منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! Empty
مُساهمةموضوع: في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة!   في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! Emptyالخميس 31 يوليو 2014, 12:44 pm

[rtl]في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة![/rtl]


لندن: عادل درويش


[rtl]
قبل قرن من الزمن، أعلنت الإمبراطورية النمساوية - المجرية الحرب على صربيا، لتنطلق سلسلة أحداث أدخلت العالم في الحرب العالمية الأولى وحددت ملامح القرن العشرين. جاء إعلان الحرب على صربيا بعد شهر من اغتيال ولي عهد النمسا والمجر الأمير (فرانز فرديناند) في ولاية سراييفو في 28 يونيو (حزيران) 1914، لتمتد وتتسع كنار شرسة حصدت الملايين من الأرواح وغيرت خريطة العالم وتوازن القوى فيها.


إعلان «داعش» (الدولة الإسلامية في العراق والشام) يصادف مئوية للحرب العالمية الأولى، وأهم أهداف «داعش» إلغاء حدود رسمتها اتفاقية «سايكس - بيكو» لتقسيم ولايات الدولة العثمانية بعد هزيمتها بين النفوذين البريطاني والفرنسي، وجزء من آسيا الصغرى لروسيا القيصرية.
هناك بيت للشاعر الاسكوتلندي توماس كامبل (1777 - 1844): «ساعة الغروب تغمرني بوعي باطني... بظلال الماضي أحداث قادمة».

اقتسام الهلال الخصيب! 
اتفاقية «سايكس - بيكو»، التي اشتهرت باسمي الدبلوماسيين البريطاني والفرنسي اللذين وقفا وراءها، أبرمت 16 مايو (أيار) 1916. كانت الدول العظمى تتصارع على النفوذ وموارد الطاقة، وممرات الملاحة والأسواق الواعدة.. لم تكن هناك حدود مرسومة لدول معروفة شرق حدود مصر. واليوم الصراعات قائمة على الأهداف نفسها، دخلت فيها دول إقليمية مع القوى العظمى.
التفاهم السري بين فرنسا والمملكة المتحدة، بمصادقة من الإمبراطورية الروسية آنذاك، على اقتسام الهلال الخصيب بين لندن وباريس، له تداعياته لليوم. المشروع القومي اليهودي -عرف في الحرب العالمية الأولى بالحركة الصهيونية - التي تعاطف الجميع معها، بما فيهم دعاة الاستقلال العربي. مفاوضات بين القوى الأوروبية العظمى كان متناقضة في أهدافها مع مفاوضات موازية، قدمت بدورها وعودا متناقضة لليهود والعرب.
معلومات حجبها القادة ليس عن حلفائهم، بل عن دبلوماسييهم المفاوضين أنفسهم ولم يعرفوا بجوهر المفاوضات الموازية أو يعرفوا بالنيات الحقيقية التي كان وراءها مصالح تجارية ومالية خالصة.

الثورة البلشفية تفضح الاتفاقية!
استمرت مفاوضات اتفاقية «سايكس - بيكو» أربعة أشهر، ما بين نوفمبر (تشرين الثاني) 1915 ومارس 1916. سريتها بسبب الازدواجية وعدم تحديد المعالم كان ظلالا لأحداث اليوم ومشكلاتها.
وبعد قرن، هروب محلل المعلومات المخابراتية الأميركي إدوارد سنودن، وتسريبات «ويكيليكس»، التي نشرت في صحيفة «الغارديان» البريطانية اليسارية عن مفاوضات سرية والتجسس على الحلفاء، كان له ظلال تنبؤية. فمن كشف تفاصيل مفاوضات «سايكس - بيكو» كان البلاشفة بعد سقوط النظام القيصري في روسيا 1917 واستيلاء الثورة على محاضر اجتماع بتروغراد في فبراير (شباط) 1916 بين سايكس ووزير الخارجية الروسي سيرغي سازونوف آنذاك (1860 - 1927).
وتعرض سازونوف، عشية الحرب العالمية الأولى، لضغوط القوميين الروس لانتهاج سياسة داعمة للسلافيين الصرب في البلقان، فعقد اتفاقا مع رومانيا عام 1915 حتى لا تدخل الحرب مع قوى وسط أوروبا - ألمانيا، والإمبراطورية الهنغارية النمساوية، وبلغاريا والدولة العثمانية - مقابل التوسع لضم مناطق عثمانية كان الروس يريدونها للسيطرة على مضايق البوسفور والدردنيل، وهو جزء من اتفاقه مع سايكس لما بعد هزيمة تركيا.
نشرت صحيفة «برافدا» محاضر اللقاء في 23 نوفمبر 1917، مع ملخص الاتفاقية الموقعة في 16 مايو 1916.

الشيوعيون الإنجليز أضافوا ما حصلوا عليه من ساسة إنجليز لإحراج الحكومة، خصوصا أن معظم الوزراء وقتها من الأرستقراطيين أو الأثرياء. نشرت «الغارديان» (التي صدرت وقتها من مانشستر) الموضوع ثلاثة أيام بعد «برافدا» بعشرة أيام بعد رسالة اللورد آرثر بلفور (1848 - 1937). وكان بلفور وزيرا للخارجية أرسل رسالة إلى البارون ليونيل روزتشيلد(1868 - 1937) مفادها أن «حكومة الملك تنظر بعطف لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين.. بشرط عدم المساس بالحقوق السياسة والمدنية لغير اليهود هناك».

