منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 إسرائيل لن تعود لقتال غزة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إسرائيل لن تعود لقتال غزة Empty
مُساهمةموضوع: رد: إسرائيل لن تعود لقتال غزة   إسرائيل لن تعود لقتال غزة Emptyالخميس 31 يوليو 2014, 11:52 am

تبعات الحرب على غزة

كتبت في 30/12/2008 بأن المقاومة الفلسطينية في غزة ستصمد، وأن إسرائيل ستفشل في تحقيق أهدافها بخاصة فيما يتعلق بتغيير الأوضاع السياسية في غزة، وقلت إن تبعات هامة ستترتب على صمود المقاومة سواء على المستوى الفلسطيني أو الإقليمي.
وقد أمسى واضحا الآن أن إسرائيل قد فشلت في تحقيق أي من أهدافها والمتمثلة في وقف الصواريخ وكسر ظهر المقاومة الفلسطينية وبالذات ظهر حماس، وإعادة قطاع غزة إلى بيت الطاعة بإدارة السيد محمود عباس ومساعديه، ثم استكمال تنفيذ المشروع الإسرائيلي الأميركي في تصفية القضية الفلسطينية. وأصبح واضحا أن المقاومة قد نجحت لأنها أفشلت العدوان الصهيوني وحالت دون تحقيق أهدافه.
الخسائر ونتائج الحرب
"اعتاد الصهاينة على قتل المدنيين من أجل إركاع العسكريين, هكذا فعلوا ضد مصر والأردن ولبنان وفلسطين, لكن المقاومة صمدت ولم تنحن أمام هول المجازر، وها هي حاولت في غزة وبقي المقاومون صامدون"
هناك من يتحدى هذه النتيجة فيقول إن إسرائيل انتصرت والمقاومة هُزمت لأن حجم الخسائر الفلسطينية في النفوس والعمران والبنى التحتية كبير جدا، في حين أن خسائر إسرائيل قليلة جدا.
وقد برزت هذه الجدلية بعدما وضعت حرب 2006 أوزارها، وأصر أناس ومحللون على أن حزب الله قد هزم. هذه المقولة تحمل أغلوطة في المنطق الإستراتيجي، وهي تعتمد على أرقام الخسائر دون استدعاء أهداف الحرب وما أُنجز منها.
نتيجة الحرب لا تقاس بالخسائر، وإلا فإن كل كلامنا عن انتصار الثورة الجزائرية والثورة الفيتنامية عبارة عن هراء. تاريخيا، تمتلك القوة المحتلة أو الاستعمارية قوة عسكرية هائلة بالمقارنة مع الوسائل البدائية التي تمتلكها المقاومة، وهي قادرة على التدمير والقتل الجماعي، في حين يصعب على الثوار الوصول إلى أهداف العدو العسكرية والمدنية.
لكن الغلبة في النهاية لمن يملك الإرادة الأصلب، ولمن يتحمل حتى النهاية. الثوار عادة أصحاب عقيدة وإرادة، ومستعدون للقتال حتى النهاية، أما قوى الاستعمار فلا تملك غير المصالح التي تهون في النهاية أمام الخسائر التي تتكبدها.
اعتاد الصهاينة على قتل المدنيين من أجل إركاع العسكريين. هكذا فعلوا ضد مصر والأردن ولبنان وفلسطين. قاموا بتدمير القرى في لبنان عام 2006، وقتلوا المدنيين بالجملة، لكن المقاومة صمدت ولم تنحن أمام هول المجازر، وها هي حاولت في غزة وبقي المقاومون صامدين.
التبعات المتوقعة
هناك عدد من التبعات المتوقعة لصمود المقاومة الفلسطينية أذكر منها التالي:
1- يقين إسرائيل
ربما ظنت إسرائيل أن حزب الله عبارة عن حالة فريدة من نوعها في الإعداد والاستعداد للحرب، وحاولت استعادة هيبتها العسكرية بالهجوم على حماس. وقد تفاءلت جدا عندما حسبت هي وأعوانها من الأنظمة العربية أن أهدافها ستتحقق خلال أربعة أيام.
بعد مرور عشرين يوما أيقنت إسرائيل أن تجربة حزب الله قائمة في غزة، وأن تحقيق الأهداف بعيد المنال. اصطدمت إسرائيل بمقاومة فلسطينية صلبة، وبإرادة حديدية تحمل الموت في عيونها. استعملت إسرائيل الجزء الأكبر من قدراتها الجوية، وآخر ما توصلت إليه الولايات المتحدة من تقنية تدميرية، لكن المقاومة بقيت شرسة، وفي ذات الزخم الذي ابتدأت به.
إذا كانت إسرائيل عاجزة عن تحقيق نصر على مقاومة فلسطينية محاصرة منذ زمن بعيد ومحصورة في بقعة جغرافية صغيرة، فماذا يمكن أن تفعل مستقبلا أمام قوى عربية وإسلامية عدة تمتلك الوسائل والأساليب المتنوعة، وتمتلك فوق ذلك العقيدة الصلبة والإرادة التي لا تلين؟ بالتأكيد سيبدأ قادة إسرائيل ومفكروها وعلماؤها بالتفكير بقسوة الأيام القادمة، وعيونهم نحو وجود إسرائيل وليس الثأر لمهانة جيشهم.
إسرائيل ستنام قلقة من يقين ولدته معاركها بأن المقاومة ذات بأس شديد، وأنها أصبحت قادرة على جمع الناس وإثبات صدقيتها للصديق والعدو على حد سواء.
