاعد المجلس.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف يقول لـ"صفا" إن "حماس" تخضع للقاعدة التي تقول "من يعمل يخطئ"، مضيفًا "هي تُصيب وتُخطئ وتقّيم وتَستدرك وتُصحح.. كانت هناك نجاحات لم تخلُ من الإخفاقات".
ووفق الكاتب الصواف؛ حققت "حماس" نجاحات على صعد عدة أبرزها عسكريًا، إذ بدأت بمجموعات صغيرة تحمل الحجر وتُشعل الكاوتشوك، ولم تنتهِ بتشكيلها جيشًا شبه نظامي يستخدم أدوات المقاومة برًا وبحرًا وجوًا.
ويشير إلى أن الحركة "خطت بداية عملها الإعلامي بصحافة الجدران، ولديها اليوم مؤسسة إعلامية كبيرة".
ويلفت إلى أن حركة "حماس" فازت بالأغلبية النيابية عام 2006، وتجاوزت العقبات التي وضعت في ذلك الوقت لإفشال حكومتها في ملفات التعليم والصحة والداخلية، "وكان الرهان على إفشالها لكنها استمرت".
ويقول إن حماس نجحت ببناء علاقات خارجية مع العديد من الدول فيما لم توفق مع البعض الأخر.
ويضيف "على مستوى العلاقات مع القوى والفصائل الداخلية لم تتوصل إلى جمع هذه القوى على برنامج سياسي مشترك، ولكنها في السنوات الأخيرة تمكنت من تحقيق بعض الانفراجات وتم تشكيل غرفة عمليات مشتركة وشكلت نواة لوحدة وطنية لقوى المقاومة".
ويتابع "يحسب لحركة حماس أنها ما زالت تحافظ على الثوابت والحقوق الفلسطينية وتدافع عنها وتعمل على تحقيقها بالعمل المقاوم والعمل السياسي والإعلامي".
أما على صعيد الإخفاقات؛ يرى الكاتب الصواف أن الحركة لم تحقق انفراجه على المستوى المجتمعي ولم تحقق انتعاشه اقتصادية، "وهذا أمر مهم لم تحقق فيه النجاح المطلوب، وقد لا يرجع الأمر لها فقط بل بسبب الحصار والمؤامرات التي تحاك ضدها".
ويشير إلى أن "حماس لم تُوفَق في مسألة الوحدة وإنهاء الانقسام مع حركة فتح"، والتي وصفها الكاتب بـ"المخطوفة من أصحاب مشروع أوسلو".
ويضيف الصواف "نعم هناك إخفاقات لم تتمكن حماس من تحقيقها، لكن وفي نفس الوقت هناك نجاحات أكثر من الإخفاقات حققتها الحركة وهذه مسألة مهمة علينا النظر إليها".
إنجازات وتحديات
ويتفق الكاتب والمحلل حسام الدجني مع سابقه في صعوبة تقييم تجربة حركة حماس بمعزل عن التحديات التي واجهتها، وعلى رأسها الاحتلال والحصار.
فانطلاقة حركة حماس وقدرتها على بناء تنظيم قوي متماسك تحكمه شبكة مؤسسات في كافة التخصصات كرافعة للحركة الوطنية الفلسطينية، إنجاز يسجل لحماس، وفق الكاتب الدجني.
ويقول الكاتب إنه: "يسجل لحركة حماس نجاحها في بناء رأس مال اجتماعي داخل صفوفها مؤثر على الرأي العام الفلسطيني، ويشكل جوهر تطور أداء الحركة في كافة المجالات".
ويلفت إلى أن "القدرات العسكرية والأمنية لحركة حماس في قطاع غزة تطور بشكل لافت، ويٌشكل أبرز إنجازات الحركة في طريق تحقيق تطلعاتها بالعودة والتحرير".
