منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تمام الدين في خطبة الوداع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تمام الدين في خطبة الوداع Empty
مُساهمةموضوع: تمام الدين في خطبة الوداع   تمام الدين في خطبة الوداع Emptyالثلاثاء 17 يونيو 2014, 5:22 pm

تأملات في خطبة الوداع 


كان تعليم مناسك الحج وأحكامه من آخر ما علمه صل الله عليه وسلم أمته، بعد أن بلَّغ ما أُنزل إليه من ربه على أكمل وجه وأتمه. وقد فُرضت شعيرة الحج في السنة التاسعة من الهجرة، قُبيل مغادرة رسول الله صل الله عليه وسلم دار الدنيا ليلحق بالرفيق الأعلى.




وكان من مقاصد تشريع هذه الفريضة غسل ما عَلِقَ بها من أدران، وما خالطها من أوهام، لإعادتها نقية صافية تشع بنور التوحيد، ولتقوم على أساس العبودية للواحد القهار، ونبذ كل ما سواه من آلهة وأوثان.




لقد كانت خطبة الوداع -التي تخللت شعائر الحج- لقاءً بين أمة ورسولها؛ كان لقاء توصية ووداع, توصيةَ رسول لأمته، لخص لهم فيه أحكام دينهم ومقاصده الأساسية في كلمة جامعة مانعة، خاطب بها صحابته والأجيال من بعدهم، بل خاطب البشرية عامة، بعد أن أدى الأمانة وبلَّغ الرسالة ونصح للأمة في أمر دينها ودنياها.




وكانت الخطبة كذلك لقاءَ وداعِ رسول لأمته، وداعًا لهذه الدار الفانية إلى دار باقية، لا نَصَبَ فيها ولا تعب.




ما أروعها من ساعة تلك التي اجتمع فيها من أرسله الله رحمة للعالمين مع الجموع المؤلفة خاشعين متضرعين! وكلهم آذان مصغية لكلمات الوداع وكلمات من لا ينطق عن الهوى 
{إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: 4].




كلمات تجد صداها عند كل من يستمع لها؛ لأنها تخرج من القلب إلى القلب.




لقد أنصتتِ الدنيا بأسرها -بلسان حالها ومقالها-

لتسمع كلام أصدق القائلين صل الله عليه وسلم وهو يقول: 
"أيها الناس، اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا".




لقد أنصتت الدنيا بأسرها -بلسان حالها ومقالها- لتسمع قوله صل الله عليه وسلم وهو يُلخص لأمته -بل للبشرية جمعاء- مبادئ الرحمة والإنسانية، ويرسي لها دعائم السلم والسلام، ويقيم فيها أواصر المحبة والأخوة، ويغرس بأرضها روح التراحم والتعاون؛ وكأنه صل الله عليه وسلم كان يعلم -بما أطلعه الله عز وجل عليه- أنه سيأتي على الناس حين من الدهر يودِّعون فيه هذه المبادئ، ويلقونها وراءهم ظهريًّا، ويسيرون في عالم تسود فيه معايير القوة والظلم -ظلم الإنسان لأخيه الإنسان- ويُقدَّم فيه كل ما هو مادي على ما هو إنساني.




أما ما تضمنته خطبة الوداع من مبادئ وتوصيات، فنقف عند بعضٍ منها، فيما تبقى من هذه السطور:

المبدأ الأول من مبادئ خطبة الوداع:




حرمة سفك الدماء بغير حق، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام: 
"أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وحرمة شهركم هذا…".




فأين أمة الإسلام اليوم من تطبيق هذا المبدأ؟ وقد أخذ بعضها برقاب بعض، وتسلط القوي فيها على الضعيف، وآل أمرها إلى ما هو غير خافٍ على أحد، حتى أضحت في موقع لا تحسد عليه.




وقد كرر عليه الصلاة والسلام هذه الوصية في خاتمة خطبته -كما ذكر ابن هشام في سيرته- مؤكدًا ضرورة الاهتمام بها بقوله: 
"تعلَمُنَّ أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين أخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب منه، فلا تظلمن أنفسكم…".



المبدأ الثاني من مبادئ خطبة الوداع:


قوله صل الله عليه وسلم: 
"ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع،

دماء الجاهلية موضوعة… وربا الجاهلية موضوع…".




وهذا نص واضح، وتصريح صارخ أن كل ما كان عليه أمر الجاهلية قد بَطَل، ولم يبقَ له أي اعتبار، بل هو جيفة منتنة، لا يمكن أن ينهض بأمة، بَلْهَ أن يبني حضارة تكون هدى للبشرية، بل هو إلى الهدم والخراب أقرب.






المبدأ الثالث في خطبة الوداع:




وصيته صل الله عليه وسلم بالنساء خيرًا 
"واستوصوا بالنساء خيرًا".

ما أروعها من وصية! وما أحرى بالإنسانية اليوم أن تلتزم بها وتهتدي بهديها!



بعد أن أذاقت المرأة أشد العذاب -تحت مسمى حرية المرأة- ودفعت بها إلى مهاوي الذل والرذيلة، وجردتها من كل معاني الكرامة والشرف، تحت شعارات مزيفة، لا تمتُّ إلى الحقيقة في شيء.




لقد جهل أصحاب تلك الشعارات بل تجاهلوا الفرق بين كرامة المرأة وحقوقها الطبيعية التي كفلها لها شرع الله، وما نادوا به من شعارات تطالب بحرية المرأة، وهي عند التحقيق والتدقيق دعوة لاستباحة الوسائل المختلفة للتمتع بالمرأة والتلهي بها.




إن المرأة اليوم -كما لا يخفى على كل ذي بصر وبصيرة- تنجرف مع تيار كاسح يكاد يختزل المرأة وقيمتها ووظيفتها في الجسد المزوَّق، والمظهر المنمَّق، المعروض في كل مكان، والمبذول لكل راغب ومريد!!






أما المبدأ الرابع من مبادئ خطبة الوداع:




فكان وصيته عليه الصلاة والسلام لأمته التمسك بكتاب ربها والاعتصام به،

 مبينًا أنه سبيل العزة والنجاح
"وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله".




صدقت يا رسول الله، لقد ضمنتَ لأمتك الأمان من كل شقاء وضلال إذا هي تمسكت بهدي هذا الكتاب.




وهل وصلت أمة الإسلام إلى ما وصلت إليه إلا بهجر كتاب ربها وترك منهج نبيها؟!




ولا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أوَّلها.

كم هي البشرية اليوم بحاجة ماسَّة -بعد أن وصلت إلى ما وصلت إليه-

إلى مراجعة نفسها وتدارك أمرها والاهتداء بهدي من أرسله الله

 رحمة للعالمين صل الله عليه وسلم!




فهل تفيء البشرية إلى رشدها أم تبقى في غيِّها لا تلوي على أحد، ولا تُقيم وزنًا لدين أو خلق؟!




تمام الدين في خطبة الوداع 74899_260112190785345_1952279969_n





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تمام الدين في خطبة الوداع Empty
مُساهمةموضوع: رد: تمام الدين في خطبة الوداع   تمام الدين في خطبة الوداع Emptyالثلاثاء 17 يونيو 2014, 5:26 pm

