ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75881 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: وصفة لحم الكلابٍ بالملوخية!.......خالد شحام الأحد 17 نوفمبر 2024, 9:18 am | |
| [rtl] وصفة لحم الكلابٍ بالملوخية![/rtl] خالد شحامهذه هي المرة الثانية التي يقفز فيها نفس هذا العنوان الدبق من قِدرة حسـاءِ الخراب الاجتماعي العربي، رغما عني وعن نفسه، ليس لأن بحر الكلمات ينفد ولكن لأن أسماء الأمراض ترفض أن تتبدل مهمـــا تغيرت الأحوال والأزمان .مع مساء الثلاثاء الماضي انفجر مقطع الفيديو الخاص بالطبيبة المصرية وسام شعيب في مواقع الأخبار والبهدلة الاجتماعية وتناثرت شظاياه في تسجيل مصور وهي تقدم روشيتة الألم مما تراه وتعاينه في مهنتها كطبيبة نسائية، انتفاض السيدة جاء بشكل تحذير غير موجه من تزايد ظاهرة الإنحلال والزواج غير الشرعي وتبعاته داخل المجتمع المصري، وجريا على قوانين اللعب التي عودتنا عليها الساحة العربية، فمثل هذه المقاطع قد تكون حقيقيةً ونابعةً من قلب صادق أنفلت من حَرِّه على ما يرى ويسمع، وقد تكون مدفوعة من خلف مكتب ألف خدعةٍ وخدعة لتشكل مادة إشغالية وإلهائية للجماهير عما يجري، وتحت كل المعطيات فالنتيجة واحدة، حيث لم يلزم الكثير من الوقت لكي تحصل الطبيبة على الهجمات المضادة التي شنت عليها من أعلى المستويات وأدخلتها فورا في بؤرة الجدل المثير للجدل ولاحقا تم القبض عليها لأنكم كما تعرفون تحولت حتى الانتقادات الاجتماعية الداخلية إلى مادة اتهام ذات قوالب ثابتة معروفة سلفا من مثل نشر الأخبار الكاذبة أو تهديد الأمن الاجتماعي أو الإساءة لسمعة الدولة وربما تهديد أمن البلاد !ومنعا للقص والمسّ وحساسيات الطفح الجلدي فاسمحوا لي بالاعلان المسبق بأن هذه المقالة لا تتعلق بالحديث عن مصر أو غيرها تخصيصا، فكما تعلمون لا شيء يثير أعراض الحساسيات أكثر من الإتيان على ذكر اسم دولة عربية أو شيء متعلق بها، هذه المقالة تتناول الأمراض الاجتماعية التي يمكنكم تلمسها بشكل مشترك موحد عند التنقل في عدد من الدول الرعبية وتدركون بمجرد تفكير قليل أنها مخاطر جسيمة تقيم في الداخل الاجتماعي، بعضها تَعدَّت حدود المستوى القياسي المعياري، مخاطر يصعب أن تفسرها على أنها شيء عادي أو طبيعي بل هي مدخلات مصطنعة مفروضة لأجندات لا تخفى على أحد .لقد درجت عادة المجتمعات البشرية بكلها عبر الزمان والمكان بأن هنالك منحنى طبيعيا للأمراض الاجتماعية له قمم ومنحدرات مثله مثل الأمراض العضوية والأوبئة، هذا المنحنى يصعد ويهبط تبعا لعوامل داخلية وخارجية، عالمية ومحلية، تعمل جهود السلطات إن كانت جادة في دورها على التحكم بهذا المنحنى لتسويته إلى الحد الأدنى من خلال أدواتها وأجهزتها وكوادرها لتضمن الاستقرار والأمن الاجتماعي، لكن أصبح من الواضح أن هذا المنحنى يرتفع إلى الأعلى قياسا لما قبل ثورات الربيع العربي سواءا بشكل مقصود أو غير مقصود .