[center]القدس - تحليل
وبات الوضع داخل فلسطين (سواء أراضي الـ48 أو الـ67) أقرب إلى الانفجار أكثر من أي وقت مضى على خلفية المخططات الصهيونية التي تتهدد المسجد الأقصى في وجوده والتي رأى فيها المراقبون أنها «الأخطر» التي يتعرض لها المسجد منذ عدوان حزيران عام 1967 وجريمة إحراقه عام 1969.
وتصاعدت أجواء التوتر على خلفية إعلان إسرائيل أنها ستدشن اليوم بما يسمى كنيس الخراب، على بعد أمتار قليلة من المسجد الأقصى، تمهيداً لهدم المسجد وبناء هيكلهم المزعوم مكانه.
وفي مواجهة إمعان إسرائيل في الاستيطان، تراجعت السلطة الفلسطينية عن موقفها الذي قَبِلَ بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بغطاء عربي واشترطت لذلك وقف الاستيطان.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية «أ ف ب» علق الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على تصريحات الحكومة الإسرائيلية التي أكدت فيها استمراها بالاستيطان بقوله: إنه «لن تجري أي مفاوضات مع استمرار الاستيطان، هذه السياسة لن تخلق المناخ المناسب لاستئناف عملية السلام».
وحذرت حركة فتح من أن أي محاولة لدخول باحة المسجد الأقصى من قبل اليهود المتطرفين «ستشعل كل المنطقة ولن تقتصر على الأقصى أو مدينة القدس»، بحسـب وكــالـة الأنباء الألمانية «د ب أ» في حين دعت حركة حماس إلى يوم «غضب ونفير عام» اليوم احتجاجاً على تدشين الكنيس.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أمس الإبقاء على حالة التأهب في القدس الشرقية لخشيتها حصول تظاهرات عنيفة احتجاجاً على تدشين الكنيس. وأوضح المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفيلد أن تعزيزات كبيرة أرسلت إلى القدس حيث انتشر 2500 عنصر من الشرطة وحرس الحدود، بينهم المئات في المدينة القديمة.
ووضعت الشرطة الإسرائيلية المتاريس والحواجز على مداخل البلدة القديمة وانتشرت قوات خاصة بلباس اسود متحزمين بقنابل الصوت والغاز باللون الأزرق. ولم تسمح الشرطة لأحد بالدخول إذا لم يكن من سكان البلدة القديمة وطالبت التجار بحمل أوراق ثبوتية أو ضريبية عن محلاتهم داخل البلد.
ودعا رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز دويك الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دعوة المجلس التشريعي للانعقاد في أقرب وقت ممكن لبحث ما تتعرض له مدينة القدس من انتهاكات إسرائيلية.
كما طالب دويك مؤتمر القمة العربية المقبل بتبني إستراتيجية عربية ملزمة تمنع تهويد القدس وضمان بقاء أهلها فيها، وأكد أن قادة الأمة يملكون من وسائل الضغط ما يقلب الموازين، منتقداً ردود أفعالهم «التي لم تصل لمستوى الحدث».
من جهته دعا المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية محمد حسين أمس الفلسطينيين والمسلمين إلى شد الرحال للمسجد الأقصى في القدس والصلاة فيه لمواجهة المخاطر الحقيقية التي تهدده حالياً من قبل المتطرفين اليهود.
وحذر، بحسب «د ب أ» من أن الأيام المقبلة ستشهد تصعيداً خطيراً ضد المسجد الأقصى من خلال الخطط المبيتة التي تتردد في وسائل الإعلام الفلسطينية.
ودعا مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبد القادر، الفلسطينيين داخل أراضي عام 48 إسرائيل وفي مدينة القدس إلى الزحف للمسجد الأقصى للرباط فيه وصد أي محاولة لاقتحامه من قبل الجماعات اليهودية.
وقال عبد القادر: «لن نقف مكتوفي الأيدي إذا ما تم اقتحام الأقصى»، محذراً الجانب الإسرائيلي من الإقدام على هذه الخطوة «التي ستشعل حريقًا في القدس والأراضي الفلسطينية بشكل عام».
ولا يتوقف التوتر عند حدود مدينة القدس بل يتعداها ليصل واشنطن واضعاً العلاقات الأميركية الإسرائيلية في «أسوأ أزمة تاريخية» منذ ثلاثة عقود.
ورغم هذا التوتر الواضح، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي أمس أن إسرائيل «حليف إستراتيجي للولايات المتحدة وستبقى كذلك والتزامنا بأمن إسرائيل يبقى قائماً ولا يمكن أن يتزعزع»، إلا أن كراولي أعلن كذلك أن بلاده لا تزال تنتظر «جواباً رسمياً» من الحكومة الإسرائيلية على الايضاحات التي طلبتها منها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بشأن قرارات الاستيطان في القدس الشرقية بشكل خاص.
وفي تحد منه للإرادة الأميركية بوقف الاستيطان، رد نتنياهو بالتأكيد أن «البناء سيتواصل في القدس كما كان في السنوات الـ42 الماضية» بما في ذلك الشطر الشرقي من المدينة الذي تحتله إسرائيل، مضيفاً إن «تجميد الاستيطان لعشرة أشهر في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) سينتهي في الموعد المحدد».
وذكرت وكالة «أ ف ب» أنه قد دخل على خط الأزمة اللوبي الأميركي الموالي لإسرائيل والواسع النفوذ في واشنطن وانتقدت لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «ايباك» التصريحات الأخيرة الصادرة عن الإدارة الأميركية التي نددت بقرار إسرائيل الاستيطاني ورأى اللوبي في بيان له أن ملاحظات الحكومة الأميركية «حول العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل مثيرة للقلق».[/center]