[rtl]التقدم الطبي يقهر المستحيل: أطفال الأنابيب.. سلم الأمل للإستقرار العائلي 1/2[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
د. كميل موسى فرام
أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية.
يمكننا القول أن فكرة أطفال الأنابيب والتطورات اللاحقة التي حملها مشروع التطوير، كانت مسك الختام والفصل الأخير بنجاحات القرن العشرين، حيث فتحت بوابة الأمل لنسبة معتبرة من الأزواج الذين حرموا من نعمة الانجاب لقائمة من الأسباب التي يطول ذكرها، فكانت المنقذ الذي أعاد البسمة ورصف طريق السعادة، فساعد الأزواج بخطوات نقلهم على درجات سلم الأمل للاستقرار العائلي، فوجود الأبناء داخل جدران المنزل يعطي للحياة طعما مختلفا بل يشكل سورا مانعا من براكين الأيام ومعطف دفء عندما تتقطع السبل بزمهرير شتاء قارص.
ولادة الفكرة ؛ بحد ذاتها من رحم التجارب العلمية ثم ترجمتها لواقع، قد تتوجت بشمس أرضي أضاء الدرب لعائلات حُرمت من نعمة الانجاب لأسباب قاهرة، جعلت من الفكر البشري يواظب على خلط المعطيات بفرضيات ونتائج بل وإعادة ترتيب الأبجديات، استقامت بمراحل ضمن متتالية رياضية من عناصر الاحباط والتشجيع حتى انتصرت الارادة لتؤكد حقيقة علمية ندافع عنها منذ قرون بأن النتيجة الحتمية لحياة عائلية مستقرة وتمارس فيها الطقوس الزوجية بشكلها المنتظم ستفضي لحصول الحمل والانجاب ضمن شروط التحقق التي تفرض بوجود الحيوان المنوي من الرجل لمقابلة البويضة من الزوجة بظروف تجعلنا نبحث عن المثالية بالأجواء التي تسمح بالوحدة بسبب الفطرة الخلقية بالانجذاب لأساس التكامل بين طرفي المعادلة الحياتية.
الفشل بعدم القدرة على التحقق من صحة المعادلة السابقة، أوجب على المعشر الطبي ،بالبحث عن الأسباب، فتعددت الاجتهادات التي أدخلت البعض بجنة المستحيل، بينما كانت محفزا للبعض للبحث عن حلول، اعتمادا على المعادلة الأساسية التي تتشكل فقراتها من وجود الحيوان المنوي النشيط، السليم، المكتمل، الطبيعي، الحامل لنصف مخزون المادة الجينية المكملة لتلك الموجودة بالبويضة، حتى إذا سمحت الظروف بالتقابل بفترة النشاط، فيحدث الاندماج والوحدة فتترتب الكروموسوات التي تحمل الأحماض الأمينية ؛ذات الخصائص الوراثية بالشكل الذي يسمح باعلان نتيجة الاتحاد بنجاح، بينما الفشل بذلك، يجعلنا نبحث عن الأسباب التي نستطيع تحديد الجزء الأكبر منها لكلا الزوجين.
كما ان هناك جانب مظلم من الأسباب ويمثل اسفينا نازفا بجهودنا الطبية بالرغم أننا قد وصلنا لمرحلة متقدمة بكل الفروع العلاجية ولكن هناك حكمة ربانية لتنشيط الخلايا الدماغية بضرورة مواصلة البحث خصوصا أن هناك ولادة جديدة على مدار الساعة، لجيش من الأمراض التي تفتك بمضارب الصحة الانسانية لتحرمنا فرحة الانتصار والاكتشاف بل ربما لتحفز خلايا الفكر البشري بصراع لا ينتهي.
برنامج المساعدة على الاخصاب
تحليل معطيات السيرة العائلية للزوجين، بعد سنة كاملة من الحياة الزوجية بظروف المثالية، مرورا بالفحص السريري، فحوصات المختبرات التحليلية والاشعاعية، قد يجعل من الزوجين أنموذجاً مناسبا للدخول ببرنامج المساعدة على الاخصاب خارج الرحم، حيث لا بد من التوضيح أن هذا التصنيف يعتمد على المعطيات العائلية إضافة لنتائج الفحوصات، مقرونة برغبة الزوجين أحيانا، لنصل بالنتيجة أن النصيحة قد تكون مرحلية ومؤقتة لا تتعارض مع فرص حدوث الحمل الطبيعي ولها مبررات نقبل فيها، بينما النتيجة هي مقاصة التحليل ؛التي لا يمكن العبث بمدخلاتها وتمثل طريقا يتيما وحيدا مليئا بالعثرات التي تسبب الفشل بنسبة مقدرة من المحاولات، خصوصا أن نسبة النجاح بالمراكز المتقدمة التي تفصح بكل أمانة لا تتعدى ثلاثين بالمائة بأحسن الأحوال.
= خطوات قبل خطوات!