2- نقطة الارتكاز الفلسطينية
"غزة اليوم هي نقطة ارتكاز أو رأس جسر للمقاومة الفلسطينية, فصمود المقاومة هيأ الأرضية الصلبة لتطوير المقاومة من مختلف النواحي التسليحية والتنظيمية والتكتيكية، وسيؤدي حتما إلى اكتساب المزيد من القوة"
غزة اليوم هي نقطة ارتكاز أو رأس جسر للمقاومة الفلسطينية. صمود المقاومة هيأ الأرضية الصلبة لتطوير المقاومة من مختلف النواحي التسليحية والتنظيمية والتكتيكية، وسيؤدي حتما إلى اكتساب المزيد من القوة.
الحرب على غزة عبارة عن أول حرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أرض فلسطين، وهذا بحد ذاته عبارة عن تطور إستراتيجي هام جدا من حيث أن المعركة تدور رحاها على أرض فلسطين وليس على أرض الجوار.
تنظر إسرائيل إلى هذا التطور بخطورة كبيرة، وهي تعي الآن أن الحرب لم تعد على مسافة بعيدة من تجمعاتها السكانية، وأن جزءا هاما من نظريتها الأمنية قد سقط بالفعل.
تقول النظرية الأمنية الإسرائيلية إن حروب إسرائيل يجب أن تجري على أرض الغير بعيدا عن التجمعات السكانية اليهودية، ولا بد للمتمسكين بهذا القول أن يراجعوا حساباتهم الآن.
3- انتصار فكر المقاومة الإسلامية
أثبتت حرب عام 2006 أن هزيمة إسرائيل ممكنة إذا توفرت الإرادة لدى العرب وأعدوا واستعدوا. حزب قليل بأعداده كثير بنفيره استطاع أن ينهك الجيش الإسرائيلي ويرده خائبا وذلك بسبب مقاربة علمية صحيحة لأساليب ووسائل المواجهة العسكرية.
تعزز هذا النصر الآن بقدرة المقاومة الفلسطينية في غزة على إفشال كل أهداف إسرائيل من وراء هذه الحرب. وربما يكون هذا الفشل أشد وقعا في نفوس المؤيدين لإسرائيل ونفوس المؤيدين للمقاومة من فشل عام 2006 لأن قطاع غزة محاصر تماما وصغير جدا في مساحته.
حاول عرب كثر بخاصة على مستوى الأنظمة العربية التشكيك بانتصار حزب الله، وقالوا بأن خسائر لبنان في النفوس والممتلكات كانت كبيرة جدا بالمقارنة مع خسائر إسرائيل، واستنتجوا بناء على ذلك أن حزب الله قد هُزم.
جاءت هذه الحرب لتؤكد أن الخسائر ليست المعيار في تحديد الفشل والنجاح، وأن الحروب تُقاس بنتائجها على الأرض. أمام هذا الصمود الأسطوري لغزة أمام آلة الحرب الإسرائيلية الضخمة لا يملك العربي إلا أن يفكر مليا بأسباب صمود المقاومتين اللبنانية والفلسطينية في حين أن جيوشا عربية هزمت بسهولة وولت الأدبار.
ولا بد أن يتساءل العربي الآن حول الجدلية التي يسمعها باستمرار ضد جدوى المقاومة، وربما يكتشف أن هزيمة إسرائيل أسهل بكثير مما تحاول الجهات الباحثة عن سلام تصويره.
مرّ زمن على ملايين العرب يلعنون فيه الحروب والمقاومة، واستسلموا لنتيجة بأن هزيمة إسرائيل مستحيلة، وأن جيشها لا يُقهر، ومن المحتمل جدا الآن أن يخلص هذا العربي إلى نتيجة بأن العلة ليست في قوة إسرائيل وإنما في العرب الذين أصروا على إبقاء أنفسهم ضعفاء.
بمعنى أن فكر المقاومة القائم على العقيدة الإسلامية سيتطور وسيكتسب زخما جديدا وقويا على الساحة العربية، وهو سيتغذى على فكر التسوية. وتقديري أن القادة العرب الساعين إلى حل مع إسرائيل سيجدون مهمتهم الآن أكثر صعوبة مما كانت عليه، وسيجدون رأيا عاما عربيا أكثر قدرة على تحدي سياساتهم.
4- انهيار فتنة السنة والشيعة
"في الحرب على غزة، بات واضحا أنه لم يكن من الممكن أن تكتسب المقاومة الفلسطينية السنية هذه القوة في الوسائل والأساليب لولا دعم أهل الشيعة, ولم يعد بعد هذه الحرب مجال للغباء فيما يتعلق بهذه المسألة"
حاولت أنظمة عربية عدة ومعها إسرائيل وأميركا بث فتنة بين السنة والشيعة كأداة لعزل إيران وحزب الله عن المحيط السني. أبدت الأنظمة ومن معها من أعداء الإسلام في الغرب حرصا شديدا على أهل السنة، وحاولت إيهام الناس بأن إيران وحزب الله يتربصان بالأمة، وغدا ستنقض إيران وتجبر السنة على تغيير مذهبهم. انطلت هذه المسألة على العديد من الناس، وتبنى فكرة الفتنة الكثير من عامة الناس الذين لا يدرون شيئا عن الخلافات بين السنة والشيعة.