للسيطرة على هذا المنحنى يوجد عادة ميكانيزم تلقائي بسيط يتم من خلال خطين متزامنين تتولاهما أجهزة الدولة، أحدهما يقيس ويستشعر الأعراض والأرقام ثم يطلق جرس الإنذار بوجود السم داخل البدن، والآخر يعمل على تقديم وصفة العلاج بخطوات شمولية لتنظيف المجتمع من هذه السموم، ما قامت به الدكتورة ينتمي للجزء الأول غير الرسمي، ولا يختلف عن الموظف الذي خرج على العلن ليفضح وجود رشاوى وفساد بالملايين من الدولارات داخل الدائرة التي يعمل بها، ولا يختلف عن المعلم الذي صعد على الوسائط ليحذر من انحدار مستوى التعليم الحكومي وفساده، ولا يختلف عن مواطن ساخط من عجزه عن إعاشة عائلته فأشعل النار بنفسه وسط الشارع العام، كل هؤلاء فعلوا ما فعلوه لأنهم يلمسون فشل الأجهزة الحكومية الموكولة بالرصد والعلاج، وكل هؤلاء يمثلون وسائط ايقاظ وتنبيه بغض النظر عن أحكامنا الخاصة حولهم، دون هذه التحذيرات يفقد المجتمع قدرته على تشخيص مصائبه ورؤية ما يحدث بداخله، خاصة عندما يتم تزوير تقارير التنمية والتقارير الحكومية التي تشخص الأمراض الاجتماعية ويتم التلاعب بأرقام حالات البطالة والطلاق والاجهاض والولادة غير الشرعية والانتحار، وتُخَفض نسبُ الجرائم كما يحدث في معظم او كل دول العرب، هذه الاحصائيات عادة هي مرايا الحكومات والمجتمع التي يرى من خلالها نفسه و تستفزه وتطلق وسائطه الدفاعية كي يصحو ويقوم باللازم قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة .عقب ثورات الربيع العربي حصلت تغيرات جذرية على الدور المنوط بالنظام العربي وخططه الوقائية، لقد أصبح الخوف من الداخل فرضَ عين، لذلك أصبح من الأهمية بمكان تحريك عجلات المركبة الإجتماعية نحو الخلف وتطبيق نظرية الزنبرك الذي يجب أن تدوسه باستمرار كي لا يقفز في وجهك، وهذا الدوس له علومه وتقنياته ولا تكفيه الهراوة، ومن هنا يمكن اللجوء إلى نظريات ودراسات التخريب الاجتماعي البطيء والناعم للاستعانة بها في تطويع وتخدير الجماهير وإشغالها بأمراضها الداخلية بعد تركها كي تتسع وتتسخ وتتقيح، أهم مرضين يجب التركيز عليهما هما الفقر والإنحلال مع العزل والإقصاء التام لمراكز التوعية وايقاظ الأحاسيس الدينية، خاصة في الطبقة الوسطى لأنها هي دينامو المجتمعات .في بعض الأحيان يمكن لسياسات التركيع والتطويع أن تتخذ مسميات ناعمة ومحسنة وحضارية وتخصص لها وزارات ومكاتب لتبدو جزءا من نعيم النظام، من مثل : لجان الترفيه أو وزارة السعادة والاسترخاء، لجنة الأمر بالفرفشة والنهي عن الكآبة، وزارة الفنون والثقافة والسياحة ….. ولكن عندما يتفشى الداء ويستحل البلاء يصبح من الصعب ألا نتخيل أننا أمام لجان عناوينها من مثل : لجنة تدمير الأخلاق -لجان افساد الطفولة – هيئة تمييع الشباب – المجلس الأعلى لتغريب المجتمع – مؤسسة البغاء و الإباحة، وإذا لم تكن تمتلك الأموال اللازمة لهذه اللجان يمكنك استخدام اسلوب فاعل عنوانه (عدم التدخل ) والمعني به ترك الجريمة الاجتماعية بكل أحجامها تأكل لحم الناس دون أي رداع أو مانع في ظل قوانين سطحية غير مفعلة، تماما كما تعمل سلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية التي تقع تحت حكمها، والوصول إلى النتائج هو مسألة وقت .