هناك خطوات تعتبر الزامية وضرورية قبل المباشرة بخطوات البرنامج، فهي أساسية وتلعب دورا محوريا بفرص النجاح للمحاولة الواحدة، تبدأ بتحليل للسائل المنوي بنتيجة لا تشترط الكمية والنوعية التي تحتاجها المحاولات الطبيعية، إضافة لتحليل بالدم لتحديد النسب المتوفرة بالهرمونات الأساسية المسؤولة عن حدوث الحمل والانجاب، فأحيانا تلزم النتائج باخضاع الزوج لفترة علاجية أو اللجوء للطرق المباشرة لأخذ عينة الحيوانات المنوية من الخصية مباشرة لوجود ظروف إغلاق أو عيوب خلقية تجعل سلوك طريق الطبيعة مغامرة أو مستحيلا، حتى لا نراهن على الزمن والعمر بخسارة حتمية، على أن نفرق بين الفحولة بتعريفها العائلي والخصوبة بفقراتها العلمية.
حتى إذا حصلنا على درجة الرضى من الجانب الذكوري باعتبارها الأسهل، فنبدأ بخطوات التشخيص للجانب الأنثوي بتحديد أركان المعادلة الهرمونية ذات العلاقة عن الاباضة والاخصاب، ثم تحديد أهلية بطانة الرحم للقيام بمهمتها الحصرية بالحياة الأنثوية باستقبال جنين ورعايته طيلة فترة الحمل الممتدة حتى الولادة والتي تتحضر لاستقبال الوافد الجديد بصورة شهرية كنتيجة لتأثير إفراز هرمونات الغدة النخامية، الغدة الدرقية، المبيض، بعلاقة دقيقة يمنع العبث بمحاورها، تخلص بالنتيجة بتهيئة بويضة تحمل المادة الجينية التي تساهم فيها الزوجة بتوقيت مثالي، وربما نلجأ أحيانا بتحليل الشيفرة الجينية لطرفي المعادلة الانجابية بوجود شكوك خلل تكويني أو وراثي يمنع علينا استنشاق نسائم التحدي أو هبوب غيوم النجاح والفرح، على أن يرافق ذلك بتحديد مفارز البيئة الداخلية للطرفين والتي تحكمها العناصر الحياتية الأساسية خصوصا للطرف الأنثوي باعتبار ذلك شرطا أساسيا لرصف طريق النجاح التي ننشدها.
احتمالات ..نحو الأمل
الأمل المغلف للقناعة بارتداء ثوب النجاح والحالة النفسية المتوترة أثناء فترة المحاولة وأمواج الصراع التي تسيطر على الأزواج، كلها عوامل مجتمعة قد ثبتت أهميتها بالنتائج لأن ارتفاع مؤشر الضغط الداخلي وهاجس الخوف من الفشل، سوف يخلط أركان المعادلة الهرمونية المسؤولة عن ترتيب فقرات الاخصاب والحمل، خصوصا أن الغدة النخامية التي تجاور شطري الدماغ من الناحية التشريحية فتتأثر بإضطراب وظائف المهاد والدماغ ؛التي تحدد مفردات الخوف والقلق، فتؤثر على الوظائف الحيوية الأخرى التي تساهم بزيادة فرص النجاح، فنذكر بحرص وظيفة البنكرياس ومسؤوليته عن تنظيم مستوى سكر الدم، والأداء المثالي لوظيفة الغدة الدرقية التي تساهم بتوفير ظروف الحمل باعتبارها محطة التزويد المنظمة للسعرات المطلوبة للجسم لأداء مهمته، فالزوجين مطالبين بتفهم الحقيقة التي تحمل احتمالات الفشل والنجاح وعلى مسافة متفاوتة، ففشل المحاولة ليس مبررا للاحباط أبداً خصوصا إذا علمنا أن اجتهاداتنا حتى الساعة لم تحدد تفسيرا علميا دقيقا لأسباب الفشل بجميع الحالات المرضية التي تستقل مركب المساعدة على الاخصاب خارج الرحم، فلربما هناك فترة بيولوجية تسمح بإنغراس الجنين ببطانة الرحم بالتزامن مع جهود علمية حثيثة لتحديد فترتها ومثالية بيئتها، واقع يوجب علينا أن لا نستسلم لفكرة جنونية ترعرعت بثنايا عاداتنا باستحالة السيطرة على الواقع النفسي الذي يحكمنا، فالحكمة والاستيعاب كفيلة بالقفز عن نسبة من العوامل النفسية بالتهيئة لتقبل نتيجة المحاولة مدركا أبعاد التأثير المادي من الناحية الاقتصادية، ولكنها السعادة التي نحاول توظيف مقدراتنا لامتلاكها فنستمتع بحلقاتها قبل أن تحول المبالغ المادية لودائع للورثة.
المهارات الطبية تتمثل بواحدة من زواياها بتوظيف برامج التحفيز لانتاج العدد المثالي من البويضات ذات التصنيف الجيد، ضمن قواعد يصعب تعميمها وتطبق بصورة إفرادية على الحالات الزوجية وترتبط بمبررات المحاولة ونتائج الفحوصات الهرمونية، والتي سوف تكون موضوع محطتنا الطبية القادمة. المساعدة على الإخصاب خارج الجسم تقنية علمية متطورة للمساعدة على الحمل من خلال اعطاء فرصة للحيوان المنوي لتلقيح البويضة خارج الجسم ضمن ظروف مخبرية تساعد في تكوين الاجنة ثم نقلها لرحم الأم، اكتشاف علمي ساعد الملايين على ارتداء ثوب السعادة بالانجاب بعد نفاذ فرص الحمل الطبيعي، خطوة صحيحة تحترم المشاعر العائلية ضمن القوانين الدينية والأخلاقية، بدون أن تتسبب بمخاطر صحية وللحديث بقية.
[/rtl]