بنغلاديش.. أرض البنغال التي نشر فيها التجار الإسلام

جمهورية بنغلاديش الشعبية، تقع جنوب شرق شبه الجزيرة الهندية، وبعد تقسيم الهند عام 1947 أصبحت أرض البنغال جزءا من جمهورية باكستان، ويفصل بينهما نحو ألفي كيلومتر وتقعان على طرفي الهند.
انفصلت بنغلاديش عن باكستان بمساعدة الهند عام 1972، لكن انضمامها للأمم المتحدة تأخر حتى 1974، كما عانت من الانقلابات العسكرية وغياب الاستقرار السياسي، خصوصا في عقدي ما بعد الاستقلال، ومع ذلك حققت نموا اقتصاديا ظل يتصاعد على الدوام.
وعلى وقع احتجاجات ضد تخصيص 30% من الوظائف الحكومية لأفراد عائلات المشاركين في حرب الانفصال عن باكستان، علقت الحكومة خدمات الإنترنت والرسائل النصية في 18 يوليو/تموز 2024، كما فرضت حظر التجوال، ونشر الجيش دورياته في العاصمة داكا.

المعلومات الرئيسية

الاسم الرسمي: جمهورية بنغلاديش الشعبية
الاسم المختصر: بنغلاديش
العاصمة: دكا
اللغة: البنغالية (رسمية)، الإنجليزية
النظام السياسي: جمهوري
تاريخ الاستقلال: 16 ديسمبر/كانون الأول 1971 (انفصال عن باكستان بمساعدة الهند).
العملة: تاكا بنغلاديشي

الجغرافيا

الموقع: تقع بنغلاديش جنوب شرق آسيا، تحدها الهند من 3 جهات هي الغرب والشمال والشرق، ولها حدود في أقصى الجنوب الشرقي مع ميانمار، ويحدها من الجنوب خليج البنغال.
المساحة: 147 ألفا و570 كيلومترا مربعا.
الموارد الطبيعية: الغاز، الأراضي الزراعية، الأخشاب، الفحم.
المناخ: استوائي.
السكان: بلغ عددهم 171 مليونا و118 ألفا، حسب تقديرات يوليو/تموز 2024.
نسبة النمو: 1.08%.
التوزيع العرقي: 98% بنغال، 2% قوميات أخرى.

الديانة: 89.5% مسلمون، 9.6% هندوس، 0.9% ديانات أخرى.
بنغلاديش.. أرض البنغال التي نشر فيها التجار الإسلام Shutterstock_2356467341-1721564134

بنغلاديش.. أرض البنغال التي نشر فيها التجار الإسلام Shutterstock_2356467341-1721564134

الطريق السريع المرتفع من كاولا إلى تيجاون بمدينة دكا في بنغلاديش عام 2023 (شترستوك)