في الحرب على غزة بات واضحا أنه لم يكن من الممكن أن تكتسب المقاومة الفلسطينية السنية هذه القوة في الوسائل والأساليب لولا دعم أهل الشيعة. قادة السنة الذين انبروا للدفاع عن أهل السنة ضد ما سموه بالغزو الشيعي لم يقدموا أي دعم للمقاومة السنية، بل هم الذين شاركوا في حصار غزة وشجعوا عليه، وهم الذين شجعوا إسرائيل على القيام بحرب تنهي فيها المقاومة الفلسطينية.
لم يعد بعد هذه الحرب مجال للغباء فيما يتعلق بهذه المسألة، بخاصة أن إسرائيل وأهل الغرب وعددا من الأنظمة العربية تتهم إيران وحزب الله بدعم حماس والجهاد الإسلامي. وقد ردّ حزب الله على هذه التهمة قائلا بأن هذه ليست تهمة لأن حزب الله يدعم حماس بالعلن.
5- اهتزاز السلطة الفلسطينية 
السلطة الفلسطينية في رام الله مهتزة لأنها لم تحقق شيئا للشعب الفلسطيني، وهي الآن أكثر اهتزازا لأن خيار المقاومة يثبت نفسه. كانت تبث السلطة الفلسطينية ثقافة تندرية واستهزائية من حماس على اعتبار أنها تنظيم من رجال دين لا يفهمون بالسياسة ولا بالقتال، وهم فقط يعرفون كيف يصومون ويصلون دون أن تعمر قلوبهم تقوى الله، ولا اظنها تستطيع الآن السير قدما في هذا البث لأن المتدينين أثبتوا أنهم جدّوا واجتهدوا ونظموا ودربوا واستعدوا، وأثبتوا ثباتا وإقداما وشجاعة لا مثيل لها. لم يترك أحد منهم موقعه، ولم يول أحد دبره، وحالوا دون تحقيق أي من الأهداف الإسرائيلية.
حتى أثناء الحرب عملت عناصر السلطة على تشويه حركة حماس من خلال التشكيك بالقيادات التي وصفت بالمختبئة والتي تضحي بالآخرين من المساكين لكي تبقى في صدارة الحكم. كثيرون كانوا يتساءلون عمن وصفوا بالقيادات التلفزيونية في محاولة للتأثير على معنويات الناس وكسب ودّهم لصالح السلطة. وقد أسقط بأيدي هؤلاء بعد استشهاد الشيخ سعيد صيام.
فضلا عن أن الانطباع العام الموجود لدى غالبية ساحقة في الضفة الغربية بأن السلطة الفلسطينية متواطئة مع إسرائيل، وأن الهدف الأول لإسرائيل كان إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة والتخلص من حماس. وقد أثبت موالون للسلطة هذا الانطباع عندما أعربوا عن ابتهاجهم للحملة الإسرائيلية وهي في أيامها الأولى.
6- التقدم الشعبي العربي
"مثلما ألقت نتائج حرب عام 2006 بظلالها على مجمل الوضع العربي ومن ضمنه صمود المقاومة في غزة، ستلقي نتائج هذه الحرب بظلالها على القضية الفلسطينية ومسار الصراع العربي الإسرائيلي برمته"
واكب هذه الحرب تفاعلا شعبيا عربيا واسعا، وخرجت المظاهرات الضخمة في عدد من المدن العربية، وحاول المشاركون فيها المسّ بمحرمات النظام مثل الاقتراب من السفارات الصهيونية الموجودة في البلدان العربية.
وقد كان واضحا من خلال بعض المواجهات التي تمت مع الأجهزة الأمنية العربية بأن الجمهور يكتسب جرأة أرقى مما كنا نشاهده في السابق، وهو يعبر عن نفسه الآن بصورة أكثر وضوحا. وقد لوحظ أيضا أن العديد من المتدينين البارزين في أقطار عربية عدة قد اكتسبوا شجاعة في إصدار فتاوى الجهاد وإدانة الحكام.
لم يكتسب العربي بعد الجرأة الكافية التي تمكنه من إسقاط حكومات أو إسقاط أنظمة، لكن هذه مسألة تراكمية لا بد أن تأخذ مداها، وسيمر وقت حتى يصل العربي إلى مرحلة الإصرار على إجبار الأنظمة على تبني سياسات معينة.
وبإمكان المقاومة الفلسطينية أن تساهم مباشرة في تحسين أداء الجمهور إن هي أبقت نفسها بين الجماهير ولم تحسم نفسها على الأنظمة العربية. إن فعلت ذلك فإنها ستبقى مخيفة بالنسبة للأنظمة، وسيخطب الحكام ودها، وستبقى ضمن حاضنتها الحقيقية وهي جمهور الأمة.
هذه حرب تميزت بصلابة العقيدة ورسوخ الإرادة المدعومة باستعداد وإعداد على مستوى عال من الذكاء، وهي تشكل نقطة تحول تاريخية تلقي بظلالها على مجمل التفكير الإستراتيجي العربي سواء كان على مستوى القيادات السياسية أو النخب المثقفة.
ومثلما ألقت نتائج حرب عام 2006 بظلالها على مجمل الوضع العربي ومن ضمنه صمود المقاومة في غزة، ستلقي نتائج هذه الحرب بظلالها على القضية الفلسطينية ومسار الصراع العربي الإسرائيلي برمته
.
ــــــــــ
كاتب فلسطيني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إسرائيل لن تعود لقتال غزة Empty
مُساهمةموضوع: رد: إسرائيل لن تعود لقتال غزة   إسرائيل لن تعود لقتال غزة Emptyالخميس 31 يوليو 2014, 11:51 am

