تعليم الطفل بر الوالدين
إنّ حرص كل أب وكل أم على إصﻼح عﻼقته مع الله ينعكس بالضرورة على صﻼح اﻷبناء وحسن تربيتهم، برأي الشيخ حاتم صالح العسكر، أستاذ أصول الدين لذلك ﻻبد أﻻ نغفل عن بعض المقومات التي ينبغي توفرها قبل الشروع في إعداد أبناء يقومون على البر والطاعة، وهي:
إذا كان من الطبيعي أن يشكر اﻹنسان من يساعده ويقدم له يد المساعدة، فإنّ الوالدين هما أحق الناس بالشكر والتقدير؛ لكثرة ما قدما من عطاء وتفانٍ وحب ﻷوﻻدهما دون انتظار مقابل، ويعتبر اﻹسﻼم البر باﻵباء من أفضل أنواع الطاعات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى؛ لذا نﻼحظ أنّ الله تعالى جعل طاعة الوالدين بعد اﻹيمان به فقال: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا». اﻹسراء:23، وبلغت وصية الله سبحانه وتعالى بالوالدين أنه أمر اﻷبناء بالتعامل معهما باﻹحسان والمعروف، حتى ولو كانا مشركين، تقول أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: «قدمت على أمي وهي مشركة في عهد رسول -صل الله عليه وسلم- فاستفتيته، وقلت: قدمت على أمي وهي مشركة، أفأصلُها؟ قال: نعم، صِلي أمك». البخاري 5979، مسلم 1003.
والتربية اﻹسﻼمية تحض على تعريف اﻵباء أبناءهم بفضل بر الوالدين؛ لذا ﻻبد أن يحرص اﻷهل على التحدث مع اﻷطفال، والقصّ عليهم من قصص برّ السابقين، حيثُ ضرب لنا صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم، والسلف الصالح أروع اﻷمثلة في البر بالوالدين واﻹحسان إليهما، ومن ذلك ما يروى من أنّ أسامة بن زيد كان له نخل بالمدينة، وكانت النخلة تبلغ نحو ألف دينار، وفي أحد اﻷيام اشتهت أمه الجمار، وهو الجزء الرطب في قلب النخلة، فقطع نخلة مثمرة ليطعمها جمارها، فلما سئل في ذلك قال: «ليس شيء من الدنيا تطلبه أمي أقدر عليه إﻻ فعلته»، وكان «علي بن الحسين» كثير البر بأمه، ومع ذلك لم يكن يأكل معها في إناء واحد، فسئل: إنك من أبر الناس بأمك وﻻ نراك تأكل معها؟! فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها.
ويحكى عنه أنه في إحدى الليالي طلبت أمه أن يسقيها، فقام ليحضر الماء، وعندما عاد وجدها قد نامت، فخشي أن يذهب فتستيقظ وﻻ تجده، وكره أن يوقظها من نومها، فظل قائماً يحمل الماء حتى الصباح.
نصائح هامة
تربية الطفل على طاعة الوالدين تتطلب جهداً متواصﻼً من اﻷب واﻷم معاً، وينبغي أن تحكمها مبادئ وأسسٌ ﻻ تقبل الحياد عنها، ومنها:
• على الوالدين أنْ يُصدرا اﻷوامر برفق ولين بصورة نصح وإرشاد، فإنّ الطفل حتماً سيستجيب لهما، أمّا استخدام التأنيب والتعنيف فإنه سيؤدي إلى نتائج عكسية.
• يجب أن يتفق الوالدان على أسلوب معاملة موحد؛ حتى ﻻ يتشتت الطفل وتضيع الجهود المبذولة من كليهما في تقويمه وتربيته تربية إسﻼمية صحيحة.
• إنّ حبّ اﻷطفال للوالدين ردّ فعل لحبّ الوالدين لهما، فإذا كان الحبُّ هو السائد في العﻼقة بين الطفل ووالديه، فإنّ الطاعة لهما ستكون محققة الوقوع.
• كن قريباً من أبنائك وﻻ تحرمهم من سؤالك عنهم ولعبك معهم ومساعدتهم، واعلم أنك لن تلمس احتياجهم إليك إﻻ بالتعرف على تفاصيل شؤونهم.
• اعلمي أنّ الطفل الذي يحصل على التقدير من قبل والديه، يسعده ذلك ويحاول المحافظة عليه بإرضائهما والتفاني في طاعتهما.
• اعلمي أنّ الطفل عندما يربى منذ نعومة أظفاره على احترام الكبير، وخاصة اﻷم واﻷب فسينعم والداه في كبرهما، ويجنيان ثمار ما زرعاه فيه.