[rtl]ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
يمر على القضية الفلسطينية في منتصف مايو المقبل (75) عام من الاحتلال الصهيوني المدعوم من القوى الاستعمارية التي تكفلت بحمايته ومساندته وهو ما حدث طوال الحروب العربية الاسرائيلية منذ عام 1948م بل أن المساندة الغربية لم تقف عند تلك المواجهات بل أمنت له حق الاعتراض (الفيتو) على أي قرار دولي لصالح العرب والفلسطينين وهكذا كان التاريخ شاهدا على ذلك، فوصلت القضية الفلسطينية لاحقا الى أسوأ مراحلها بعد غياب الدعم العربي ودخلت في اطار التسوية والعملية السياسية التي بدأت مع اتفاقات أوسلو تبعتها عدد من النسخ المتكررة التي لم تحقق حتى اليوم أي تقدم يذكر في قضايا الحل الرئيسية مثل الأرض والحدود واللاجئين وقضية القدس بل زادت وتيرة الاستطان والانتهاكات في تهويد القدس الشريف واقتحام المسجد الاقصى كما زدات عمليات الاجتياحات والاعتقالات والاغتيالات وتزايدت وتيرة الاستيطان والمستوطنات وبناء الجدار العنصري الفاصل ويهودية الدولة وغيرها من النكسات التي تعرضت لها القضية وانتهاء” بحالة من الخلل في المفاهيم وبناء علاقات عربية مع هذا الكيان المحتل، ومع هذا التراجع قدم أبناء الشعب الفلسطيني نموذجا نضاليا عظيما بدأ بانتفاضة الحجارة عام 1987م تبعتها انتفاضة أخرى بعد قيام رئيس حكومة الكيان أرييل شارون باقتحام المسجد الاقصى في 28 سبتمبر عام 2000م لتشتعل انتفاضة كبرى عمت كل الاراضي الفلسطينية سميت انتفاضة الاقصى والتي استمرت عدة سنوات، وحاول العرب تقديم مبادرة سلام في قمة بيروت عام 2002م قابلها الاحتلال بمزيد من الاستفزاز باعتبار أن هذه العقلية الصهيونية لا تفهم لغة السلام، كما استمرت الاعتداءآت والاجتياحات لمدن الصفة والقطاع خلال العقدين الاخيرين، وبالمقابل ظل الشعب الفلسطيني يقدم نموذجا نضاليا مقاوما بدأ بالحجارة وانتهى بالصواريخ والطائرات المسيرة والتي غيرت قواعد الصراع وجعلت الاحتلال يطالب بالتهدئة في المواجهات الاخيرة أبرزها معركة سيف القدس التي توحدت فيها جميع الفصائل الفلسطينية في غرفة عمليات مشتركة فكبدت العدو أثمانا باهظة ومرغت كبرياءه وهكذا عندما تدرك الامم أن مشروع التحرير لا يمكن أن يتحقق إلا بالمقاومة وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .
عندما نتحدث عن المقاومة فهي حق شرعي لأي بلد محتل وهو ما تنص عليه كل الاعراف والقوانين الدولية، إلا أن القضية الفلسطينية سجلت حالة مختلفة وفجوة بين مساري المفاوضات من جهة ومسار المقاومة هذه الفجوة أستغلتها حكومات الاحتلال في اضعاف القضية، فالنظام السياسي الرسمي العربي يستخدم خطابات وبيانات لفظية لا ترتكز على أية أوراق قوية وغالبا الخطاب العربي موجها الى المجتمع الدولي والمنظمات الدولية وهي لغة لا تقدم شيئا في أي مشروع تحرري، وهذه المطالب والخطابات العربية إن لم ترهن بوجود بدائل أخرى أو التلويح بدعم المقاومة أن لم تستجب حكومات الاحتلال الاسرائيلي لعملية السلام فإن المطالبات والبيانات لا تمثل أية أهمية لدى الاحتلال الاسرائيلي ولا تكترث بها وتعلم أن القوى الدولية هي المعنية بأمنه وحمايته، وهنا يجب أن يتغير هذا الخطاب العربي التقليدي ويرتقي الى مستوى الفعل والتلويح بتغيير خياراته .
بعد كل قمة عربية طارئة أو دورية داعمة للقضية الفلسطينية وقبل أن يجف مداد البيان الختامي تقوم حكومات الاحتلال بتوجيه رسائل للنظام الرسمي العربي بممارسات استفزازية متمادية ردا على كل اجتماع عربي على أي مستوى كان، والسؤال هنا لماذا يلتزم العرب بهذا الخيار الدائم الذي لا يستند على أية أوراق قوة؟! وهل سيغير العرب خيارهم الاستراتيجي؟
أعتقد أن السلام يحتاج الى قوة وأن السياسية هي فن الممكن وأن الممكن هنا بعد 75 عام من الاحتلال هو دعم المقاومة والتلويح بها كخيار آخر وهنا تبرز أهمية تغيير الخيارات العربية في هذه المرحلة التاريخية التي تقدم متغيرات عالمية ينبغي على العرب أن توظيفها بكل ما يمكن أن يساعد الشعب الفلسطيني على استعادة حقوقة المشروعة، لكن قبل ذلك على العرب أمتلاك إرادة موحدة وقدرة على احياء لاءآتهم التاريخية وأن ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة .
[/rtl]