ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75673 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: كيف وظفت إسرائيل خطاب "الخوف" لتبرير جرائمها في غزة؟ الأحد 27 أكتوبر 2024, 11:03 am | |
| كيف وظفت إسرائيل خطاب "الخوف" لتبرير جرائمها في غزة؟ (1)كتب الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي في مذكراته "رأيت رام الله": من السهل طمس الحقيقة بحيلة لغوية بسيطة.. ابدأ حكايتك من "ثانيًا"! ويكفي أن تبدأ حكايتك من "ثانيًا" حتى ينقلب العالم (البرغوثي، 2000).لهذا السبب، نجد أنه عند كل مساءلة للقادة الإسرائيليين على جرائم الحرب التي يرتكبونها، يتهربون من السؤال بالعبارة الشهيرة "ماذا عن حماس؟"، كما لو أن حركة حماس تمثل كل المناطق الفلسطينية الأخرى التي تحتلها وتسيطر عليها إسرائيل. هذه العبارة ذاتها يتم استخدامها من طرف الساسة الأميركيين عندما يتم انتقاد دعمهم الأعمى لدولة الاحتلال بالأسلحة والمال، وحتى بالإعلام. - اقتباس :
في كل عدوان إسرائيلي على غزة، تكون الخسائر المدنية بين الأطفال والنساء دائمًا مرتفعة. هذا الوضع جعل الفلسطينيين المحاصرين في غزة بدون بديل آخر للتخلص من هذا الحصار إلا من خلال المقاومة، سواء عن طريق رمي الحجارة أو المقاومة المسلحة في سبيل توفير سياق عام للأحداث، أصبحت غزة مخيمًا للاجئين الفلسطينيين تحت السيادة المصرية بعد نكبة 1948. وفي حرب الأيام الستة – أو نكسة 1967 – تم احتلالها من طرف إسرائيل، إلى جانب مرتفعات الجولان وشبه جزيرة سيناء وكذا الضفة الغربية. وبموجب اتفاقيات أوسلو (1993-1995) بدأت إسرائيل في عملية نقل السلطة الحكومية في القطاع إلى السلطة الفلسطينية.لكن لم يتم تسليم القطاع بشكل فعلي إلا بعد الانتفاضة الثانية (2000-2005)، حيث سحبت إسرائيل جنودها ومستوطنيها. ومع ذلك، فإنها استمرت في السيطرة على حدود غزة وغطائها الجوي.أخذ مصير غزة منعطفًا مختلفًا بعد انتخابات السلطة التشريعية الفلسطينية لعام 2005. ففي هزيمة قاطعة لحركة فتح، تم انتخاب حركة المقاومة الإسلامية (المعروفة باسم حماس) ديمقراطيًا في غزة. بعد ذلك بوقت قصير، تم تصنيف الحركة كـ"منظمة إرهابية" من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل.لذلك، نجد أنه كلما حاول المجتمع الدولي إدانة إسرائيل لقتلها المدنيين والأطفال العُزَّل في اشتباكاتها مع كتائب القسام، فإنها تدعي أولًا أنها تمارس حقها الثابت في الدفاع عن نفسها، وتلقي اللوم بعدها على المقاومة، التي – وفقًا للسردية الإسرائيلية – تستخدم الأطفال والنساء كـ "دروع بشرية."ومع زخم الآلة الإعلامية الأميركية في تجميل مثل هذه الفظائع، تستخدم إسرائيل هذه السردية لتجريم وشيطنة المقاومة في غزة، وبالتالي سلبها أي تعاطف أو دعم شعبي لها دوليًا، أو حتى عربيًا بعد التطبيع. فمن سيجرؤ على التعاطف مع مجموعة من "الحيوانات البشرية"، كما أطلق عليهم يوآف غالانت، الذين يفضلون رؤية تلاشي إسرائيل وموت "اليهود الأبرياء" على أن يكون أطفالهم أحياء؟ على الرغم من أن هذه الدعاية الإسرائيلية تخلو تمامًا من الأساس، فإن العديد في المجتمعات الغربية تؤمن بها بصدق، وتدعم إسرائيل بسببها.الحقيقة هي أنه منذ عام 2007 فرضت إسرائيل، بمباركة من الولايات المتحدة، حصارًا جويًّا وبريًّا وبحريًّا على قطاع غزة، وبالتالي فرضت عقوبة جماعية على القطاع، الذي يبلغ عدد سكانه 2.2 مليون، وليس فقط على أعضاء حركة المقاومة الإسلامية.هذا يعني ببساطة أنه حتى لو حاولت مجموعات المقاومة في حماس إخلاء غزة من نسائهم وأطفالهم، فليس لديهم أي مكان آخر للذهاب إليه في ظل هذا الحصار الغاشم. لهذا نجد أن منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، تطلق على غزة لقب "أكبر سجن مفتوح" على وجه الأرض.وبسبب هذا الحصار، نجد أنه في كل عدوان إسرائيلي على غزة، تكون الخسائر المدنية بين الأطفال والنساء دائمًا مرتفعة. هذا الوضع جعل الفلسطينيين المحاصرين في غزة بدون بديل آخر للتخلص من هذا الحصار إلا من خلال المقاومة، سواء عن طريق رمي الحجارة أو المقاومة المسلحة. هذا ما لا يفهمه العديد من الغربيين، إذ إنه بالنسبة للمواطن العادي في غزة، إما أن يقاوم للحفاظ على حياته، أو يموت تحت القصف الإسرائيلي.. الأمر بهذه البساطة. - اقتباس :