حدود ترسمها مصالح المجموعات العرقية! 
قسمت صفقة «سايكس - بيكو»، أو الأدق صفقة «سايكس - بيكو - سازنوف»، الولايات العثمانية على النحو التالي: شريط الأرض ما بين المتوسط ونهر الأردن وشطري الوادي وجنوب العراق والمواني الصغيرة ما بين حيفا وعكا تخضع لبريطانيا، بينما يمتد النفوذ الفرنسي إلى جنوب شرقي تركيا وشمال العراق، سوريا ولبنان، وكان متفقا أن روسيا تبسط نفوذها إلى إسطنبول للسيطرة على المضايق ما بين المتوسط والبحر الأسود.
ترك رسم الحدود حسب مصالح المجموعات العرقية مع القوى الإقليمية وأهمها الشريف حسين في مكة، حيث كانت الثورة العربية مندلعة.

ومن الضروري وضع الاتفاقيات في إطارها التاريخي في العلاقات العربية - البريطانية آنذاك في فصل لا تزال آثاره الدرامية مصدر نزاع أو إلهام لمروجي نظريات المؤامرة في المنطقة، وأيضا لتفادي الحكم الأخلاقي بمقاييس اليوم على أحداث وشخصيات من مائة عام.
أعلنت بريطانيا الحرب على الدولة العثمانية 5 نوفمبر 1914، وكان وزير المالية البريطاني ديفيد لويد جورج (1863 - 1945) - أصبح وزيرا للحربية بعد وفاة كينشينر 1916، ثم وزيرا للتجارة، ورئيس وزراء في مطلع الحرب العالمية الثانية، في جلسة مجلس وزراء حكومة اللورد اسكويث بعد أربعة أيام طرح لويد جورج مناقشة «المصير النهائي لفلسطين». كان لويد جورج يدير مكتبا للمحاماة (لويد جورج وروبرتس وشركاؤهما)، وكلت المجموعة الصهيونية المكتب لدراسة قانونية مشروع إنشاء وطن قومي لليهود في أوغندا.
كانت الحركة من القوميين اليهود العلمانيين لم يلجأوا إلى التراث التوراتي، بل تعاطفوا وجمعوا في أدبياتهم حركات الاستقلال وخصوصا الحركة العربية بزعامة فيصل.
خرج لويد جورج من اجتماع 9 نوفمبر ليلتقي على الغداء بوزير مصلحة الحكومات المحلية، هيربرت صمويل (1870 - 1963) - وزير مالية ثم داخلية في حكومات متعاقبة - وكان من العقول المخططة في الحركة الصهيونية، أخبره لويد بدعمه لفكرة تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين.
وبعد الغداء قدم صمويل الفكرة بالتفصيل لوزير الخارجية السير إدوار غراي (1862 - 1933) وكان صمويل المحرك الرئيس لدفع بلفور لوعده الشهير.


استراتيجيا تفكيك الإمبراطورية العثمانية! 
في إقناعه لغراي ركز صمويل على مسألة المصالح الإمبراطورية، ويقول في مذكراته: «ذكرت (لغراي) نقطتين جوهريتين: أن الدولة اليهودية (كموقع له أهميته للإمبراطورية البريطانية) يجب أن تكون منطقة محايدة (كسويسرا) لكونها أصغر وأضعف من الدفاع عن نفسها، وثانيا ضمان حرية المرور المطلقة للحجاج المسيحيين»... ويضيف صمويل: «بعد ضم فرنسا إلى سوريا، من الضرورة أن تقع فلسطين تحت سيطرة قوة أوروبية وليس النفوذ التركي».
في الليلة نفسها أعلن رئيس الوزراء اسكويث أن تفكيك الإمبراطورية العثمانية هو هدف استراتيجي من الحرب. بعد شهرين، وفي يناير (كانون الثاني) 195، قدم صمويل «المذكرة الصهيونية» بعنوان «مستقبل فلسطين» لمجلس الوزراء. وفي لقاء آخر مع غراي عدل الرجلان المذكرة وأعادا تقديمها لحكومة اسكويث.

عشية سفر سايكس إلى بتروغراد للقاء وزير خارجية روسيا سازونوف (27 فبراير 1916) قدم صمويل الخطة المفصلة إلى سايكس في شكل مذكرة مكتوبة. يقول سايكس في مذكراته إنه اتخذ قرارا حذرا حفظ التفاصيل في الذاكرة وحرق ورقتي المذكرة.
اقترح سايكس على صمويل أن تتولى بلجيكا إدارة فلسطين، ويكون الأمر أكثر قبولا لفرنسا بدلا من فكرة التدويل. وكتب سايكس بخط يده على الحدود المقترحة لفلسطين على حدود الخريطة المقترحة في المذكرة «باستثناء مناطق الخليل وشرق نهر الأردن (من الوطن اليهودي) تختصر مشكلات الجدل مع المسلمين إلى منطقة مسجد عمر، وتجنب التعامل مع البدو الذين نادرا ما يعبرون النهر إلا لضرورات عملية». ورغم غياب الاسم لا بد أن المذكرة كانت موجهة إلى صمويل، فقد حملت ملحوظة بخط سايكس على هامش الخريطة «تصوري أن مبادئ أهداف الحركة القومية الصهيونية هي مركز للوجود القومي أكثر منه رسم حدود أو مساحة لأراضي (هذا الوجود)... وفور عودتي سأوافيك بما جرى التوصل إليه في ب.د. (يقصد بتروغراد)».
الملاحظ أن إسرائيل، منذ إعلان الاستقلال بعد قرار التقسيم وحتى اليوم، لم تحدد حدود الدولة اليهودية بشكل نهائي، فهل كانت نصيحة مستقبلية من صمويل؟