الاقتصاد

وصل الناتج المحلي الإجمالي لبنغلاديش نحو 446 مليار دولار عام 2023، وهو ما يمثل تراجعا بعد أن وصل نحو 460 مليار دولار في 2022، إلا أن مؤشر الأداء الاقتصادي يظهر مسارا تصاعديا من النمو بشكل شبه منتظم منذ الاستقلال، مع قفزات مهمة من بينها قفزة 2016 التي أوصلته إلى 265 مليار دولار مقابل 195 في العام الذي يسبقه.
ومع أن بعض القطاعات تضررت جراء جائحة كورونا (كوفيد 19) عام 2020 مما أدى لارتفاع معدل البطالة والتضخم وإجمالي الدين العام للبلاد، فإن الناتج المحلي حقق قفزة مهمة بنسبة 6.5% وهو ما يعتبر نتيجة غير عادية في الوقت الذي تكبدت فيه معظم دول العالم خسائر كبيرة.
وبلغ الناتج الفردي السنوي 2529 دولارا في 2023، ويمثل هو الآخر تراجعا بعد أن وصل إلى 2688 دولارا في 2022، لكن المؤشر بشكل عام يظهر أن الناتج الفردي ظل في مسار تصاعدي شبه منتظم هو الآخر منذ الاستقلال.
بينما انخفضت نسبة البطالة لتصل إلى نحو 5% في 2023 مواصلة حالة الانخفاض المتتابع في السنوات الثلاث السابقة، بعد أن ارتفعت بشكل ملحوظ في 2020 تزامنا مع جائحة كورونا، إذ وصلت حينها إلى 5.83% مقابل 4.69% عام 2019.
أما التضخم، فقد وصل إلى 9.72% منتصف عام 2024، ويظهر مؤشره مسارا تصاعديا منذ 2021، إذ كانت نسبته حينها 5.5%، ثم ارتفع إلى 7.7% في 2022 و9.5% في 2023.
وفي 2023 كسر الدين الخارجي لبنغلاديش عتبة الـ100 مليار دولار لأول مرة في تاريخه، مقابل 95.52 مليارا في 2022 و90.79 في 2021، ويظهر مؤشر الدين أنه ظل في مسار تصاعدي طيلة العقد الماضي.
أهم المنتجات: القطن والملابس الجاهزة والجلود والورق والأسمدة والحديد والمنتجات البترولية والأرز والشاي والقمح وقصب السكر.

التاريخ

وفق بعض التفسيرات التاريخية، فإن الاسم "بنغلاديش" يتكون من كلمتي "دش" أو "دك"، وهي تعني "أرضا" باللغة السنسكريتية، وبنغال تطلق على الشعب الذي يقيم بالمنطقة، وبهذا فالاسم يعني "أرض البنغال".
وظل تاريخ هذه الأرض على الدوام يرتبط بالهند والدول الكبرى المجاورة لها، إلا أن حدودها الطبيعية المشكّلة من الأنهار والمجاري المائية والغابات جعلتها منذ القدم إقليما شبه معزول لصعوبة الوصول إليه، كما يتميز بثقافته الخاصة، وتعاقبت على حكمه سلطنات وإمارات عديدة، مع حضور واسع للديانتين الهندوسية والبوذية.
وتشير روايات تاريخية إلى دخول الإسلام عن طريق التجار العرب والمسلمين إلى بنغلاديش في القرن الهجري الأول، في حين تشير أخرى إلى فتحها في أواخر القرن السادس الهجري (مطلع القرن الـ13 الميلادي).
وبعيد الفتح الإسلامي ظهرت بالإقليم مجموعة إمارات مستقلة، ثم توحدت خلال القرن الـ14 الميلادي على يد شمس الدين إلياس شاه، وهو قائد عسكري استولى على الإمارة في البنغال الغربية وتوسع نحو البنغال الوسطى والشرقية، قبل أن تخضع المنطقة لاحقا لحكم المغول.
بنغلاديش.. أرض البنغال التي نشر فيها التجار الإسلام AFP__udents-1721544913

بنغلاديش.. أرض البنغال التي نشر فيها التجار الإسلام AFP__udents-1721544913

العاصمة دكا شهدت مظاهرات واشتباكات مع الشرطة في 19 يوليو/تموز 2024 (الفرنسية)

الاستعمار البريطاني

ابتداء من منتصف القرن الـ19 أصبحت شركة الهند الشرقية البريطانية تسيطر على بنغلاديش، وتحديدا بعد معركة بلاسي التي جرت عام 1757م، وهزم فيها المغول بقيادة سراج الدولة أمام الإنجليز الذين كان يقودهم روبرت كلايف.
وأدى قرار تقسيم بنغلاديش إلى منطقة غربية وأخرى شرقية عام 1905 إلى تفاقم المشاعر القومية، مما جعل بريطانيا تتراجع عنه في 1911.
وتنامت مطالب الحكم الذاتي مع ظهور قادة سياسيين يتقدمهم سليم الله بهادير وتشيتا رانجان داس وفضل الحق وسارات شاندرا بوس.
ثم كانت مخلفات المجاعة التي وقعت عام 1943 عاملا جديدا أجج النقمة على الاستعمار، وبالتزامن مع ذلك تفاقمت الأوضاع السياسية في بنغلاديش وشبه القارة الهندية بشكل عام، بسبب الحرب الطائفية بين المسلمين والهندوس.

