ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: ذاكرة الكهوف والمغارات في عمان الجمعة 09 مايو 2014, 11:04 am | |
| ذاكرة الكهوف والمغارات في عمان ارتبط اسم الكهف أو المغارة في ذاكرتنا بالغموض والدهشة والترقب ..وكم سمعنا حكايات من كبار السن تختلط فيها الحقيقة بالخيال ،عن موجوداتها وحول حوادث حصلت فيها .. ! لكن مَنْ رافق وصادق بعض المُغر والكهوف لفترة ما ، فإنه سوف تنفرج عن شفتيه ابتسامة المعرفة موضحاً : إن الكهوف مثل أي بيت أو منزل للسكن يتسع ربما لأُسرةٍ صغيرة تعيش فيه بكل بساطة وهدوء بعيداً عن زخارف الحياة ومتطلباتها العصرية مثلاً !. متى ظهرت تلك الكهوف في بلادنا الاردن وفي الدنيا ، ومن الذي قام بحفرها ونحتها في سفوح الجبال . . إنها مسألة قديمة قِدم الزمان وحياة الكائنات على الارض ..فأكثر الكهوف وُجدت هكذا من أزمانٍ غابرة بفعل عوامل الجو وتقلبات الطبيعة والتطورات الجيولوجية قبل ملايين السنين .. ومنها ما قام الانسان بحفرها او اكمال حفرها بنفسه ، حتى تكون متسعة وملائمة للسكن فيها وعائلته أيضاً ، وقاية لهم من الاخطار الخارجية كالحيوانات وعوامل الطقس من برودة وحرارة ...الخ وفي وطننا تتواجد آلاف الكهوف ، ومنها المئات في مدينة عمان الجبلية المناسبة للكهوف ، عكس المناطق المستوية التي تقل فيها تواجد الكهوف بشكل كبير .
المغارة و الحرب في أثناء حرب حزيران عام 1967حيث كنت أسكن مع أهلي في منطقة راس العين - جبل النظيف – كنا قبل الحرب بسنوات ندخل نحن بعض الاولاد للعب داخل بعض المغارات بهلع لا نلبث ان نخرج منها مسرعين ؛ومن ثم صرنا أكثر جرأة للدخول عبرها كي نلعب الجلول ، لكن في خضم حرب الايام الستة 1967 وكانت الطائرات الاسرائيلية تهجم على عمان ..هرع بعض سكان حارتنا بجبل النظيف للتنادي للخروج من منازلهم للإلتجاء الى مغارة تقع في منتصف سفح الجبل ،وشجعنا على ذلك أيضاً الشيخ أبو ابراهيم إمام مسجد رويزق ، حتى لا تصيبنا بعض الصواريخ القاتلة ونحن في بيوتنا مثلاً . وجلسنا عدة أيام في المغارة نترقب الأحداث والاخبار ،ونأكل ونشرب بشكل جماعي ومن حولنا الفرشات والأغطية لمن يريد النوم والسهر على ضوء الفوانيس والشموع مع فوضى الاولاد وازعاجاتهم ...الخ . وكان من المُلفت هو وُجود أحد الجنود وهو من جيراننا ، حيث كان يحمل بندقية ويقف أكثر الاوقات حارساً عند باب المغارة .
مغارة بحي المهاجرين ورجوعاً الى أوائل الستينات من القرن الماضي وكنا صغاراً نلعب مع البعض من جيلنا في حي المهاجرين ، حيث بيوت أقارب لنا نزورهم دائماً ..كان هناك من حولهم بعض الكهوف والمُغر المسكونة بالناس ، والأخرى الغارغة ، وبعضها التي يستعملها أصحابها كمستودع للكراكيب مثلاً . ندخلها للعب فيها ولممارسة تسلية شواء البصل والبطاطا الصغيرة , وأحياناً نعمل حفلات للغناء والرقص العشوائي .. رغم ان الاهل كانوا يحذروننا مراراً من احتمال تواجد الافاعي والعقارب فيها ! هذا وفي معظم جبال مدينة عمان العاصمة تتواجد الكثير من المغارات والكهوف الكبيرة والصغيرة الظاهرة للعيان ، أو المتوارية عن العيون التي لا يعرفها إلا سكان الحي او الجبل ، كما في جبال اللويبدة والحسين وجبل عمان والمهاجرين وحي نزال والنظيف والمريخ والاشرفية والجوفة والتاج والهاشمي ...الخ. ومن أشهر تلك الكهوف مثلاُ :
كهف الخضر في اللويبدة ويتواجد هذا الكهف في حديقة دارة الفنون للثقافة , إذ أنها شيدت قبل مئات السنين أيام العصر المسيحي الروماني في عمان , حيث بُنيت فوقها كنيسة نُسبت لسيدنا الخضر وهو ولي من أولياء الله الصالحين ، الذي له مكانة دينية وروحية كبيرة لدى المسيحيين والمسلمين بنفس الاهمية والتبجيل .
كهف الفقير والشيخ الفقير وهو حسب المرويات الشعبية رجل اسمه محمد، دُفن في مغارة في وادي القطر بحي القلعة- جبل الحسين - وسُمي الشارع الذي يحاذيه بشارع الفقير.. يذهب الناس الى ضريح الفقير للتبرك وتقديم النذور وفرش السجاد وإشعال الشموع. ومن المدهش ان تحت بيت جلال العمايرة في أول جبل الحسين كانت توجد بعض الكهوف القديمة جدا وربما هي كهوف رومانية حيث يتم استغلالها باستخدامها كمكان لتربية الخيول والماشية, ثم تم اغلاقها نهائيا فيما بعد . هذا و تشتهر منطقة اول جبل الحسين من خلال سفوحها المطلة على شارع السلط و شارع الاردن بوجود الكثير من تلك الكهوف القديمة .. و التي منها كهف او مقام الولي الشهير باسمه «الشيخ الفقير» والذي يقع تقربياً مقابل مدرسة كلية الحسين , حيث كان الناس قديما ومازالوا ولو بشكل أقل هذه الايام – يقومون بزيارة مقام هذه الولي و التبرك في حضرة مقامه و قراءة الفاتحة و الأدعية وإتمام النُذور .
مغارة رِوَيزق وأقيم هذا الجامع أمام مغارته على تلة في جبل النظيف مقابل أمانة عمان، وينسب الجامع لرجل فقير يدعى الشيخ عبد الرزاق كان يقيم في مغارة ويزوره الناس وهو حي، وأمضى الشيخ «رويزق « عبد الرزاق عمره صامتاً، وقبل ذلك خدم في الجيش العربي إماماً، وحينما توفاه الله بُني على ضريحه جامعا ما يزال قائما حتى الآن، وقد تقلّب عليه أئمة كثيرون .
مغارة عيشة يقول غالب حمد ان لهذه المغارة - التي تقع عند مفرق شارعي المصدار وشارع بارطو - حكاية رواها الكبار في السن , وأعتقد أنها كانت خرافية ومن نسج الخيال كروايات جدتي عن (الغولة وأبو رجل مسلوخة) , فقد رُويَ لنا أنه كانت تعيش في هذه المغارة إمرأة عجوز وحيدة , وكانت المنطقة غير مأهولة , والمغارة واسعة وعميقة ولا يوجد بداخلها شيء , وقديماً في اربعينات القرن الماضي يذك ابو صالحة : كنا نقف على باب المغارة وننادي ياعيشة , كان صدى أصواتنا يرتد إلينا عميقاً , ولكن كبار السن كانوا يقولون لنا أن هذا صوت عيشة ترد علينا فتقول (ياعونك) وأن أهل المنطقة يسمعون هذا الصوت منذ مئات السنين , وهذا ما كان يخيفنا وبخاصة عند الغروب فلا نقترب من هذه المغارة , كما روينا أن من يقف أمام هذه المغارة في الليل ويقول ( حنتش بنتش واللي يلحق ينتش) لا يستطيع الهرب وتفيض عليه عيشه وتحبسه معها في المغارة , ولذلك لم يجرؤ أحد منا أن يقوم بهذه التجربة !! .
على أطراف عمان وهناك كهوف أخرى أثرية تاريخية شهيرة بعيدا عن قلب العاصمة ، لكنها تقع على أطراف عمان من مثل : كهف أهل الكهف الديني المعروف في منطقة أبي علندا ، وكهوف أبو جابر الجميلة في منطقة اليادودة ، وكهوف أثار عراق الأمير في منطقة وادي السير . |
|