* مارك سايكس البريطاني.. وجورج بيكو الفرنسي
السير مارك سايكس بريطاني ولد 16 مارس (آذار) 1879 وتوفي 16 فبراير 1919 في باريس بالإنفلونزا الإسبانية، كان أرستقراطيا خلف أباه عام 1913 البارون السادس لمقاطعة تفوق مساحة ضيعاتها 120 كيلومترا مربعا في مقاطعة يوركشير. التحق بالجيش بعد تخرجه وتخرج من جامعة كمبردج العريقة عام 1897. ومثل السير ونستون تشيرشيل، شارك سايكس في حرب البوير في جنوب أفريقيا (1899 - 1902). تحدث العربية والتركية والفرنسية وكتب بها، وأهم كتبه «دار الإسلام» و«رحلة في الولايات العثمانية الخمس». لقيت مذكرات الرحالة رواجا ولعبت دورها، كتحليل سياسي وتاريخي اجتماعي ثقافي، في رسم السياسة الخارجية لبريطانيا.
مقابل سايكس البريطاني، كان فرنسوا جورج بيكو (1870 - 1951) ابن المؤرخ الفرنسي جورج بيكو، وكان من مخططي ومنفذي السياسة الفرنسية في مطلع القرن العشرين، وتطورت حماية المسيحيين إلى بسط النفوذ مشروع تقسيم غنائم الحرب العالمية.

* كتب ومؤلفات رسمت سياسات الدول
كتاب تشيرشيل عن تأمين الطاقة لسفن الأسطول بعد أن استبدل بمحركات سفن الأسطول من الفحم محركات البترول (1907 - 1911)، ومصدره آبار تكساس معطية قوة للأميركيين. وخطط تشيرشيل، لضمان البترول بأولوية التحالف مع العرب. كما كان لكتاب ومراسلات مستشارة وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط غرترود بل (1868 - 1926)، وكانت حليفة لسايكس، تأثيره. وكان سايكس صديقا لسير بيرسي كوكس (1864 - 1937) المعتمد البريطاني للخليج، ثم مندوبا ساميا في العراق بعد تولي الملك فيصل (1885 - 1933) المملكة في العشرينات من القرن الماضي.
ومن مؤلفات سايكس أيضا «الإرث الأخير للخليفة: دليل قصير لتاريخ إمبراطورية الأتراك» عام 1915، وكان الكتاب مرشدا للمستثمرين والرحالة والدبلوماسيين.
كان سايكس تلميذا نجيبا للورد هيربرت كيتشنر (180 - 1916) أشهر ضباط الإمبراطورية، ثم القنصل العام في مصر قبل أن يصبح وزير الحربية الذي قام بحملة تجنيد وأسس جيشا قويا عند نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914. عين كيتشنر سايكس مستشارا لشؤون الشرق الأوسط لمجلس الوزراء الذي ترأسه اللورد هيربرت هنري اسكويث كزعيم حكومة الليبراليين (1908 - 1916).

وبجانب معرفته لغويا وثقافيا بالمنطقة، عمل سايكس ملحقا سياسيا في السفارة البريطانية في إسطنبول، قبل أن ينتخب عضوا في مجلس العموم عام 1911 عن دائرة هل.
وفكر سايكس، مثل تشيرشيل واللورد كيرزون واللورد اسكويث بعقلية إمبراطورية، إلا أنه في مطلع الحرب العالمية الأولى ركز تعاطفه مع الأقليات العرقية والعرب وكفاحهم للاستقلال ومع حق تقرير المصير، كما تعاطف مع اليهود الشرقيين.
مال إلى فكرة الكونفدراليات داخل مملكة موحدة، كمشروع الأمير فيصل مع الشريف حسين أثناء الثورة العربية والاتفاق بينه وبين توماس إدوارد لورانس (1888 - 1935) المعروف بلورانس العرب. وكان لورنس قال في مذكراته، وكتابه «أعمدة الحكمة السبعة» إن ساسة لندن لم يعلموه بمفاوضات دائرة موازية لتحديد مستقبل العرب في المنطقة.

