حق العودة وقانون لم الشمل: القضية التي تثير الرعب الصهيوني؟!
نواف الزرو
قبل ايام قليلة أقرت اللجنة الوزارية الإسرائيليّة لشؤون سنّ القوانين مشروع قانون المواطَنة (لمّ شمل العائلات) الذي يحظر لمّ شمل العائلات الفلسطينية-لاسباب تتعلق بالتوازن والصراع الديموغرافي-، والذي فشلت وزيرة الداخلية أييلت شاكيد “يمينا” في تمريره قبل عدة أشهر-الاعلام العبري-”2022-1-11-“. وحذرت صحيفة يديعوت احرونوت الثلاثاء 11 يناير 2022 من تداعيات إقرار قانون “لم شمل” العائلات الفلسطينية، معتبرة “أن إقرار مثل هذا القانون الذي يطلقون عليه “قانون المواطنة” هو “انتحار وطني” ونهاية للحلم الصهيوني”، ونوهت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية في مقالها الافتتاحي الذي كتبه “بن-درور يميني، إلى أنه “لا يدور الحديث عن قانون يميني أو يساري، فالقانون لا يمنع بل يقيد هجرة سكان المناطق إلى إسرائيل من خلال الزواج؛ أي حق العودة من الباب الخلفي”. وأضافت: “لا يدور الحديث فقط عن قانون الدخول إلى إسرائيل، بل يدور الحديث عن نهج يمس بجوهر إسرائيل كدولة يهودية”.
ويتزامن طرح هذا القانون مع هجكة شرسة تشنها سلطات الاحتلال على قرى النقب العربي بهدف السيطرة على ما تبقى من الارض العربية هناك، وتهجير اهل النقب الصامدين هناك، ما يفتح مجداا ملف حق العودة ولم الشمل الفلسطيني في الرؤية والاستراتيجية الصهيونية التي تعتبر حق العودة “القضية التي تثير الرعب الصهيوني”، وهناك كم كبير من الوثائق والادبيات السياسية والايديولوجية التي تعبر عن هذا القلق الوجودي بالنسبة لهم.
وفي ذلك، كان الباحث الاستراتيجي الإسرائيلي الجنرال احتياط شلومو غازيت قد عبر عن المواقف الرسمية الاسرائيلية تجاه قضية اللاجئين و”حق العودة” تعبيرا عميقا حينما كتب في صحيفة معاريف الإسرائيلية 12/5/1992 قائلاً : ” كل من يريد حلاً للنـزاع الإسرائيلي – العربي يعرف جيداً أنه لن يكون هناك أي حل حقيقي إذا لم يحل مسألة اللاجئين الفلسطينيين”، ويضيف:”لا يمكن ايجاد حل لهذه المسألة بدون تنازل فلسطيني عن موضوع تحول خلال السنين إلى موضوع حساس جداً من ناحية سياسية وعقائدية وعاطفية ، وهو موضوع ” حق العودة ” إن تنازلاً عربياً – فلسطينياً في هذه النقطة ، سنعتبره دليلاً قاطعاً على تسليم الجانب العربي بوجود إسرائيل ويأسهم من إمكانية تصفيتها” .
وفي مقالة نشرتها صحيفة معاريف، عبر كاتبها عاموس جلبوع وهو باحث استراتيجي أيضاً عن ذات الفحوى والبعد قائلا: ” إن حق العودة للفلسطينيين يعني وبشكل واضح نهاية الدولة الصهيونية “.
وفي السياق ذاته اشترط موشيه شاحاك وزير الطاقة الإسرائيلي في حينه ” التنازل الفلسطيني عن حق العودة ووقف الإرهاب كشرط للدخول في مفاوضات ” – عن صحيفة هآرتس” .
وذلك لأن هذا الحق كما يرى أوري افنيري أحد أبرز أقطاب معسكر السلام الإسرائيلي سابقا في مقالة له نشرت في مجلة ” هعولام هزية ” ” يثير الرعب لدى الإسرائيليين “.
ولذلك أيضاً كتب عدد من السياسيين والباحثين الإسرائيليين ومنهم د. يوحنان بادر في معاريف ، متسائلين : ” من سيوافق من الإسرائيليين على حق العودة للاجئين الفلسطينيين “، وكتب جدعون ليفي في هآرتس عن رعب العودة قائلاً : ” .. طالما أن الفلسطيني يطرح موضوع حق العودة فإن الإسرائيلي يشير قائلاً : ها هو الدليل القاطع بأن لا حل للنزاع وأنه ليس هناك من نتحدث معه ، فهم يريدون يافا .. ” .
وكشف الباحث الإسرائيلي المعروف ميرون بنفنستي في صحيفة هآرتس النقاب عن : ” أن ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة في موضوع حق العودة تنبع من أسباب نفسية لأن كافة التوقعات تشير إلى أن الفلسطينيين سيتحولون إلى أغلبية حتى بدون عودة اللاجئين ” ، وربط بنفنستي المشكلة بالتوازنات الديموغرافية .