إن الغاية من تطبيق آليات التخريب الاجتماعي تتمركز حول إحباط أية صحوات مستقبلية وتثبيط ولادة القيادات الاستقطابية المؤثرة، تتصاعد وتيرة الهجمات الناعمة كلما شعر اللاعبون بأن الشعوب على وشك الانفجار أو الصحو كما يحدث الان في أجواء طوفان الأقصى الذي هَزَّ جذور الشعوب بعنف، ما يراد الوصول إليه في مثل هذه الحالات هو خلق مجتمعات مشـوهة بالكامل بحيث يمتزج الانحراف مع أبشع اشكال الجهل والتخلف والفقر المدقع لإنتاج مزيج لزج اسمه الحركي (لحم كلاب بالملوخية ) والتوصيف المستعار هنا لا يقصد ذما ولا قدحا بحق الشعوب الضحية بل هو ترميز لحساء من الفوضى والاهمال والإفقار، مخلوقات بشرية مهملة، مهمشة، تعيش وسط ظلمات الأحياء الفقيرة يختلط فيها كل شيء متضاد، مجتمعات محلل لها الرذيلة والانحراف والالحاد والتفكك الأسري ولكن محرم عليها الوعي أو الصحو ومشتقاته، ومثل هذا الحساء الاجتماعي هو وصفة أمريكية – اسرائيلية مجربة بامتياز، لا يصنعها الا شيف متدرب في وكالات الطهي الغربية، هذه البرامج تختلف تماما عن موجات التحرر والتحلل الديني التي كانت في الماضي تحت معطيات ثقافية انفتاحية، وتختلف تماما عن التغيرات الاجتماعية المصاحبة للتقلبات العالمية والتقنية، لدينا اليوم برامج دخيلة واضحة المعالم تمتد نحو خطط النظام العالمي التي تهدف الى اقرار المثلية والاباحة والانكار الديني المطلق وتحويل قيمة الانسان الى ادنى من الحيوان واباحة دمه وجسده وكرامته ثم حياته وليس العرب هم المستهدفين فقط.كيف يمكن صنع وصفة “لحم الكلاب بالملوخية” على المدى الطويل في أي مجتمع؟ المستلزم الأول هو كميات هائلة من مواد الترفيه والتنعم ذات الطباع الإدماني والرخيصة الكلفة كي تكون بمتناول الجميع، سيلٌ جارفٌ من الفنانين والغنـــاء وحفلات الرقص والطرب والمواد الاباحية المتاحة بأسهل من تنفس الهواء، معين لا ينضب من الأفلام القديمة والجديدة والمسلسلات المركبة بأحدث تقنيات الفتنة والتي يمكنها التغلغل في الغدة الصنوبرية للمشاهد رغما عنه، ويعتنى فيها بوجه الممثلة والفنانة المشهورة واستعراض لحمها الشهي الجذاب وحُليِّها الباذخة ومبادئها وكلماتها المنتقاة بعناية، مواد مرئية ومسموعة تتعلق بتطوير الشهوة والرغبات الدنيئة والسعي وراء السُكَّر الذي يَعلَق به الذباب الموسمي، بعد هذه الحالة فإن الجدار الخلوي للمجتمع المبني من الفضائل والتعاليم الدينية والأسرية الحافظة سيتعرض للثقب بالإذابة وتنشأ مسامات تتسع باستمرار، بعدها سيبحث المجتمع لوحده عن تلك الاشياء. المستلزم الثاني المحوري هو التفكيك والتخريب المعاشي الاقتصادي الذي يتم من خلال تحطيم البلد وتحويلها الى متسول اقتصادي عالمي والدفع بالغلاء الى حدود السعير، هذا المتغير ذو تأثير أسرع ولا يعمل بالإذابة بل بالتكسير العاجل لكل معالم القيم وتتلاشى أسوار الحماية الدينية والاجتماعية ويمكن فعل أي شيء في سبيل جرعات التخلص من الحرمان ومحاكاة النعيم الذي تروجه شبكات الاعلام الاجتماعي السامة، يمكن فعل كل ذلك وسط قبضة أمنية خانقة ومصادرة حرية الفرد والمجتمع واعتقال المفكرين والصحافيين وسحق كرامة