مراسلات حسين- مكماهون!
في الوقت نفسه لم يكن سايكس على دراية بالمراسلات بين مكتب القاهرة المعروفة بمراسلات الشريف حسين - ماكماهون (هنري ماكماهون 1862 - 1949 المندوب السامي البريطاني في القاهرة) أثناء الثورة العربية وفترة الحرب الأولى.
وحسب «أوراق سايكس» المنشورة في 1919، ووثائق نشرتها الحكومة عام 1923، لم يعلم سايكس بمدى عمق وشمولية مراسلات ماكماهون حتى زيارته للحجاز عام 1917 مع جورج بيكو. ثم في 1992 (بعد 75 عاما) أفرجت الخارجية البريطانية عن وثائق بينها مذكرة من سايكس - ومذكرة أخرى للجنرال إدموند اللنبي (1861 - 1936) حول ازدواجية ساسة لندن المناقضة للوعد الذي قطعه بمحدودية الوجود البريطاني العسكري، لفيصل عام 1914 - سايكس غضب لعدم علمه بتفاصيل مراسلات مكتب القاهرة وبدأت في 14 يوليو (تموز) 1915 وآخرها 30 يناير 1916 إلى الشريف حسين بوعود قاطعة بدعم بريطانيا لعرب الحجاز في الثورة ضد الإمبراطورية العثمانية والاعتراف الكامل باستقلال العرب. وهو ما يناقض تقسيم سايكس - بيكو.

مراسلات حسين - ماكماهون تبادلت الجدل بشأن حقوق العرقيات غير العربية في لواءات الإسكندرون وحلب وجبل لبنان وحمص وحماه ودمشق. وقال ماكماهون: «لا يمكن اعتبار هذه اللواءات عربية لأن السكان العرب فيها أقلية»، وكان ماكماهون يقصد الدروز والموارنة والأرمن والأكراد.
أوراق وزير الخارجية اللورد كيرزون (1859 - 1925) حذرت من منح وعود أو عقد اتفاقيات يناقض جوهرها بروتوكولات جبل لبنان، وهي سلسة اتفاقيات بين العثمانيين والقوى الأوروبية (بريطانيا، فرنسا، روسيا، النمسا، بروسيا - ألمانيا فيما بعد)، امتدادا للوعود النابوليونة بحماية المسيحيين في الشرق.

الدور الروسي
لا توجد وثائق (منشورة حتى الآن) عن موقف الروس من مشروع الوطن القومي في فلسطين، لكن كان الاتحاد السوفياتي أول دولة تعترف بإسرائيل «du jour»، أي قانونيا، بعد 48 ساعة من بعد إعلان بن غوريون (1866 - 1973) استقلالها في 15 مايو 1948 (واشنطن اعترفت بالإدارة الواقعية)، وتفسير الشيوعيين العرب أن موسكو اعترفت بدولتين: إسرائيل وفلسطين، لكن الجامعة العربية، بزعامة مصر ونفوذ بريطانيا، لم تدعم الفلسطينيين لإقامة دولتهم (على مساحة أكبر من المناطق اليهودية بثلثين) وخاضوا حربا خسروها وأفرزت جيل اللاجئين.
كان سايكس متعاطفا مع فكرة وطن قومي لليهود وحق تقرير المصير للطوائف الإثنية، ومؤيدي مشروع لورنس، والأمير فيصل، والجنرال اللنبي في المملكة العربية المستقلة أو كلمة فيصل «المملكة المتحدة»، ويعني قبوله لما يعرف حديثا بالحكم الذاتي الداخلي للطوائف والعرقيات لما كانت عليه لواءات الولايات العثمانية.

كان سايكس ضمن رواد فكرة ربط المصالح الإمبراطورية بأهداف الثورة العربية (الجزيرة والخليج والهلال الخصيب) مثل كوكس، وماكماهون، ولورنس، وغرترود بل، ولويد جورج، وتشيرشيل، وكانوا أيضا متحمسين لفكرة الفيدرالية العربية الكبرى -الهدف كتلة عربية حليفة موحدة منع النفوذ الأميركي من المنطقة، وبعد الثورة البلشفية منع النفوذ الشيوعي - ولعبت الدبلوماسية الإنجليزية دورا كبيرا منذ 1942 للتحالف ضد النازية، وتبلورت فكرة الجامعة العربية وعمودها الفقري محور القاهرة الرياض، بين فاروق الأول (1920 - 1965) وعبد العزيز بن سعود.
«سايكس - بيكو» لا تزال تؤثر حتى اليوم.. من بين واقع ملموس من خلال الحدود المرسومة وتصورات الكثير الذين يتساءلون عن اتفاقات سرية قد تحاك لمستقبل المنطقة، بين حلفاء وخصوم.

* المصدر: صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية 13/7/2014[/rtl]









عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 10 مايو 2016, 10:29 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! Empty
مُساهمةموضوع: رد: في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة!   في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! Emptyالسبت 07 مايو 2016, 8:03 am

مئوية سايكس بيكو

أحمد بيضون



May 07, 2016

في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! 06qpt986
■ اختلّت الثقة في السنوات الأخيرة بصمود وحدة الدولة السورية القائمة، التي زعزعتها تحوّلات الثورة على النظام الأسدي وأودت بها إلى تقاسمٍ متحرّك ما بين هذا النظام وأطراف أخرى، لا يبدو التفاهم بينها محتملاً، لا على اقتسامٍ للبلاد ولا على صيغة مشتركة لحكمها. وكان صمود الوحدة العراقية قد اختلّ كثيراً في العقدين السابقين وتحوّل نظام العراق نحو صيغة فدرالية غير مستقرّة لا يستبعد تطوّرها، بدورها، نحو نوع من التقسيم.
وكانت الحرب اللبنانية قد اجتازت قبل ذلك حقبةً راج فيها شعار التقسيم في جهة من جهتيها ثم عادت الدولة اللبنانية، بعد عقدين انصرما على صيغة الطائف، لتعاني ذواءً وتفتّتاً يتزايدان من سنة إلى سنة… ولا ننسى الإشارة إلى الوحدة المصرية السورية في سنة 1958 ولا إلى القرار الدولي القاضي بتقسيم فلسطين في سنة 1947، وقد استعيد مبدأه في «حلّ الدولتين» الذي يبدو متهالكاً في يومنا هذا. ولا ننْسى، أخيراً لا آخراً، إنشاء دولة إسرائيل في سنة 1948 وما كان من أمرها مع حدود الدول المحيطة بها.
على هذه الخلفية المتشابكة المسارح، يكاد لا يمرّ يومٌ لا يذكر فيه اتّفاق سايكس بيكو في المقالات والخطب، وينسب إليه ما فيه وما ليس فيه، ويزعم له تارة دورُ تأسيسِ الدول القائمة في المشرق ورسمِ حدود لها تعدّ أصلاً للبلاء تارةً ويعلن طوراً أنها تضعضعت من جرّاء الأحداث الجارية أو هي توشك أن تتضعضع.
وفي هذا الشهر الجاري يكون قد مضى قرنٌ بتمامه على توقيع هذا الاتّفاق، وهو قد أصبح أوفر حظوةً عند المعلّقين من «وعد بلفور» الذي حصل بعده بسنة وأشهر، ناهيك بمفاوضات ومعاهداتٍ أخرى هي التي أسّست دول المشرق فعلاً ورسمت حدودها ووزّعت مهامّ الانتداب عليها، وبوقائع من قبيل معركة ميسلون، وما تبعها في سوريا ولبنان، وتنصيب فيصل الأوّل ملكاً على العراق في السنة التالية، ومعه تأسيس إمارة شرق الأردن وتسليمها لأخيه عبد الله، وإبقاء فلسطين منطقة انتدابٍ بلا دولة… ولا تَفُتنا المحطّة التاريخية الكبرى التي هي زوال الدولة العثمانية بعد هزيمتها في الحرب الكبرى وإلغاء مؤسسة «الخلافة» الإسلامية في سنة 1924… من بين أحداث ونصوص هذا شأنها وخطرها، يصطفي خطباؤنا ومعلّقونا اتّفاقاً كنَسَت نتائج الحرب معظم بنوده، فلم يطبّق قطّ ولا تشبه الحدود التي رسمها حدود الدول القائمة في شيء، ولا هو لحظ هذه الدول القائمة أصلاً… فما قصّته؟
في الشهر نفسه الذي أرسل فيه المفوّض السامي البريطاني في مصر آرثر هنري مكماهون رسالته الأخيرة إلى شريف مكّة حسين بن علي (مارس/آذار 1916) كان يقرّ تفاهم بريطانيّ – فرنسيّ حول مصير سوريا الطبيعيّة وما بين النهرين (العراق).
وكان هذا التفاهم قد تمّ بين مارك سايكس عن بريطانيا وفرنسوا جورج- بيكو عن فرنسا، ثم صدّقه في 15 و16 أيّار/مايو من تلك السنة تبادلُ رسائل بين وزير الخارجية البريطاني إدوارد غراي وسفير فرنسا في لندن بول كامبون. وكانت روسيا معنيّة بمصير المناطق العثمانية المتاخمة لحدودها فمثـّلها وزير الخارجية سيرغي سازُنوف خلال العام السابق في مفاوضات مثلّثة.
قضى التفاهم بشأن سوريا والعراق بإنشاء دولة عربيّة (أو اتّحاد دول) في سوريا «الداخليّة» التي جعلها مشتملة على شطرٍ من عراق اليوم وأملى تقسيم هذه الدولة إلى منطقتين: «أ» و «ب». وقضى بمنح فرنسا أفضلية في ما ينشأ من مشاريع وما تحتاج إليه الدولة من خبراء وموظّفين في المنطقة «أ» وهي الشماليّة وتشتمل على الموصل وحلب وحماه وحمص ودمشق. وقضى بمنح الأفضليّة نفسها لبريطانيا في المنطقة «ب» وهي الجنوبيّة وتشتمل على كركوك وشرق الأردنّ حتى العقبة.
من جهةٍ أخرى، قضى التفاهم بخضوع الساحل من الإسكندرون إلى صور، وهو المنطقة الزرقاء، لحكم فرنسيّ مباشر. وقضى، على الغرار نفسه، بحكم بريطانيّ مباشر للمنطقة الحمراء وهي ولايتا بغداد والبصرة. وجُعلت فلسطين أخيرا منطقة رصاصية تخضع لإدارة دوليّة يتفق عليها الحلفاء والشريف حسين.
كان هذا الاتّفاق مخالفاً لموقف الشريف حسين المتحفّظ عن إدخال فرنسا في المسألة السوريّة أصلا. وكان الاتّفاق يؤوّل الترتيبات الخاصّة بمصالح بريطانيا في ولايتي البصرة وبغداد (وهي ما وافق عليه الشريف) على أنها حكم بريطانيّ مباشر للولايتين. وكان يفرض لفلسطين مصيراً لم يكن قد ذكر أصلاً في مراسلات الحسين – مكماهون…
لم يطبّق اتّفاق سايكس- بيكو الذي بقي سريّاً إلى أن كشفه ليون تروتسكي مفوّض الخارجيّة في حكومة البلاشفة، بُعَيد الثورة البلشفية، في خريف 1917، وانسحاب روسيا من الحرب. ولكن ما طبّق قد يصحّ اعتباره أبعد من الاتّفاق الذي بقي مدّةً من الزمن يعتبر، على نحوٍ ما، قاعدة انطلاق لما تلاه من صيغ تفاهم جديدة بين بريطانيا وفرنسا. ما حصل فعلاً كان إخضاع سوريا ولبنان بتمامهما للانتداب الفرنسيّ وإلغاء التمييز بين منطقتين شرقيّة وغربيّة مع سحق الدولة «الشريفية» في ميسلون ثمّ إنشاء دولة لبنان الكبير. وضمّت ولاية الموصل لاحقاً إلى ولايتي بغداد والبصرة فنشأ من ثلاثتها العراق المعاصر ووضع كلّه تحت الانتداب البريطانيّ. وضعت فلسطين تحت الانتداب البريطانيّ أيضاً من غير منحها وضع الدولة.
وكان وعْدُ وزير الخارجية البريطاني اللورد آرثر بلفور للّورد ليونيل والتر روتشيلد (في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917) قد أباح لليهود أن ينشئوا فيها وطناً قوميّاً، وكانوا إذ ذاك نحو 11٪ من سكّانها. وتأسّست في شرق الأردنّ وحده من بين مناطق سوريا الطبيعيّة، إمارة تولاها الأمير عبد الله بن الشريف حسين، بعد أن أخرجها ونستون تشرشل، وزير المستعمرات البريطاني، من دائرة وعد بلفور، في مارس 1921.
وفي حزيران/يونيو من السنة نفسها أصبح فيصل، ملك سوريا في العام السابق، ملكاً على العراق، بعد موافقته على الانتداب البريطانيّ.
ما هي دلالات هذه الفوارق الجسيمة بين نصّ الاتّفاق وما صار إليه الواقع التاريخي؟ وما الصورة الإجمالية التي تفضي إليها المقارنة بين هذا وذاك؟ وما الذي يحفز الميل المفرط إلى استدعاء هذا الاتّفاق كلّما اختلّ ميزانٌ في دولةٍ من دول هذه المنطقة؟
نحاول تلمّساً لأجوبةٍ عن هذه الأسئلة في عجالتنا المقبلة.
٭ كاتب لبناني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! Empty
مُساهمةموضوع: رد: في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة!   في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! Emptyالأحد 15 مايو 2016, 9:02 am

[size=30]سايكس بيكو بين خرافةٍ وتاريخ

أحمد بيضون

[/size]


May 14, 2016

في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! 14qpt997

في أيّامنا هذه، تزعم «داعش»، مثلاً، ويصدّقها معلّقون معادون لها، أنها أطاحت رسْمَ اتّفاق سايكس بيكو للحدود العراقية السورية. والأدنى إلى الواقع أنها قرّبت هذه الحدود ممّا كانت عليه في الاتّفاق! فإن ولاية الموصل العثمانية وصحراء الأنبار اللذين جمعت «داعش» ما بينهما وبين بعض الفرات السوري كان سايكس بيكو قد جعلهما في سوريا، إن صحّ أن نحصر هذا الاسم بمنطقة النفوذ الفرنسي من «الدولة العربية». وقد ضُمّت الولاية إلى العراق، أي إلى منطقة النفوذ البريطاني، خلافاً لمنطوق الاتفاق، بعد مخاضٍ طال إلى سنة 1926!.
وعلى الإجمال، لا تشبه الحدود الدولية الحالية بين العراق وسوريا ما يظهر في خريطة سايكس بيكو من خطّ فاصل في «الدولة العربية» بين منطقتيّ النفوذ المشار إليهما. ولا يظهر أثر في هذه الخريطة للدولة الأردنية ولا للدولة اللبنانية. وما يجوز اعتباره فيها «فلسطين» هو النصف الشمالي من فلسطين اللاحقة وهو موعود في الاتّفاق بـ»إدارة دولية»! ويجعل الاتّفاق معظم العراق الحالي أي ولايتي بغداد والبصرة العثمانيّتين منطقة حكم بريطاني مباشر ويُخرج من هذا العراق سامرّاء وكركوك (فضلاً عن الموصل والأنبار) ليدخلهما ومعهما شرق الأردن وجنوب فلسطين في المنطقة الجنوبية من الدولة العربية، وهي الخاضعة للنفوذ البريطاني لا للحكم البريطاني المباشر.
وأما سوريا الاتّفاق (وهي مختلفة اختلافاً جسيماً عن سوريا اليوم)، فمثّلت المنطقة الشمالية من الدولة العربية وجُعلت خاضعة للنفوذ الفرنسي وضمّت إليها، على ما سبق قوله، ولاية الموصل وصحراء الأنبار. وعلى غرار ما فَعَل بولايتي بغداد والبصرة، في الشرق، اقتطع الاتّفاق من الدولة العربية، في الغرب، منطقة الساحل الشامي، وهي أقضية ولاية بيروت العثمانية الموازية لـ»المدن السورية الأربع» (أي حلب وحماه وحمص ودمشق)، ومعها سنجق جبل لبنان، مستثنياً هذا كلّه ممّا سمّاه «الدولة العربية». هذا أيضاً لم يؤخذ به، في آخر الأمر. بل اختلفت صيغة «لبنان الكبير» والانتداب الفرنسي عليه عن صيغة الحكم الفرنسي لـ»بلاد العلويين»… وذلك قبل أن تتوحّد أوصالُ سوريا الحاليّة، المتقلّبة الأوضاع على تنافرٍ، في سنة 1936. هذا ولم تكن صيغة «الانتداب» واردةً من أصلها في سايكس بيكو، بل هي اخترعت عند إنشاء عصبة الأمم في سنة 1919 ثم جرى توزيع أنصبة الانتداب لاحقاً في مؤتمر سان ريمو.
ولا ننسَ هنا أن منطقة الحكم الفرنسي المباشر تلك كانت توغل شمالاً في آسيا الصغرى مشتملة على منطقة شاسعة من جنوب الأناضول تمثّل أركانَها مدن أضنة ومرسين في الغرب وسيواس في الشمال وديار بكر في الشرق. ولا يظهر في خريطة الاتّفاق من خطّ فاصلٍ بين هذه المنطقة وألوية الساحل السوري. ولنُشِر إلى أن غياب الحدّ هذا يلبّي مطالبة الحزب السوري القومي بكيليكيا ولكنه لا يحول، مع ذلك، دون بقاء هذا الحزب طليعة المندّدين بسايكس بيكو! في كلّ حال، لم يثبت شيءٌ من هذا على الأرض إذ بقيت تلك المنطقة، في نهاية المطاف، ضمن حدود الجمهورية التركية مع حرب الاستقلال التي قادها مصطفى كمال ومع تصحيح معاهدة سيفر (1920) بمعاهدة لوزان (1923).
ولا تَحَقّقَ أيضاً دخول أرمينيا في منطقة النفوذ الروسية، وفقاً للتفاهم المثلّث الذي توصّلت إليه مفاوضات موازية لمخاض الاتّفاق، ومنح روسيا إستانبول نفسها (أو «القسطنطينية»، بالأحرى، إذ كان يفترض أن تستردّ اسمها الأرثوذكسي!). وقد كانت روسيا تريد الاستيلاء على العاصمة العثمانية وعلى محيطها الأوروبي، فضلاً عن مكاسب أخرى. إلى ذلك، كانت قد لُحِظت لإيطاليا منطقة حكمٍ مباشر ومنطقة نفوذ في الجانب الجنوبي الغربي من آسيا الصغرى. أصبح هذا كلّه غير واردٍ: من جهةٍ أولى لأن روسيا البلشفية كانت قد خرجت من الحرب أصلاً ونقضت الاتّفاق في جانبه المتعلّق بها وكشفته للعالم… ومن جهةٍ أخرى، لأن المطامع المتعدّدة الأطراف في الأناضول سرعان ما واجهتها مقاومة تركية ضارية.