وبحسب الكاتب؛ فإن "مشاركة حماس في الحياة السياسية أسهم ولو نسبيًا في تحجيم الفساد بمؤسسات السلطة الفلسطينية، ورفع من سقف المطالب السياسية الفلسطينية، فتمسك حماس بمواقفها وثوابتها السياسية أهم إنجاز سيكتب عنه التاريخ".
ويضيف "كان باستطاعة الحركة قبول شروط الرباعية الدولية مقابل أن يفرش لها البساط الأحمر في العواصم العالمية، ويٌعترف بحكمها، وتٌرفع من قوائم الإرهاب الدولي، ولكنها رفضت ذلك وحافظت على ثوابت الشعب الفلسطيني".
ويلفت إلى أن حركة حماس ساهمت في إعادة القضية الفلسطينية إلى عمقها العربي والإسلامي من خلال تسجيل العديد من النجاحات على الصعد كافة، "فقد فرضت الأمن والأمان، وخفضت من مظاهر الفلتان الأمني، وأثبتت مهاراتها في إعادة صياغة اللعبة عن طريق صناديق الاقتراع".
وفيما يخص الإخفاقات، رأى الكاتب الدجني أن حركة حماس فشلت في تشكيل تكتل وطني يساندها في إدارة الحكم خاصة أنها حركة تقود شعبًا ومقاومة.
"ابنة فلسطين الوفية"
أما الكاتب ذو الفقار سويرجو، فيرى خلال حديثه لـ"صفا" أن حركة حماس خلال مسيرتها "استطاعت أن تثبت أنها ابنة فلسطين الوفية التي قدمت الغالي والنفيس لرفعة شعبها وقضيتها وكتبت بالدم إما فلسطين وإما النار جيلًا بعد جيل، على الرغم من الظروف القاسية التي أحاطت بها"، وفق قوله.
ويقول سويرجو إن "حماس" استطاعت أن تُشكل درعا واقيا وصلبا عصيا على الكسر في حماية قضيتنا الفلسطينية من الضياع عبر مراكمة القوة من خلال سياسة طول النفس والعناد الثوري الذي أعاد للقضية هيبتها وقوتها بعد سنوات طويلة من المراهنة على وهم التفاوض من فريق فلسطيني فقد البوصلة واتكل على القوة الناعمة فكانت النتيجة صفر كبير".
ويضيف "استطاعت حركة حماس أن تجمع مفاتيح المتطلبات التكتيكية التي يحتاجها العمل السياسي والتمسك بالهدف الاستراتيجي بالقضاء على هذا الكيان الاستيطاني، رغم الظروف الدولية والإقليمية غير المنحازة للقضية الفلسطينية".
وفي السياق، يشير إلى أن حركة حماس نجحت في توحيد الشعب الفلسطيني على المقاومة بكل أنواعها، وتجلى هذا خلال معركة "سيف القدس" التي وضعت أبناء الشعب الفلسطيني في خندق واحد قادر على المواجهة.
ووفق الكاتب والمحلل سويرجو، فإنه على الرغم من النجاحات عانت الحركة من عدد من "المطبات السياسية" التي فرضتها طبيعة الصراع مع المحتل والتآمر والحصار الطويل التي رافقها لفترة طويلة.
ويرى أن "حماس وفي إطار بحثها عن الشرعية، وهي من حقها، وقعت بأخطاء تكتيكية من خلال فتحها لعلاقات مع بعض الدول المطبعة مع الاحتلال لمحاولة إحداث اختراق في الشرعية الدولية والعربية بهدف تقوية موقعها السياسي".
ويعتقد سويرجو أن "الخطاب الحمساوي لم يغادر النزعات الحزبية الذي أضعف قدرتها، خاصة أنها تقدم نفسها كقائد للمشروع الوطني المقاوم".
وينصح الكاتب حركة حماس بمراجعة هذه التكتيكات "والتي جُربت فيما سبق من آخرين ممن حاولوا الجمع بين المتناقضات فلم يحققوا مرادهم"