الهجرة النبويــــة،،
للشـــاعر طلعت محمد يوسف محمد المغربي.
يـا صـاحبَ الذكرى إليكَ تحيتي
وعـلـيـكَ يا خيرَ الوجودِ ثنائي
يـزهو القصيدُ بذكركم يا سيدي
فـمـقـامُكم يعلو على الإطراء
أهـدي إلـيـكَ قصيدتي فلعلني
يـومَ الـلـقـا أنجو بذا الإهداء
مـن وحـي سيرتِكم أتتْ أبياتُها
والـعـذرُ إن لـم أسـتطع إيفائي
أرجـو شفاعتَكم إذا اجتمع الورى
أرجـو رضـاكـم يا أبا الزهراء
نفسي انجلت عنها الهمومُ بمدحكم
وتـبـدلـتْ أكـدارُهـا بصفاء
نـورُ الـنبيِّ "محمدٍ" كشفَ الدجى
كـالـبـدرِ عـند الليلةِ الظلماءِ
نـورٌ عـلـى نورٍ مديح "محمدٍ"
حـقـاً بـرغـم ِالأعـينِ العمياء
فـهـو السراجُ وذاك وصفُ إلهِنا
وضـيـا حـبيبي فاقَ كلَّ ضياء
لـلـعـالـمينَ أتيتَ "أحمدُ" رحمةً
وأراكَ لـلـكـفـار سيفَ فناء
فـي الـسِلْمِ خير ُمُسالمٍ يا سيدى
والـفـارسُ الـمـغوارُ في الهيجاء
والصحبُ إن حميَ الوطيسُ ببأسِكم
هـم يـتـقـونَ وعندَ كلِ بلاء
هـيهاتَ أن أظما وذكرُكَ سيدي
لـلـقـلب فيه مدى الحياةِ روائي
يـا ويـحَ أربـابَ الجهالةِ أقبلوا
وقـلـوبُـهم كالصخرةِ الصماء
جـاءوا لـعـم المصطفى وحبيبهِ
وتـكـلـمـوا في غلظةٍ وجفاءِ
قـالـوا لـه ابنُ أخيك فرَّق بيننا
بـل عـابَ ديـنَ الـقوم ِوالآباءِ
ومـضـى يـقـولُ بأنهُ يوحى له
مـع أنـه كـبـقـيـةِ الشعراءِ
إن كـان مـا يـأتيهِ مسٌ.. جاءهُ
مـنـا أطـبـاءٌ بـخـيـر دواءِ
أو كـان يـبـغي المالَ جئناكم به
حـتـى يـضـيـقَ بذلك الإثراءِ
أو كـان يـبغى الملكَ كان مليكَنا
وهـو الـرئـيسُ وسيدُ الوجهاءِ
فـارجعْ إلى ابنِ أخيكَ واعرفْ رأيَهُ
جـئـنـا لـكي لا نبتدي بعداءِ
وهـنـا يـقـولُ المصطفى بثباتِهِ
ووقـارِهِ .. يـا أرحـمَ الآبـاءِ
والله يـا عـمَّـاهُ لو وضعوا هنا
شـمـسـاً أو الـبدرَ المنيرَ إزائي
مـا كـنـتُ أتركُ ما أُمرتُ بفعله
حـتـى أتـمـمـه ولـو بفنائي
وهـنـا يقولُ الكفرُ جئنا فاستمعْ
سـنـحُـلُ هذا الأمرَ دونَ عناءِ
خـذ مـن تشا منا مكانَ "محمدٍ"
لا تـحـمه ِ .. واتركهُ دونَ وقاءِ
قـد سـاومـوه لكي يسلم حِبَّهُ
عـرضـوا لـهذا الأمر ِدونَ حياءِ
ويـقـولُ عـمُ المصطفى وحبيبُهُ
يـا بـئـسَ مـا عرضوا له بغباءِ
بـئـستْ فعالُكمو وبئسَ مقالُكم
لا تـذكـروه فـإنَّ فـيهِ شقائي
أنـا أُطـعمُ ابنَكمو وأغذوهُ لكم
ثـم الـمـقـابـلُ تقتلونَ رجائي
"واللهِ لـن يـصلوا إليكَ بجمعِهم"
