المؤتمرات الحاخامية
«المؤتمرات الحاخامية» هي مجموعة من المؤتمرات التي عقدت في ألمانيا, في منتصف القرن التاسع عشر, لمحاولة التصدي للمشاكل الناجمة عن التحديث وإعتاق اليهود وتساقط الجيتو وتصاعد معدلات العلمنة, وكلها أمور أدت إلى تفاقم أزمة اليهودية. وقد عقد أبراهام جايجر مؤتمرا عام 1837 في وايسبادن لمناقشة آرائه في الإصلاح الديني, ولكنه لم يتوصل إلى أية نتائج عملية. وعقدت بعد ذلك المؤتمرات التي صاغت منطلقات اليهودية الإصلاحية:
1ـ مؤتمر برونزويك (12ـ19 يونيه عام 1844). وقد حضره 24 حاخاما معظمهم من الإصلاحيين, من بينهم جايجر وهولدهايم.
وكان ضمن قراراته إلغاء صلاة كل النذور, وتأكيد أن اليهود يعتبرون البلاد التي يعيشونها فيها أوطانهم وبلاد آبائهم. ووافق المؤتمر على الزواج المختلط شريطة أن يكون النسل يهوديا.
2ـ مؤتمر فرانكفروت (16ـ28 يوليه عام 1845).
وقد حضره 38 حاخاما يمثلون أفكارا إصلاحية ومحافظة. وقد بدأت الاختلافات بين التقليديين والإصلاحيين تظهر ثم تتضح, فتم الاتفاق على ضرورة الاحتفاظ بالعبرية في الصلاة, ولكن الفريقين اختلفا حول حجم الجزء العبري. وقد نجح الفريق الإصلاحي في فرض موقفه, كما نجح في اتخاذ قرار بشأن إلغاء الأدعية الخاصة باستعادة العبادة القربانية, الأمر الذي أدى إلى انسحاب زكريا فرانكل وأتباعه. وقد وافق المؤتمر على إدخال الأرغن في المعبد اليهودي.
3ـ مؤتمر برسلاو (13ـ24 يوليه عام 1846).
وقد حضره 22 حاخاما, كلهم إصلاحيون تقريبا. وقد عدل المؤتمر قوانين السبت وخفف من حدتها, بالذات بالنسبة إلى الجنود والموظفين العموميين, وألغى اليوم الثاني في الأعياد. وحاول المؤتمر أن يعدل طريقة الختان بحيث تتفق وقواعد الصحة الحديثة, وأبطلت بعض عادات عند اليهود, مثل تمزيق الملابس, والجلوس على الأرض إعلانا للحداد, وإطلاق اللحية, وقد زادت قرارات المؤتمر من حدة الخلاف, إذ أن التقليديين اعتبروها قرارات متطرفة في حين أعتبرها الإصلاحيون الثوريون محافظة أكثر من اللازم. وقد توقفت المؤتمرات بعد ذلك في ألمانيا, ولكنها استمرت في الولايات المتحدة التي أصبحت أهم مركز لليهودية الإصلاحية.
4ـ مؤتمر فيلادلفيا (3ـ6 نوفمبر عام 1869).
وقد حضره 12 حاخاما إصلاحيا, واتخذت قرارات بضرورة إنهاء بقايا التفرقة بين الكهنة واليهود العاديين, وتأكيد رسالة إسرائيل للعالم, وقبول الشتات, وأي انتشار الجماعات اليهودية في العالم, لا باعتباره عقابا وإنما كوسيلة لإنجاز هذه الرسالة, وإنكار فكرة البعث والإصرار على أن تكون الصلاة بلغة الوطن.
5ـ مؤتمر بتسبرج (16ـ18 نوفمبر عام 1885).
وقد حضره 18 حاخاما إصلاحيا. وهو المؤتمر الذي أصدر قرارات بتسبرج الشهيرة التي أصبحت تشكل إطار اليهودية الإصلاحية. وقد رفضت القرارات الشعائر الاحتفالية التي لم يعد لها معنى أخلاقي, وكذلك فكرة عودة اليهود إلى فلسطين واستعادة العبادة القربانية, وأكدت القرارات الإيمان بخلود الروح (مقابل فكرة البعث) والدعوة إلى حل القضايا الاجتماعية على أساس من العدل والتقوى. وقد أشارت القرارات إلى أنه لا يوجد أي شيء في روح اليهودية أو قوانينها يمنع من أن تتم احتفالات نهاية الأسبوع يوم الأحد بدلا من السبت (إذا رأت الجماعة ذلك).
وقد تم تأسيس أول تنظيم للحاخامات الإصلاحيين بعد مرور أربعة أعوام من مؤتمر بتسبرج, وهو المؤتمر المركزي للحاخامات الأمريكيين, والذي يعقد اجتماعاته سنويا. كما تم تأسيس تنظيمات لحاخامات الفرق الأخرى, وهي تعقد اجتماعات سنوية تناقش كل ما قد يظهر من أسئلة وقضايا دينية.