على الرغم من عدم وجود أي دليل واقعي يؤكد قيام مقاومي حماس فعليًّا بقطع رؤوس 40 طفلًا إسرائيليًا، فإن هذه القصة تمت إعادتها مرارًا وتكرارًا من قبل أكثر وسائل الإعلام والمجلات البارزة في الساحة الغربية، ما جعل كثيرين يعتقدون بأنها حادثة وقعت بالفعل ومع ذلك، بعد عملية حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، تم تجريم وشيطنة الفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى من قبل القادة الإسرائيليين، ووسائل الإعلام الغربية عمومًا. ففي كل خرجة إعلامية لهم، يقوم المسؤولون الإسرائيليون باستحضار كل أشكال الخوف والرعب بجعبتهم، محاولين رفع الانتباه عن الحالة القاسية للفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال.أيضًا قام كبار المسؤولين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بالموازاة مع حملات الدعاية الصهيونية، بالترويج لشتى خطابات الخوف والترهيب، وذلك من أجل تضليل الرأي العام، ومنعه من إصدار أي خطاب فيه مساءلة ومحاسبة لجرائم إسرائيل.فعلى سبيل المثال، في خطابه الأول بعد العملية العسكرية، أعرب الرئيس جو بايدن عن اندهاشه، مؤكدًا أنه طوال مسيرته السياسية الطويلة، لم يتخيل أبدًا أنه سيرى صورًا "مؤكدة لإرهابيين يقومون بقطع رؤوس الأطفال".وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل واقعي يؤكد قيام مقاومي حماس فعليًّا بقطع رؤوس 40 طفلًا يهوديًّا، فإن هذه القصة تمت إعادتها مرارًا وتكرارًا من قبل أكثر وسائل الإعلام والمجلات البارزة في الساحة الغربية، ما جعل كثيرين يعتقدون بأنها حادثة وقعت بالفعل.وقد أظهر آخر التحقيقات أن هذه القصة ليس لها أي أساس من الصحة على الإطلاق. حتى الآن، تم تأكيد مقتل طفلين فقط في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، لم يكن أي منهما مقطوع الرأس ولا محروقًا داخل فرن، بل من الممكن أن تكون وفاتهما نتيجة مباشرة لنيران صديقة من الجانب الإسرائيلي.بالإضافة إلى قصة قتل الأربعين طفلًا، انتشرت قصة أخرى عن حدوث اغتصاب جماعي لنساء إسرائيليات من طرف مسلّحين فلسطينيين في اليوم ذاته. ورغم مدى الوحشية التي قد تبدو فيها الصورة، فإن فضيحة مراسلة صحيفة نيويورك تايمز الأخيرة كشفت أيضًا أن اتهامات الاغتصاب الجماعي هذه هي أيضًا لم تكن مستندة إلى أي دلائل. - اقتباس :
بالنسبة لهم، يعتبر الخوف منتجًا متجددًا باستمرار، وناجعًا دائمًا في تحقيق هذه الغاية، حيث تنتظر تلك الشركات وقوع أشياء مروعة مثل هذه لتستفيد منها في التعويض عن تراجع أرقام المشاهدة والاشتراكات لديها، ومن المرجح أن تلجأ إلى المبالغة في حجم هذا الخطر علاوة على ذلك، فإنه لا يمكن تصور أن مثل هذه الادعاءات الشنيعة، في فترة حساسة من هذا النوع، تم تقريرها من طرف شخص غير مطلع، وليس لديه أي خبرة سابقة في المراسلة الصحفية الفعلية، أو الصحافة عمومًا، قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.ومع ذلك، تم تكليف أنا شوارتز، وهي مخرجة سينمائية عملت سابقًا لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي، بالمراسلة في أحد أكثر المواضيع الحساسة الممكنة في ذلك الوقت، ببساطة بسبب علاقتها بإسرائيل. أما توقيت هذه المراسلات، فلا يمكن أن يكون أكثر ملاءمة، حيث نجحت بشكل فعال في تحقيق أهدافها في تخويف وتحريك الخوف لدى كل من يسمع هذه القصص الرهيبة.أما شركات الإعلام الغربية، فدعمها لهذا النوع من الخطاب ليس لأن أصحابها لديهم علاقات مباشرة أو غير مباشرة بإسرائيل فقط، ولكن أيضًا بسبب ارتفاع أرقام المشاهدة في مثل هذه الأحداث؛ فليس من غير المعتاد سماع قصة عن قطع رؤوس 40 طفلًا، أو اغتصاب جماعي لنساء يهوديات.بالنسبة لهم، يعتبر الخوف منتجًا متجددًا باستمرار، وناجعًا دائمًا في تحقيق هذه الغاية، حيث تنتظر مثل هذه الشركات وقوع أشياء مروعة مثل هذه لتستفيد منها في التعويض عن تراجع أرقام المشاهدة والاشتراكات لديها، ومن المرجح أن تلجأ إلى المبالغة في حجم هذا الخطر.ومع ذلك، تقديم أخبار مروعة مثل هذه دون التحقق من وقوعها الفعلي هو مسألة يُتوقف عندها في مراعاة أدنى معايير الممارسة المهنية، التي يمكن نسبها لمهنة الصحافة.لماذا كل هذا؟! إنه خطاب "الخوف"، الذي وظفته إسرائيل – ومعها داعموها – لتبرير جرائمها في غزة.. وللحديث في هذه المسألة تتمة. |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75673 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: كيف وظفت إسرائيل خطاب "الخوف" لتبرير جرائمها في غزة؟ الأحد 27 أكتوبر 2024, 11:04 am | |
