معبر رفح ولعبة سيادة “الممثل الأوروبي”.. هكذا تنازلت مصر عن دورها
تستمر دولة الاحتلال الإسرائيلي بحصارها الخانق على قطاع غزة لليوم الثامن عشر على التوالي، إضافة إلى منعها عبور المساعدات الإنسانية للقطاع إلا تحت شروط قاهرة وبكميات محددة، حيث لم تدخل إلى القطاع سوى 54 شاحنة غذائية عبر معبر رفح منذ بدء العدوان.
ورغم ارتباط غزة بدولة مصر العربية من خلال معبر رفح إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يفرض سطوته على المعبر بطريقة غير مباشرة، ويجبر الجانب المصري على إخضاع قوافل المساعدات للتفتيش الإسرائيلي، كما يقرر الاحتلال ما إذا كان سيسمح بدخول المساعدات أم لا.
كيف يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح المصري؟
أستاذ القانون الدولي د. أنيس القاسم قال لـ حسنى إن هناك خمسة معابر لغزة تقع على الجانب الإسرائيلي، بينما يوجد معبر وحيد على الجانب العربي وهو معبر رفح.
وحول أسباب عدم إدخال المساعدات من خلال معبر رفح بشكل مباشر أوضح القاسم أنه تم توقيع اتفاقية بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي ومصر والاتحاد الأوروبي، حيث تخضع إدارة المعبر لإشراف الممثل الأوروبي.
وبين القاسم أن الممثل الأوروبي يقيم في مدينة تل أبيب المحتلة، وحينما يراد فتح معبر رفح يتم إخطار هذا الممثل بالحضور إلى المعبر، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي عندما يريد عرقلة فتح المعبر فإنه يمنع الممثل الأوروبي من الوصول بحجة عدم أمان المنطقة.
وأكد القاسم أن إدارة معبر رفح من الناحية النظرية تخضع للأوروبيين، أما من الناحية العملية فهو تحت سيطرة دولة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى أن مصر وافقت على هذا الترتيب مما يعني نزع سيادتها عنه.
وتنص “اتفاقية المعابر” الموقعة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية عام 2005 على عدد من الشروط التي تنظم عمل المعابر بما فيها معبر رفح، إلا أن الاحتلال لا يلتزم بأي منها.
المساعدات تخضع لتفتيش الاحتلال الإسرائيلي قبل العبور
وأثار العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وارتكابه مجازر بحق المدنيين حفيظة المواطنين حول العالم، وطرح تساؤلات حول أسباب تأخر مصر في إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح.
الدكتور أنيس القاسم قال لـ حسنى إن المصريين لم يخاطروا بفتح بوابات معبر رفح لإدخال المساعدات؛ خوفا من تعرض قوافلهم للقصف الإسرائيلي.
وأفاد القاسم أن قوافل المساعدات تخضع لتفتيش دولة الاحتلال الإسرائيلي قبل دخول قطاع غزة، حيث تتوجه الشاحنات إلى معبر “كرم أبو سالم” الموجود على الجانب الإسرائيلي وتخضع لتفتيش دقيق ثم تعود لتعبر من خلال “رفح” إلى داخل القطاع.
ورغم عدم وجود قوات “إسرائيلية” على الحدود بين مصر وغزة إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على إخضاع معبر رفح لسيطرته بشكل غير مباشر، من خلال إجبار الجهات المشرفة على المعبر على إبلاغه بأسماء كل من يريد استخدام المعبر قبل 48 ساعة؛ لتقرر ما إذا كانت ستسمح له بالمرور أم لا.
شاحنات المساعدات المنتظرة على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي يوم 21 تشرين الأول 2023
الأردن يستطيع رفع دعوة جنائية بحق دولة الاحتلال الإسرائيلي
اتخذت دولة الاحتلال الإسرائيلي قرارا في بداية عدوانها على القطاع يقضي بتنفيذ حصار مطبق على غزة وقطع الماء والكهرباء عنها، وهو ما يعد جريمة حرب وفق القانون الدولي.
ورغم المطالبات العربية والغربية بضرورة توفير ممر آمن لدخول المساعدات الإنسانية إلا أن “إسرائيل” لم تلتفت إلى أي من تلك المطالب، حيث سمحت بمرور عدد محدود من الشاحنات، بما لا يلبي ولو جزءا بسيطا من حاجة القطاع اليومية.
الدكتور أنيس القاسم أوضح أن هناك إمكانية لتحريك دعوة جنائية بحق الاحتلال الإسرائيلي نتيجة لتنفيذها حصارا مطبقا على القطاع.
وقال القاسم إن الأردن من الممكن أن يحرك هذه الدعوة استنادا للاتفاقية الدولية الخاصة بالإبادة الجماعية، إذ توجد سياسة معلنة للاحتلال بأن أهالي قطاع غزة “حيوانات بشرية”، مبينا أن رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهد بتحويل غزة لركام، وهذا يعني أنه سيتم تدمير كامل للقطاع بما فيه من بشر وحجر، علما بأن هذا التعهد يعد شاهدا يدين الصف الأول في دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار القاسم إلى أن الأردن يستطيع تحريك هذه الدعوة؛ بحكم أنه طرف موقع على الاتفاقية الدولية الخاصة بالإبادة الجماعية، وذلك من خلال وزارة الخارجية الأردنية.
العدوان كشف وجه أوروبا الوحشي
القاسم اعتبر أن الحصار الشامل المفروض على قطاع غزة والذي قوبل بصمت عالمي مريب فعل وحشي كشف عن الوجه الآخر للحضارة الغربية الداعمة للصهيونية العالمية، بحسب تعبيره.
وقال القاسم إن الاتحاد الأوروبي يسير وفق نهج الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يمثل الجانبان حاضنة داعمة “لإسرائيل” بشكل كامل في حربها على الفلسطينيين.
وأضاف أنه لا يوجد حصار في العالم يشبه الحصار المفروض على قطاع غزة، إذ إن “إسرائيل” كانت قبل الحرب تحسب السعرات الحرارية التي يحصل عليها المواطن الغزي كل يوم، بناء على المواد الغذائية التي يتم السماح بدخولها للقطاع.
ومنعت “إسرائيل” دخول الوقود رغم خروج مستشفيات عن الخدمة نتيجة نفاد مخزونها من الوقود وتوقف مولداتها الكهربائية عن العمل، وهو ما ينذر بوجود خطر حقيقي على حياة مئات الجرحى داخل المستشفيات.