الحوثيون يتعهّدون بالردّ على الضربات الأميركية والبريطانية: تصعيد مقابل تصعيد
تعهّدت جماعة الحوثيين في اليمن، اليوم الأحد، بالردّ على الضربات التي شنّتها الولايات المتحدة وبريطانيا ليلا على العشرات من مواقعهم، وذلك ردًا على تواصل هجمات الجماعة على سفن في البحر الأحمر، في إطار دعمها لقطاع غزة الذي يشهد حرب إبادة تنفذها إسرائيل منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وتأتي هذه الغارات غداة شنّ الجيش الأميركي ضربات استهدفت قوات إيرانية ومجموعات موالية لطهران في العراق وسورية، وأسفرت عن 45 قتيلًا على الأقل، ردًا على مقتل ثلاثة جنود أميركيين بهجوم بمسيرة على موقع "البرج 22" العسكري في الأردن نهاية يناير/ كانون الثاني الفائت.
وقال المتحدث باسم جماعة الحوثيين، محمد عبد السلام، في بيان له اليوم الأحد، إن "استمرار العدوان الأميركي البريطاني على اليمن لن يحقق للمعتدين أي هدف، ولن يؤثر على قرار اليمن إظهار دعمه لقطاع غزة". وأضاف أن "استمرار العدوان الأميركي البريطاني سيزيد مآزقهم ومشكلاتهم في المنطقة، وقرار اليمن بمساندة غزة ثابت ومبدئي ولن يتأثر بأي اعتداء".
وتابع عبد السلام: "بشأن القدرات اليمنية العسكرية، نحب أن نؤكد أنه ليس من السهل تدميرها، وقد أعيد بناؤها في ظل سنوات حرب قاسية".
وكان المتحدث العسكري للحوثيين، العميد يحيى سريع، قد كتب على منصّة "إكس" في وقت مبكر الأحد: "هذه الاعتداءات لن تثنينا عن موقفنا الأخلاقي والديني والإنساني المساند للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، ولن تمر بدون رد وعقاب".
وأوضح أن الولايات المتحدة وبريطانيا "شنّتا 48 غارة خلال الساعات الماضية على ستّ محافظات، بينها 13 على العاصمة صنعاء ومحيطها، وتسع في محافظة الحديدة الساحلية"، بدون أن يذكر ما إذا تسببت الغارات بسقوط ضحايا.
وفي صنعاء، قال حامد غانم (35 عاما)، الأب لخمسة أطفال، لوكالة "فرانس برس": "خفنا عندما سمعنا الضربات ولم أستطع النوم قبل الثالثة فجرًا، لأنني كنت أتوقع أن يعاودوا القصف"، مضيفا: "كان عندنا أمل بانتهاء الحرب، والآن يعلم الله إلى متى...".
والضربات المشتركة هي الثالثة من نوعها ضدّ الحوثيين في اليمن منذ 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، لمحاولة ردعهم و"حماية الملاحة الدولية". لكن رغم ذلك، يواصل الحوثيون هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، ويقولون إن ذلك "يأتي دعمًا لقطاع غزة".
وإثر الضربات، بدأ الحوثيون استهداف السفن الأميركية والبريطانية في المنطقة، معتبرين أن مصالح البلدين أصبحت "أهدافًا مشروعة".
"التصعيد بالتصعيد"
وجاء في بيان مشترك للولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى قدمت دعما للعملية، أن الضربات ليل السبت الأحد "أصابت 36 هدفًا للحوثيين في 13 موقعًا في اليمن، ردًا على هجمات الحوثيين المستمرة ضد الشحن الدولي والتجاري، وكذلك السفن الحربية التي تعبر البحر الأحمر".
وأضاف البيان أن "هذه الضربات الدقيقة تهدف إلى تعطيل وإضعاف القدرات التي يستخدمها الحوثيون لتهديد التجارة العالمية وحياة البحارة الأبرياء".
وإثر الضربات، كتب نائب رئيس الهيئة الإعلامية للحوثيين، نصر الدين عامر، على منصة "إكس" في وقت متأخر من يوم أمس السبت: "إما سلام لنا ولفلسطين وغزة، وإلا فلا سلام ولا أمن لكم في منطقتنا، وسنقابل التصعيد بالتصعيد".
من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن الضربات "هدفها أن تعطل وتُضعف بشكل أكبر قدرات جماعة الحوثيين على شن هجماتهم المتهورة والمزعزعة للاستقرار". وفجر اليوم، شنّت الولايات المتحدة منفردةً ضربة أخرى "ضد صاروخ مضاد للسفن تابع للحوثيين، كان معدّا للإطلاق ضد سفن في البحر الأحمر".
وقبل الضربات المشتركة ليلًا، نفّذت القوات الأميركية بشكل منفصل أمس السبت "ضربات تسببت بتدمير ستة صواريخ مضادة للسفن تابعة للحوثيين كانت معدة لإطلاقها".
وأعلن الجيش الأميركي أنه أسقط، أول من أمس الجمعة، ثماني طائرات مسيّرة قبالة اليمن، ودمر أربع مسيّرات أخرى قبل إطلاقها.
تنديد إيراني
ونددت إيران، اليوم الأحد، بالضربات الأميركية والبريطانية الأخيرة على الحوثيين، باعتبار أنها "تتعارض" مع هدف واشنطن ولندن المعلن بتجنّب اتساع رقعة الحرب والنزاع في المنطقة. وتقدّم إيران دعمًا سياسيًا للحوثيين، نافية تقديم أي دعم عسكري لهم.
كذلك، دانت حركة حماس، اليوم الأحد، الضربات على الحوثيين باعتبارها "اعتداءً سافراً على سيادة دولة عربية شقيقة، وتصعيداً سيجر المنطقة إلى مزيد من الاضطراب وعدم الاستقرار"، محمّلةً الولايات والمتحدة وإسرائيل مسؤولية تداعياته.
وفي 28 يناير/ كانون الثاني الفائت، أدى هجوم بمسيّرة على قاعدة في الأردن إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة أكثر من 40، في عملية نسبتها واشنطن إلى مجموعات موالية لإيران. وردّت الولايات المتحدة ليل الجمعة السبت بشنّ ضربات على قوات إيرانية ومجموعات موالية لطهران في العراق وسورية.
ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا طارئًا، غدا الاثنين، حول الضربات الأميركية في سورية والعراق، وذلك بناء على طلب موسكو التي اتّهمت واشنطن، أمس السبت، بـ"زرع الفوضى والدمار في الشرق الأوسط".
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، لصحيفة "صنداي تايمز": "نحن بحاجة إلى إرسال أوضح إشارة ممكنة إلى إيران، مفادها أن ما تفعله عبر وكلائها غير مقبول".