| خطاب "الخوف" لتبرير جرائمها في غزة؟ (2)نتابع حديثًا بدأناه في مقالة سابقة عن خطاب "الخوف"، الذي وظفته إسرائيل لتبرير جرائمها في غزة..من الواضح أنه منذ عملية طوفان الأقصى، ركّزت وسائل الإعلام الغربية على تصوير حماس ككيان معادٍ للقيم الغربية ككل؛ لذا نجد تصويرها كجماعة معادية للمثليين، ومعادية للنساء، ومعادية للسامية، ومتعصبة تجاه الليبراليين.بهذه الطريقة، يجد المواطن الغربي نفسه في أزمة أخلاقية؛ حيث لا يمكن أن يتعاطف أو ينتقد معاملة الفلسطينيين في غزة إلا وأن يُغذى هذه السردية عن وحشية حماس، التي تتعارض مع قيمه الحديثة.ومن ناحية أخرى، لطالما كان الخوف آلة سياسية ناجعة لتوجيه الرأي العام؛ فهو لا يعمي عقول الناس فحسب، بل يزيد من نسبة انصياعهم للسلطة أيضًا. وبالتالي، في خضم الفوضى والرعب الشديدين، لا يستطيع الناس تحمل عبء البحث عن الحقائق، والتمييز بين ما هو يقيني وما هو دعاية وأخبار كاذبة. بدلًا من ذلك، يتقبلون أي حقيقة يقدمها لهم أمثال نتنياهو أو بايدن، اللذين يصورهما الإعلام كأنهما "الأبطال" المخلّصين من هذه الأزمات. - اقتباس :
استخدام الخوف أصبح خطة سياسية كسولة يلجأ لها الساسة الغربيون للحفاظ على سيطرتهم على الرأي العام، ما يجعل مواطنيهم لا يعارضون تمرير وتنفيذ أي سياسات مثل غزو الدول ووفقًا لآل غور، وهو نائب سابق لرئيس الولايات المتحدة الأميركية في عهد بيل كلينتون، فإن سياسة الخوف تشير إلى "استغلال الخوف لخدمة أغراض سياسية"، خاصة عبر تصوير الآخر كـ "إرهابي متطرف" (آل غور، 2004).ويؤكد آل غور أن خطر هذه السياسات يتمثل في كون "الخوف يقمع أي سياسة للحوار، ويفتح المجال أمام سياسات الدمار" (آل غور، 2004).وفقًا لهذا، نجد أن استخدام الخوف أصبح خطة سياسية كسولة يلجأ لها الساسة الغربيون للحفاظ على سيطرتهم على الرأي العام، ما يجعل مواطنيهم لا يعارضون تمرير وتنفيذ أي سياسات مثل غزو الدول، وقتل وتهجير شعوبها من أجل الموارد بها، تمامًا، كما حدث في العراق والشرق الأوسط عمومًا، في حقبتَي جورج بوش وباراك أوباما.وكما تنبأ الرسام الإسباني فرانسيسكو غويا في رسمته الشهيرة، فإن "نوم العقل تنتج عنه ولادة الوحوش"! ولهذا السبب تنشأ سياسيات الخوف في أوقات الكوارث؛ حيث يعلن الطغاة أنفسهم أبطالًا دون أن يكونوا عرضة للمساءلة من طرف الفئات التي انتخبتهم للسلطة.وتاريخيًا، استُخدمت هذه السياسات الأورويلية للخوف من قبل معظم الأنظمة الاستبدادية، لتهدئة الاحتقانات لدى مواطنيها؛ لتجنب أي انتقاد داخلي للدولة وخدامها، إذ تبني هذه الأنظمة السلطوية عدوًّا صوريًا في ذهن مواطنيها، مصوّرة إياه كتهديد وجودي لسلامتهم وأمن الدولة، وكنتيجة مباشرة لهذا ينشغل الناس بالخوف من هذا الكيان غير المعروف بدلًا من انتقاد قمع أنظمتهم للشعوب في الخارج، والتي قد يبررها وجود هذا العدو في المقام الأول. - اقتباس :
في صميم الدعاية الصهيونية دائمًا ما يتم تصوير الفلسطينيين كإرهابيين متعصبين، يشكلون تهديدًا جليًّا للأمن القومي لدولة الاحتلال هذه الممارسة ظهرت خصيصَى في أوج حقبة الاستعمار الأوروبي، حيث برّرت الأنظمة الرأسمالية استعمارها للشعوب والدول بحجة تنوير "الآخر الهمجي"، وتحضيره على أساس قيم الحضارة الأوروبية. أما السيطرة على صورة هذا "الآخر"، فقد كانت ممارسة استعمارية محضة، تهدف إلى تجريد مقاومته للاحتلال من أية شرعية أو تعاطف جماهيري.وفي حالة إسرائيل وأميركا، يُعتبر "الإرهاب" هو "الطلاء الذي يُدهن به الفلسطينيون" لخدمة هذا الغرض، حسب تعبير الصحفي الأميركي جو ساكو (ساكو، 2003).