ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: بنات اليوم .. ومحظيات الأمس! الأربعاء 27 نوفمبر 2013, 2:26 am | |
| [rtl]بنات اليوم .. ومحظيات الأمس![/rtl] [rtl]
قادمة إلى الحياة ؛ مولودة مع التفاؤل أو مع التشاؤم ، بالترحاب أو العزوف ، بالسلامة أو الندامة ، تترعرع بين جنباتنا وهي طفلة محبوبة أو منبوذة ، مدللة أو مكللة بالحرمان . و الى ان تشب البنت الصغيرة بخطواتها المتهادية وضحكة وجنتيها البريئة وطلباتها البسيطة فنقابلها بالرقة والسماحة والعطف وربما نزدريها ونحرمها التعاطف ، وما إن تفيض أنوثتها وتستقر فرديتها ، وتبدأ بخطوتها الأولى نحو هدفها ؛ في استكمال تعلمها أو باختيار هدف منجزها حتى يبدأ العالم من حولها بقياس خطوتها الأولى وعد خطواتها الأخرى كالمراقب والمتشدد ، أو الناقم والمتحفز ؛ فإذا لم تجد قلباً مميزاً بداخلها يدفعها لاستكمال الطريق ورعاية من أقرب المقربين إليها ، فإن الحزن والكمد يلازمان أيامها والفشل يسطو على ما تبقى من أمانيها . الصبية ، الفتاة ، المرأة ، الشريكة ، الأم . الطالبة ، الخريجة ، الأكاديمية ، الفلاحة ، الموظفة ، المدرسة ، الطبيبة ، الوزيرة ، عضو مجلس النواب ، الوالدة المربية . انها هي التي نرنو إليها اليوم مع شدة ما نرى ونسمع ونتابع من أخبار الاعلام ، وأحداث العالم من حولنا . منذ نشوء أولى الحضارات على الكرة الأرضية وبالتزامن انقسم المجتمع إلى ملاك وعاملين ، أسياد ومحكومين ، سادة وعبيد أو أشباه عبيد ، وبرزت حالة استغلال النساء في الأعمال كافة كالخدمات والزراعة ، والعمل المنزلي ، والترفيهي والفني . ثم صنفت النساء حسب حظوظهن في الجمال ، أو القدرة العضلية ، أو الذكاء والموهبة ، منهن اعتقدن أنهن فزن بالحظ السعيد وأخريات لم ينلن سوى الحظ العاثر ؛ لكن جميعهن بقين في دائرة الاستغلال المحتومة ، حتى ظهرت لهن وظائف ومهن ما زالت إلى يومنا هذا تلتصق فقط بالنساء ، وإن تعددت أو تباينت التسميات .
حضارات .. ومحظيات في الحضارة المصرية القديمة اختيرت النساء المؤهلات للعمل في القصور ، كالمرضعات ، والقابلات ، ومربيات الأمراء والأميرات ، وصانعات الخبز والخمور ، كما تخصص بعضهن بالرقص والعزف على الناي والإنشاد ، وتخصص بعضهن في الرقص الجنائزي أو الإيقاعي ، ومنهن من تمرس في إضفاء البهجة على قلب الحكام والوزراء . أما في بابل فقد خصصت محظيات للقصور وأخرى للمعابد وهناك ، ارتبط عمل المحظية بهدف ديني تقدم مايطلبه منها عابر السبيل الغريب مقابل قطعة نقدية وهي مؤمنة ومقتنعة بأنها تقدم خدمات للآلهة مقابل منحها السكينة والسلام . أما الحضارة اليابانية ؛ فقد ابتدعت نوعين من المحظيات وبذلك وسّعت إمكانية تشعب تلك المهنة ، كي يستفيد منها شريحة طبقية أخرى ؛ الأولى تسمى(بيوت الشاي) وهي ما يعرف بالعالم العائم أي العالم الذي بلا قيود أسرية أو اجتماعية ، إذ تجلس النساء في أجواء مشحونة بالدخان الأزرق والممارسات اللا أخلاقية ، ولا يسمح بارتياد تلك البيوت إلا لرجال الطبقات العليا . أما فتيات (الجيشا) فيتميزن بالثقافة والرصانة واللباقة والطاعة ، متدربات على الغناء والرقص والخياطة وتنسيق الزهور وتقديم الشراب والطعام بأسلوب تقليدي غاية في التنظيم ، وكانت الدولة تدفع المال لمعلمي تلك الفتيات ، ويزور أماكن فتيات الجيشا رجال الطبقة الوسطى ، وإذا أراد أحدهم خليلة من تلك الفتيات عليه إبرام عقد بمبلغ متفق عليه مع المشرفة على المكان . بينما اختارت الحضارة الهندية / الهندوسية المحظيات على طريقة (الديفا- داسيز) وهن صبايا مكرسات لخدمة زوار المعابد لقاء أجر يوضع في المعبد ، ويحصلن منه على مبلغ زهيد ، ومن واجباتهن تقديم الرقص المتقن يصاحبه الغناء وفنون الإثارة كافة بقدر استطاعتهن ، ويمكن لأي زائر الدخول إلى المعابد ولقاء تلك الفتيات . أما نساء المجتمع الهندي فكانت تمارس عليهن عادة حرق الأرامل ؛ كل زوجة تفقد زوجها تقوم عائلته بحرقها حيّة خلف جثمانه المحروق , لكن بعد الاحتلال البريطاني للهند وظهور حركة إصلاحية من الهندوس منع حرق الأرامل وتوقف عمل الديفا- داسيز .
