مسيرة الأعلام.. تجسيد لحرب إسرائيل المستمرة على السيادة في القدس
متطرفون مشاركون في مسيرة الأعلام في باب العامود عام 2018 وأحدهم يحمل علم منظمة لاهافا المتطرفة
تأخذ "مسيرة الأعلام" التي يفترض أن تنظم في القدس الأحد 29 مايو/أيار الجاري صخبا واهتماما استثنائيا هذا العام، إذ يخطط المستوطنون المتطرفون لإحياء يوم "توحيد القدس" باقتحام كبير للمسجد الأقصى وبمسيرة أعلام إسرائيلية ضخمة يعوضون من خلالها إخفاق مسيرة العام المنصرم التي فرقتها صواريخ المقاومة القادمة من غزة.
ويُعدّ يوم "توحيد القدس" "عيدا وطنيا" لإحياء ذكرى استكمال سيطرة إسرائيل على مدينة القدس، واحتلال الجزء الشرقي منها، وعلى وجه الخصوص البلدة القديمة، وذلك خلال حرب يونيو/حزيران عام 1967
وتعد "مسيرة رقصة الأعلام" الاحتفالية الأبرز في هذا اليوم، وتنطلق سنويا من مكان التجمع المتفق عليه غربي القدس بعد تجمع المشاركين الذين قد يبلغ عددهم نحو 30 ألف مشارك، وتمر من بابين من أبواب البلدة القديمة هما باب الخليل والجديد، ثم تصل إلى باب العامود، حيث تواجه المسيرة احتجاجات فلسطينية رغم كل الحواجز التي تنصبها الشرطة في محيطه.
ولتعويض ما لم يتحقق العام الماضي خلال هذه المناسبة صعدت جماعات الهيكل والمنظمات المتطرفة منذ أيام من تصريحاتها العدوانية تجاه المسجد الأقصى، وما زالت تحشد مزيدا من المؤيدين للمشاركة في تنفيذ اقتحامات بأعداد كبيرة للمسجد يتم خلالها رفع العلم الإسرائيلي وغناء النشيد القومي وأداء الصلوات الجماعية العلنية ثم المشاركة في مسيرة الأعلام عصرا.
دعوات واعتداءات
ومن أكثر الدعوات تطرفا حتى الآن صدرت عن زعيم منظمة "لاهافا" المتطرفة بنتسي غوبشتاين الذي دعا لاعتبار اقتحام الأقصى بمناسبة "توحيد القدس" هو يوم البدء بهدم قبة الصخرة المشرفة، وأُرفقت دعوته هذه بتصميم يضم جرافة تنهش قبة المصلى الذهبية.
وبعد يوم واحد من إطلاق هذه الدعوة صادق وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومير بارليف بعد اجتماع عقده مع المفتش العام للشرطة يعقوب شبتاي على مرور "مسيرة الأعلام" من باب العامود والحي الإسلامي في البلدة القديمة وصولا إلى حائط البراق.
وتأتي الاحتفالات بيوم "توحيد القدس" هذا العام بعد أسابيع من احتدام معركة الأعلام في المدينة؛ خاصة بعد تكرر رفع العلم الفلسطيني مؤخرا سواء داخل المسجد الأقصى أو في جنازة الراحلة شيرين أبو عاقلة والشهيد وليد الشريف قبل أيام، في مشاهد دفعت بكثيرين للقول إن إسرائيل فقدت السيطرة على المدينة التي تدّعي أنها عاصمتها الموحدة.
صراع وسيادة
وقال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، إن العنوان العريض للأحداث التي تجري في مدينة القدس مؤخرا هو "الصراع على السيادة" والأعلام أحد أهم رموز السيادة.
وكان من اللافت وفقا للهدمي بقاء العلم الفلسطيني مرفوعا أعلى قبة الصخرة المشرفة خلال العشر الأواخر من شهر رمضان وعدم تجرؤ شرطة الاحتلال على إزالته لما في ذلك من مجازفة في الاقتحام والمواجهة.
كما أن حرص الشرطة على منع المستوطنين من رفع العلم الإسرائيلي داخل باحات المسجد لاحقا شكّل وفق الهدمي نقطة ضعف وإهانة لسلطات الاحتلال التي دفعتها لاستهداف الأعلام الفلسطينية في الجنازات الأخيرة بالمدينة، كما دفعت بالمتطرفين لحشد أكبر عدد من المستوطنين المعروفين بتطرفهم لمسيرة الأعلام الإسرائيلية القادمة.