حـتـى أفـارقَ عـالَـمَ الأحياءِ
ويـمـوتُ عـمُ المصطفى ونصيرُهُ
يـا مـوتُ هـلاَّ جئتَ في إبطاءِ
والـزوجُ فـارقـت الـحياة َلربها
فـبـقـيـتَ تـبكيها أحرَّ بكاءِ
وظـلـلـتَ تـذكرها بخيرٍ دائماً
وحـبـوتَـها في العمر ِخيرَ وفاءِ
وقـضـيتَ عامَ الحزن ِبعدَهما وقد
غـدت الـحياةَُ لديك دون ضياءِ
وإذا بـأهـل ِالكفر زادوا كيدَهم
وتـفـنـنـوا في المكر ِوالإيذاءِ
قـالـوا إذا لم ترجعوا عن دينكم
سـنـحـيـلُ دنياكم إلى أرزاءِ
سـنـصبُّ ألوانَ العذابِ عليكمو
لـن تـظـفـروا مـنا بأيِّ نَجَاءِ
هـذا "بـلالُ" قـد ابـتُلي بأميةٍ
قـد عـاشَ مـنه العمرَ في بلواءِ
يـأتـي بـصخرٍ فوقَ صدرٍ طاهرٍ
ويـجـرهُ جـراً عـلى الرمضاءِ
وإذا الـعـذابُ اشتدَ زادَ صلابةً
"أحـدٌ" يـقولُ "بلالُ" للأعداءِ
"أحـدٌ .. أحـدْ" هذا نشيدٌ خالدٌ
قـد هـزَّ أرضـي بل وهزَّ سمائى
وأرى"صُهيبَ" الآن يبغي هجرةً
لـكـنـهـم وقـفـوا له بجفاءِ
قـد كـنتَ صُعلوكاً فقيراً مُعْدَماً
لا.. لـن تـمـرَّ بـهـذه الأشياءِ
وهـنا يقول "صهيبُ" قولة َواثقٍ
أنـا أفـتـدي ديـني ولو بدمائي
أنـا لـن أعودَ مدى الحياةِ إليكمو
لـو أنـكـم مـزقـتمو أشلائي
أبـشـرْ "أبـا يـحيى" ببيع ٍ رابحٍ
أبـشـر فـعـندَ اللهِ خيرُ عطاءِ
وكـذاك "عـمارُ بنُ ياسرَ" مثلُهم
وكـذا "سـمـيةُُ" أولُ الشهداء
وأبـوهُ "ياسرُ" تلك عائلة ٌ غدت
فـوقَ الـكـلامِ وفوقَ كلِ ثناءِ
"صـبراً" تقولُ لآل ِياسر تؤجروا
غـداً الـلـقـاءُ بـجـنةٍ فيحاءِ
ويـقـولُ "عمارُ بن ياسرَ" سيدي
إنـي أعـيـشُ الآنَ فـى الظلماءِ
طـاوعـتُـهم يا سيدي في قولِهم
لأصـدَّ عـنـي مـحـنتي وبلائي
لـكـنَّ قـلـبـيَ مؤمنٌ وموحِدٌ
مـا فـيـهِ غـيرُ عقيدتي وولائي
وتـقول يا "عمارُ" عُدْ إن عاودوا
يـومـاً ولا تـعـبأ بذي الأشياءِ
مـا دام قـلـبكَ مطمئناً لا تخفْ
واذكـرْ إلـهـكَ عشْ بخيرِ رجاءِ
ويـجـيئُ "خبابُ الأرت" مخاطباً
خـيـرَ الـبـريـةِ سيدَ الشفعاءِ
ويـراكَ يـا "مختارُ" تسندُ ظهرَكم
لـجـدارِ هـذي الـكعبةِ الشمَّاءِ
ويـقـولُ "خبابُ الأرت" مقولة
ألـفـاظـها جاءت على استحياءِ
إنَّ الـعـذابَ اشـتدَّ زاد ضراوة
لـبـسـت لنا الأيامُ ثوبَ شقاءِ
هـلاّ دعـوت الله ربـكَ سيدي
هـلاَّ دعـوتَ لـنا على الأعداءِ
وتـقولُ الاستعجالُ ذلك شأنكم
بـل إنَّ ذلـك شـيـمةُ الأحياءِ
قـد كـان فيما قبلكم أممٌ مضت
صـبـروا على البلوى بلا استثناءِ
مُـشِـطوا بأمشاطِ الحديد فمدَهم
هـذا الـعـذابُ بـقوةٍ ومضاءِ
الـنـصـرُ آتٍ لا محالة َ فاصبروا
واسـتـمـسكوا بالشرعةِ الغراءِ
الـنـصـرُ مـن رب البرية قادمٌ
فـلـتـنضووا يا قومُ تحتَ لوائي
الـديـنُ يوماً ما سيسرى ضوؤهُ
وبـقـدر ِ مـا تـمتدُ عينُ الرائي
ويـسـيـرُ سـائركم بأمنٍ دائمٍ
مـن حـضر موت إلى رُبى صنعاءِ
ويـسـيـرُ سـائركم بأمنٍ دائمٍ
لــم يــخـش إلا اللهَ ذا الآلاءِ
مـا كـنتَ تقدِرُ أنْ تُدافِعَ سيدى
يـومـاً عـن الـضعفاءِ والبؤساءِ
هـا أنـتَ تـسجدُ مرةً فيجيئُكم
بـسـلا جـزورٍ أخـبثُ الخبثاءِ
وذهـبـت تبغي من ثقيفٍ نصرةً
فـلـعـلَ فـيـهـا سامعاً لنداءِ
لـكـنـهم كانوا الأراذلَ سيدي
لاقـوكـمـو بـجـهالةٍ جهلاءِ
أغـروا بـكم صبيانَهم وعبيدَهم
تـركـوكـمـو فيها مع السفهاءِ
يـرمـونـكـم بحجارةٍ يا سيدي
فـتـسـيـلُ من عقبٍ أعزُ دماءِ
ورفـعـتَ كفكَ للسماواتِ العلا
فـإذا جـمـيـعُ الكونِ فى إصغاءِ
إنْ لـمْ يـكنْ بك ربنا غضبٌ عليَّ
فـذاكَ غـايـة ُ مُـنيتي ورضائي
إنـي اسـتعذتُ بنورِ وجهكَ ربَنَا
فـبـهِ إلـهـي أشـرقتْ ظلمائي
وبـه صـلاحُ الـدين ِوالدنيا معاً
وأخـصـهُ بـالـحـمدِ والإطراءِ
عُـتـبى الأمورِ إليكَ حتى ترتضي
يـا ربَـنـا يـا واسِـع النعماءِ
ويـجـيـئُ أمرٌ أن تهاجرَ سيدي
مـن عـنـدِ ربكَ أرحمِ الرحماءِ
وتـجـمـعَ الـقومُ اللئامُ ببابِكم
بـالـلاتِ قـدْ حـلفوا وبالآباءِ
لا يـنـجـونَّ "محمدٌ" من بيننا
أو أنـنـا نُـمـحـى من الغبراءِ
شـاهت وجوهُ القومِ يا خيرَ الورى
ومـضـيـتَ أنـتَ بعزةٍ ومضاءِ
ومـع الذي قد نالكم من كيدهم
هـا أنـتَ "أحـمدُ" سيدُ الأُمناءِ
لـلـقومِ عندي يا "عليُ" ودائعٌ
أنـا لا أخـونـهمو وهم أعدائي
نـم يـا عـلـيُ لكي تردَّ ودائعاً
أعـظـمْ بـكـم ْ منْ قمةٍ شماءِ
أعـظـمْ بـهـذا الخُلْق ِأينَ مثالُهُ
أعـظـمْ بـهـا مـن منةٍ ووفاءِ
هـم يـمكرونَ .. يدبرونَ لقتلِكم
وتـفـكـرونَ بـردِ ذى الأشياءِ
ويـنـامُ مـشـتملاً عليُ ببردِكم
أنـعـمْ بـهـذي البُردةِ الخضراءِ
يـفـديـكمو بالروح ِ لم يعبأ بها
يـفـديـكـمـو حقاً بخيرِ فداءِ
الـمـوتُ خلفَ البابِ ينظرُ نحوه
لـكـنـهُ يـعـلـو عن النظراءِ
بـشـجاعةٍ فوقَ الشجاعةِ نفسها
وبـهـمـةٍ تـعـلو ذرى العلياءِ
مـا هـابَ سيفاً مشهراً في وجههِ
مـا كـانَ يـومـاً ما من الجبناءِ