كما أن تصوير الفلسطينيين كإرهابيين ينطلق من تقليد طويل للفاشية الغربية المعادية للإسلام.. فوفقًا لإدوارد سعيد، منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، استبدل الإسلام بالشيوعية كأكبر تهديد للحضارة الغربية، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية (سعيد، 1981).وليس من الغريب أن يكون العرب الفلسطينيون في مركز هذا الخوف؛ لأنهم شاركوا في مواجهات رئيسية ضد أي برنامج توسّعي لأميركا في الشرق الأوسط، أي مع قوى الاحتلال الإسرائيلية.وبلا شك، يعتمد نجاح هذا الخطاب بشكل كبير على أجواق من الدعاية والتغطية الإعلامية، والتي دائمًا ما تبدي استعدادها اللامشروط للتحالف مع المصالح المشتركة لملاكها الحقيقيين. فبقوة الخوف، تستطيع أبواق هذه الشركات توجيه الرأي العام في أي اتجاه يرغبون فيه.لذلك نجد أنه في صميم الدعاية الصهيونية دائمًا ما يتم تصوير الفلسطينيين كإرهابيين متعصبين، يشكلون تهديدًا جليًّا للأمن القومي لدولة الاحتلال. وعَبْر زرع الخوف من الفلسطينيين، يقدم الإعلام الغربي مبررًا تامًا لفرض الحصار والمراقبة المكثفة عليهم، من أجل حماية الدولة اليهودية من أي تهديدات محتملة من طرفهم. - اقتباس :
الخوف الذي أنتجته هذه الهجمات في سيكولوجيا الإنسان الغربي جعله غير قادر على انتقاد غزو الولايات المتحدة للعراق، والذي بني على أسباب واهية، كُشفت حقيقتها بعد سنوات تلت الغزو وبعد اشتباك حركة حماس مع قوى الاحتلال بعد عملية طوفان الأقصى، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بفرض حصار كامل على غزة، بعد تصريح مُذلّ ويفتقر إلى الإنسانية، حيث قال: "نحن نحارب حيوانات بشرية وسنتصرف وفقًا لذلك".وعلى إثر أوامره، قامت إسرائيل بقطع المياه والكهرباء وإمدادات الغذاء والوقود، ومنع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المرافق المدنية في غزة. ليس هذا فقط، بل استخدمت القوات الإسرائيلية أسلحة محظورة دوليًّا ضد سكان غزة، مثل الفسفور الأبيض، بغرض تطهير القطاع عرقيًّا.كنتيجة مباشرة لهذه السياسة المستندة إلى الخوف، لم يتم انتقاد هذا الحصار الوحشي بالقدر ذاته، ولا حتى التشكيك فيه عبر وسائل الإعلام الغربية، كما هو الحال مع عملية حماس في ذلك اليوم.كتب آل غور مقاله حول سياسة الخوف، بعد غزو الولايات المتحدة للعراق تحت رئاسة جورج بوش الابن، وفيه اعترف آل غور أن وسائل الإعلام الأميركية شنت حملة تشويه مسعورة ضد صدام حسين ونظامه، من أجل إضفاء شرعية على هذا الغزو، على غرار ما فعلته مع أسامة بن لادن وأفغانستان.. فربطت هذه الحملات المرعبة بشكل كاذب نظام صدام حسين بتنظيم القاعدة، وبالتالي بهجمات 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية، والتي أعلنت عن البداية الفعلية لسياسة الخوف والحرب على الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة وحلف الناتو.ولذلك، الخوف الذي أنتجته هذه الهجمات في سيكولوجيا الإنسان الغربي جعله غير قادر على انتقاد غزو الولايات المتحدة للعراق، والذي بني على أسباب واهية، كُشفت حقيقتها بعد سنوات على الغزو.بالطريقة ذاتها التي تم فيها تشويه صورة صدام حسين وطالبان وغيرهما، يقود الغرب الآن حملات إعلامية هستيرية ضد حماس.. فبعد عمليتها، أصبحت الجملة "هل تدين حماس؟" هي الأكثر استخدامًا من قبل مقدمي البرامج الإعلامية والصحفيين؛ هذا أدى إلى تضليل الرأي العام عن مناقشة الجزء الآخر من القضية.وفي مثل سياق غزو العراق في عهد جورج بوش، تتم الآن تغذية الرأي العام بخوف مبالغ فيه من حماس، يفوق بشكل مفرط التهديد الفعلي الذي تمثله المقاومة الفلسطينية، لدرجة أن كثيرين في الوقت الحالي يظنون أن حركة حماس هي أكثر خطورة من دولة تمتلك ما بين 80 و400 رأس نووي. - اقتباس :
بعد انخفاض التقييمات العامة لإدارة بايدن بشكل حاد في بداية السباق الانتخابي، بسبب دعمها الثابت لحرب الابادة الاسرائيلية، دعت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، في بادرة غير مسبوقة، إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة لذلك، يمكن القول إن مصيرًا مشابهًا للعراق يُخطط له، وينتظر قطاع غزة، حيث تعمل الحكومة الإسرائيلية على خطة احتلال عسكرية، تهدف إلى ضم القطاع بذريعة القضاء على "مجموعات حماس الإرهابية".وبينما كانت احتياطيات النفط العراقي سببًا رئيسيًّا وراء الغزو الأميركي، يشير كثيرون الآن إلى أن حقل الغاز البحري في غزة يعتبر من بين الأسباب الرئيسية وراء محاولة إسرائيل فرض احتلالها على القطاع، ووضعه تحت سيطرتها الجيوستراتيجية.بإصرارهم على تجاهل جميع أعراف القانون الدولي، أعلن المسؤولون الإسرائيليون منذ البداية انعدام رغبتهم في وقف عدوانهم على غزة حتى يتحقق هدفهم بالقضاء على حماس. ومع مرور الأيام، تحول تركيزهم في هذا العدوان من الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس، إلى عدم ترك أي "بذرة" لحماس في غزة.. كان واضحًا في خطابهم أنهم لا يريدون الخوض في أي صفقة لوقف إطلاق النار حتى تُحكِم إسرائيل سيطرتها الكاملة على القطاع.لكن بعد انخفاض التقييمات العامة لإدارة بايدن بشكل حاد في بداية السباق الانتخابي، بسبب دعمها الثابت لحرب الإبادة الاسرائيلية، دعت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، في بادرة غير مسبوقة، إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، في 3 مارس/ آذار في مدينة سيلما بولاية ألاباما. بعد خطابها، عبر وزير الأمن الوطني الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير عن امتعاضه، عبر تغريدة قال فيها إنه: "حان الوقت لتدمير حماس.. كامالا".من الجلي الآن أن الهدف المزعوم من القضاء على حماس والتطرف في غزة لا يعدو كونه غطاءً لضم المنطقة بأكملها، والسيطرة عليها بطريقة أو بأخرى من قبل إسرائيل؛ كما أن شمالي غزة يقبع مسبقًا تحت السيطرة الإسرائيلية، حيث إن وزراء إسرائيليين بارزين من اليمين المتطرف، مثل بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، عبروا بقوة عن ضرورة استعادة إسرائيل السيطرة على القطاع منذ البداية. وفي وقت لاحق، في 29 فبراير/ شباط تحديدًا، اقتحمت مجموعة من المستوطنين المتطرفين شمالي غزة بجرأة، داعين إلى إعادة استيطانها مجددًا. - اقتباس :
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي أول من يؤكد وبجرأة تامة أن "حماس تساوي تنظيم الدولة"!. نجم عن مثل هذه التصريحات ارتفاع نسب المؤيدين للغزو الإسرائيلي لغزة، ووصل صداه الحقل الأكاديمي أيضًا وفي هذه الأثناء، قام قادة إسرائيل ببذل قصارى جهدهم لتحويل انتباه الناس عن هذا الواقع، من خلال رسم أبشع صورة لحماس للرأي العام، محوّلين انتباه الناس عمّا يقومون به بالفعل.كما ذهب المتحدثون الإسرائيليون إلى أبعد من هذا في تشويه صورة حماس، من خلال مقارنات متكررة ومتواصلة مع النازية، وتنظيم القاعدة، وخاصة تنظيم الدولة الإرهابي، وكل هذه العناصر تمثل تضادًّا تامًّا مع القيم والمثل الغربية. وعلى الرغم من عدم وجود أي تشابه بين حماس وأي منها، فإن الدعاية الإسرائيلية مصممة على مواصلة هذه المقارنات.في العديد من الحالات، يقوم المتحدثون الرسميون لدولة الاحتلال بنطق كلمتي "حماس" و"تنظيم الدولة" في الجمل نفسها عمدًا، لكي يستحضروا الذكريات الصادمة التي تركها تنظيم الدولة في قلوب الناس، ولكي يتم حصر الفلسطينيين في هذا الإطار الوحشي ذاته.وفي ظل الأحداث الأخيرة، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي أول من يؤكد وبجرأة تامة أن "حماس تساوي تنظيم الدولة"!. نجم عن مثل هذه التصريحات ارتفاع نسب المؤيدين للغزو الإسرائيلي لغزة، ووصل صداه الحقل الأكاديمي أيضًا، حيث صرح المفكر الكندي جوردن بيترسون على تويتر (سابقًا) قائلًا: "أذقهم طعم الجحيم، يا نتنياهو".ببساطة، هذا تأثير سياسة الخوف على أحكام الناس في وقت الأزمات. |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75673 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: كيف وظفت إسرائيل خطاب "الخوف" لتبرير جرائمها في غزة؟ الأحد 27 أكتوبر 2024, 11:05 am | |
| كيف وظفت إسرائيل خطاب "الخوف" لتبرير جرائمها في غزة؟ (3)وصلنا في مقالتنا السابقة تحت هذا العنوان إلى الإشارة أنه حتى الحقل الأكاديمي لم يكن في منأى عن تأثير سياسة الخوف على أحكام الناس في وقت الأزمات، وهي التي وظفتها إسرائيل لتبرير جرائمها في غزة؛ لدرجة أن المفكر الكندي جوردن بيترسون علق على تويتر (سابقًا) قائلًا: "أذقهم طعم الجحيم، يا نتنياهو"..يضاف إلى ذلك أن مسؤولين أميركيين، مثل وزير الدفاع لويد أوستن، أصدروا تصريحات مشابهة وموالية لمجلس وزراء نتنياهو. فخلال زيارته إلى إسرائيل بعد وقت قصير من عملية طوفان الاقصى، قال أوستن إن أفعال حماس "الإرهابية" تعتبر "أسوأ من تنظيم الدولة".ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، انتشرت هذه المقارنات والتشبيهات بين حماس وتنظيم الدولة عبر وسائل الإعلام الغربية.. ونتيجة لذلك، تحول النقاش العام إلى أن حماس تستحق المصير ذاته الذي ألمّ بتنظيم الدولة. هذا الخطاب السياسي المبني على الترهيب يتجاهل حقيقة أن حماس هي حركة قومية تحررية، تم انتخابها ديمقراطيًّا، وهي ملتزمة بالكفاح المسلح نيابة عن اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون من حصار شديد منذ عام 2006. - اقتباس :
خلال زيارته إلى تل أبيب بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، بدأ الرئيس جو بايدن تصريحاته في إسرائيل قائلًا: "قامت حماس بجرائم تذكرنا بأسوأ ما تعرض له العالم من شرور تنظيم الدولة، حيث أطلقت العنان لنوع من الشر الخالص على العالم" ومن المؤسف رؤية أن السياسة ووسائل الإعلام الأميركية تلوثت أيضًا بهذه التكتيكات الإسرائيلية؛ إذ لم يقتصر المسؤولون الأميركيون الصهاينة فقط على تكرار نقاط الحديث الإسرائيلية ذاتها، التي لا أساس لها، بل استمروا أيضًا في مقارنة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول بأحداث 11 سبتمبر/ أيلول.هذا الحدث الخاص هو الذي أشعل وقيد سياسة الخوف- أو ما يعرف بالحرب على "الإرهاب الإسلامي"- والتي استمرت لمدة عقدين، وكان نتاجها هو ضخ موجة ضخمة من الإسلاموفوبيا في الغرب. ومن الجلي أن الغرب لا يرى في حملته على حماس سوى استئنافٍ لحربه المقدسة على أية جماعة إسلامية مناهضة لهيمنته الإمبريالية.ومن خلال استحضار الذكرى الأليمة لأحداث سبتمبر/ أيلول، فإن السياسيين الأميركيين يتيقنون أنهم لن يكونوا محل مساءلة من طرف الشعب الأميركي حول دعم بلادهم الأعمى لنظام إبادة جماعية؛ إذ تهدف مقارناتهم بالتحديد إلى خلق تعاطف أميركي أعمى تجاه الإسرائيليين، الذين صورهم الإعلام كإخوة للشعب الأميركي لكونهم ضحايا لـ "الإرهاب الإسلامي" أيضًا.لهذا، نجد أن كُلًّا من الساسة الإسرائيليين والأميركيين على السواء قد استغلوا ذكرى المحرقة واضطهاد اليهود، وجعلوها سلاحًا سيكولوجيًا إضافيًّا لتبرير إبادتهم في غزة، حيث تمت مقارنة أعمال حماس باستمرار بالمحرقة النازية؛ هذا الحدث خصيصَى يثير صدمة وجودية في سيكولوجيا الشعب اليهودي خاصة والغربي عامة.فخلال زيارته إلى تل أبيب بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، بدأ الرئيس جو بايدن تصريحاته في إسرائيل قائلًا: "قامت حماس بجرائم تذكرنا بأسوأ ما تعرض له العالم من شرور تنظيم الدولة، حيث أطلقت العنان لنوع من الشر الخالص على العالم".. ثم أكد أن هذا الشر "لا يمكننا عقلنته أو تبريره.. نقطة".. وبعدها أضاف: "كان بإمكان هذه الوحشية أن تحل بأي مكان بالعالم، لكنها حلت هنا في إسرائيل، فأصبح السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، والذي كان يومًا يهوديًّا مقدسًا، أكثر يوم دموي للشعب اليهودي منذ المحرقة النازية".ملوثًا بالمصالح السياسية لإدارته في المنطقة، ذهب الرئيس بايدن أبعد من هذا، إذ أعلن أن هذا الحادث "جعل ذكريات مؤلمة وجراحًا تركتها آلاف السنين من معاداة السامية وإبادة الشعب اليهودي تعود إلى الواجهة مجددًا".لكن بايدن تعمد ألا يذكر أن معاداة السامية هذه هي نتاج غربي محض، كما أنه لم يتجرأ على الإشارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية قد بدأ قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول بـ 76 عامًا.. كيف يمكن له ألا يفعل هذا؟ إذ إن عدم إظهار صهيونيته بشكل كافٍ قد يعرّض الكثير من المصالح الأميركية إلى الخطر! - اقتباس :
ليس مفاجأة أن ينظر نتنياهو لعدوانه على غزة على أنه "صراع بين أبناء الظلام وأبناء النور، وبين الإنسانية وقانون الغاب"، كما عبّر في تغريدة قام بحذفها فيما بعد باتخاذ هذا الموقف المشين، يمكن اعتبار بايدن تتمة لعرف إسرائيلي قديم، تتم فيه مقارنة الفلسطينيين بالنازيين. فقط في 12 من أكتوبر/ تشرين الأول، عندما تمت مساءلة رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت على شبكة سكاي نيوز حول قطع الكهرباء والوقود عن المستشفيات في غزة، التي تحتوي بدورها على حاضنات للرضع، دافع عن سياسة بلاده بالرد صارخًا على مقدم البرنامج: "هل أنت جدي بسؤالك عن المدنيين الفلسطينيين؟".. ثم أضاف: "نحن نحارب نازيين هنا".ووسط هذه المقارنات الشنيعة، يتم دفن سياق كامل عن حقيقة الاحتلال، التي دائمًا ما يتم حجبها كليًا.. فمن الواضح تمامًا أن قطع الكهرباء والوقود عن مستشفيات تقع داخل قطاع يضم 2.2 مليون نسمة، وقصفها عمدًا، هو فعل إبادة جماعية. ومع ذلك، لم يثر قتل هؤلاء الرضّع الفلسطينيين مثل الهستيريا التي أحدثتها قصة قتل 40 طفلًا رغم زيفها.علاوة على هذا، نجد أن سياسة الخوف متجذرة بعمق في جدلية الثنائيات المانوية لـ "الخير ضد الشر" و"نحن ضد الآخر" و"الأخيار ضدّ الهمجيين"؛ فعندما يلجأ المسؤولون الإسرائيليون أو الأميركيون لهذه الخطابات حول المقاومة الفلسطينية، فيجب أن نتأكد أنهم ينصّبون أنفسهم سيكولوجيًا على الجانب الصالح من هذا المبدأ المانوي.على سبيل المثال، إنه ليس مفاجأة أن ينظر نتنياهو لعدوانه على غزة على أنه "صراع بين أبناء الظلام وأبناء النور، وبين الإنسانية وقانون الغاب"، كما عبّر في تغريدة قام بحذفها فيما بعد. ومع ذلك، فإنه فقط عَبر خطاب خَوفٍ مماثل وتقسيمات ثنائية مثل هذه، يمكن لزعيم شعبوي مثله أن يشتت انتباه الإسرائيليين عن فشل حكومته. - اقتباس :
عند النظر إلى الوصف المرعب للفلسطينيين من قبل قادة إسرائيل وأنصارهم في الغرب، فلا عجب أن العديد من الإسرائيليين أو الأميركيين يجدون اقتراح وزير التراث الإسرائيلي، اليميني المتطرف عميحاي إلياهو، بـ"إسقاط قنبلة نووية" على غزة خيارًا معقولًا أيضًا ولا يفاجئنا أيضًا إصرار رئيس الإمبريالية الأميركية – التي تقدم نفسها للعالم بمصطلحات مانوية أيضًا كزعيمة "للعالم الحر" – على القول إن حماس تمثل نوعًا من "الشر الخالص".. بايدن هنا يقدم في طبق طازج جميع الأسباب المحتملة لتمكين المجزرة الإسرائيلية في غزة.ويشكل هذا السرد في نهاية المطاف تصور المواطن الغربي العادي للصراع؛ إذ إن حماس هي – وفق هذا التصور – شرّ خالص، وإسرائيل هي ديمقراطية بريئة.. وكنتاج مباشر لهذا المنطق المانوي، يجب على الصالحين أن يقضوا على الشر.أما دانيال هاغاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، والذي يُعتبر وجه الدعاية الإسرائيلية طوال فترة العدوان الإسرائيلي على غزة، فقد أعلن بجرأة، في رسالة اعتبرها جيش الاحتلال الإسرائيلي مهمة، تأكيده أن "حماس مكرسة للموت والدمار، بينما إسرائيل مكرسة ومصممة على تقديس الحياة".لقد وصل تشويه صورة الفلسطينيين إلى درجة أن قام المسؤولون الإسرائيليون بالاستشهاد بمراجع عبرية من التوراة لتبرير إبادتهم في غزة؛ ففي محاولة أخرى لتحريك الخوف والكراهية اليهودية تجاه المقاومة الفلسطينية، استشهد بنيامين نتنياهو بقصة عماليق العبرية، داعيًا إلى حرب مقدسة لإبادة سكان غزة.. فوفقًا لتعاليم الكتاب المقدس، فقد تم أمر بني إسرائيل بمسح قوم عماليق عن وجه الأرض كفعل انتقامي منهم!. واستشهد نتنياهو بالعبرية قائلًا: "يجب أن تتذكروا ماذا فعل عماليق بكم، كما يقول كتابنا المقدس، ونحن نتذكر".وكما جاء في تحليل المؤرخ نورمان فينكلستين، فإنه "عندما تعتبر أن عدوك هو عماليق"، في خضم صراع، وفي بلد متطرف و مكرس على تعاليم الكتاب المقدس، فإنك "تدعو إلى تدمير وقتل كل رجل وامرأة وطفل".عند النظر إلى هذا الوصف المرعب للفلسطينيين من قبل قادة إسرائيل وأنصارهم في الغرب، فلا عجب أن العديد من الإسرائيليين أو الأميركيين يجدون اقتراح وزير التراث الإسرائيلي، اليميني المتطرف عميحاي إلياهو، بـ"إسقاط قنبلة نووية" على غزة خيارًا معقولًا أيضًا. - اقتباس :
عندما ننظر إلى الفلسطينيين أنفسهم، فهم شعب أعزل، مسلوب الحق في دولة مستقلة ذات سيادة خاصة به، وبالتالي، ليس للفلسطينيين جيش للدفاع عنهم من اعتداءات قوى الاحتلال المتكررة وكما حدث مع إدارة جورج بوش، هذا اللجوء اليائس إلى الخوف وشيطنة المقاومة، هو فرصة حكومة نتنياهو الوحيدة للبقاء على قيد الحياة سياسيًا. إذ يمكن القول إن الخوف هو الذي أطال مساره السياسي في المقام الأول، وكان الخوف هو الذي جنبه عزلًا بدا محتومًا لولا أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.نتنياهو على علم تام بأنه في أوقات الخوف، يستنجد المواطنون بأي شخص يقدم نفسه لهم كمخلِّص.. ولذلك، لجأ إلى سياسة الخوف لحماية نفسه من الاحتقان المتراكم لدى المواطنين الإسرائيليين تجاه حكومته الفاشلة.وليس من المفاجئ أبدًا كون حكومته عارضت أي نوع من صفقات الهدنة، وذلك لتمديد بقائه في السلطة. بل أكثر من هذا، رفضت حكومة نتنياهو الانصياع لقرار وقف إطلاق النار الصادر عن مجلس الأمن في 25 من مارس/ آذار، وقررت الاستمرار في جرائمها في غزة، وسعيها لضم رفح وتهجير الفلسطينيين منها.وكنتيجة حتمية لخطاب الخوف هذا، تم وضع جميع الفلسطينيين داخل إطارات الإرهاب ذاتها التي يوضع فيها أفراد حماس. وبالتالي، يتم تبرير الجرائم في حقهم كعقوبة جماعية لهم، لتصويتهم لحماس، والسماح لها بحكم غزة منذ 2006.ومن ناحية أخرى، عندما ننظر إلى الفلسطينيين أنفسهم، فهم شعب أعزل، مسلوب الحق في دولة مستقلة ذات سيادة خاصة به، وبالتالي، ليس للفلسطينيين جيش للدفاع عنهم من اعتداءات قوى الاحتلال المتكررة.. إذًا، ظهور أي مجموعة أو أفراد مسلحين في غزة على وجه الخصوص ليس اختيارًا؛ بل هو السبيل الوحيد المتاح لهم للدفاع عن أنفسهم ضد الاحتلال وسياساته.بل أكثر من هذا، يعترف القانون الدولي بحق أي جماعة أو شعب قابع تحت أي احتلال غير شرعي في الدفاع عن نفسه، ولو عبر المقاومة المسلحة، ما دام أنه لا يُستهدف المدنيون الأبرياء عمدًا. فبالتأكيد، لدى الفلسطينيين الحق في الدفاع عن أنفسهم ضد أي مكون من مكونات الاحتلال الإسرائيلي؛ سواء كانوا مستوطنين مسلحين من جماعات اليهود المتطرفين أو جيش الاحتلال الإسرائيلي. لكن من المؤسف أن يتم تشويه حقهم في الدفاع عن أنفسهم وتصويره بدلًا من ذلك كفعل إرهابي وشر خالص. - اقتباس :
تمكنت إسرائيل ووسائل الإعلام الغربية من إقناع العالم بأنه يجب عليه أن يخشى المقاومة الفلسطينية، ويدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضدها، بدلًا من العكس. وهذا مثال جلي على حكاية يتم سردها بالبدء بـ"ثانيًا" لكن حقيقة الأمر هي أن كل جبهة تحريرية تتم تسميتها من قبل الجهة التي تحتلها ككيان شرير؛ فقد تم تصنيف المغاربة والجزائريين كمتوحشين لمقاومتهم الاستعمار الفرنسي، وتم تصنيف نيلسون مانديلا كإرهابي؛ لاستنكاره نظام الفصل العنصري، والآن يتم تصنيف الفلسطينيين كإرهابيين ونازيين لمقاومتهم للصهيونية والإمبريالية.وعلى الرغم من أن إسرائيل تدعي أنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، فإن سياسة الخوف تؤدي دورًا حاسمًا في الممارسة السياسية لقادتها منذ نشأتها.للأسف، تمكنت إسرائيل ووسائل الإعلام الغربية من إقناع العالم بأنه يجب عليه أن يخشى المقاومة الفلسطينية، ويدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضدها، بدلًا من العكس. وهذا مثال جلي على حكاية يتم سردها بالبدء بـ"ثانيًا".في النهاية، يظل التوصل لأي حل سياسي في فلسطين غير ممكن إلا بعد التخلص من سياسات الخوف والكراهية، واعتماد اللغة الإنسانية للتسامح.. في الوقت الحالي، لا يشير الوضع إلى أن الفلسطينيين سيحصلون على دولتهم المستقلة في وقت قريب، على الأقل ليس مع نتنياهو في السلطة، حيث إن فلسطين محتلة تخدم مصالح القوى المهيمنة بشكل أفضل.لكن.. إذا كان سيتم حرمانهم من حقهم في تقرير المصير، فإن أقل ما يمكن أن يفعله المجتمع الدولي هو منحهم كرامة الموت كشهداء من أجل التحرير، وليس كإرهابيين لا يعي بوجودهم إلا عبر مؤشرات حصيلة القتلى. |
|