وعلى ذلك واستناداً إلى جملة أخرى من الأدبيات والكتابات الإسرائيلية حول مشكلة التوازنات الديموغرافية فإننا لا بد أن نأخذ الهواجس والمخاوف الديموغرافية الإسرائيلية في خلفيات مواقفهم إزاء مسألة حق العودة للاجئين الفلسطينيين .
لم تتوقف المؤسسة الاسرائيلية عن رسم وفبركة الأفكار والمقترحات والمشاريع الرامية إلى انهاء وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها الأهم والأخطر والأكثر حساسية وديمومة وتفجراً من بين كافة القضايا الفلسطينية الكبيرة الجوهرية .
وقد تنافس الإسرائيليون على مدى العقود الماضية من النكبة ، على طرح الأفكار والمقترحات والمشاريع التصفوية – التوطينية – على وجه الحصر – للاجئين الفلسطينيين ، وقد بلغت كماً كبيراً تجاوز العشرين خطة إسرائيلية رسمية أبرزها وأخطرها التالية:
*مشروع شاريت – فكان هناك مشروع وزير خارجية “إسرائيل” في حينه موشيه شاريت الذي أعلن عن موافقة حكومته على المشاركة في حل قضية اللاجئين عن طريق جمع الأموال لتعويض اللاجئين الفلسطينيين ، وقدم المقترحات للولايات المتحدة في 19/12/1956 ، وكان هناك مشروع ليفي اشكول، الذي عرض في 17/5/1965 أمام الكنيست ويتكون من عدة نقاط ، تضمن البند السادس منها النص التالي الخاص باللاجئين : ” يتم توجيه جزء من الموارد للمنطقة الضخمة باتجاه إعادة توطين اللاجئين ودمجهم في بيئتهم الوطنية الطبيعية ( أي في الدول العربية ، وإسرائيل على استعدد للمساهمة المالية مع الدول الكبرى في عملية التوطين “، وبتاريخ 23/7/1967 شكل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أيضاً ليفي اشكول لجنة لتصفية القضية الفلسطينية بعد احتلال 1967 ، وتصفية ، ملف اللاجئين بشكل خاص ، وقد أطلق على تلك اللجنة اسم لجنة البروفسورات وهم : اربيه ديبورتسكي شموئيل ايزنشتات ودان تبنكين .
وتواصلت المشاريع الإسرائيلية بصيغ وأساليب وفي ظروف مختلفة ، وكلها انصبت على عقد اتفاقيات صلح بين الكيان الصهيوني والدول العربية على حساب قضية فلسطين والشعب الفلسطيني ، وكان أهمها وأبرزها مشروع ألون المشهور الذي طرحه يغئال ألون في 13/7/1977 ، أمام حكومة “اسرائيل” ، والذي عرف بمشروع تنظيم الحدود ، وعاد وأكده ألون في آب 1976 ، حيث وضع ألون وزير خارجية إسرائيل السابق أيضاً مشروعاً للتسوية ، ومشروع شمعون بيريز الذي طرحه في 7/6/1976 ، عندما كان يشغل منصب وزير المواصلات ، ومشروع موشيه ديان الذي طرحه في 30/8/1972 ، ومشروع بن غوريون في 8/9/1972، وكافة هذه المشاريع دعت إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال ما يسمى بإعادة توطنيهم وتأهيلهم .
وربما يعتبر المشروع الذي أعده مركز الدراسات الاستراتيجية المعروف باسم ” جافة ” برئاسة الجنرال المتوفي اهارون ياريف ، حول التسوية السياسية أهم مشروع استراتيجي حيث تضمن ستة بدائل للتسوية ، حيث اشترط على الفلسطينيين الموافقة على عدد من التنازلات الأساسية لقاء التقدم على طريق التسوية ، وفي مقدمتها التنازل عن حق العودة للاجئين إلى فلسطين 1948 ، بينما دعا المشروع إلى توطين اللاجئين وإعادة تأهيلهم وانهاء قضيتهم .
تواصل “اسرائيل” الإصرار على أن يتنازل الفلسطينيون والعرب عن حق العودة للاجئين، كشرط مسبق لاي تسوية محتملة”وهمية”، ما يستدعي من الفلسطينيين والعرب وقفة حقيقية وجادة امام مسؤولياتهم التاريخية في التعاطي مع هذه القضية.
فطالما انياب العدو بارزة لالتهام “حق العودة لملايين اللاجئين” الذين هم جوهر ومادة النكبة المفتوحة، فعلى الفلسطينيين والعرب العمل على تحطيم او تعطيل فعل تلك الانياب…!
وهذا اضعف الايمان…!