بعد حرب 1973 ظنّت إسرائيل أن هذه آخر حروبها، وقد صدقت في ذلك بمعنى ما، إذ أن الحرب الرابعة كانت حقا آخر حروب الجيش الإسرائيلي مع الجيوش العربية النظامية، بيد أنها لم تكن آخر الحروب الإسرائيلية. 

هكذا، فبعد أن صمتت الجبهات الرسمية دخلت إسرائيل في سلسلة من الحروب ضد المقاومة الفلسطينية في لبنان، في عام 1978 و1982، وفي الضفة وغزة المحتلتين عام 2002 و2003 ، وفي غزة عام 2008 و20012 و2014، وضد المقاومة اللبنانية عام 1993 و1996 و2006، هذا إلى جانب الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى (1987-1993) والثانية (2000-2004) والمواجهات العسكرية المتفرقة بين القوات الإسرائيلية وفصائل المقاومة في لبنان وفلسطين.

يتبيّن من ذلك أن إسرائيل، التي قامت بوسائل القوة والعدوان، هي أكثر دولة خاضت حروبا في تاريخها، منذ قيامها (1948)، مع 14 حربا بمعدل واحدة كل خمسة أعوام تقريبا، أربع منها مع الجيوش العربية النظامية، وعشر ضد المقاومتين الفلسطينية واللبنانية (سبع للأولى وثلاث للثانية). وفيما كان الفارق الزمني للحروب مع الجيوش العربية النظامية يستغرق عشرة أعوام تقريبا، بات في عهد الحروب غير النظامية، أو الحروب ضد المقاومة، يستغرق ثلاثة إلى أربعة أعوام.
"كانت حملة الليطاني في مارس/آذار 1978، هي أولى حروب إسرائيل ضد المقاومة الفلسطينية. وقد شنّنت إسرائيل هذه الحرب بذريعة عملية الشهيد كمال عدوان، التي قادتها الفدائية دلال المغربي "
كما يتبيّن من ذلك أن إسرائيل أخفقت في مسألتين أساسيتين، أولاهما، ادعاءها أنها قامت كملاذ آمن لليهود، فإذا بها أكثر مكان تواجه فيه حياتهم تهديدا، بسبب السياسات العدوانية والاحتلالية التي تنتهجها حكومات إسرائيل، وإذا بها، أيضا، بمثابة دولة عسكرية تطلب دعم العالم لضمان أمنها واستقرارها وتفوّقها. وثانيتهما، ادعاءها أنها دولة رادعة، وأن جيشها لا يقهر، الأمر الذي ينفيه واقع خوضها كل هذه الحروب، وأنها لم تعد تلك الدولة التي يعتمد عليها كقاعدة لحماية المصالح الأميركية في المشرق العربي، بعد أن جاءت صواريخ "باتريوت" لحمايتها من الصواريخ العراقية (2001)، وبعد انسحابها الأحادي من جنوب لبنان (2000) وقطاع غزة (2005). 

صحيح أن المقاومة لم تستطع تحرير فلسطين، أو تحقيق هزيمة لإسرائيل، بالمعنى التاريخي والوجودي، إلا أنها استطاعت لجم إسرائيل، والتوضيح لها أن ثمة حدودا لعنجهيتها، وقدراتها العسكرية.

حروب ضد الفلسطينيين
كانت حملة الليطاني (نهر في جنوبي لبنان) في مارس/آذار 1978، هي أولى حروب إسرائيل ضد المقاومة الفلسطينية. وقد شنّت إسرائيل هذه الحرب بذريعة عملية الشهيد كمال عدوان، التي قادتها دلال المغربي الفدائية من "فتح". 

وقد استطاعت إسرائيل في هذه الحرب إزاحة قواعد الفدائيين إلى شمال نهر الليطاني، بعمق 10 كلم عن الحدود، وإقامة ما سمي في حينه منطقة آمنة تحت إدارة "جيش لبنان الجنوبي". وقد استغرقت هذه الحرب سبعة أيام، ونجم عنها مصرع حوالي 1160 من اللبنانيين والفلسطينيين، وتشريد عشرات ألوف اللبنانيين من قراهم وبلداتهم، في حين لقي عشرون من الجنود الإسرائيليين مصرعهم في هذه الحرب، وهذا مفهوم بسبب استخدام إسرائيل لسلاح الطيران والمدفعية والصواريخ، وتجنبها الاشتباك المباشر.

وكان الغزو الإسرائيلي للبنان (1982)، أو ما أسمته إسرائيل حرب "سلامة الجليل"، هو الحرب الثانية ضد المقاومة الفلسطينية المسلحة، وآخر الحروب الإسرائيلية الفلسطينية في بلد عربي. إذ تمكنت القوات الإسرائيلية من الوصول إلى بيروت ومحاصرتها لثلاثة أشهر، مع قصف جوي ومدفعي وبحري مستمر، ما اضطر قيادة منظمة التحرير للموافقة على عرض الخروج الآمن لقوات المقاومة في إطار صفقة رعتها الإدارة الأميركية وقتها. 

وقد نجم عن هذه الحرب مصرع نحو 14 ألفا من اللبنانيين والفلسطينيين مقابل أربعمائة من الإسرائيليين. (أليكس فيشمان: "كم عدد شهداء جيش الدفاع الإسرائيلي في حرب لبنان؟"، يديعوت أحرونوت، 14/4/2000).

إبان الانتفاضة الثانية (2000-2004)، التي غلب عليها طابع الصراع العسكري، شنت إسرائيل حملتين عسكريتين على المقاومة الفلسطينية المسلحة المتمثلة بكتائب شهداء الأقصى وكتائب العودة التابعتين لحركة فتح، وكتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس، وغيرها. 

الحملة الأولى تحت اسم "السور الواقي" (مارس/آذار 2002)، والثانية باسم "الطريق الحازم"، وقد نجم عنهما معاودة احتلال مناطق السلطة الفلسطينية، وتقويض البنى التحتية لفصائل المقاومة، ومحاصرة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في مقره في رام الله، إلى حين رحيله للعلاج في فرنسا حيث توفي هناك (أواخر عام 2004). 

ويمكن اعتبار الانتفاضة الثانية الذروة في المواجهات العسكرية الفلسطينية الإسرائيلية، إذ نجم عنها مصرع حوالي 1060 إسرائيليا، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الصراع الإسرائيلي مع الفلسطينيين مقابل حوالي خمسة آلاف شهيد فلسطيني.
"يمكن اعتبار الانتفاضة الثانية الذروة في المواجهات العسكرية الفلسطينية  الإسرائيلية، إذ نجم عنها مصرع حوالي 1060 إسرائيليا، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الصراع مقابل حوالي خمسة آلاف شهيد فلسطيني"
وفي هذه المواجهات تحولت المقاومة الفلسطينية، من قواعد حرب الشعب طويلة الأمد، التي تستخدم إستراتيجية حرب الضعيف ضد القوي، والتي تحرص ما أمكن على تحييد القوة العاتية للعدو التي يتفوق فيها، وتشتغل على استنزافه وإرهاقه، وخلق التناقضات في صفوفه، ورفع كلفة احتلاله، إلى مربع المواجهات المسلحة، بخاصة وفق نمط العمليات التفجيرية، والقصف الصاروخي، ما سهّل على إسرائيل تجريد كل قوتها ليس فقط لضرب المقاومة المسلحة، وإنما أيضا لشل قدرة الشعب على المقاومة.
 
