ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: أطباق ممتلئة .. وأخرى فارغة! الثلاثاء 22 أبريل 2014, 8:00 am | |
| [rtl]أطباق ممتلئة .. وأخرى فارغة![/rtl] [rtl] [/rtl][rtl]
سامح المحاريق
يدور كثير من الحديث حول زيادة إنتاج الغذاء في العالم، وبحيث يؤدي ذلك إلى المساهمة في الحد من الجوع، عن طريق توفير الغذاء، ولكن هذه تبدو خطوة تالية. لابد أولا من التفكير في إدارة الزراعة والصيد وتربية المواشي بحيث يتم وقف الكثير من الهدر في حلقات المختلفة لتوصيل الغذاء إلى بداية عملية الاستهلاك، وهي المراحل المعروفة التي تشتمل على الحصاد، أو الحصول على المادة الغذائية في وضعها الأساسي، مثل المحصول الزراعي أو الانتهاء من تربية الماشية، أو استخراج الأسماك من البحر، ومن ثم عمليات التخزين والعالجة والتغليف والنقل، وبحسب أرقام منظمة الغذاء والزراعة العالمية وتصل نسبة الفاقد في مجال الحبوب في الدول النامية إلى نحو 25%، وأكثر من 50% من الفواكه والخضروات، والمسألة لا تبدو مرتبطة بالتقنيات أو الحلول التكنولوجية، ففي الدول المتقدمة تظهر نفس المشاكل تقريبا، ويبدو أن أحدا لا يريد أن يوظف التقنية الحديثة في خدمة البشرية على الوجه السليم، فالتقنية أصبحت أداة مسلطة على الإنسانية أكثر مما هي موضوعة في تقديم الحلول. المشاكل لا تنتهي عند وصول الغذاء بعد مروره بحلقات الوصول إلى السوق، وبفقد ما يصل إلى أكثر من ثلثه في عمليات يمكن تطويرها لا لتنهي الفاقد ولكن لتضعه في حدود معقولة، ولكن المأساة تبدأ عندما يبدأ صانعي الغذاء سواء في المطاعم أو المنازل في معالجة ما يصل فعليا إلى بداية عملية إعداد الطعام، ففي أوروبا يصل الفاقد في عملية إعداد الطعام على مستوى الفرد الواحد إلى نحو 190 كيلوغرام سنويا، ما بين اختيار العناصر الجيدة وتزيين الطعام والطهو بطرق معينة، وما إلى ذلك، أما ما يهدر في الأطباق من الطعام الذي لم يستهلك فيصل إلى نحو 90 كيلوغرام، ما يعني أن الهدر يصل إلى نحو 280 كيلوغرام لكل فرد، الوضع لا يقتصر على أوروبا بوصفها تتشكل من مجموعة دول متقدمة وصاعدة، ففي الدول الصناعية في آسيا إلى نحو 240 كيلوغراما للفرد سنويا، وفي شمال أفريقيا إلى نحو 215 كيلوغراما للفرد، ويتوقع أن النسبة في الدول العربية في الخليج والشام تتجاوز نظيرتها في شمال افريقيا. يبدو أن قضية الجوع في ظل ما يتقدم من معلومات ليست سوى قضية مفتعلة قائمة على سوء التوزيع، وعدم عناية الإنسان بأخيه الإنسان، عدم التفكير في الآخرين، وممارسة الغرائزية بدون حدود، وكان الإسلام اتخذ موقفا واضحا في هذا السياق، ففي الحديث النبوي الشريف الصحيح نص صريح يوضح موقف الإسلام من قضية الجوع تحديدا: ((ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به))، وفي عصر تتوافر فيه المعلومات بصورة واسعة، وتتغول آفة الفقر في العالم، فإنه ليس ممكنا تجاهل حصة كل فرد من ماكينة الهدر التي تدور في العديد من الدول حول العالم، وليس يمكن أن يغمض أحد عينيه على مرأى الجائعين الذين تنقلهم الكاميرات من كل مكان في العالم. وقف الهدر هو قضية مهمة، فبناء على توقف الهدر، يقل الغذاء اللازم لكل فرد، وبالتالي يقل الطلب الكلي على الغذاء، ويمكن الهبوط بسعره بناء على ذلك، وبالتالي توفيره بصورة أكثر للطبقات الفقيرة والمحتاجة، ولكن الطبقات المعدمة يمكن أن تظل بحاجة إلى أكثر من ذلك، وهو التبرع بفوائض الغذاء بطريقة منظمة وسليمة، وهو ليس جهدا فرديا، ولكنه دور الفنادق والمطاعم الكبيرة، والتي تضطر بصورة أو بأخرى إلى توفير كميات تفيض في حالات كثيرة عما يلزمها من أجل إرضاء عملائها، ويمكن لهذه المطاعم والفنادق أن تعقد مع جهات مختلفة تعاقدات لتزويدها بالفوائض بصورة إنسانية ومحترمة، ومن الجهات المختلفة دور الأيتام والعجزة وغير ذلك، وفي دول كثيرة كانت تجربة بنوك الطعام تلعب دورا رائدا في تنظيم العمل الخيري الذي يخص عمليات توفير تغذية لائقة، وهي البنوك التي أخذت تتطور منذ بضع سنوات في العالم العربي، وتوجد حاليا منها، بنوك في مصر والسعودية وتونس والعراق وموريتانيا والإمارات والسودان وسوريا، وكان بنك الطعام الأردني إضافة إلى الشبكة الإقليمية من بنوك الطعام العربية، والتي لا تسعى فقط لمواجهة مشكلة الجوع في العديد من المواقع حول العالم العربي، وإنما تتطلع لأن تلعب دورا مهما في التنمية من خلال تقديم عمليات التدريب والتأهيل المهني لمستفيديه، وكذلك تنظيم مجموعة من المشاريع التي من شأنها أن تحقق الأمن الغذائي من خلال مبادرات بين القطاعات المختلفة تسعى إلى تطوير مشاريع زراعية وصناعية مختصة بمعالجة فوائض الغذاء، ونقل التبرعات من صورتها التقليدية التي تقدم وجبات غذائية غير متكررة ومرتبطة بالمناسبات إلى عمل متكامل يسعى لأن يوظف فوائض عمليات تصنيع الغذاء وتجهيزه ليشكل مؤونة منتظمة ومستمرة للفئات المعدمة التي تشكل قضية الحصول على تغذية جيدة ومتوازنة بالنسبة لها أحد أولويات الحياة، والتي لا يمكنها أن تفكر في تطوير نفسها طالما لم تتحصل على قوتها اليومي. هي مسؤولية كبيرة تواجه الإنسانية، خاصة أنها تضيع في وسط واحدة من أكثر ممارسات الإنسان ضرورية وروتينية وهي تناول وجباته الغذائية، والبعض يمكن ألا يدرك بأن ما يعتبره مسألة لا تستحق التوقف أو الالتفات بالنسبة له، يؤديها بكثير من التلقائية والعفوية، هي مسألة تستلزم كثيرا من التفكير والتدبير بالنسبة لغيره، ويجب أن يتحقق التوازن في هذه المنظومة المختلة، لأن ذلك عمل أخلاقي وإنساني من طراز رفيع.[/rtl] |
|