الحكم البليغة في خطب النبي صل الله عليه وسلم  في حجة الوداع




مقدمة:
لا شكَّ أن ما اشتملت عليه خطبُ النبي- صلى الله عليه وسلم- من: العلومِ، والفوائدِ الساميةِ، والقواعدِ الهامةِ، والوصايا النافعةِ، ما يَنبغِي لكلِّ مسلمٍ معرفتُها والعملُ بها؛ فقد قرَّر فيها النبي- صل الله عليه وسلم- قواعدَ الإسلامِ، وهَدَم فيها قواعدَ الشركِ والجاهلية، وقرَّر فيها تحريمَ المحرَّمات التي اتفقتِ المِلَلُ على تحريمِها، وهي: الدماءُ، والأموالُ، والأعراضُ.
ووضع فيها أمورَ الجاهليةِ تحت قدميه، ووضَع فيها رِبَا الجاهليةِ كلَّه، وأبطله، وأوصاهم بالنساءِ خيرًا، وذكر الحقَّ الذي لهن وعليهن، وأن الواجب لهن: الرزق، والكسوة بالمعروف- ولم يقدِّر ذلك بتقديرٍ- وأباح للأزواج ضربَهن إذا أَدخَلن إلى بيوتِهن مَن يكرهه أزواجُهن، وأوصى الأمَّة فيها بالاعتصام بكتاب الله، وأخبر أنهم لن يَضِلُّوا ما داموا مُعتَصمِين به، ثم أخبرهم أنهم مسؤولون عنه، واستنطقهم بماذا يقولون، وبماذا يشهَدون، فقالوا: نشهَد أنك بلَّغت، وأدَّيت، ونَصَحت، فرفع أصبعه إلى السماء، واستشهد الله عليهم ثلاث مرات، وأمرهم أن يبلِّغ شاهدُهم غائبَهم، كما خطب الناس يوم النَّحر خطبةً بليغةً، أعلمَهم فيها بحرمةِ يوم النحر، وفضلِه عند الله، وحرمةِ مكة على جميع البلاد، وأمر بأخذ مناسكهم عنه، وقال)) لعلي لا أَحُجُّ بعد عامي هذا))، وعلَّمهم مناسكهم.
ونَهَى الناسَ أن يرجِعوا بعده كفارًا، يضرب بعضُهم رقابَ بعضٍ، وأمر بالتبليغِ، وأخبر أنه رُبَّ مبلَّغٍ أوعى من سامعٍ. 
وقال في خطبته تلك: ((لا يَجْنِي جانٍ إلا على نفسه))، وقال: ((إن الشيطان أَيِسَ أن يُعبد ببلدِكم، ولكن سيكون له طاعةٌ في بعض ما تَحتَقِرون من أعمالكم، فيَرضَى بها)).
وقال: ((اعبدوا ربَّكم، وصلُّوا خَمْسَكم، وصوموا شهرَكم، وأطيعوا أُمَراءَكم؛ تَدْخُلوا جنَّة ربِّكم))، وودَّع حينئذٍ الناسَ، فقالوا: حجَّة الوداع.
كما خطبهم- صل الله عليه وسلم- أيضًا أوسطَ أيامِ التشريقِ خطبةً عظيمةً بليغةً، بيَّن فيها حرمةَ ذلك اليومِ والشهرِ والبلدِ، وبيَّن حرمةَ الدَّمِ والعِرضِ، التي اتفقتِ المِلَل على حُرمتِها، وحذَّر فيها من الظلم والتعدِّي على المال، وأنه لا يَحِلُّ مالُ امرئٍ مسلمٍ بغيرِ طيبِ نفسٍ منه، وبيَّن- في خطبتِه تلك-أن الزمانَ قد استدار كهيئتِه يومَ خلَق  اللهُ السمواتِ والأرض، وأن ربَّهم واحدٌ، وأباهم واحدٌ، وأنه لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأسودَ على أحمرَ، ولا لأحمرَ على أسودَ، إلا بالتَّقوى.
أولاً : خطبة النبي صل الله عليه وسلم يوم عرفة .
وهذا نصُّ خُطبته- صل الله عليه وسلم- يوم عرفة؛ كما في حديث جابرٍ عند مسلم، وأبي داود وغيرهما، رَوَى مسلم في صحيحه عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جابرٍ، في حديث حجة الوداع، قال:حتى إذا زالت الشمس- يعني: يومَ عرفةَ- أمر بالقَصْوَاء فرُحِلَت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناسَ، وقال: ((إن دماءَكم، وأموالَكم حرامٌ عليكم، كحرمةِ يومِكم هذا، في شهرِكم هذا، في بلدِكم هذا.))
ألا كلُّ شيءٍ من أمرِ الجاهليةِ تحت قدَميَّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أوَّل دمٍ أضعُ من دمائِنا دمُ ابنِ ربيعةَ بن الحارث، كان مسترْضِعًا في بني سعْد فقتلتْه هُذَيل.
ورِبا الجاهليةِ موضوعٌ، وأوَّل ربًا أضعُ من رِبَانا رِبَا العباسِ بن عبدالمطَّلب؛ فإنه موضوعٌ كلُّه. 
فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمانةِ الله، واستحللتم فروجَهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تَكرَهُونه، فإن فعَلْن فاضرِبوهن ضربًا غير مبرِّح، ولهن عليكم رزقُهن وكسوتُهن بالمعروف.
وقد تركتُ فيكم ما لن تَضْلُّوا بعده- إن اعتصمتم به- كتابَ الله، وأنتم تُسْأَلون عني، فماذا أنتم قائلون؟))، قالوا: نشهَد أنَّك قد بلَّغت، وأدَّيت، ونصحتَ، فقال- بأصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء، ويَنكتُها إلى الناس- : ((اللهم اشهد))، ثلاث مرات؛ الحديثَ.
- حرمة الأموال واحترام الملكية الفردية :
قوله- صل الله عليه وسلم- : ((إن دماءَكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمةِ يومِكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)): قال النوويُّ: "معناه متأكِّدة التحريمُ شديدتُه، وفي هذا دليلٌ لضرب الأمثال، وإلحاق النظير بالنظير قياسًا"؛ اهـ.
قلتُ: وفيه دليلٌ على احترامِ الأموال كاحترامِ الدماء والأعراض؛ حيث قَرَنها النبي- صل الله عليه وسلم- بهما، وكما في الحديث الآخر: ((كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ: دمُه، ومالُه، وعِرضُه))، فهذا يؤكِّد حرمةَ المالِ، ويُنزِّلها منزلةَ النفس سواءً بسواء، فلا تُنتَهك، ولا تُستَبدل بأيِّ وسيلةٍ من الوسائل الأخرى التي لم يأذَن بها الله.
وتأكيدًا لحرمة المِلكية الفردية، وتنزيلها منزلةَ النفس والعِرْض؛ رأينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر يَحُثُّ على الاستشهاد في سبيلِها، والدفاع عنها، ويعتبر ذلك شهادةً في سبيل الله، فيقول- صل الله عليه وسلم-: ((مَن قُتِل دونَ مالِه فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون عِرْضِه فهو شهيدٌ))، فيؤكِّد حرمةَ المِلكية الفردية مرةً أخرى، ويَزِيدها صيانةً واحترامًا، ويقرِّر مساواتَها للنفسِ والعِرْضِ، ويرغِّب الإنسان على أن يضحِّي بنفسه في سبيلها، إذا أراد إنسانٌ انتهاكَ حرمتِها والاعتداءَ عليها، ويكون بذلك في عداد الشهداء الأبرار.
وهذا واضحٌ في بطلانِ الاشتراكيةِ المَزعُومة أنها من الإسلام، والإسلام منها براءٌ؛ فالإسلام احترَم الملكيةَ الفردية أبلغَ احترامٍ، حيث أَمَر بقطعِ يدِ السَّارِق، متى انتَهَك حرمةَ مالِ الغيرِ بغيرِ حقٍّ ولا شبهةٍ، كما هو مقرَّر في كتب الأحكام، وجميع الأحاديث الواردة في هذا الصدَد تُحَافِظ على حرمةِ الملكية الفرديةِ، وصيانتها من الاقتطاع، أو الانتهاك، فيقول- عليه الصلاة والسلام- في الحديث الثابت في الصحيحين: ((إنما أنا بشرٌ، أقضِي بينكم على نحوِ ما أسمَع، ولعلَّ بعضَكم أَلْحَنُ بحجَّته من بعضٍ، فمَن قضيتُ له بحقِّ أخيه، فإنما أقتَطِع له قطعةً من النارِ، فلْيأخذْها أو لِيَذَرْها)).
وفي الصحيحين أيضًا: ((مَن حَلَف على يمينٍ فاجرةٍ؛ ليَقتَطِع بها مالَ امرئٍ مسلمٍ؛ لَقِي الله، وهو عليه غضبان)).
فيضع- صلى الله عليه وسلم- شتَّى الاحتياطات اللازمة لحماية المِلكية الفردية، وصيانتها من أن تُقتَطَع بمختَلف الطرق، أو يتصل إليها بشتى الأسباب المبنيَّة على ظاهر الأمر دون باطنه، فيجعل حُكمه الصادر منه- صل الله عليه وسلم- على نحوٍ مما يسمَع، غير مبيحٍ لانتهاكِ حرمةِ ذلك المال باطنًا، فهو ما يزالُ حرامًا على مَن قضى له به، بل هو كقطعةٍ من النار.
كما بيَّن أن اليمينَ الفاجرةَ لاقتطاع مال امرئٍ مسلم سببٌ لغضبِ الله وعقابه.
وفي قوله- صل الله عليه وسلم- : ((صَلُّوا على صاحبِكم)): دلالةٌ واضحةٌ على احترامِ الملكيةِ الفرديةِ؛ حيث امتنع من الصلاة عليه، لِمَا تحمَّله في ذمتِه من مالِ الغيرِ، فكيف- بعد هذا- يقال بالاشتراكية في الأموال؟ والله- سبحانه وتعالى- فَاضَل بين الناس في عقولِهم وآجالِهم، فكذلك فَاضَل بين أرزاقِهم؛ قال- تعالى- Sad  وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ )  [النحل: 71]، وقال- تعالى- : ( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )[الزخرف: 32].
وامتناع النبي- صل الله عليه وسلم- من الصلاة على المَدِين، بقوله: ((صَلُّوا على صاحبِكم))، أوضحُ بيانٍ، وأدلُّ دليلٍ على احترامِ أموال الناس، وأن لا اشتراكيةَ لأحدٍ في مالِ الغيرِ.
وفيما تقدَّم من الأحاديث، وما دلَّ عليه القرآن من إضافة الأموالِ إلى أربابِها- دليلٌ على مِلكيتِهم لها، واختصاصهم بها، وأن لا اشتراكيةَ لأحدٍ فيها، قال- تعالى- : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ ) [البقرة: 279]، وقال- تعالى- : ( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ ) [النساء: 5]، وقال- تعالى- : ( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ )[النساء: 6].
فبهذا يتَّضح بطلانُ هذه الاشتراكيةِ التي دعا إليها الكثيرون من الناس، وزَعَموا أنها من الدِّين، وسمَّوها بالاشتراكية الإسلامية تمويهًا وتضليلاً.
والمساواة بين الناس في المال مما لا سبيل إليه؛ لأنها تمردٌ على النظام السماوي، وخلافٌ لسنة الله، قال- تعالى- : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا ) [النساء: 135]، الآيةَ.
فالآيةُ تدلُّ بعمومِها على مراعاةِ العدل، والمحافظة عليه في: النفس، والأقارب، والأغنياء، والفقراء؛ فلا تَجُوز الشهادةُ على الغنيِّ للفقير لضعفِه، رحمةً به وإحسانًا إليه، ولا على الغني لقوته، بل أمر- تعالى- بالعدلِ، واتِّباع شرعِه في ذلك، فيُشْهَد للغنيِّ على الفقير، وللفقير على الغني، مراعيًا في ذلك الحقَّ والعدل، مؤدِّيًا للشهادة الحقة، فإذا كان الله نهى عن الشهادة للفقير لفقرِه، فكيف بابتزازِ أموال الأغنياء بحجَّة إعطائها الفقراء، ومساواتِهم في ذلك، فهذا خلافُ العدل المأمورِ به في هذه الآية، وخلافٌ لشرعِ الله ودينِه الذي فَاضَل بين الناس، بأن جعل هذا غنيًّا، وهذا فقيرًا، وهذا شريفًا، وهذا وضيعًا، وهذا مَلِكًا، وهذا صُعلوكًا؛ فالله أعلم بمصالح خَلْقِه، وهو الغاية في العدل، فَاوَت بين الناس، وفَاضَل بينهم بما تقتضيه حِكمته وإرادته.
وفي القول بالاشتراكية إبطالٌ لسننِ الله في الزكاة، والميراث، والنفقات؛ لأن القول بها يؤدِّي إلى: عدمِ وجودِ مُزَكٍّ، ووجود أهلٍ لها، وعدمِ وجودِ وارثٍ وموروثٍ، وعدمِ وجودِ مُنفِق ومُنفَق عليه؛ وذلك لاشتراكهم مع غيرهم في المال، وهذا خلافُ سنَّة الله، وخلافُ شرعِه ودينه، وخلافُ نظامِ هذه الحياة.
[rtl] المساواةُ بين العباد إنما تكون في أمرٍ ثابتٍ على التأبيدِ، كالتشريعات الإلهية التي يَستوِي فيها الشريفُ والوضيعُ، والغني والفقير؛ كالوضوء، وغُسل الجنابة، وكالصلاة والصوم، إلى غير ذلك، دون الأمورِ التي قَضَت حكمةُ الله باختلافِ الناس فيها؛ فهي غيرُ ثابتةٍ على نهج واحدٍ على الدوام؛ كالمال، بل جعل هذا غنيًّا، وهذا فقيرًا، وربما افتقر الغنيُّ، واغتنى الفقير.[/rtl]
[rtl]فالمال ليس بالأمرِ الثابتِ الذي يَستَوِي فيه كلُّ الناس؛ فهو أشبهُ بالمواهِب والعقول التي لا يأتِي فيها التساوي بين الناس؛ نتيجةً لتفاوتهم فيها تفاوتًا يَلِيق بسنَّة الحياة.[/rtl]
[rtl]ومما يَزِيد الأمرَ وضوحًا أن الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - كان لا يؤمِّم مالَ أحدٍ، ولا يعادِل في الأموال بين الأغنياء والفقراء في حالة الرَّخَاء؛ فقد كان في الصُّفَّة في مسجدِه الشريف فقراءُ لا يَجِدون القُوتَ إلا من صدقات الناس عليهم، وفي المدينة كثيرٌ من الأغنياء، وما رأيناه أمَّم لهم مالَ أحدٍ من أغنياءِ المدينةِ، ولا عادَلَ بينهم وبين الأغنياء في أموالٍ، وهم أحوجُ ما يكون إلى ذلك، وأيضًا عندما أراد الرسول - صل الله عليه وسلم - تجهيزَ جيشِ العُسْرَة في غزوة تَبُوكٍ - رأيناه يَحُثُّ الأغنياء، ويرغِّبهم على تجهيزِه بما يستطيعون، وكيفما يستطيعون، وتَبَارَوا يَستَبِقون للتجهيزِ بما يَقْدِرون عليه؛ فاختلفت مساعدتُهم بحسَب اقتدارِهم الماديِّ، ورغباتهم الجامِحة في الخير، فلو كان مِلْكًا للأمةِ، ولم يكن مِلْكًا لملاَّكه - الذين اكتسبوه بطرقِ الكسب المعروفة في التشريع الإسلامي - لانتزعه من أيدي الأغنياء، وجهَّز به الجيشَ الغازِيَ في أحرجِ ظروفٍ عَرَفتها تلك الغزوة.[/rtl]
[rtl]ولم يكن في حاجةٍ إلى ترغيبِهم، وحثِّهم في المساعدة على التجهيز.[/rtl]
[rtl]ورأيناه في غنائمِ هَوَازن التي قسَّمها بين الغانِمين، ثم عاد إليه أهلُها مسلمينَ، وقد حازَ كلُّ غانمٍ نصيبَه، ونال حصَّته من الغُنْمِ بالقِسمة من رسول الله - صل الله عليه وسلم - وقد قام خطيبًا في الغانِمين، وقال لهم: ((أما بعدُ: فإن إخوانَكم هؤلاءِ قد جاؤوا تَائِبين، وإني قد رأيتُ أن أردَّ عليهم سَبْيَهم، فمَن أحبَّ أن يُطَيِّبَ ذلك فليَفْعَل، ومَن أحبَّ منكم أن يكونَ على حظِّه حتى نُعطِيه إيَّاه من أوَّل مالٍ يَفِيء الله علينا))، فقال الناس: قد طيَّبْنَا ذلك لهم يا رسول الله، فقال لهم: ((إنا لا نَدْرِي مَن أَذِن منكم ممن لم يأذَن، فارجِعوا حتى يرفعَ إلينا عرفاؤكم أمرَكم))، فرجع الناس فكلَّمهم عُرَفاؤُهم، ثم عادوا إلى رسول الله يخبرونه أنهم قد طيَّبُوا وأذِنوا.[/rtl]
[rtl]فهذا سيِّد الخلق وإمامُهم يحتاج إلى مُؤاذنة الناس، والحصول على رضاهم، فيما سيردُّونه من أموالٍ، قد أصبحت مِلكًا لهم خاصًّا - بأحد أسباب المِلك المشروعة في الدين - فلو كان هناك مجالٌ للتأميم أو الاشتراكية؛ لأَمَّمها بينهم جميعًا، ولسوَّى بينهم في قِسمتِها للاشتراكية القائمة بحُكم التأميم، ولكنَّ الأمرَ على خلاف ذلك فلا تأميمَ، ولا اشتراكيةَ، وإنما هي الملكية الفَرْدِية يقرَّرها رسول الله - صل الله عليه وسلم - لها حرمتُها، وصِيانتها، فيستأذِن مُلاَّكها، ويطلب رِضَاهم؛ ليشرِّع للناس أنه لا يحمِل لأحدٍ مالَ أحدٍ إلا بطِيبٍ منه، وإذا كان هو نفسه - عليه الصلاة والسلام - يؤاذِن الناسَ في التنازُل عن حقوقِهم، ويطلب رضاهم في ذلك؛ فغيرُه من الناس من باب أَوْلى، وهو أَوْلى بالمؤمنين من أنفسِهم؛ كما قرَّره القرآن.[/rtl]
[rtl]وفيما تقدَّم من الآيات والأحاديث دلالةٌ واضحةٌ على بطلانِ الاشتراكيةِ، وأنها ليست من الإسلام في شيءٍ، بل أوَّلُ مَن قال بها، ودعا إليها "مَزْدَك" أحدُ رجالِ فارسَ، دعا إلى الاشتراكية في المال والنساء؛ فتَبِعه على قوله كثيرٌ من الفقراء ورَعَاع الناس، فوافقه الملك "قُبَاذ"، ولكن ابنه "أنوشِروان" بعد أن تولَّى الملكَ بعد أبيه دعا بمَزْدَك فقتله وقتل أصحابه، وأبطل الاشتراكية، واحترم الأموالَ كما احترم الدِّماء والأعراض، وهذا الملِك الفارسي الذي أبطل الاشتراكية هو الذي قال عنه النبي - صل الله عليه وسلم -:  ((وُلدتُ في زمنِ الملك العادل))؛ رواه البيهقي في الشعب، وقال: وكان شيخنا أبو عبدالله الحافظ قد تكلَّم أيضا في بطلان هذا الحديث، وقال السخاوي: لا أصل له، وقال السيوطي: كذب باطل، والسلسة الضعيفة (997).[/rtl]
[rtl]فلا عبرةَ ببعضِ المنتسبين إلى العِلم القائلين بالاشتراكية في المال؛ فهؤلاء وأمثالُهم هم آلةُ السياسةِ، وأعوان الرئاسة، وهم كثيرٌ، لا كثرهم الله .[/rtl]
[rtl]قوله: ((كحرمةِ يومكم هذا، في شهرِكم هذا، في بلدِكم هذا))؛ أي:[/rtl]
[rtl]أنه شبَّه تحريم الدمِ والمالِ والعِرضِ، بما هو مستقِرٌّ تحريمُه في نفوسِهم من ذلك اليومِ والشهرِ والبلدِ.[/rtl]
[rtl]قال الحافظ:[/rtl]
[rtl]"فيه تأكيدُ التحريمِ وتغليظُه بأبلغِ ممكنٍ من تَكرارٍ ونحوه، وفيه مشروعيةُ ضربِ المَثَل، وإلحاق النظير بالنظير؛ ليكونَ أوضحَ للسامعِ، وإنما شبَّه حرمةَ الدمِ والعِرْض والمال، بحرمةِ اليوم والشهر والبلد؛ لأن المخاطَبين بذلك كانوا لا يَرَون تلك الأشياء، ولا يَرَون هَتْكَ حرمتِها، ويَعِيبُون على مَن فعل ذلك أشدَّ العيب، وإنما قدَّم السؤالَ عنها تَذكارًا لحرمتٍها، وتقريرًا لِما ثَبَت في نفوسهم؛ ليبني عليه ما أراد تقريرَه على سبيل التأكيد.[/rtl]
[rtl]وقوله: ((ألا كلُّ شيءٍ من أمرِ الجاهليةِ تحت قدميَّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ، وإن أوَّل دمٍ أضعُ دمُ ابن ربيعة بن الحارث كان مسترْضِعًا في بني سعْد، فقتَلَتْه هُذَيل، ورِبَا الجاهليةِ موضوعٌ، وأوَّل رِبًا أضعُ رِبَا العباس بن عبد المطلب؛ فإنه موضوعٌ كلُّه)).[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]في هذه الجملة إبطالُ أفعالِ الجاهلية، وبيوعِها التي لم يتصل بها قبضٌ، وأنه لا قِصاص في قتلها، وأن الإمام وغيرَه - ممن يأمر بالمعروف أو ينهى عن منكر - ينبغي أن يبدأ بنفسه وأهلِه؛ فهو أقربُ إلى قَبُول قولِه، وإلى طيب نفسِ مَن قرُب عهدُه بالإسلام.[/rtl]
[rtl]وأما قوله: ((تحت قدميَّ)): فإشارةٌ إلى إبطاله.[/rtl]
[rtl]وفي قوله:  ((ألا كلُّ شيءٍ من أمر الجاهلية تحت قدميَّ موضوعٌ)):[/rtl]
[rtl]إضافته إلى الجاهلية إضافةُ ذمٍّ وعيبٍ؛ أي: كلُّ ما كان من أمرِ الجاهلية: كفخرِها بالأحساب، وطعنِها في الأنساب، وتعصُّبها المذموم، كلُّه موضوعٌ باطلٌ؛ كما أشار إليه بقوله: ((تحت قدميَّ موضوعٌ)).[/rtl]
[rtl]وقوله: ((ودماءُ الجاهلية موضوعةٌ))؛ أي: لا قِصاصَ فما دونه مما كان حاصلاً في الجاهلية. [/rtl]
- حرمة الربا وأضراره :
[rtl]وقوله: ((وربَا الجاهلية موضوعة)):[/rtl]
[rtl]الربا محرَّم بالكتاب والسنَّة والإجماع، ومفاسده كثيرة جدًّا، نسأل الله السلامة، وقد قال بعض العلماء: "إن أَكَلةَ الرِّبا مجرَّب لهم سوءُ الخاتمةِ، والعياذ بالله"، ومع هذا قد فشا الرِّبا في مجتمعنا فُشُوًّا شنيعًا ذريعًا، يُنذِر بضياع الثروة، ومحوِ البركة، وسقوط المحبة، وانعدام التعاطف والتراحم بين الناس، وآكلوا الرِّبا لا يَقُومُون يومَ القيامةِ، أو لا يَقُومُون في الدنيا إلا كما يَقُومُ الذي يتخبَّطه الشيطان - وهو المصروع - من المَسِّ، وهو الجنون، وهذا مُشاهَد فيهم في الدنيا؛ إذ هم - رغم وفرةِ أموالهم، ومزيد ثرائهم - لا يَزَالُون في هَمٍّ دائمٍ، وفكر مستمِرٍّ، وقد حرَمهم الله - تعالى - من اللذائذ رغم توافُرِ أسبابها، ومن النعم رغم وجود مقوِّماتها، وقد قال هؤلاءِ مثلَ ما قال الأوَّلون: (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا )[البقرة: 275]، وساروا على نهجِهم، واتَّبعوا طريقتهم، ثم هو مخرِب البيوت، ومُزِيل الرحمة من القلوب، ومولِّد العداوة بين الأغنياء والفقراء؛ فإنه يُضْعِف التعاطف والتراحمَ، بل لا همَّ للأغنياء إلا ابتزازُ أموال الفقراء، بكونهم كالذئاب، كلُّ واحدٍ ينتظر الفرصة التي تمكِّنه من افتراس الآخر وأكْلِه، فحلَّت القسوةُ محل الرحمة، حتى إن الفقير ليموتُ جوعًا في البلاد التي يتعامل أهلُها بالرِّبا، ولا يجد مَن يجُود عليه بما يَسُدُّ رَمَقَه، فمُنِيت تلك البلاد بالانهيار الاقتصادي، والركود التجاري والبطالة؛ لذلك جاء الإسلام بتحريمِ التعامل بالربا، ليكون كلُّ واحدٍ من المسلمين عونًا لأخيه، لا سيما عند شدَّة الحاجة إليه، والله لا يشرَع للناسِ الأحكامَ بحسَب أهوائهم وشهواتهم كأصحاب القوانين، ولكن بحسَب المصلحة الحقيقية العامة الشاملة وهو أعلمُ بمصالح عباده.[/rtl]
ويتضمَّن:
[rtl]1- مراعاة حقِّ النساء، والوصيَّة بهنَّ.[/rtl]
[rtl]2- التمسُّك بالكتاب والسُّنة.[/rtl]
[rtl]3- القرآن منهجٌ لِمَن تَمسَّك به.[/rtl]
[rtl]وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وأوَّل ربًا أضعُ ربَا العباس بن عبدالمطلب؛ فإنه موضوعٌ كلُّه)).[/rtl]
[rtl]هذا نظيرُ وَضْعه لدماء الجاهليَّة، فأوَّل دَمٍ وضَعه من دمائهم دَمُ ابن ربيعة بن الحارث، فالآمِر والناهي يَنْبَغي له أن يبدأَ بنفسه وبأهلِه؛ ليكون قُدوةً حَسَنة لغيره.[/rtl]
[rtl]والرِّبا إذا وُضِع يبقى رأسُ المال لمالكه؛ كما في قوله - تعالى -: ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ) [البقرة: 279].[/rtl]
 - مراعاة حق النساء والوصية بهن :
[rtl]وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فاتَّقوا الله في النساء؛ فإنَّكم أخذتموهُنَّ بأمانةِ الله))، فيه الحثُّ على مراعاةِ حقِّ النساء، والوصية بهنَّ، ومعاشرتهنَّ بالمعروف؛ كما قال - تعالى -Sad وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) [النساء: 19].[/rtl]
[rtl]قال ابنُ عطيَّة:[/rtl]
[rtl]"وإلى معنى الآية يُنظَرُ قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فاسْتَمْتِع بها وفيها عِوَجٌ))؛ أي: لا يَكُنْ منك سوءُ عِشْرةٍ مع اعْوِجَاجها، فعنها تَنْشأ المخالَفة، وبها يقعُ الشِّقاق، وهو سببُ الخُلع"؛ اهـ.[/rtl]
[rtl]إذ إنَّ مُداراةَ النِّساء والغَضَّ عمَّا يَحصل منهنَّ - من الاعوجاج والمخالفة - سببٌ للاستمتاعِ بهنَّ، وبقاءِ المعاشرة معهنَّ؛ قال الترمذي في جامعه: باب ما جاء في مُداراة النساء، وذكَر حديثَ أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ المرأة كالضِّلَع، إن ذهبْتَ تُقِيمُها، كسَرتها، وإن ترَكتها، اسْتَمْتَعْتَ بها على عِوَجٍ))".[/rtl]
[rtl]فعلى الرجل مُعاشَرُتها بالمعروف والإحسان إليها، والتسامُح فيما يَصْدُر منها من خطأٍ ومخالفة، وعليه أن يَصونَها ويَحفظَها من مخالطة الرجال الأجانب، وألاَّ يَدَعَها تَجُوب الشوارعَ ومجتمعات الرجال؛ بحيث تكون مَطمعًا للفُسَّاق، وموضِعًا للسُّخرية، بل عليها ملازمَة بيتها، وتدبيرُ شؤونِها، والقيام على أطفالها، فهذا مما ينبغي للمرأة القيامُ به، وعلى الرجل أمرُها بذلك.[/rtl]
[rtl]قوله: ((واسْتَحْلَلْتُم فُروجَهنَّ بكلمةِ الله)).[/rtl]
[rtl]تنوَّعت عبارات العلماء في ذلك، فقيل: المراد بكلمة الله هو كلمة الإخلاص: لا إله إلا الله، محمد رسول الله؛ إذ إنَّ المسلمة لا تُباح لغير المسلم، وقيل: إنَّ كلمة الله هي قوله - تعالى -: ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ[البقرة: 229]، وقيل: هي قوله - تعالى -: ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ [النساء: 3].[/rtl]
[rtl]وهذه الأقوال متلازِمة، فالرجل إذا تزوَّج المرأة، فعليه أن يُمسكَها بالمعروف إن رضِيَها والْتَأَمَت حاله معها، وإلاَّ فيُسَرِّحها بإحسانٍ؛ عملاً بالآية الكريمة، ثم هي لا تَحِلُّ له؛ حتى يكون من أهل شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، فالمسلمة لا تُباح لغير المسلم، وقد نكَحها امتثالاً لقول الله - تعالى -Sad فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ) [النساء: 3].[/rtl]
[rtl]قوله: ((ولكم عليهنَّ ألاَّ يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تَكرَهونه، فإن فَعَلْنَ ذلك، فاضْرِبُوهنَّ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّح))؛ أي: لا يَأْذَنَّ لأحدٍ تَكرَهونه في دخول بيوتكم، والجلوس في منازلكم؛ سواءٌ كان المأذونُ له رجلاً أجنبيًّا أو امرأةً، أو أحدًا من محارِم الزوجة، فالنهي يَتناول جميعَ ذلك، وهذا حُكْم المسألة عند الفقهاء: إنها لا يَحِلُّ لها أن تَأْذَنَ لرجلٍ أو امرأة، ولا مَحرمٍ، ولا غيره - في دخول منزل الزوج، إلاَّ مَن عَلِمت أو ظنَّت أنَّ الزوج لا يَكرهه؛ لأنَّ الأصل تحريمُ دخول منزل الإنسان؛ حتى يُوجَد الإذنُ في ذلك منه، أو ممن أَذِن له في الإذن في ذلك، أو عُرِفَ رضاه باطِّراد العُرف بذلك ونحوه، ومتى حصَل الشكُّ في الرضا، ولَم يترجَّح شيءٌ، ولا وُجِدت قرينةٌ - لا يَحِلُّ الدخول ولا الإذن، والله أعلم.[/rtl]
[rtl]وقوله: ((واضْرِبوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ))؛ أي: غير شاقٍّ، ولا مُؤثِّرٍ، وفيه دليلٌ على جواز ضَرْب الرجل امرأتَه؛ للتأديب والمصلحة.[/rtl]
[rtl]قوله: ((ولهنَّ عليكم رِزقُهنَّ، وكِسوتهنَّ بالمعروف))، فيه وجوب نفقة الزوجة وكِسوتها بالمعروف، وهو ثابتٌ بالكتاب والسُّنة والإجماع، ومثله إعدادُ مسكنٍ لها، مُلائمٍ لمثلها.[/rtl]
- لزوم التمسك بالكتاب والسنة :
[rtl]قوله: ((وقد ترَكْتُ فيكم ما لن تَضِلُّوا بعده إن اعْتَصَمْتُم به، كتابَ الله)).[/rtl]
[rtl]((ترَكتُ فيكم))؛ أي: فيما بينكم.[/rtl]
[rtl] ((ما لن تَضِلُّوا بعده))؛ أي: إن تمسَّكتُم به واعْتَصَمْتُم بما تضمَّنه من الأوامر والنواهي، واعْتَقَدتُم ما تضمَّنه من العقائد الحقَّة؛ إذ هو كتاب عزيزٌ، لا يَأْتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حميدٍ.[/rtl]
[rtl]قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -:[/rtl]
[rtl]"ومن أعظمِ ما أنعَم الله به على المسلمين، اعتصامُهم بالكتاب والسُّنة، فكان من الأصول المُتَّفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ، أنه لا يُقبل من أحدٍ قطُّ أن يُعارِض القرآن؛ لا برأيه ولا ذَوْقه، ولا مَعقوله ولا قياسه، ولا وَجْده؛ فقد ثبَت - بالبراهين القطعيَّات والآيات البيِّنات - أنَّ الرسول جاء بالهُدى ودينِ الحقِّ، وأنَّ القرآن يَهدي للتي هي أقوم، فيه نبَأُ مَن قبلهم، وخبرُ ما بعدهم، وحُكْم ما بينهم، هو الفصل ليس بالهَزْل، مَن ترَكه من جبَّار، قصَمه الله، ومَن ابتَغى الهدى في غيره، أضلَّه الله، هو حبلُ الله المتين، وهو الذِّكر الحكيم، وهو الصِّراط المستقيم، وهو الذي لا تَزيغ به الأهواء، ولا تَلتبس به الألْسُن، فلا يَستطيع أن يُزِيغَه إلى هواه، ولا يُحَرِّف به لسانه، ولا يَخلَق عن كَثرة التَّرداد، فإذا رُدِّد مرَّة، لَم يَخْلَق، ولَم يُمَلَّ كغيره من الكلام، ولا تَنقضي عجائبُه، ولا تَشبع منه العلماء، مَن قال به صدَق، ومَن عَمِل به أُجِر، ومَن حَكَم به عدَل، ومَن دعا إليه، هُدِي إلى صراط مستقيمٍ"؛ اهـ.[/rtl]
[rtl]وما ضَعُف المسلمون وزَالَ ما كان لهم من المُلك الواسع، إلاَّ بإعراضهم عن هداية القرآن، ولا يعود إليهم شيءٌ -مما فقَدوا من العِزَّة والسيادة والكرامة- إلاَّ بالرجوع إلى هدايته، والاعتصام بحبله.[/rtl]
[rtl]واقتصَر الرسول في خُطبته على ذِكر الكتاب دون ذِكر السُّنة؛ لاشتماله على الأمرِ بالعمل بالسِنة لقوله -تعالى-: ( أَطِيعُوا الله وَالرَّسُولَ ) [آل عمران: 32]، وقوله: ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) [الحشر: 7]، ولقوله: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) [الأحزاب: 21][/rtl]
[rtl]والاعتصام به سببٌ لصلاح الدنيا والآخرة، فإنَّ مَن اعتَصَم به وعَمِل بأوامره ونواهيه - لن يضلَّ عن الصراط القويم، ولنَذكر ما قاله الإمام القرطبي في تفسيره من أنَّ القرآن مانعٌ لِمَن تمسَّك به من شرور الأعداء، وكَيْد أهل الجَوْر والظلم.[/rtl]
[rtl]قال - رحمه الله تعالى - على قوله -­سبحانه-: ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ) [الإسراء: 45]: "وعن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت: لَمَّا نزَلت سورة ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ )[المسد: 1]، أقبَلَت العَوراء أُمُّ جميل بنت حربٍ، ولها وَلْوَلة، وفي يدها فِهرٌ، وهي تقول:[/rtl]
مُذَمَّمًا عَصَيْنَا
وَأَمْرَهُ أَبَيْنَا 
[rtl]وَدِينَهُ قَلَيْنَا[/rtl]
[rtl]والنبي -صل الله عليه وسلم- قاعدٌ في المسجد، ومعه أبو بكر -رضي الله عنه- فلمَّا رآها أبو بكر، قال: يا رسول الله، لقد أقبَلَتْ وأنا أخاف أن تَراك: قال رسول الله: ((إنها لن تَراني))، وقرَأ قرآنًا، فاعْتَصَم به كما قال،وقرأ: ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ) [الإسراء: 45].[/rtl]
[rtl]فوقَفتْ على أبي بكر -رضي الله عنه- ولَم تَرَ رسولَ الله، فقالت: يا أبا بكر، أُخْبِرتُ أنَّ صاحبَك هجَاني، فقال: لا وربِّ هذا البيت، ما هجاكِ، قال: فولَّتْ، وهي تقول: قد عَلِمت قريشٌ أني ابنة سيِّدها.[/rtl]
[rtl]إلى أن قال: وقال كعب -رضي الله عنه- في هذه الآية: كان النبي يَستتر من المشركين بثلاثِ آيات: الآية التي في الكهف: (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ) [الكهف: 57][/rtl]
[rtl]والآية التي في النحل: ( أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ الله عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ) [النحل: 108].[/rtl]
[rtl]والآية التي في الجاثية: ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ الله عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً ) [الجاثية: 23].[/rtl]
[rtl]فكان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إذا قرَأَهُنَّ يَستتر من المشركين.[/rtl]
[rtl]قال كعب - رضي الله عنه -: فحدَّثْتُ بهنَّ رجلاً من أهل الشام، فأتى أرضَ الروم، فأقام بها زمانًا، ثم خرَج هاربًا، فخرَجوا في طلبه، فقرَأ بهنَّ، فصاروا يكونون معه على طريقه، ولا يُبصرِونه.[/rtl]
[rtl]قال الثعلبي:[/rtl]
[rtl]"وهذا الذي يَرْوُونه عن كعب، حدَّثتُ به رجلاً من أهل الرَّي، فأُسِر بالدَّيْلَم، فمكَث زمانًا، ثم خرَج هاربًا، فخرَجوا في طلبِه، فقرَأ بهنَّ؛ حتى جَعَلتْ ثيابُهم لتَلْمِس ثيابَه، فما يُبصرِونه، قلتُ: ويُزاد إلى هذه أوَّل سورة "يس" إلى قوله: ( فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ).[/rtl]
[rtl]فإنه جاء في السيرة في هجرة النبي ومقام علي -رضي الله عنه- في فراشه، قال: وخرَج رسول الله فأخَذ حَفْنة من ترابٍ في يده، وأخَذ الله - عزَّ وجلَّ - على أبصارهم عنه، فلا يَرونه، فجَعَل يَنثر ذلك التراب على رؤوسهم، وهو يتلو هذه الآيات: ( يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ[يس: 1 - 5]، إلى قوله: ( وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ) [يس: 9][/rtl]
[rtl]حتى فرَغ رسول الله من هذه الآيات، ولَم يبقَ منهم رجلٌ إلاَّ وقد وَضَع على رأسه ترابًا، ثم انصرَف إلى حيث أراد أن يذهبَ، ولقد اتَّفق لي ببلادنا - الأندلس - بحصن منثورٍ من أعمال قرطبة مثلُ هذا؛ وذلك أنى هرَبتُ أمام العدوِّ، وانْحَزتُ إلى ناحية عنه، فلم أَلْبَث أن خرَج في طلبي فارسان، وأنا في فضاءٍ من الأرض، قاعدٌ ليس يَسترني عنهما شيءٌ، وأنا أقرأُ أوَّل سورة يس، وغير ذلك من القرآن، فعَبَرَا عليَّ، ثم رجَعا من حيث جاءَا، وأحدهما يقول للآخر: هذا "دِيَبْلَهُ" يَعْنيان شيطانًا، وأعمَى الله - عزَّ وجلَّ - أبصارَهم، فلم يَرَوني، والحمد لله حمدًا كثيرًا على ذلك".[/rtl]
ويتضمَّن:
[rtl]1- حِفظ الله ووقايته لِمَن اعتصَم بكتابه العزيز.[/rtl]
[rtl]2- دليل إثبات عُلُوِّ الله على عرشه.[/rtl]
[rtl]3- الحِكَم التي اشْتَمَلت عليها خُطبته يوم النَّحر.[/rtl]
[rtl]فانظر إلى حِفظ الله ووقايته لِمَن اعتَصَم بكتابه العزيز؛ حيث وقاهُم وحَفِظهم من بَأْس الصائلين، وكَيْد الكائدين، ولَم يتمكَّن أعداؤهم من الوصول إليهم، بل جعَل على أبصارهم غشاوةً تَمنعهم من رؤية مَن قصَدوه بسوءٍ وشرٍّ.[/rtl]
[rtl]هذا الإمام القرطبي يَحكي عن نفسه بطلبِ فارسينِ له، وهو في فضاءٍ من الأرض، ليس يَستُره عنهما شيءٌ؛ لا شجرٌ، ولا جبلٌ، ولا غيرُهما، على الرغم من قُربهما منه ورؤيته لهما، وسَماعه لكلامهما، ومع هذا لَم يتمكَّنا من رؤيته، وإيقاع ضررٍ به، بل أعمى اللهُ أبصارَهما، فرَجعا خائبين، وحَفِظ اللهُ الإمامَ القرطبيَّ لَمَّا الْتَجَأ إلى الله، واعتصَم بكتابه العزيز.[/rtl]
[rtl]قوله: ((وأنتم تُسْأَلون عني، فماذا أنتم قائلون؟))؛ أي: مسؤولون عن تبليغي وعدمه، فماذا أنتم قائلون في حقِّي؟ قال - تعالى -: ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ )[الأعراف: 6].[/rtl]
[rtl]وقولهم: "قالوا: نَشْهد أنَّك قد بلَّغتَ وأدَّيتَ"؛ أي: بلَّغتَ ما أُرْسِلتَ به إلى الناس كافَّة، وأدَّيتَ الأمانة التي حملتها أحسنَ أداءٍ وأكملَه.[/rtl]
[rtl]"ونصَحتَ"؛ أي: بذَلت وُسْعك في نُصح أُمَّتك؛ بدَلالتهم على ما يَنفعهم في دينهم ودنياهم، وتَحذيرهم عن كلِّ ما يُردِيهم ويضرُّهم في دينهم ودنياهم، فلا خيرَ إلاَّ دلَّ الأُمَّةَ عليه، وأمرَهم به، وحثَّهم عليه، ورغَّبهم فيه، ولا شرَّ إلاَّ حذَّرها وأنذَرها عنه.[/rtl]
[rtl]قوله: "فقال بإصبعه السَّبَّابة يَرفعها إلى السماء، ويَنْكُتها إلى الناس: ((اللهمَّ اشْهَد)) ثلاثَ مرَّات": فيه دليلٌ على إثبات عُلوِّ الله على عرشه؛ حيث رفَع إصبعه إلى السماء، ومن المُتَقرِّر عند أهل السنة والجماعة وسلفِ الأُمَّة من الصحابة والتابعين - أنَّ الله مُسْتَوٍ على عرشه، بائنٌ من خَلقه؛ كما قال - تعالى -: ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[طه: 5]، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدًّا.[/rtl]
[rtl]وقد ألَّف العلماء في هذه المسألة مؤلَّفاتٍ عدَّة؛ كالإمام الذهبي الذي ألَّف كتابًا سمَّاه "إثبات العُلو للعلي الغفار"، وكذلك موفَّق الدين ابن قدامة الحنبليُّ ألَّف كتابًا في ذلك أيضًا، وكُتُب العلماء مملوءَةٌ بذِكر الأدلَّة من الآيات والأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين، وحتى العرب في جاهليَّتهم يَذكرون ذلك في أشعارهم، من أنَّ الله مُسْتَوٍ على عرشه، فلا نُطيل بذِكْر الأدلة في ذلك، فمَن طلَبها، وجَدها في أمكنتِها.[/rtl]
[rtl]وقوله: "ويَنكُتها إلى الناس"، لا اختلاف بين الروايتين"؛ والمراد: يُقَلِّبها ويُرَدِّدها، يَستَشهِد اللهَ عليها بتبليغ رسالات ربِّه، وتَأْدِيته لِما اؤْتُمِن عليه من نُصحهم وإرشادهم، والصبر على أذاهم.[/rtl]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تمام الدين في خطبة الوداع Empty
مُساهمةموضوع: رد: تمام الدين في خطبة الوداع   تمام الدين في خطبة الوداع Emptyالثلاثاء 17 يونيو 2014, 5:27 pm

( خطبه الوداع,خطبة الوداع كاملة, خطبة الوداع للرسول)
‏1 ديسمبر، 2010‏، الساعة ‏12:47 مساءً‏
‎( خطبه الوداع,خطبة الوداع كاملة, خطبة الوداع للرسول)قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانت حجة الوداع، وبعدها نزل قول الله عز وجل( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا( فبكي أبوبكر الصديق عند سماعه هذه الآيه.. فقالوا له مايبكيك يا أبوبكر أنها آية مثل كل آيه نزلت علي الرسول .. فقال : هذا نعي رسول الله .... وعاد الرسول .. وقبل الوفاه بـ 9 أيام نزلت آخر ايه من القرآن ( واتقوا يوما ترجعون فيه الي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون( .... وبدأ الوجع يظهر علي الرسول فقال : ) أريد أن أزور شهداء أحد ) فذهب الي شهداء أحد ووقف علي قبور الشهداء وقال Sad السلام عليكم يا شهداء أحد، أنتم السابقون وإنا إنشاء الله بكم لاحقون، وإني إنشاء الله بكم لاحق (. وأثناء رجوعه من الزياره بكي رسول الله صل الله عليه و سلم قالوا ما يبكيك يا رسول الله ؟ قال Sad اشتقت إلي إخواني ) ، قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال Sad لا أنتم أصحابي، أما إخواني فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ( .اللهم أنا نسالك أن نكون منهم وعاد الرسول ، وقبل الوفاه بـ 3 أيام بدأ الوجع يشتد عليه وكان في بيت ميمونه، فقال: ( اجمعوا زوجاتي ) ، فجمعت الزوجات ، فقال النبي: ( أتأذنون لي أن أمرض في بيت عائشه ؟ ) فقلن: أذن لك يا رسول الله فأراد أن يقوم فما استطاع فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن العباس فحملا النبي وخرجوا به من حجرة ميمونه الي حجرة عائشة فرآه الصحابة علي هذا الحال لأول مره .. فيبدأ الصحابه في السؤال بهلع: ماذا أحل برسول الله.. ماذا أحل برسول الله. فتجمع الناس في المسجد وامتلأ وتزاحم الناس عليه. فبدأ العرق يتصبب من النبي بغزاره، فقالت عائشة : لم أر في حياتي أحد يتصبب عرقا بهذا الشكل . فتقول: كنت آخذ بيد النبي وأمسح بها وجهه، لأن يد النبي أكرم وأطيب من يدي. وتقول : فأسمعه يقول Sad لا اله إلا الله ، إن للموت لسكرات ). فتقول عائشه : فكثر اللغط ( أي الحديث ) في المسجد اشفاقا علي الرسول فقال النبي Sad ماهذا ؟ ) . فقالوا : يارسول الله ، يخافون عليك فقال : ( احملوني إليهم ) . فأراد أن يقوم فما استطاع ، فصبوا عليه 7 قرب من الماء حتي يفيق . فحمل النبي وصعد إلي المنبر.. آخر خطبه لرسول الله و آخر كلمات لهفقال النبي : ( أيها الناس، كأنكم تخافون علي ) فقالوا : نعم يارسول الله . فقال Sad أيها الناس، موعدكم معي ليس الدنيا، موعدكم معي عند الحوض.. والله لكأني أنظر اليه من مقامي هذا. أيها الناس، والله ما الفقر أخشي عليكم، ولكني أخشي عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم، فتهلككم كما أهلكتهم ) .... ثم قال Sad أيها الناس ، الله الله في الصلاه ، الله الله في الصلاه ) بمعني أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا علي الصلاه ، وظل يرددها ، ثم قال : ( أيها الناس، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، اوصيكم بالنساء خيرا ) ثم قال Sad أيها الناس إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله ، فاختار ما عند الله ) فلم يفهم أحد قصده من هذه الجمله ، وكان يقصد نفسه ، سيدنا أبوبكر هو الوحيد الذي فهم هذه الجمله ، فانفجر بالبكاء وعلي نحيبه ، ووقف وقاطع النبي وقال : فديناك بآبائنا ، فديناك بأمهاتنا ، فديناء بأولادنا ، فديناك بأزواجنا ، فديناك بأموالنا ، وظل يرددها ..... فنظر الناس إلي أبو بكر ، كيف يقاطع النبي .. فأخذ النبي يدافع عن أبو بكر قائلا Sad أيها الناس ، دعوا أبوبكر ، فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به ، إلا أبوبكر لم أستطع مكافأته ، فتركت مكافأته إلي الله عز وجل ، كل الأبواب إلي المسجد تسد إلا باب أبوبكر لا يسد أبدا ) وأخيرا قبل نزوله من المنبر .. بدأ الرسول بالدعاء للمسلمين قبل الوفاه كآخر دعوات لهم ، فقال : ( أوآكم الله ، حفظكم الله ، نصركم الله ، ثبتكم الله ، أيدكم الله ) .. وآخر كلمه قالها ، آخر كلمه موجهه للأمه من علي منبره قبل نزوله ، قال : ( أيها الناس ، أقرأوا مني السلام كل من تبعني من أمتي إلي يوم القيامه ) . وحمل مرة أخري إلي بيته. وهو هناك دخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده سواك، فظل النبي ينظر الي السواك ولكنه لم يستطيع ان يطلبه من شدة مرضه. ففهمت عائشه من نظرة النبي، فأخذت السواك من عبد الرحمن ووضعته في فم النبي، فلم يستطع أن يستاك به، فأخذته من النبي وجعلت تلينه بفمها وردته للنبي مره أخري حتى يكون طريا عليه فقالت : كان آخر شئ دخل جوف النبي هو ريقي ، فكان من فضل الله علي أن جمع بين ريقي وريق النبي قبل أن يموت .... تقول عائشه : ثم دخل فاطمه بنت النبي ، فلما دخلت بكت ، لأن النبي لم يستطع القيام ، لأنه كان يقبلها بين عينيها كلما جاءت إليه .. فقال النبي : ( ادنو مني يا فاطمه ) فحدثها النبي في أذنها ، فبكت أكثر . فلما بكت قال لها النبي Sad أدنو مني يا فاطمه ) فحدثها مره أخري في اذنها ، فضحكت ..... ( بعد وفاته سئلت ماذا قال لك النبي ، فقالت : قال لي في المره الأولي Sad يا فاطمه ، إني ميت الليله ) فبكيت ، فلما وجدني أبكي قال Sad يا فاطمه ، أنتي أول أهلي لحاقا بي ) فضحكت . تقول عائشه : ثم قال النبي Sad أخرجوا من عندي في البيت ) وقال : ( ادنو مني يا عائشه ) فنام النبي علي صدر زوجته ، ويرفع يده للسماء ويقول Sad بل الرفيق الأعلي، بل الرفيق الأعلي ) .. تقول عائشه: فعرفت أنه يخير.دخل سيدنا جبريل علي النبي وقال : يارسول الله ، ملك الموت بالباب ، يستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن علي أحد من قبلك فقال النبي Sad ائذن له يا جبريل ) فدخل ملك الموت علي النبي وقال : السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله فقال النبي Sad بل الرفيق الأعلى ، بل الرفيق الأعلى ) ووقف ملك الموت عند رأس النبي وقال : أيتها الروح الطيبه ، روح محمد بن عبد الله ، أخرجي إلي رضا من الله و رضوان ورب راض غير غضبان ...... تقول عائشه: فسقطت يد النبي وثقلت رأسه في صدري ، فعرفت أنه قد مات ... فلم أدري ما أفعل ، فما كان مني غير أن خرجت من حجرتي وفتحت بابي الذي يطل علي الرجال في المسجد وأقول مات رسول الله ، مات رسول الله . تقول: فانفجر المسجد بالبكاء. فهذا علي بن أبي طالب أقعد، وهذا عثمان بن عفان كالصبي يؤخذ بيده يمني ويسري وهذا عمر بن الخطاب يرفع سيفه ويقول من قال أنه قد مات قطعت رأسه، إنه ذهب للقاء ربه كما ذهب موسي للقاء ربه وسيعود ويقتل من قال أنه قد مات. أما أثبت الناس فكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه دخل علي النبي واحتضنه وقال :وآآآ خليلاه ، وآآآصفياه ، وآآآ حبيباه ، وآآآ نبياه . وقبل النبي وقال: طبت حيا وطبت ميتا يا رسول الله. ثم خرج يقول : من كان يعبد محمد فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ... ويسقط السيف من يد عمر بن الخطاب، يقول: فعرفت أنه قد مات... ويقول: فخرجت أجري أبحث عن مكان أجلس فيه وحدي لأبكي وحدي.... ودفن النبي و فاطمه تقول : أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب علي وجه النبي ... ووقفت تنعي النبي وتقول:يا أبتاه ، أجاب ربا دعاه ، يا أبتاه ، جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه ، الي جبريل ننعاه . تري، هل ستترك حياتك كما هي بعد وصايا رسول الله صلي الله عليه وسلم لك في آخر كلمات له ؟؟ لا أدري ماذا ستفعل كي تصبر على ابتلاءات الدنيا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تمام الدين في خطبة الوداع Empty
مُساهمةموضوع: رد: تمام الدين في خطبة الوداع   تمام الدين في خطبة الوداع Emptyالثلاثاء 17 يونيو 2014, 5:31 pm

خطبة حجة الوداع للرسول صل الله عليه وسلم كاملة
‏16 نوفمبر، 2010‏، الساعة ‏05:03 صباحاً‏
 خطبة حجة الوداع للرسول صل الله عليه وسلم كاملة
 
أيها الناس، افسحوا وتباعدوا عن الطرقات، ألا ترون ذلكم الركب المبارك، في يوم السبت لأربع بقين من ذي القعدة سنة عشر من الهجرة المباركة.
 
نادى منادي رسول الله صل الله عليه وسلم بقصده الحج لهذا العام، فاجتمع حوله مائة وأربعة وأربعون ألفًا من الناس في مشهد عظيم، فيه معان العزة والتمكين، ألقى الرعب والفزع في قلوب أعداء الدعوة ومحاربيها، وكان غصة في حلوق الكفرة والملحدين.
 
قبل ثلاثٍ وعشرين سنة من ذلكم الوقت كان فردًا وحيدًا، يعرض الإسلام على الناس فيردوه، ويدعوهم فيكذبوه، في ذلكم الحين كان المؤمن لا يأمن على نفسه أن يصلي في بيت الله وحرم الله.
 
ها هم اليوم مائة وأربعة وأربعون ألفًا يلتفون حول الصادق الأمين صل الله عليه وسلم في مشهدٍ يوحي بأكمل معان النصر والظفر، ويجسد صورة رائعة، تحكي بأن الزمن وإن طال، فإن الغلبة لأولياء الله وجنده، مهما حوربت الدعوة وضيق عليها، وسامها الأعداء ألوان العداء والاضطهاد، فإن العاقبة للحق ولأهل الحق العاملين المصلحين: وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَاء وَٱلضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214].
 
سار ذلكم الركب المبارك يدوس الأرض، التي عذّب من عذّب فيها، وسحب على رمضائها مَنْ سُحِب، ساروا يمرّون على مواضع لم تزل ولن تزال عالقة في ذكراهم، سيموا فيها ألوان العذاب والقهر والعنت، سار صل الله عليه وسلم ليدخل المسجد الحرام الذي لطالما استقسم فيه بالأزلام، وعبدت فيه الأصنام، دخله طاهرًا نقيًا، تردد أركانه وجنباته لا إله إلا الله، ورجع الصدى من جبال بكة ينادي: لبيك اللهم لبيك.
 
خطبة حجة الوداع كاملة
 
ألقاها الرسول صل الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم عرفة من جبل الرحمة وقد نزل فيه الوحي مبشراً أنه "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً"
 
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
 
أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هو خير. أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.
 
أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها.
وإن ربا الجاهلية موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وقضى الله أنه لا ربا. وإن أول ربا أبدأ به عمي العباس بن عبد المطلب.
 
وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم نبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية – ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
 
أما بعد أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحرقون من أعمالكم فاحذروه على دينكم، أيها الناس إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليوطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله. وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق الله السماوات والأرض، منها أربعة حرم ثلاثة متواليات وواحد فرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان – ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
 
أما بعد أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهن حق. لكم أن لا يواطئن فرشهم غيركم، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً – ألا هل بلغت? اللهم فاشهد.
 
أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال لأخيه إلا عن طيب نفس منه – ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
 
فلا ترجعن بعدى كافراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت ... اللهم فاشهد.
 
أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى – ألا هل بلغت....اللهم فاشهد قالوا نعم – قال فليبلغ الشاهد الغائب.
 
أيها الناس إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ولا يجوز لوارث وصية، ولا يجوز وصية في أكثر من ثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر. من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل. والسلام عليكم.
 
ولما فرغ من خطبته نزل عليه قوله تعالى: ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً [المائدة:3].
 
وعندما سمعها عمر رضي الله عنه بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان. أخرجه البخاري.
 
ولما قضى مناسكه حث المسير عائدًا إلى طيبة الطيبة
تمام الدين في خطبة الوداع 76915_129963147062130_2432335_n
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
تمام الدين في خطبة الوداع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تأملات في خطبة الوداع
» قصص الأنبياء - خطبة الرسول في حجة الوداع
» خطبة حجة الوداع لرسول الله صل الله عليه وسلم
» في 4 شعبان.. خطبة فتح بيت المقدس من على منبر صلاح الدين
»  إسرائيل راضية تمام الرضى عن القمة العربية​ (فيديو)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الدين والحياة :: السيرة النبوية الشريفة-
انتقل الى: