النشاط الصهيوني من 1898-1914
عمر الراشد
12 كانون الثاني 2020
يتابع الباحث الفلسطيني عمر الراشد استعراض عمليات الاستيطان الصهيوني لفلسطين، ويتحدث عن نشاط الحركة الصهيونية لتحقيق عملية
الاستيطان.
النشاط الصهيوني من 1898-1914
(1)
(المرحلة الثانية من محاولات تنفيذ المشروع الصهيوني)
عمر الراشد
النشاط الصهيوني من 1898-1904
عقدت المنظمة الصهيونية عشر مؤتمرات في الفترة ما بين مؤتمر بال ١٨٩٧ م، والحرب العالمية الأولى 1914 م.
في هذه الحلقة، يستعرض عمر الراشد نشاط الحركة الصهيونية حتى المؤتمر السادس ووفاة هرتزل سنة 1904:
المؤتمر الصهيوني الثاني من 28 -31 آب (أغسطس) 1898 م:
انعقد في بال بسويسرا وتزايدت الجمعيات الصهيونية ما بين المؤتمر الأول والثاني إلى حوالي ثمانية أضعاف، وانتشرت الجمعيات في أوروبا
وأميركا الشمالية والجنوبية والوسطى، وفي النمسا وأوستراليا ونيوزيلندا وروسيا وفي بعض المناطق العثمانية، وأعلنت جميعها تأييد المنظمة
الصهيونية، وكانت روسيا من أكثر الدول تقبلا للصهيونية نظرا لكثرة عدد اليهود، ولاشتراكهم في اغتيال القيصر الروسي، ويليها النمسا والمجر
ورومانيا والولايات المتحدة الأميركية
(حلاق، حسن علي. موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية (1897-1909م). جامعة بيروت العربية- بيروت- 1398ه-1978 م. ص: 147
-148)
ومن مقررات المؤتمر الثاني:
السعي لدى الدولة العثمانية لتحقيق المشروع الصهيوني.
إنشاء البنك اليهودي الاستعماري.
تشجيع تعليم العبرية ليظهر اليهود أمة واحدة، ذات لغة واحدة قومية، مع الأخذ بعين الاعتبار آراء الصهيونية الثقافية ورائدها أحد هاعام.
(م.س. موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية. ص: 148-149)
المؤتمر الصهيوني الثالث من 15-18 آب 1899 م:
انعقد المؤتمر الثالث في بال بسويسرا. انضمت "جمعية أحباء صهيون" إلى المؤتمر. أعلن هرتزل أن النشاط في هذه الحقبة سينصب في الأوساط
العثمانية على إقناع السلطان عبد الحميد الثاني بمشروع الحركة الصهيونية. طرحت في المؤتمر فكرة استيطان قبرص، ورفض الأعضاء
المتطرفون الفكرة، وطالبوا بالحصول على فلسطين، وتولت منظمة "بيكا" العمل في فلسطين، وتنظيم أوضاع المهاجرين اليهود الجدد. وأنشأت ما بين
1899 و 1908 م، ثماني مستوطنات جديدة، واثنتي عشرة قرية يهودية، وتولت إعادة تنظيم مستعمرات روتشيلد.
(م.ن. موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية. ص: 164-165. هامش: 1)
وفي الوقت الذي كان المهاجرون اليهود يستقرون في فلسطين بأساليب غير قانونية، كان هرتزل يعارض هذا الأسلوب من الهجرة حتى لا تكون
الجماعات اليهودية معرضة في كل وقت للطرد، وتحت رحمة السلطان العثماني.
(م.ن. موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية. ص: 166)
المؤتمر الصهيوني الرابع من 13-16 آب 1900 م:
عقد المؤتمر الرابع في لندن، وشجعت الجمعيات الصهيونية في بريطانيا، وفي أوروبا الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وتأسيس المستعمرات،
والمدارس الصناعية والزراعية. واتخذت في المؤتمر عدة مقررات، هي:
-بذل الجهود لتحقيق مقررات المؤتمرات السابقة، وفي مقدمتها مؤتمر بال 1897 م.
-العمل على زيادة الجمعيات اليهودية لخدمة الحركة الصهيونية.
-إجراء مفاوضات مع المسؤولين البريطانيين لبذل المساعي لتحقيق مشروع الدولة اليهودية في فلسطين.
-طرحت بريطانيا مشروع استيطان اليهود في سيناء، لكن هذا المشروع رفض فيما بعد.
استمرت الهجرة اليهودية إلى فلسطين في فترة 1900 م، وشهد هذا العام ردود فعل فلسطينية واسعة النطاق، تمثلت بالاحتجاجات، وتقديم العرائض
الجماعية ضد شراء المهاجرين اليهود للأراضي الزراعية في فلسطين.