وهكذا، وبدلا من أن تستنزف المقاومة الفلسطينية المسلحة عدوها، قام هو باستنزافها، وإنهاكها وشل حركتها، والتشكيك بمقاصدها على الصعيد الدولي.

وطبعا فقد اختلفت هذه الانتفاضة عن الانتفاضة الأولى (1987 - 1993)، التي طغى عليها طابع الانتفاضة الشعبية (وإن اشتملت على عمليات مسلحة، في الأراضي المحتلة عام 1967)، ونجم عنها مصرع حوالي 1600 من الفلسطينيين، مقابل 183 إسرائيليا فقط. 

مع ذلك فإن هذه الانتفاضة حققت مكاسب كبيرة، إذ أسهمت بخلخلة أمن إسرائيل، وأثارت تناقضاتها الداخلية، وقوّضت صورتها الخارجية، ووضعت قضية فلسطين على الخارطة الدولية وجلبت التعاطف الدولي معه. 

الحرب الخامسة هي حملة "الرصاص المصبوب" التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة (أواخر 2008 إلى أوائل 2009)، في إطار سعيها لإضعاف حكم حماس، ومحاولة تحرير الأسير جلعاد شاليط، الذي كانت هذه الحركة أسرته في عملية سابقة، وفي مسعى للقضاء على القدرة الصاروخية التي راكمتها. 

وقد نجم عن هذه العملية التي اتسمت بالوحشية مصرع 1391 فلسطينيا، منهم 344 قاصرا و110 من النساء، في المقابل لقي تسعة إسرائيليين مصرعهم في هذه الحرب منهم ستة عسكريين.

أما الحرب السادسة، فقد اسمتها إسرائيل "عمود السحاب" (نوفمبر/تشرين الثاني 2012)، واستمرت أسبوعا كاملا، وقد نجم عنها مصرع 191 فلسطينيا وأصيب 1526 بجراح، غالبيتهم من الأطفال والنساء والمسنين، مقابل مصرع ستة إسرائيليين.

وها نحن إزاء الحرب السابعة التي تشنها إسرائيل بوحشية ضد الفلسطينيين، وهي الثالثة من نوعها التي تشنها ضد قطاع غزة، وحركة حماس، في محاولة منها لتطويع الفلسطينيين، وتدمير قدرات حماس الصاروخية، وإضعاف طاقتها على المقاومة. 

وفي الواقع فإن حركة "حماس" بدت هذه المرة مهيأة بشكل أفضل لحرب كهذه، كما ظهرت في أيامها الأولى، بل استطاعت توجيه مئات الصواريخ إلى مناطق حيفا وتل أبيب والقدس، في سابقة غير معهودة. وفيما لم يعرف بعد حجم الخسائر الإسرائيلية، وفيما صدت "القبة الحديدية" نسبة كبيرة من الصواريخ الحمساوية، فقد أدت وحشية إسرائيل وقصفها العشوائي إلى مصرع أكثر من مائة من الفلسطينيين وتدمير مئات البيوت بشكل كلي أو جزئي.

في مواجهة المقاومة اللبنانية
شنت إسرائيل أول حرب ضد المقاومة اللبنانية باسم "تصفية الحساب" (يوليو/تموز 1993)، وشملت قصفا جويا وبريا لمناطق جنوب لبنان والبقاع والشمال وضواحي بيروت، ودامت سبعة أيام، في محاولة منها لتحجيم قدرات حزب الله. 

وقد أدت هذه الحرب إلى مصرع أكثر من 120 لبنانيا وتهجير عشرات الألوف إضافة إلى الخسائر المادية، في حين لقي 26 جنديا إسرائيليا مصرعهم. وانتهت هذه العملية بوساطة أميركية، وعرف الاتفاق الشفهي باتفاق "يوليو/تموز" الذي نص على منع استخدام صواريخ كاتيوشا داخل الأراضي الإسرائيلية من قبل حزب الله.

أما الحرب الثانية التي شنتها إسرائيل على لبنان فكانت باسم "عناقيد الغضب" (أبريل/ نيسان 1996) واستمرت لأسبوعين، واستخدمت فيها جميع قطاعات الجيش البرية والبحرية والجوية. وقد ارتكبت إسرائيل في هذه الحرب مجزرة "قانا"، التي قتل فيها حوالي مائة شخص وجرح أكثر من 150 آخرين. وكان إجمالي ضحايا هذه الحرب 175 شهيدا وثلاثمائة جريح، ونزوح عشرات الألوف، إضافة الى أضرار مادية كبيرة في المنشآت.

جدير بالذكر أن هاتين الحربين شنتهما إسرائيل قبل انسحابها من جنوبي لبنان وبقاعه الغربي، بشكل أحادي (مايو/أيار 2000)، تحت ضغط المقاومة، وفي محاولة منها للتخلص من العبء الأمني والسياسي والاقتصادي والأخلاقي الناجم عن احتلال جزء من أراضي لبنان، وكاستجابة للضغط الداخلي من أجل الخروج من هذا البلد.

وعدا عن هاتين الحربين فإن فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان شهدت عمليات مقاومة، نجم عنها استشهاد 1276 شهيدا من حزب الله (بحسب مصادر هذا الحزب). وبحسب بعض المصادر فإن شهداء لبنان بين 1983 - 2000 بلغ حوالي 1752 شهيدا (حيدر الحسيني، "المستقبل" 25/5/2000)، أو 1900 (عبير جابر، السفير، 29/5/2001 )، في حين قتل من الإسرائيليين على يد المقاومة اللبنانية حوالي 860 ضابطا وجنديا، في قرابة عقدين.
"لا يمكن نقل تجربة حزب الله لفلسطين، ففي لبنان ثمة دولة ذات سيادة، وعمق ومدى إستراتيجي مفتوح، عكس الوضع المغلق للأراضي المحتلة، كذلك فإن مكانة الأراضي الفلسطينية غير اللبنانية، بالنسبة للإسرائيليين"
أما بعد ذلك فقد أدى انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان إلى سحب ورقة المقاومة من حزب الله، حيث توقفت عملياته، منذ ذلك الحين إلى لحظة خطف الجنديين الإسرائيليين (2006) الذي استدرج بدوره حربا مدمرة شنتها إسرائيل ضد لبنان، حيث دمرت مساحات واسعة من الضاحية الجنوبية لبيروت وبعض بلدات وقرى جنوب لبنان. كما استهدفت الجسور والطرق وشبكات الكهرباء والهاتف والبنى التحتية.