انفجار ومواجهة
وكلما اقترب العلم الفلسطيني من المسجد الأقصى ومحيطه ومن مداخل البلدة القديمة يشعر الاحتلال بأنه فقد سيادته الوهمية على المدينة. وفي حال شعر أن الانفجار سيكون حتميا وكبيرا إذا مرّت مسيرة الأعلام من باب العامود والحي الإسلامي فإنه سيتراجع خاصة إذا اتسعت دائرة المواجهة كما العام الماضي، لتشمل الضفة الغربية وغزة والداخل الفلسطيني".
وقال المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات إن المسيرة تأتي في توقيت مشحون جدا فلسطينيا وإسرائيليا، واليمين يريد إثبات نفسه بطريقة مختلفة فتعمد أتباعه خلال الساعات الأخيرة حرق العلم الفلسطيني في عدة تجمعات.
وأضاف بشارات في حديثه للجزيرة نت أن المستوطنين يعلمون أن الجو الفلسطيني العام يتحدث حاليا عن قرب زوال إسرائيل، ويُشحن هؤلاء بالمقابل من حاخاماتهم لاستهداف أقدس أماكن العبادة لدى المسلمين في القدس.
وحول السيناريوهات المتوقعة خلال مسيرة الأعلام هذا العام رجّح بشارات أن تكون أكثر عنفا ضد المقدسيين وممتلكاتهم في البلدة القديمة عما كانت عليه في الأعوام السابقة خاصة أن منظمة "لاهافا الإجرامية" التي تربي أتباعها على كره العرب والمسلمين هي من تتصدر الدعوات والتنظيم.
سيناريوهات وتوقعات
ووفق بشارات فإن السيناريوهات الأكثر قتامة تتمثل في أن "المتطرفين وضعوا سيناريو خياليا يتوقعون أن يتحقق يوما خلال مسيرة الأعلام وهو أن المشاركين سيندفعون بشكل جماعي عند أحد أبواب الأقصى ويقتحمونه بعد فقدان الشرطة السيطرة عليهم، وهناك ستنشب حربا دينية دامية سيتدخل بها قائد أركان الجيش".
و"لاهافا" وتعني بالعربية اللهب تعد -وفقا لما نشره المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"- إحدى أبرز المنظمات الصهيونية اليمينية المتطرفة التي تعمل وفقا لأجندات استيطانية قومية عنصرية ضد العرب.
وقد أسس المنظمة المتطرّف بنتسي غوفشتاين عام 1999 بهدف منع ظاهرة "زواج الفتيات اليهوديات من غير اليهود" ومحاربتها بشتى الطرق والوسائل، إلى جانب "محاربة انصهار اليهود في الديار المقدّسة"، وتعد إحدى أهم المنظمات اليمينية العنصرية التي تتبنّى خطاب الكراهية ضد العرب في المناطق المختلفة وبالتحديد في مدينة القدس.
يذكر أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رأت أن "دعوة رئيس منظمة لاهافا الصهيونية لقطعان المستوطنين بهدم قبة الصخرة المشرفة وبناء هيكلهم المزعوم، في ما يُسمى توحيد القدس تعد استفزازا مباشرا لمشاعر شعبنا وأمتنا، وتصعيدا خطيرا ضد هويتنا وقيمنا ومقدساتنا"
وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يسمح لمسيرة الأعلام بالمرور في المدينة القديمة
قرر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف إجراء “مسيرة الأعلام” التي ينظمها المستوطنون في القدس المحتلة بمناسبة يوم سقوطها، حسب التقويم العبري، في مسارها الاعتيادي.
سلطات الاحتلال الإسرائيلية تصادق على قرار يسمح لمسيرة الأعلام التي ستقام نهاية الشهر الحالي بالمرور من باب العمود في القدس المحتلة، ووزير التعاون الإقليمي يصف القرار "بالخطير والمثير للقلق".
صادق وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، عمر بارليف، ومفوض شرطة الاحتلال، كوبي شبتاي، على السّماح لمسيرة الأعلام التي ستقام نهاية الشهر الحالي، بالمرور من باب العمود في القدس المحتلة.
وأفادت إذاعة إسرائيلية بأنّ بارليف أصدر توصية إلى الشرطة بإقامة مسيرة الأعلام في القدس من بوابة نابلس إلى شارع حجاي إلى حائط البراق.
ووفقاً للخطوط العريضة المتفق عليها، ستمر المسيرة عبر الحي الإسلامي، وسيصل المستوطنون إلى ساحة باب العمود، والتي من المتوقع أن تكون مغلقة أمام المسلمين. ومن هناك، ستمر المسيرة عبر شارع البلدة القديمة وصولاً إلى حائط البراق، حيث سيُقام الحدث الأخير للمسيرة.
ومن المتوقع أن تفرض شرطة الاحتلال إغلاقات وحواجز لمنع الفلسطينيين من المرور أثناء العرض، بعد الموافقة على المخطط.
من جهته، رأى وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي، عيساوي فريج، أنّ "قرار الموافقة على انطلاق المسيرة الاستفزازية في الحي الإسلامي وبوابة نابلس خطأ خطير ومثير للقلق"، معتبراً أنّ "الهدف من المسيرة في قلب القدس الشرقية يظهر الرغبة في حرقها"، مضيفاً: "أعتزم العمل على تغيير القرار، لتجنب تداعياته الخطيرة".
وكانت المقاومة الفلسطينية حذّرت شرطة الاحتلال الإسرائيلي من إقامة مسيرة الأعلام، واصفةً هذا القرار بـ"اللعب بالنار"، مشيرةً إلى أنها "لن تتردد في تجاوز الخطوط الحمراء في المسجد الأقصى إذا تمّت المسيرة والاقتحامات التي تخطط لها قوات الاحتلال".
بينت يدعم "مسيرة الأعلام" للمستوطنين المتطرفين في القدس رغم تحذيرات من تفجّر الأوضاع
في ظل تحذيرات من دورها المحتمل في تفجير الأوضاع الأمنية، ذكرت إذاعة جيش الاحتلال اليوم الخميس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت ورئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي يؤيدان بقوة قرار وزير الأمن الداخلي عومر برليف السماح بتنظيم "مسيرة الأعلام" للمستوطنين المتطرفين في البلدة القديمة من القدس المحتلة بمناسبة الاحتفاء بذكرى احتلال القدس التي تحل بعد أسبوعين.
وأشارت الإذاعة إلى أن بينت قال في اجتماع تشاوري أمني، إنه يتوجب السماح للمسيرة بأن تسلك المسار الأصلي الذي يخترق البلدة القديمة ويصل إلى "رأس العامود" وينتهي إلى حائط البراق (يسميه اليهود حائط المبكى). ولفتت الإذاعة إلى أن كوخافي حث على المضي قدما بتطبيق قرار برليف، "وعدم التأثر بالتهديدات التي يطلقها الفلسطينيون".
في المقابل، لفتت الإذاعة إلى أن وزير الأمن بني غانتس، أعرب عن تحفظه على قرار برليف، محذرا بضرورة الأخذ بعين الاعتبار التقديرات الاستخبارية بشأن تأثير القرار على الأوضاع في القدس وانعكاسها على الحالة الأمنية بشكل عام في إسرائيل. من ناحيته، قال مدير عام وزارة الأمن الداخلي تومر لوطو، إن القرار بشأن تنظيم المسيرة "نهائي ولا يتوقع أن يتغير".
وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة العبرية الرسمية اليوم الخميس، أضاف لوطو: "كما هو الحال عندما يتعلق الأمر بحدث من هذا النوع، فإن للتقديرات الاستخبارية دوراً، وفي حال حصلنا على معلومات استخبارية خطيرة جدا يمكن أن تتخذ قرارات أخرى".
من ناحيتها، حذرت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر اليوم الخميس من التداعيات الخطيرة لقرار السماح لـ"مسيرة الأعلام" باختراق البلدة القديمة من القدس. وأشارت الصحيفة إلى أن الفلسطينيين يرون في المسيرة خطوة استفزازية في حين ترى المنظمات اليهودية اليمينية المسؤولة عن تنظيمها أنها "بمثابة إعادة احتلال للمدينة"، محذرة من أن الدلالات الرمزية لكل حدث يتعلق بالقدس تفرض على صناع القرار في تل أبيب اتخاذ "قرارات متزنة"
وحسب الصحيفة، إن قرار السماح بتنظيم المسيرة كان متوقعا بسبب طابع البيئة السياسية في إسرائيل "على اعتبار أن أي قرار آخر سيتم تفسيره على أنه خضوع وتنازل وسيعقبه حملات انتقاد قوية من اليمين".
من ناحية ثانية، ذكرت إذاعة جيش الاحتلال، اليوم الخميس، أن أعضاء لجنة "التعليم" في الكنيست ينوون تدنيس المسجد الأقصى. ولفتت الإذاعة إلى أن الكنيست والمؤسسة الأمنية لم يمنحا اللجنة حتى الآن الموافقة على اقتحام أعضاء الكنيست.
في سياق متصل، أعلنت أمس منظمة "لاهافا" الإرهابية اليهودية، أنها تعتزم تفكيك مسجد قبة الصخرة داخل الحرم القدسي تمهيدا لبناء الهيكل. ودعت المنظمة أنصارها إلى اقتحام الأقصى على نطاق واسع في التاسع والعشرين من مايو الجاري لإنجاز هذه المهمة.
يشار إلى أن منظمة "لاهافا" تنتمي إلى الحركة الكهانية التي يقودها ويمثلها في البرلمان الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي يلعب دورا مركزيا في اقتحامات الأقصى ومعروف بتحريضه على العنف ضد الفلسطينيين.