(م.ن. موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية. ص:167-169)
المؤتمر الصهيوني الخامس من 16-20 كانون الأول (ديسمبر) 1901 م:
اتخذت مقررات هامة على الصعيد الصهيوني، وإنشاء الصندوق القومي-اليهودي.
(م.ن. موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية. ص: 172-173. هامش: 4)
وكان الهدف شراء الأراضي في فلسطين، كما كان هذا القرار أهم قرار على صعيد فلسطين ومستقبلها، وجعل الأراضي التي يتم شراؤها ذات ملكية
جماعية، وليست خاصة، وتشغيل العمال اليهود فقط، وتهويد فلسطين من جديد، وتمنح الشروط التفضيلية للفلاح اليهودي الذي يستخدم العامل اليهودي
في أرضه. واشترى الصندوق أراضٍ واسعة المساحة في سهل حطين، ووادي الأردن، وتمكن من شراء حوالي 15 ألف دونم من الأراضي في
منطقة يافا، والجليل في عام 1905 م. ويعتبر الصندوق جزءا من المنظمة الصهيونية العالمية، ويهدف مثل المنظمة الصهيونية إلى استعادة فلسطين
من الدولة العثمانية، وتوطين اليهود فيها، وتكوين حكومة سياسية على أن تكون فلسطين، وسوريا، وشبه جزيرة سيناء، ومناطق أخرى من تركيا
الآسيوية، ملكا شرعيا لليهود.
(م.ن. موقف الدول العثمانية من الحركة الصهيونية. ص: 173)
وانتشرت عملية شراء الأراضي، وإذا ما اشترى اليهود أرضا، طردوا منها الفلاحين الفلسطينيين. وقد اشترى 15 يهوديا من زوجة رشيد باشا،
والي سوريا، ضيعة تقع بين حيفا، والمستعمرة "اليهودية الكبرى" (زمارين)، واخلوها من القرويين الفلسطينيين، كما أن مبعوث "روتشيلد" اشترى
ضيعة من زوجة والي سورية بقيمة ألفي ليرة ذهبية.
ونشطت الأجهزة الصهيونية للسيطرة على فلسطين في الوقت الذي كان فيه اليهود يطالبون بالاستقرار والأمان، وحماية الدولة العثمانية. وتظاهرت
الحركة الصهيونية في البداية بنقل المهاجرين اليهود والمنفيين، إلى فلسطين ليعمروها ويعيشوا في ظل السلطان العثماني آمنين.
المؤتمر الصهيوني السادس:
عقدت الحركة الصهيونية في عام 1903 م، مؤتمرين في وقت واحد، أحدهما في بال، في الفترة ما بين 23-28 آب (اغسطس) 1903 م، والثاني في
فلسطين، وهو أول مؤتمر عقد في فلسطين، وقد أعد له الروسي مناحم ماندل أوسيشكين (1843- 1941م)، وكان الاتجاه في المؤتمرين أن تكون
فلسطين دولة قومية لليهود.
عقد المؤتمر الثاني في مستعمرة زخرون يعقوب، وكان اجتماعا سريا عقده اليهود لتوحيد جهودهم في فلسطين، ومقاومة القوانين العثمانية، والعمل
على تسهيل قدوم المهاجرين اليهود إلى فلسطين.
لاحقت الدولة العثمانية المؤتمرين، واتهمتهم بمخالفة القوانين العثمانية، مما أدى إلى عدم انعقاد اجتماعات مماثلة في السنوات الآتية، لا سيما بعد طرد
مجموعة من اليهود خارج فلسطين تلبية لردود الفعل الفلسطينية والعربية. وبلغ عدد أعضاء مؤتمر بال 600 عضو، وهو الذي يطلق عليه المؤتمر
السادس.
أدى الخلل في الإدارة العثمانية إلى تدفق الهجرة اليهودية عام 1903 م، وشملت أتباع "جمعية بيلو" واتسمت هذه الموجة بهجرة الطبقات المتوسطة
من رومانيا، وبولندا، وروسيا، وزادت من خطورة هذه الهجرة إبعادها العمال الفلسطينيين عن المستوطنات الزراعية اليهودية، وحصر العمل باليهود
فقط.
(م.ن. موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية. ص: 193)
واعتبر اليهود الاستقلال الاقتصادي خطوة نحو الاستقلال السياسي، واعتبرت الخطوة اليهودية بمثابة مقاطعة اقتصادية تامة للفلسطينيين أصحاب
البلاد الشرعيين، وبدأت الكراهية ضد اليهود تنمو في المدن، والأرياف، والقرى الفلسطينية.
وفي تموز 1904 م، توفي هرتزل وبوفاته طويت صفحة من نشاط التحرك الصهيوني، والسنوات التي قضاها منذ بداية نشاطه وحتى وفاته 1904
م، كانت عبارة عن سلسلة من الجهود السياسية للحصول على تحقيق أهداف الصهيونية في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين.