"الأونروا" تعرض أرشيفا تاريخيا عن تهجير الفلسطينيين
عمّان – غسّان أبو لوز
ما سمعه الصديقان إسماعيل علامة وإسماعيل صبّاح من روايات الآباء عن رحلة اللجوء من قراهم في فلسطين قبل 65 عاماً، تطابقت مع عشرات الصور التي وثقت إرثاً شعبياً وتاريخياً لمئات آلاف الفلسطينيين الذين هجروا آنذاك من بلادهم وعاشوا في مخيمات اللجوء حتى يومنا هذا.
علامة وصبّاح لاجئان يعيشان في مخيم الطالبية للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة عمّان، حضرا كغيرهما من أبناء ووجهاء مخيمات اللاجئين في الأردن لمتابعة أول معرض من نوعه يوثق حياة اللاجئين في صور.
وفي المعرض نحو 150 صورة قدمتها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" تحت عنوان "أرشيف الأونروا السمعي والبصري من أجل لاجئي فلسطين.. الرحلة الطويلة".
الأربعيني علامة، ابن أريحا، علّق على المعرض قائلا: "كلاجئ عشت جزءاً من هذه المأساة، نحن أبناء مخيمات ونعرف ما طبيعة هذه المعاناة، يمكن في صور أقدم من تاريخ ميلادنا، لكن أهلنا عاشوا هذه المآسي بكافة تفاصيلها".
ويضيف بشيء من الحزن الممزوج بالحسرة: "اليوم هذا المعرض حرك مشاعر عظيمة.. ذكرنا أن الاحتلال الإسرائيلي شردنا من دون سبب.. ومهما صار لا يوجد شيء يغنينا عن حق العودة، ثمن هذا العذاب هو العودة إلى الوطن".
روايات أجداد وآباء علامة وصبّاح المولودين في ستينيات القرن الماضي، كانت جزءاً من الذاكرة التي توارثتها الأجيال عن رحلة التهجير القسري على الأقدام من الوطن، إلى الخيام ومخيمات الطوارئ ثم بيوت الطين.
أبو زكريا يتفاجأ بصورته
أما في الزاوية الأخرى من المعرض، فتهافت الحضور على الحاج أبو زكريا الذي اكتشف أن إحدى الصور المعروضة تعود له.. فتفاجأ الرجل السبعيني الذي لم يتوقع أن يكون حاضراً في أرشيف الـ"أونروا"، وهو من حضر تفاصيل رحلة اللجوء من يافا في العام 1948 إلى مخيم سوف في الأردن، وما بينهما من رحلة طويلة بين مخيمات الطوارئ.
أبو زكريا الذي لا يذكر جيداً متى التقطت له الصورة التي يظهر فيها مع أفراد من أسرته، توقع أنها تعود إلى نهايات الستينيات في الأغوار. صورته وبقية الصور أعادته كما يقول إلى زمن النكبة والنكسة وإلى الخيمة وإلى "كرت المؤن" وإلى كثير من معاناة اللاجئ الذي ما زال ينتظر العودة إلى بلاده.
ويوثق المعرض تفاصيل مهمة في حياة اللاجئ الفلسطيني في مختلف المخيمات المنتشرة في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.
أرشيف الأونروا.. آلاف الصور وأشرطة الفيديو
وقرار أرشفة صور اللجوء إلكترونياً اتخذه المفوض العام لـ"الأونروا" في الأردن فيليبو غراندي منذ عدة سنوات.
فيليبو قال خلال كلمة له في افتتاح المعرض إن الوكالة كانت على وشك أن تخسر جزءاً من أرشيفها، معرباً عن حزنه من رؤيته ما في الأرشيف من مشاهد تتكرر اليوم في مخيم اليرموك في سوريا.
وأضاف: "نحن نعلم أن هذه المعاناة لن تنتهي إلا عند إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين".
وعملت "الأونروا" منذ تأسيسها على إنتاج وجمع أرشيف لمواد سمعية ومرئية تغطي جميع جوانب حياة وتاريخ فلسطين. ويتألف الأرشيف من أكثر من 430 ألفاً من الصور السلبية (نيجاتيف) إلى جانب 10 آلاف نسخة مطبوعة من الصور.
وتضم المجموعة أيضاً 850 ألف شريحة عرض و75 فيلماً و7300 شريط فيديو. وفي عام2009 تم إدراج هذه المجموعة من قبل الـ"يونسكو" كجزء من الذاكرة العالمية.
وترجع أهمية تحويل هذه المواد إلى صيغة رقمية في إنقاذها وحمايتها، بالإضافة إلى تمكينها من رواية قصة لاجئي فلسطين من خلال الصور والأفلام.