وقد رد حزب الله على ذلك بقصف صاروخي لمنشآت ومواقع عسكرية ومدنية إسرائيلية وصل مداها للمرة الأولى إلى مدينة حيفا. وقد نجم عن هذه الحرب العدوانية، التي استمرت أربعة أسابيع، مصرع 1300 من اللبنانيين وجرح نحو أربعة آلاف منهم معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى نزوح نحو مليون شخص عن منازلهم وقراهم.

بالمقارنة بين تجربتي المقاومة الفلسطينية واللبنانية، إزاء الحروب مع إسرائيل، يمكن ملاحظة أن الوضع الفلسطيني أضعف، بالقياس لوضع حزب الله في لبنان (محليا وإقليميا)، ناهيك عن أن التجربتين مختلفتان، كما أن حزب الله يتمتع بوضعية دولة داخل دولة، وله دولة إقليمية كبرى تسنده وتتبناه، سياسيا وعسكريا وماليا بشكل كامل لاعتبارات باتت معروفة. 

وعلى أية حال فلا يمكن نقل تجربة حزب الله إلى فلسطين، ففي لبنان ثمة دولة ذات سيادة، وعمق ومدى إستراتيجي مفتوح، عكس الوضع المغلق للأراضي المحتلة، كذلك فإن مكانة الأراضي الفلسطينية هي غير الأراضي اللبنانية، بالنسبة للإسرائيليين. 

وعلى أية حال فإن الفلسطينيين رغم صعوبة أوضاعهم وضعف إمكاناتهم أثبتوا أنهم لوحدهم يستطيعون خلخلة أمن إسرائيل ورفع كلفة الاحتلال، وكشف هذه الدولة العنصرية والإرهابية والاستعمارية على حقيقتها، ولكن مشكلتهم تكمن في أن هزيمتها تحتاج لواقع عربي ودولي آخر، كما يحتاج منهم إدارة أفضل لأحوالهم وتطوير بناهم. حمى الله غزة وأهلها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إسرائيل لن تعود لقتال غزة Empty
مُساهمةموضوع: إسرائيل لن تعود لقتال غزة   إسرائيل لن تعود لقتال غزة Emptyالخميس 31 يوليو 2014, 11:50 am

إسرائيل لن تعود لقتال غزة

ظنت إسرائيل أن غزة لقمة سائغة، وأنها تستطيع القضاء على مقاومتها بسهولة، ولهذا تعددت الأصوات داخل الكيان الصهيوني بضرورة إعادة احتلال غزة، وتصفية حماس والجهاد الإسلامي وكل فصائل المقاومة، وظهر حماس شعبي للفكرة دفع رئيس وزراء إسرائيل لاتخاذ قرار سريع بشن العدوان على غزة.
لقد قرر رئيس وزراء الصهاينة خوض حرب ستؤدي إلى تحصين قطاع غزة، وذلك من خلال قوة ردع سيحسب لها الكيان حسابا دقيقا في المستقبل.

التخبط الإسرائيلي
وجدت إسرائيل نفسها متخبطة بحربها الجديدة على غزة لأنها لا تملك معلومات استخبارية دقيقة حول القدرات العسكرية الغزية ولا حول مواقع هذه القدرات، فظهرت كالكلب المسعور يضرب شمالا ويمينا دون أن يصيب أهدافا تقلل من قدرات المقاومة على الرد.
ضربت إسرائيل مواقع كثيرة، لكن الانفجارات التي كانت تحصل اقتصرت على انفجارات قنابل طائراتها، ولم يحصل أن انفجر مخزن صواريخ أو ذخيرة، وقتلت العديد من الناس لكنها لم تقتل مجاهدين في مواقعهم العسكرية.
"وجدت إسرائيل نفسها متخبطة، فهي لا تملك معلومات استخبارية دقيقة حول القدرات العسكرية الغزية ولا حول مواقع هذه القدرات، فظهرت كالكلب المسعور يضرب شمالا ويمينا دون أن يصيب أهدافا تقلل من قدرات المقاومة على الرد"
هدمت بيوتا، لكنها لم تصب مواقع عسكرية، وقتلت المارة في الشوارع والأسواق والجمعيات الخيرية ودور المعوقين، وكان نصيب الأطفال والنساء من الشهداء نسبة عالية. تبين للصهاينة أنهم لم يجمعوا من المعلومات ما يكفي لخوض حرب ناجحة، فأخذوا يتنابزون ويتبادلون الاتهامات العلنية. الجيش يتهم المخابرات، والمخابرات تتهم الجيش، وبدا أن شعور الخسران قد تملكهم.
خاضت إسرائيل حروبها السابقة معتمدة على معلومات دقيقة مكنت جيشها من إصابة الأهداف بدقة، أما الآن فتلك الدقة لم تعد موجودة فتوجهت إلى بيوت المواطنين تهدمها فوق رؤوس ساكنيها. هذا الجيش الذي لا يقهر لم يملك أهدافا واضحة، ولم يعد قادرا على العمل بمهنية، وتلك الأخلاق التي طالما تحدثت عنها إسرائيل كميزة بارزة لسلوك جيشها تحطمت تماما في العدوان الهمجي الوحشي على الآمنين الأطفال والنساء. 

يظهر الجيش الإسرائيلي الآن أمام العالم على أنه مهزلة وغير قادر إلا على المسّ بالأبرياء والمساكن. إنه يتحول إلى أضحوكة على مستوى عالمي، ومكانته أخذت تتدنى أمام شعبه الذي يبحث عن أمن.

ولكن ما الذي جعل الجيش الإسرائيلي يتخبط؟ إنها العقلية الأمنية الفلسطينية التي هجرت زمن "الفهلوة" والارتجالية وطورت العقلية الأمنية المهنية الجديدة.
كانت الساحة الفلسطينية سابقا مسرحا للمخابرات الإسرائيلية، واستطاعت إسرائيل أن تزرع جواسيس وعملاء في كل فصيل وكل زاوية ومؤسسة وجمعية فلسطينية، وكانت قادرة على جمع معلومات دقيقة عن نشاطات الأفراد والفصائل والأحزاب والخلايا القتالية لتوقع بها بسهولة.
لقد استفادت المقاومة الفلسطينية في غزة من التجارب، ووعت أن الحرص الأمني هو السبيل نحو الإيقاع بالعدو لأن في ذلك ما يعميه عن حقيقة الأوضاع.
قامت حكومة حماس التي تشكلت في غزة بمطاردة العملاء والجواسيس بهدف القضاء تماما على الظاهرة، وكلما قامت حماس باعتقال جاسوس كانت رام الله تهب دفاعا عنه قائلة إنه من العناصر الوطنية وإن الاعتقال سياسي. لم تنجح المقاومة الفلسطينية في غزة تماما في القضاء على ظاهرة الجواسيس والعملاء، لكنها قضت على أعداد كبيرة، قلصت بصورة حادة من قدرة إسرائيل على الحصول على المعلومات.
صحيح أن إسرائيل تملك وسائل تقنية عالية للحصول على المعلومات، لكن العنصر البشري على الأرض يبقى الأهم في جمع المعلومات الدقيقة والتوجيه. وقد عززت المقاومة حرصها الأمني في انتباهها لمخاطر استعمال الأجهزة الإلكترونية. بعض الأجهزة الإلكترونية جاسوس متنقل وينقل المعلومات باستمرار إلى العدو، وقد دفع الشعب الفلسطيني ثمنا باهظا نتيجة استعمالها، وعلى رأسها الخلويات المحمولة والشبكة الإلكترونية. الآن في هذه الحرب، أجهزة اتصال المقاومين الفلسطينيين والقيادات مغلقة، ولا يوجد لدى العدو ما يتسمّع عليه.

تحييد الطيران والمدفعية
يعتبر تحييد الطيران الإسرائيلي والمدفعية من أنجح التكتيكات العسكرية في حروب المقاومة الساكنة. سبق للمقاومة أن استعملت هذا التكتيك في جنوب لبنان وفي الحرب على غزة عام 2012.
سلاح الجو الإسرائيلي قوي جدا، ومتطور، وطياروه مدربون تدريبا قاسيا وعاليا من الناحية المهنية، ولا يوجد لدى العرب سلاح جوي مثيل، ولا حتى لدى الدول الأخرى التي تصنع الطائرات الحربية عدا الولايات المتحدة، ولذلك كان من الضروري اتخاذ التدابير التي تقلل من التدمير الذي يمكن أن يلحقه سلاح الجو بالمقاتلين، وكانت الأنفاق العميقة تحت الأرض والاستحكامات و"الدشم" (السواتر الترابية) المجهزة للقتال والحياة العادية هي الحل.
لا شك أن الذي توصل إلى هذا الحل عبقري ويتحلى بعقلية عسكرية مبدعة. بهذه الطريقة لم يستطع سلاح الطيران الإسرائيلي أن يهزم حزب الله في حرب 2006، ولم يستطع إحراز نجاح في حرب غزة عام 2012. فشل الطيران في ضرب المقاتلين ومواقعهم العسكرية فأخذ يضرب مواقع مدنية ويقتل المدنيين.
قتلت إسرائيل 1200 لبناني عام 2006، و1400 فلسطيني عام 2008/2009. كانت تضرب مواقع تظنها منصات إطلاق أو مخابئ للمقاتلين، وكانت تفاجأ بأن الضربات التي تأتيها تنطلق من ذات المواقع التي كانت تظن أنها قضت على ساكنيها. ارتبكت إسرائيل في كل مرة، وانعكس ذلك على بياناتها العسكرية. كانت تعلن عن تقدم وقتل وإبادة، لكنها كانت تتراجع عن إنجازاتها في بيانات عسكرية لاحقة.
"سلاح الجو الإسرائيلي قوي ومتطور، ولذلك كان من الضروري اتخاذ التدابير التي تقلل من التدمير الذي يمكن أن يلحقه بالمقاتلين، وكانت الأنفاق العميقة تحت الأرض والاستحكامات و"الدشم" المجهزة للقتال والحياة العادية هي الحل"
غزة تعلمت الدرس جيدا، فبنت غزة تحت غزة. وهذا الفارق بين المقاومة والأنظمة العربية. المقاومة سهرت الليالي وتعبت وكدت وتحملت قسوة الإعداد والاستعداد، أما الأنظمة العربية فأرادت خوض المعارك ببدلات رسمية وبسراري يرافقن المواكب في الرحلات التوجيهية.
كسب المعركة يحتاج إلى جهود مضنية وإخلاص ووفاء وانتماء وعقيدة قتالية صلبة، والمعركة ليست نزهة، ولا هي من أجل قتل أبناء الناس بلا ثمن. 

هذا التكتيك العسكري هو الذي يجعل المقاومة قادرة على الاستمرار، وهو الذي يحمي المعدات العسكرية الفلسطينية من الهجمات الجوية الإسرائيلية، وهو الذي يوفر للمقاومة عناصر المفاجأة إبان المعركة.

مفاجآت
المقاومة الفلسطينية الآن تفاجئ الناس في أن فاها ليس أكبر من قدراتها، وأن عصاها ليست أطول من قامتها. اعتاد الفلسطينيون والعرب على الخطابات الرنانة والكلام الساخن الكبير الذي يفوق القدرات. طالما أعطى قادة العرب والفلسطينيين تصريحات نارية دمرت إسرائيل ومن والاها مرات عدة، وأصابت العرب بالإحباط على طول الزمان. كانوا مجرد خطباء لا يتقنون الكذب إلا على شعوبهم. 