تقسيم شبه القارة الهندية

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتحت ضغوط مطالب الاستقلال قررت بريطانيا إنهاء استعمارها للهند، وبالتزامن مع ذلك بدأت وجهات النظر حول مستقبل البلاد تتباين بين القيادات السياسية من الهندوس بقيادة زعيم حزب المؤتمر جواهر لال نهرو والمسلمين الذين يتقدمهم زعيم عصبة مسلمي الهند محمد علي جناح.
ومع أن المهاتما غاندي كان حينها قد اعتزل الشأن العام، فقد عبر عن رفضه للتقسيم حتى إنه اقترح أن يتولى جناح رئاسة وزراء الهند، لكن نهرو رفض ذلك كما لم يوافق على مقترح بريطاني بتقسيم البلاد إلى اتحاد فدرالي يتكون من 3 مناطق على أساس الأغلبيات الدينية تتمتع باستقلال ذاتي، مع حكومة مركزية تدير شؤون الخارجية والدفاع والاتصالات والمالية.

ودفعت الحرب الأهلية ذات الطابع العرقي والديني بريطانيا إلى الإسراع بالموافقة على استقلال الهند في يوليو/تموز 1947، لتعلن كل من باكستان والهند -على التوالي- استقلالها في 14 أغسطس/آب الموالي.
لكن ترسيم حدود البلدين مثل نواة أزمة لباكستان التي أصبحت تتشكل من قسمين على طرفي الأراضي الهندية يفصل بينهما أكثر من ألفي كيلومتر، حيث تقع باكستان الحالية شمالا بينما تقع بنغلاديش التابعة لها سابقا إلى الجنوب الشرقي، وتحدها الهند من الغرب والشمال والشرق.

الانفصال عن باكستان

فضلا عن التحديات المرتبطة بإدارة جزء من البلاد على هذه المسافة من البعد وفي ظل الحروب مع الهند الفاصلة بينهما، فإن بوادر الخلاف بين نظام الحكم في باكستان وسكان إقليم بنغلاديش ظهرت في وقت مبكر بعد الاستقلال.
فقد تسبب فرض لغة الأوردو من قبل محمد علي جناح عام 1948، ثم تأكيد فرضها في عام 1952، في ظهور نزعة الانفصال لدى البنغاليين الذين رفضوا ذلك بشدة، ولم يفلح قرار الحكومة بإقرار اللغة البنغالية لغة رسمية في باكستان عام 1956 في تهدئة الأوضاع.
كما أدى تفاقم الصراع الحدودي الهندي الباكستاني على إقليم كشمير والحروب التي جرت في 1949 ثم 1965 في تنامي مطالب البنغاليين بالانفصال، بينما كانت حرب 1971 بمثابة تدخل هندي لدعم انفصال بنغلاديش.
وخلال هذه الحرب الأخيرة استهدفت الهند الجيش الباكستاني بضربات مركزة ودمرت مطارات وموانئ وسكك حديد، مما أدى لاستسلام ألفي جندي وضابط بعد الانسحاب من مواقعهم العسكرية قرب دكا في بنغلاديش.
وبعيد انتهاء الحرب أعلنت بنغلاديش "استقلالها" عن باكستان، وفي 12 يناير/كانون الثاني 1972 أدى شيخ مجيب الرحمن اليمين الدستورية بصفته أول رئيس وزراء للبلاد، بينما تأخر قبول انضمامها إلى منظمة الأمم المتحدة حتى عام 1974.
بنغلاديش.. أرض البنغال التي نشر فيها التجار الإسلام Shutterstock_2390031087-1721564037

بنغلاديش.. أرض البنغال التي نشر فيها التجار الإسلام Shutterstock_2390031087-1721564037

وادي ساجيك يقع على ارتفاع ألفي قدم فوق مستوى سطح البحر بمنطقة رانغاماتي في بنغلاديش (شترستوك)

مسار من الانقلابات

بعد استقلالها واجهت بنغلاديش أزمات أمنية واجتماعية واقتصادية متفاقمة، وفي 15 أغسطس/آب 1975 اغتيل مجيب الرحمن ومعظم أفراد عائلته في انقلاب عسكري.
وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني وقع انقلاب ثان أوصل اللواء ضياء الرحمن إلى السلطة، ثم اغتيل هو الآخر في 30 مايو/أيار 1981 ليخلفه نائبه المدني عبد الستار الذي كان مصابا بمرض يؤثر على أدائه في الرئاسة، وفق معارضيه.
ومن جديد عاد الجيش إلى الحكم عبر انقلاب قاده الفريق أول حسين محمد إرشاد في 24 مارس/آذار 1982، وبعد 8 سنوات من الحكم أجبر هو الآخر على التنحي في ديسمبر/كانون الأول 1990.

سيدتان في الواجهة

ابتداء من مطلع تسعينيات القرن الـ20 اعتمدت بنغلاديش النظام البرلماني، وتصدرت سيدتان الواجهة السياسية هما خالدة ضياء أرملة الرئيس الراحل ضياء الرحمن، وحسينة واجد، وهي البنت الكبرى لمجيب الرحمن.
فقد فاز الحزب الوطني البنغالي الذي تقوده خالدة ضياء في انتخابات 1991 فأصبحت أول رئيسة وزراء في جمهورية بنغلاديش، ثم في انتخابات 1996 فاز حزب رابطة عوامي الذي تقوده حسينة واجد.

لكن خالدة عادت للمنصب من جديد عام 2001 وظلت تشغله حتى 2006، وعلى مدى العامين التاليين عاشت البلاد موجة عنف واضطراب سياسي اعتقلت على خلفيتها خالدة وحسينة.
وتحت قيادة حكومة انتقالية أجريت انتخابات في أواخر 2008 فاز بها حزب حسينة، فعادت مجددا إلى منصب رئيسة الوزراء.
وأعلن في 11 يناير/كانون الثاني 2024، فوز حسينة واجد للمرة الخامسة بمنصب رئيسة وزراء بنغلاديش، لتصبح ضمن قائمة القيادات النسائية البارزة الأطول مكوثا في الحكم على مستوى العالم.

احتجاجات نظام الحصص

وفي 18 يوليو/تموز 2024 علقت حكومة بنغلاديش خدمات الإنترنت والرسائل النصية، مما جعل البلاد معزولة عن العالم، تزامنا مع موجة احتجاجات واسعة في العاصمة دكا.
ويرفض المحتجون نظاما جديدا لحصص الوظائف الحكومية يخصص 30% لأفراد عائلات المقاتلين الذين شاركوا في حرب الانفصال عن باكستان عام 1971.
وأطلقت الشرطة النار على المحتجين، وسط حديث عن إصابة المئات وربما الآلاف، في حين تحدثت الحكومة عن إصابات في صفوف المئات من عناصر الشرطة.
وبعدما فشلت الشرطة في السيطرة على الاضطرابات، أعلنت الحكومة فرض حظر التجوال، كما نشر الجيش دورياته بشوارع العاصمة، التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة.

» “مسيرة الأعلام” اليهوديّة وشِعارات المُشاركين فيها البذيئة ضدّ الإسلام
» أهم المحطات التي أخفق فيها أوباما
» حادثة الجفر- التي قتل فيها ثلاث امريكان
» وثائقي غزة.. الـ 360 كيلومتر التي لعب فيها العالم أجمع
» في الدول التي لا تغرب فيها الشمس:كيف يصوم المسلمون؟