الفقراء دون الحيوانات، تصبح هذه الوصفة معتمدة ومتعمدة النوايا لخدمة اعداء الأمة العربية والاسلامية اذا رافقها الانبطاح والمشاركة في الجرائم ضد الأمة، وهنا تصبح وصفة ” لحم الكلاب بالملوخية ” وسيلة سيطرة وكبت وقبض على المجتمع وترويعه بمكوناته ومن ذاته، تتكامل مفاعيل هذه الوصفة بالرسالة أو المحرقة التي تجري في غزة على الهواء مباشرة منذ مئات الأيام لتؤكد للشعوب المستضعفة بأن نتيجة الصحو أو الثورة ماثلة أمامكم !اذا كان أحدكم يعتقد أو يظن بأن الإنذار الخافت الذي أطلقته تصريحات الدكتورة هو حدث معزول عن معركة الكرامة التي تشتعل في غزة أو في ثوب الأمة والهجمة عليها فهو مخطىء تماما ويتدحرج بعيدا عن شجرة الهدى المثمرة بالنجاة، كل ما تعاصرونه هنا هو شجرة زقـوم واحدة متمددة الأغصان مركزها المحوري هو الكيان الصهيوني، إن ما حذرت منه الدكتورة ليس إلا واحدا من البيجرات السرية المزروعة بمهارة واتقان داخل المجتمعات العربية والتي تم تلغيمها أكثر بعد اسقاط ثورات الربيع العربي لكي تنفجر ذات صباح بلا نقطة عودة أو امكانية اصلاح، ان الانظمة الخادمة معنية جدا بتفعيل هذه البيجرات في اللحظات الصحيحة بعد فوات الاوان على الشعوب النائمة التي يتم تدمير مؤسساتها التعليمية والدينية والاجتماعية وتكريس الخراب الاقتصادي والمعيشي كجزء من الحرب على الفرد والمجتمع للحيلولة دون اي نهوض أو تفكير او ثورة من أي نوع .لقد أحدثت غزة انفجارا كونيا في هذا العالم، انفجار من فئة السوبر نوفا، أيقط هذا العالم على الكثير من الآخلاقيات والجوانب الانسانية التي نسيها العالم والتي تحولت إلى أمراض تعشعش في المجتمعات، نتائج طوفان الاقصى ذات الأبعاد الفلكية سوف ترونها في السنوات القادمة حين يصل تأثير الدومينو الارتجافي، أمثولة سكان غزة الجبابرة الذين يصبرون على الموت والدم والدمار ستكون هي هادية هذا الضلال الواسع، وسيكون هؤلاء بمثابة الرسل على بؤس هذه الأرض، وطوفان غزة جاء لينقذ شعوب العرب ويعيد صحوتها إلى هويتها العربية الاسلامية، شعب مصر العظيم المتمسك بهويته وأخلاقه العربية الإسلامية العالية كان ولا زال هو طليعة شعوب العرب الحافظة للعهد والرسالة والدين والفضيلة وقائد موجات الثقافة والتحرر والانفتاح المحافظ، أخلاقيات هذا الشعب لا تهزها المؤامرات والحبكات الضلالية التي تقودها حفنة المرتدين عن الأمة وخونة المواقف، شعوب العرب من الشرق الى الغرب في اليمن و لبنان والعراق والأردن والمغرب والجزائر وكل دولة عربية لا تزال بخير ولا تزال على قلب المقاومة مهما حاولت الانظمة أن تبدي العكس .أن انتصار هذه المقاومة التي تقاتل الان في غزة ولبنان هو الضمانة البعيدة المعاني لتلبية نداء الدكتورة ونداء كل الشرفاء الذين يصرخون لتحذير الأمة، إن هذه المقاومة التي تقاتل في خرابات جباليا وعلى مشارف الليطاني لا تحارب الميركافا والإف 16 وجيش المخربين فقط، بل تحارب في معركة ممتدة أعمق بكثير مما يتخيله الواهمون، معركة تعني كل حي وكل بيت عربي لتقف ضد تخريبه وضد ابقائه داخل سجن ” لحم الكلاب بالملوخية ” ! |
|