في غزة، الوضع مختلف تماما. كانت تصنع المقاومة السلاح وتهربه بصمت تام. لم تتفوه المقاومة بكلمة، ولم تقل للناس عن قدراتها العملية في التطوير والإبداع والاختراع، وأبقت الأمور مكبوتة حتى لا يأخذ العدو حذره. فاجأتنا المقاومة الفلسطينية بقلة كلامها وندرة تصريحاتها وبمقارباتها العلمية الممنهجة وتفكيرها العلمي المتطور. وبعد ذلك فاجأتنا وفاجأت العدو بعدد من الأمور وتتلخص بمدى الصواريخ المتزايد، وبالقوات البحرية المدربة بصورة مهنية راقية، وصواريخ مضادة للطائرات الحربية، وبقدرات صاروخية مضادة للدبابات والدروع. 

ومما يشد عضد المقاومة ما تشهد المعركة الدائرة الآن في غزة من تنسيق للعمل المقاوم بين مختلف قوى المقاومة، لم تعد تعمل الفصائل منفصلة بقيادات مستقلة، أو على الأقل هذا ما يظهر لنا من خلال أدائها العسكري. الفصائل تتعاون الآن، وتوزع الأدوار فيما بينها وذلك تبعا لقدرات كل فصيل.
واضح أن حماس تتمتع بأدوار قتالية مختلفة عن تلك التي تقوم بها الجهاد الإسلامي أو ألوية الناصر صلاح الدين. تتكامل الأدوار ليكون هناك سيمفونية عسكرية فلسطينية متناغمة تماما ومؤثرة في صفوف العدو. هذا تطور كبير في الساحة الفلسطينية لأن الفصائل سابقا كانت تتسابق لإعلان مسؤوليتها عن أعمال عسكرية لم يقم بها أي فصيل، وكانت تدعي عمليات عسكرية وهمية ضد الاحتلال، وقضت في انتفاضة عام 1987 على الجيش الإسرائيلي عدة مرات من خلال بيانات كاذبة لا أصل لها. العقلية الفصائلية الجديدة مختلفة تماما، وتحقق للمقاومة صدقية عالية جدا.

تهدئة وحصانة
لعبت التهدئات في التاريخ الفلسطيني دورا محبطا ومكملا للهزيمة. أضرب الشعب الفلسطيني عام 1936 لمدة ستة أشهر ضد الانتداب البريطاني مطالبا بالاستقلال، وأقسمت قيادات فلسطين الإقطاعية في حينه على الاستمرار في الإضراب حتى تحقيق المطالب، انتهى الإضراب دون نتيجة نظرا لتدخل الوساطات العربية لفك الإضراب والتعهد بأن الصديقة بريطانيا ستلبي المطالب.
"صحيح أن الشعب الفلسطيني قد تكبد تضحيات جساما هذه المرة، لكن هذه التضحيات هي التي تمنع الخسائر مستقبلا. لقد استشهدوا من أجل الحياة، من أجل أن يحيا الشعب والوطن، وقهروا ذلك الجيش الذي بات يُقهر"
انتهى الإضراب وفلسطين ضاعت. تقدمت الجيوش العربية في حرب 1948، لكن القبول بالهدنة من قبل الأنظمة العربية غير مجرى الحرب، وطرد الفلسطينيون من ديارهم. انتفاضة عام 1987 انتهت بالاعتراف بإسرائيل وقراري مجلس الأمن 242 و338. المعنى أن الشعب الفلسطيني كان يقدم التضحيات التي ضاع وهجها في التسويات. أعتقد أن السلوك الفلسطيني سيختلف هذه المرة، وستصر المقاومة الفلسطينية على تحقيق شروط أهمها فك الحصار العربي الإسرائيلي المضروب على غزة.

وهنا لا بد من التحذير من الوساطات العربية إذا جنحت المقاومة إلى القبول بوساطة. الدول العربية لا تحترم توقيعها، وليس لديها الاستعداد للوقوف بوجه إسرائيل إذا أخلت باتفاق التهدئة.

على المقاومة أن تختار دولة تحترم نفسها، ولديها الجرأة والشجاعة على الوقوف بوجه إسرائيل إذا خرقت الاتفاق أو رفضت تطبيقه. وفي كل الأحوال، لا يجوز البحث عن تهدئة إذا رأت المقاومة أنها قادرة على الاستمرار في القتال وحشر إسرائيل في الزاوية. هذه المرة، من الممكن أن نفرض شروطنا على إسرائيل، نفَس إسرائيل ليس طويلا، وشعبها لا يتحمل، وعلينا أن نستعمله أداة ضغط على حكومته.

وفي الأخير هل ستجرؤ إسرائيل على مهاجمة غزة مستقبلا بعد هذا الفشل الذي منيت به، وبعد هذه المقاومة المتطورة التي أبداها الفلسطينيون؟ لا أظن أن إسرائيل ستجرؤ على استباحة غزة في المستقبل. 

صحيح أن الشعب الفلسطيني قد تكبد تضحيات جساما هذه المرة، لكن هذه التضحيات هي التي تمنع الخسائر مستقبلا. هذه الدماء الزكية التي نزفت على أرض غزة تشكل الدرع الحصين الذي يردع إسرائيل عن القيام بمغامرات عسكرية مستقبلا. لقد استشهدوا من أجل الحياة، من أجل أن يحيا الشعب والوطن، وقهروا ذلك الجيش الذي بات يُقهر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
إسرائيل لن تعود لقتال غزة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كيف تعود عزة المسلمين إليهم؟
» كيف تعود عزة المسلمين إليهم؟
» نبيه البرجي هل تعود السعوديّة الى ...دمشق ؟
» هل تعود تركيا إلى سياسة "صفر مشاكل" مع الأسد؟
» صور لمكة المكرمة والمدينة المنورة تعود لأكثر من 100 عام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث عسكريه-
انتقل الى: