غاز الاحتلال وأوراق الضغط على مصر والأردن
منذ اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أصبح الغاز الطبيعي ورقة ضغط في يد الاحتلال الإسرائيلي ضد كل من مصر والأردن اللذين تربطهما اتفاقات استيراد تتجاوز قيمتها 35 مليار دولار ولمدة تصل إلى 15 سنة.
وعقب بدء الحرب أوقفت إسرائيل بالفعل ضخ الغاز الطبيعي إلى مصر، ووصلت الكميات المصدرة إلى الصفر بشهادة مجلس الوزراء المصري، كما أوقفت شركة شيفرون تصدير الغاز عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط (إي إم جي) البحري بين إسرائيل ومصر.
والنتيجة تعمق أزمة انقطاع الكهرباء داخل بيوت المصريين، ومد فترة قطع التيار من ساعة إلى نحو الساعتين رغم وعود حكومية بانتهاء الأزمة نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، ولاحقا تم مد الموعد إلى منتصف شهر أكتوبر.
وقف إسرائيل ضخ الغاز إلى مصر عمق أزمة انقطاع الكهرباء داخل بيوت المصريين، وأضر بأنشطة اقتصادية وصناعية مهمة
كما تأثرت أنشطة اقتصادية وصناعية وإنتاجية باتت تعتمد على واردات الغاز الإسرائيلي التي تخصص الحكومة جزءاً منه لتلبية بعض الطلب المحلي، وتصدير جزء آخر يمثل مصدرا مهما للنقد الأجنبي.
وخلال فترة انقطاع تصدير الغاز الإسرائيلي لم نسمع تصريحا واحدا من مسؤول مصري عن مقاضاة دولة الاحتلال على وقف التصدير المفاجئ، والضرر الاقتصادي والمعيشي الكبير الناتج عنه، علما أن إسرائيل أقامت دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية بسبب توقف صادرات الغاز المصري لتل أبيب عقب ثورة يناير 2011
ولم نسمع تصريحا واحدا عن معاقبة حكومة الاحتلال على الإخلال بتعاقداتها، أو حتى بيان تلمح فيه الحكومة إلى بدء البحث عن بدائل للغاز الإسرائيلي الذي هو في الأصل غاز عربي منهوب يقع قبالة سواحل دول عربية منها فلسطين المحتلة.
تكرر المشهد مع الأردن الذي لديه اتفاقية لاستيراد الغاز من دولة الاحتلال بقيمة 15 مليار دولار ولمدة 15 سنة، ورغم نفي الحكومة الأردنية أي أنباء عن توقف ضخ الغاز الإسرائيلي للمملكة.
لكن الجديد أنه مع انطلاق الحرب على غزة وجدنا تحركاً شعبياً يطالب الحكومة بإسقاط اتفاقية الغاز الإسرائيلي، ووقف استيراد الغاز من دولة الاحتلال، وتحركاً آخر من قبل البرلمان يضغط على الحكومة لتجميد اتفاقية الاستيراد.
وطالبت كتلة "الإصلاح النيابية" مجلس النواب الأردني، بالتصويت على إلغاء اتفاقية الغاز المبرمة مع دولة الاحتلال بشكل فوري بسبب جرائم الحرب في غزة.
مع انطلاق الحرب على غزة وجدنا تحركاً شعبياً يطالب الحكومة الأردنية بإسقاط اتفاقية الغاز الإسرائيلي،، وآخر من البرلمان يضغط على لتجميد الاتفاقية
ونفذت الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني (غاز العدو احتلال) في العاصمة عمان، سلسلة بشرية، احتجاجا وتنديدا بالعدوان على قطاع غزة.
صاحبت هذا التحرك الشعبي والنيابي لهجة تصعيد رسمية غير مسبوقة من قبل الحكومة الأردنية التي قالت إن كل الخيارات متاحة للتعامل مع تداعيات الحرب في غزة، بما فيها التلويح بإمكانية إلغاء اتفاقية وادي عربة للسلام بين البلدين.
وأمس الأحد خرج علينا وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني، صالح الخرابشة، قائلاً إنّ الأردن يبحث الحلول الممكنة في حال توقف توريد الغاز من إسرائيل، وإن استراتيجية الأردن تعتمد على ضمان استمرارية التزود بالطاقة، من خلال تنويع المصادر.
وقبلها، أعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن بلاده لن توقع اتفاق المياه مقابل الطاقة الذي يجري العمل على تنفيذه بشراكة ثلاثية بين الإمارات والأردن والاحتلال، ردا على الحرب المستمرة بحق قطاع غزة والتنكيل بالمدنيين ومقدرات الشعب الفلسطيني.
لماذا تصر مصر والأردن على استمرار رهن البلاد بشكل كبير بالغاز المستورد من الاحتلال، ولماذا لا تلجأ القاهرة وعمان إلى تنويع مصادر الطاقة؟
السؤال: لماذا تصر مصر والأردن على الاعتماد على الغاز الإسرائيلي المنهوب، وما الذي يجبر حكومة الدولتين على استيراد هذا الغاز الذي استخدمته إسرائيل ورقة ضغط ضدهما في الحرب الحالية على غزة؟
ولماذا تصران على استمرار رهن البلاد بشكل كبير بالغاز المستورد من دولة الاحتلال، ولماذا لا تلجأ القاهرة وعمان إلى تنويع مصادر الطاقة والبحث عن مصادر بديلة مع توافر المعروض عربياً من الوقود الأزرق وبأسعار وكلفة قد تكون أرخص من غاز الاحتلال؟