عندما يكون يهود أميركا أكثر عروبة من بعض الزعماء العرب
منذ بداية القصف الجوي الإسرائيلي البربري على غزة بأعتى الأسلحة المزودة أميركياً شاركت مؤسسات يهودية أميركية في المسيرات دعماً لفلسطين وشذباً للمجازر الإسرائيلية ضد المدنيين ، ومطالبين الإدارة الأميركية بتوقيف شحنات القنابل الى إسرائيل ، ومطالبين المجتمع الدولي بفرض وقفٍ لإطلاق النار وبإرسال شحنات معونات إنسانية كافية.
وقد دفعتهم إنسانيتهم بالتظاهر أمام مداخل البيت الأبيض والدخول الى قاعات الكونغرس الأميركي رافعين اليافطات مطالبين بوقف لإطلاق النار مما أدى الى اعتقال خمسين منهم . كما قاموا بالتظاهر أمام شركة “إلبِت Elbit Systems” الإسرائيلية لصناعة الأسلحة في ولاية بوسطن حيث قيد بعضهم أنفسهم بالسلاسل الحديدية على أبواب الشركة مطالبين بإغلاقها. وفي مدينة لوس أنجلوس في كاليفورنيا شارك الكثير منهم في التظاهر أمام السفارة الإسرائيلية دعماً لفلسطين مطالبين بوقف إطلاق النار.
وفي المقابل على الطرف العربي ، رغم كل المسيرات الجماهيرية العربية والعالمية الداعمة لمحور المقاومة المدافع عن جميع العالم العربي وليس فقط عن غزة أو فلسطين فقط، لم نسمع من بعض الزعماء العرب إلا خطابات شجبٍ جوفاء خجولة معبرةً ضمنياً عما يروج له بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس ، مستنكرين الحق الشرعي والأخلاقي والوطني لمقاومة الاحتلال ، يتسولون متباكين دول العالم المتقاعسة بتدخل إنساني لوقف النار بينما يقيدون هم حركة مئات الآلاف من جنود الشعوب العربية . كل ما يقدمونه مجرد أقوال جبانة إستسلامية تدل على الجبن والتخلي عن قضية العرب الأساسية .
وقد ظهر بوضوح هذا الاستسلام الجبان والتخلي عن القضية منذ بداية حرب اكتوبر عندما اجتمع بعض الزعماء العرب في ما سُمي بقمة القاهرة للسلام بحضور مندوبين من القوى الغربية المؤيدة لإسرائيل حيث بدأ السيد أحمد أبو الغيط ، الأمين العالم لجامعة الدول العربية الهزيلة ، هذه القمة بوصف المقاومة الفلسطينية الشريفة بـ”المليشيات الإرهابية”.
بعد قيام الإدارة الأميركية – الشريك الحقيقي والفعال في جرائم الحرب الإسرائيلية على أهلنا في غزة – باستعمال الفيتو لإفشال مقترحين في مجلس الأمن لفرض وقف إطلاق النار في هدنة إنسانية مما يعني تشجيعا ضمنياً لاستمرار المجازر الإسرائيلية خرج وزراء خارجية كل من الأردن والإمارات والسعودية وقطر والكويت ومصر والمغرب والإمارات والبحرين وسلطنة عُمان ومصر وأصدروا يوم 26 اكتوبر بياناً هزيلاً لا قيمة له مجدداً إدانة ورفض استهداف المدنيين وجميع أعمال العنف والإرهاب ضدهم ، وجميع الانتهاكات والتجاوزات لكافة القوانين الدولية بما في ذلك القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي واستهداف البنية التحتية والمنشآت المدنية والتهجير القسري والعقاب الجماعي للشعوب . كما أكد البيان ضرورة التزام الكيان الصهيوني بالعمل على ضمان الاحترام الكامل لاتفاقيات جنيف لعام 1949.
ورغم أن مجلس الأمن الدولي لم يقم بأي عمل لحماية الفلسطينيين طوال الـ 75 عاماً الماضية معطين ضوءاً اخضر لإسرائيل بالإستمرار في مذابحها للفلسطينيين طالب هذا البيان الهزلي مجلس الأمن المشلول بإلزام الأطراف بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار ، وبتقديم الدعم والتعزيز للسلطة الوطنية الفلسطينية الخائنة التي قمعت كل حراك وطني فلسطيني في الضفة الغربية . هؤلاء الوزراء لا يفقهون أن مجلس الأمن الدولي تم تكوينه بعد الحرب العالمية الثانية ليخدم وليحمي المشاريع الاستعمارية الغربية مثل مشروع إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات .
والخطير في هذا البيان هو الاعتراف الضمني لإسرائيل بما يُدعى حق الدفاع عن النفس عندما جاء في البيان أن حق الدفاع عن النفس لا يسوّغ انتهاك القانون وإغفال حقوق الفلسطينيين. بينما تم إهمال حق الفلسطينيين الشرعي والقانوني بالدفاع عن النفس.
منذ نهاية الحرب العالمية الأولى تنازل بعض الزعماء العرب -مقابل تعيينهم زعماء على الشعوب من قبل الاستعمار البريطاني- عن كامل فلسطين لليهود (للصهيونية) ، وتخاذلوا الى الوقت الحاضر عن الدفاع عن الفلسطينيين ، حتى أن بعضهم تعاون عسكرياً مع إسرائيل في إضعاف المقاومة الفلسطينية وطردها بعيداً عن الحدود الفلسطينية. والأدهى من كل ذلك قيام الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني محاولة إدعاءاتهم السخيفة أنهم يضحون بمصالحهم الشخصية من خلال هذا التطبيع من أجل الفلسطينيين وخدمة للقضية الفلسطينية.
بينما قامت كل من كولومبيا وفنزويلا بإغلاق السفارات الإسرائيلية وطرد السفير وباستنكار عمليات الإبادة الجماعية التي تقترفها إسرائيل، وقام البرلمان الليبي بالتهديد بإغلاق سفارات البلاد الغربية الداعمة لِإسرائيل وإيقاف تصدير الغاز والبترول لهم ، وقامت أريتريا أو ربما اليمن بقصف قاعدة دهلك العسكرية الإسرائيلية في البحر الأحمر، لم تقم الأنظمة العربية المطبعة مثل الأردن ومصر والبحرين والإمارات بإغلاق السفارات الإسرائيلية وطرد سفرائها ولا بالتهديد بقطع العلاقات مع الدول الغربية الداعمة لإسرائيل. وبدلاً من تشجيع الشعوب بمواظبة المسيرات الداعمة للفلسطينيين والشاجبة للمجازر الصهيونية وللدول الغربية الداعمة لهذة المجازر خرجت مصر يوم الجمعة 27 أكتوبر لتمنع المسيرات الجماهيرية بعد صلاة الجمعة مثلما خرج علينا شيخ سعودي بعقلية الجاهلية مطالباً بمنع خروج السعوديين في مظاهرات خوفاً من اختلاط الرجال بالنساء.
ما فائدة هذه الأنظمة التي لا تخدم مصالح شعوبها بل تخدم اقتصاد الاعداء؟ ما فائدة هذه الأنظمة التي تعرقل وحدة كامل الأمة العربية وتقف متخاذلةً وأحياناً متعاونة مع قوى الاستعمار في تدميرها لبلدان عربية مجاورة؟ هل هم في هذا الغباء حيث لا يدركون حقيقة مشروع إسرائيل العظمى الصهيوني للسيطرة على كامل منطقة الشرق الأوسط العربية وليس فقط من النيل الى الفرات؟ ففلسطين هي البداية ونقطة الانطلاق وأنظمتكم هي التالية . المذابح والتطهير العرقي الذي تسمحون بحدوثها للفلسطينيين ستنتقل الى بلادكم غداً وستمحي عائلاتكم . إن لم تدافعوا عن فلسطين من أجلها فدافعوا عنها من أجلكم ومن أجل أولادكم ومن أجل أحفادكم . تمعنوا اليوم بأشلاء الأطفال الفلسطينيين في غزة لأن هذا سيكون مصير أطفالكم وأحفادكم غدا