يـا دهـرُ سـجلْ لا تكنْ متوانياً
هـذا الـنـمـوذجُ عزَّ في دنيائي
وخـرجت تبغي من يكون مؤازراً
ومـضـيـت في حذرٍ من الرقباء
وخـرجتَ تبغي في الأباعدِ نصرةً
إنَّ الأقـاربَ أتـعـسُ الـتعساءِ
ونـظرتَ خلفكَ والدموعُ غزيرة
يـا أرضَ مـكـة َ أطهرَ الأرجاءِ
يـا بـقـعـة ً عـندَ الإلهِ عزيزةً
وكـذاكَ عـندي بلْ وأنتِ شفائي
واللهِ حـبـكِ أنتِ يجري في دمي
لـكـنَّ أهـلَـكِ قرروا إقصائي
يـا مـهـبـطاً للوحي إني أرتجي
مـن عـنـد ربـي مـنة ً بلقاءِ
إنَّ الـذى فرضَ الكتاب عليكمو
سـيـردكـم يـوماً من السعداءِ
يـومـاً سـتفتحُ ذلكَ البلدَ الذى
غـادرتَـهُ فـي حـلكةِ الظلماءِ
هاجرتَ "أحمدُ" بعدما اشتدَّ الأذى
هـاجـرتَ تـخفيفاً عن الضعفاءِ
وأرى "سراقةَ" راحَ يتبعُ خطوكم
ضـلـتْ خُـطاهُ وتاهَ فى البيداءِ
وجـوادُهُ رفـضَ الرضوخَ لأمرهِ
سـاخـتْ قوائمهُ بذي الصحراءِ
لِـمَ يـا جوادُ اليومَ أنت خذلتني؟
مـا كـنـتَ يوماً ترتضي إيذائي
فـخُـطاكَ تسرعُ إنْ بَعُدنا عنهمو
وإذا قـصـدنـاهـم ففي إبطاءِ
وكـأنـهُ قد قالَ ذا ركبُ الهُدى
مـن ذا يـطـاولُ ركـبَهُ بغباءِ
حـقـاً فركب المصطفى لا يقتفى
بـالـسـوءِِ ذاكَ تـصرفِ البلهاءِ
فـعـنـايـةُ الرحمنِ تحرسُ ركبَهُ
وعـنـايـة ُ الـرحـمنِ خيرُ وقاءِ
وهـنا يقولُ سراقة ُ اذهب سيدي
لا .. لـن أنـاصـبكم بأي عداءِ
هـاتِ الأمـانَ أيا "محمدُ" هاتِهِ
فـعـطـاؤكـم والله خيرُ عطاءِ
أنـا لـن أدلـهمو عليكم سيدي
أبـداً ومـهـا حـاولـوا إغرائي
ارجـعْ سـراقة ُ لا غبارَ عليكمو
واسـمـعْ لِـمـا سأقولُ من أنباءِ
يـومـاً ستلبسُ في يديكَ أساوراً
هـي ملك كسرى صاحب الخيلاءِ
ارجـع سـراقـة ُوانتظرْ ما قلتُهُ
فـهـو الـقريبُ وليسَ ذا بالنائي
هـي رحلة ٌ هاجرتَ فيها سيدي
أحـداثُـهـا جلتْ عن الإحصاءِ
عـطـرتَ طيبة َ سيدي بمجيئكم
ومـلأتَ كـلَّ الكون ِ بالأضواءِ
وبـنـيـتَ مـجـتمعاً يفيضُ محبة
ومـودة ً.. يـخـلو من البغضاء
هجروا حظوظ َ النفس ِحينَ أمرتهم
وسـمـوا بـأخلاق ٍ على الجوزاءِ
يـا رب وامـنحنا بفضلك هجرةً
تـعـلـو النفوس بها على الأهواء
ويـكـون فـيها هجر كل رذيلةٍ
كـالـحـقد والبغضاء والشحناء
وأعـد لأمـتـنـا سوالف مجدها
واكـتـب لنا نصراً على الأعداء
ثـبـت إلهي كل من قد جاهدوا
وارفـع لـهـم يـا ربُ خير لواء
واحـقـن دمـاءَ المسلمين جميعها
لـنـكـون يـا ربي من السعداء