محظيات الإقطاع والسلاطين في عصر الامبراطوريات الكبرى ازداد عدد المحظيات في القصور وأصبح لبعضهن أبناء غير شرعيين من الملوك ، منهن من توجت ملكة كما حدث في روما ، وبيزنطة وفي العصر العباسي والسلطنة العثمانية ، وقد ساهمت بعض المحظيات في صنع الدسائس السياسية في الأستانة وفي بغداد ، وقد تنافس سلاطين آل عثمان على جمع أكبر عدد من الجواري وتم حجزهن في قصور خاصة تسمى (الحرملك)، فالسلطان عبد العزيز على سبيل المثال بدأ حكمه بزيادة عدد الجواري في قصره الخاص إلى 900 فتاة نصفهن من أرمينيا . وفي فرنسا كانت هناك عائلات كثيرة تتمنى تقديم بناتها كمحظيات للملوك ، وعادة لاتكون تلك العائلات تعاني شظف العيش ؛ بل هي تقوم بتدريبهن وتأهيلهن ليقمن بدور المحظية ،لتحصد تلك العائلات المكاسب الاجتماعية والاقتصادية والنفوذ السياسي المرتقب . وهناك قصة من واقع حياة لويس الرابع عشر فقد اختار محظية فائقة الجمال والدلال وفضّلها عن جميع نساء القصر الكثيرات ، حتى أنه أنجب منها ثلاثة أبناء ، كان يعشقها ويميزها ويحب رفقتها في ساعات نهاره وليله ، وكانت تدعى مدام دي مونتسبان ، بدأت علاقتهما بالتداعي حين طالبته بالارتباط الرسمي ، وظل الملك يرفض طلبها فأصبحت تؤرق لياليه بغيرتها ونزقها الشديد وغضبها المستمر ، حتى كادت تعطله عن مسؤوليات الحكم ، فتوسط لدى مدام دي مانتون المشرفة على تربية أولاده من المحظية ،وتلك المربية كانت متوسطة الجمال وقد تخطت الثلاثين من عمرها طباعها هادئة ، رقيقة ورزينة العقل ورصينة التصرفات ، بعد أن أصبحت حمامة السلام تخفف الملك من الحنق وزال عنه الغضب والشجن وعاد للاهتمام بشؤون المملكة ، وحولها من مربية إلى سيدة قصره ، ثم تزوجها ؛ فأصبحت ملكة فرنسا رسمياً .
..وماذا عن اليوم إذا كان السلطان عبد الحميد الثاني قد ألغى نظام الحرملك والمحظيات في عام 1909 ؛ فإن استغلال النساء ما زال موجوداً في العصر الحديث بوجوه أخرى وتحت مسميات مختلفة وان كان خارج حدود الحرملك أو جدران المعابد القديمة أو القصور ، فهناك محظيات في سوق الرقيق الأبيض ومحظيات يدرن في فلك المافيات العالمية ويجتهدن في عمليات غسيل الأموال ويقعن ضحايا تهريب المخدرات والوساطات في بيع وتهريب الأسلحة ، ويوظفن في الصراعات الدولية والإقليمية كأكباش فداء في شبكات التجسس والتنظيمات المختلفة الاهداف والغايات ، وبعضهن يتسابقن لتقديم الإعلانات التافهة أو التسويق الإباحي . أما جموع النساء المتضررات من الحروب الأهلية والحروب الإقليمية ؛فهن يعانين الفقر والحرمان والتغول على أجسادهن ؛فيتعرضن لشتى أنواع الاضطهاد البدني والنفسي ، كأن يصبحن دروعاً بشرية هن وأطفالهن أوللحصار في تجمعات غير آدمية ، والاستغلال فيدفع بهن للقبول بزواج غير متكافئ ، فيصبح حالهن أسوأ من حال المحظيات التقليديات في كل العصور وكافة المجتمعات .
[/rtl] |
|