ولا نَنْسَ أيضاً ما أعقب نهاية الحرب من ضمٍّ لأقضية من ولاية سوريا العثمانية إلى لبنان وهو ما كان مخالفاً لرسم الحدود في سايكس بيكو ما بين «الدولة العربية» ومنطقة «الحكم الفرنسي المباشر». ولا ننس تعديل الحدود بين لبنان وفلسطين في أواسط العشرينات من القرن الماضي. ولا ننْسَ ما هو أجسم من ذلك بكثير ممّا شهده العقدان اللاحقان: أي منح لواء الإسكندرون لتركيا في سنة 1938 ثم نشوء دولة إسرائيل في فلسطين سنة 1948… هذا كلّه لا يوحي بحصوله نصّ سايكس بيكو ولا خريطته.
بل إنه يجوز القول أن «وعد بلفور» كان فيه نوعٌ من المخالفة لروحية سايكس بيكو. وذاك أن الاتّفاق كان يحدوه، بصدد فلسطين، منطق يستوحي مفهوم «الأرض المقدّسة» المسيحي فيلحظ إشرافاً دوليّاً على هذه الأخيرة ترجمةً لعناية الكنائس المختلفة والدول المتباينة المذاهب. ولكن الاتّفاق يبقى غير غافلٍ عن المواصلات التجارية والعسكرية وحاجة بريطانيا وفرنسا إلى ميناءي حيفا وعكّا وتوزيع الحقوق في السكك الحديدية بين الدولتين… وهذا منطق مختلف برعايته تعدّد الأطراف ذات المصالح في فلسطين عن منطق «الوطن القومي» الذي قال به «الوعد» المعلوم.
أين هي إذن دول سايكس بيكو التي توشك اليوم أن تقسّم أو تزول؟ وأين هي حدود خريطته التي يقال أنها تخرق أو تطمس هنا أو هناك؟ لا وجود لهذه ولا لتلك إلا في إنشاء صحافة الاستعجال وخطابة قومية الغبن المحتاجة، على الدوام، إلى عدوّ لا ينفكّ يتناسل معيداً، في كلّ جيلٍ وحالةٍ، سيرته الأولى. سايكس بيكو هو الخرافة التي تسدّ حاجة المستعجل وتجدّد غضبة المغبون.
قد يقال أن هذا الاتّفاق رمز لتفاهمٍ استعماريّ على اقتسام منطقة المشرق هذه وتوزّع مناطق النفوذ فيها. هذا سبب مقبول لاستذكاره طبعاً، مع الانتباه إلى كونه، في الأصل، وجهاً من تفاهمٍ مثلّث كانت روسيا طرفاً رئيساً فيه قبل الثورة، أي قبل «التصويت بالأرجل» (والعبارة للينين) لصالح الخروج من الحرب. ولكن هذه الأطراف الثلاثة، على وجه التحديد، أي بريطانيا وفرنسا وروسيا، كانت هي الساهرة، من قَبْل سايكس بيكو بعشرات السنين حول سرير «الرجل المريض» العثماني تنتظر أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. وقد انضمّ إليها الطرفان الألماني والإيطالي، على الأخصّ، بعد استتباب وحدتيهما القوميتين، ومعهما إمبراطورية النمسا-المجر، بعد نشوئها، في هذا السهر الطويل. وكان البريطانيون قد حموا المريض وعارضوا الإجهاز عليه ردحاً غير قصير من القرن التاسع عشر لتوقّعهم حرباً أوروبية لا تبقي ولا تذر يتنازع أطرافُها أسلابه إذا هو أسلم الروح. وفي العقدين الأخيرين اللذين سبقا الحرب العالمية، دخل الألمان بقوّة في المنافسة على الودّ العثماني وأصبح لهم في الدولة العليّة نفوذ متعدّد الوجوه مهّد لانضمام نظام «جمعية الاتّحاد والترقّي» إلى صفّ إمبراطوريات الوسط الأوروبي في الحرب…
ليس سايكس بيكو إذن سوى محطّة في مسيرة الاقتسام الاستعماري للأسلاب العثمانية، وللعربي منها، على الخصوص. وإذا كانت صراحة إلهامه الاستعماري، من جهة، وإبقاؤه سرّياً، من الجهة الأخرى، يجعلانه وثيق النســــب بما نسمّيه «المؤامرة الاستعمارية»، فإن عصف الأحداث بنصّه وبخريطته وحلولَ صيغٍ أخرى محــلّ الصيغ التي وقع اختياره عليها كافيان للطعن في أهمّيته التاريخية بما هو اتفاق موعودٌ بالتنفيذ. ومهما يكن من أمرٍ، فإن استذكاره بما هو رمزٌ لمطامع مرفوضة شيء والهذيان بــ»دول سايكس بيكو» و»حدود سايكس بيكو» على أنها وقائع قائمة في أيّامنا شيءٌ آخر…
٭ كاتب لبناني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! Empty
مُساهمةموضوع: رد: في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة!   في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! Emptyالجمعة 27 مايو 2016, 7:30 am

د. موسـى الكـيـلاني



[rtl]
في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة! 079edd83d42000d985b284a0101723ffc7f8fc76

 «يجب أن تكون القسطنطينية ومضيق البوسفور جزءاً من مناطق نفوذ روسيا, تماماً كما تريدون أن تكون بغداد والبصرة تابعة للنفوذ البريطاني, وتماماً كما تكون دمشق وبيروت ضمن النفوذ الفرنسي.»
كانت هذه كلمات وزير خارجية روسيا القيصرية « سيرجي ديمتريفيش سازونوف الذي كان العراب الأول للمحادثات السرية التي جرت في القاهرة في 15/ 5/ 1916 بين الدول الثلاث وهي روسيا وفرنسا وبريطانيا للتقاسم المسبق لأسلاب الدولة العثمانية , كي لا يتنازع حلفاء اليوم على مناطق النفوذ فيما بعد, ويتحولوا الى أعداء كما حصل في مرات عديدة.
وقد طلب سازونوف وباصرار نقل المحادثات السرية من مصر الى سان بطرسبورج حفاظاً على المزيد من السرية, وقد أعطى المؤرخون تلك الاتفاقية السرية اسم « سايكس بيكو « علماً بانها لم تكن ثنائية بين دولتين, بل ثلاثية بين روسيا وبريطانيا وفرنسا. وكانت من أفكار الوزير الروسي الذي رعاها واعتنى بها, ونقل مقرها الى روسيا حفاظاً على نجاحها. وما كان ذلك إلا حرصاً على عودة القسطنطينية الى الهيمنة الروسية.
ويعتبر الوزير « سيرجي ديمتريفيش سازونوف « من احفاد امراء عائلات الامبراطورية البيزنطية الاوثوذكسية التي وجدت ملاذاً آمناً لها في روسيا عندما تقدمت الجيوش الاسلامية لفتح القسطنطينية قبل 555 عاماً وشعر قسطنطين الثاني بحتمية الهزيمة, فارسل الى موسكو واوروبا عائلات الامراء واطفالهم ونسائهم, تخوفاً من خطر سبايا الجيوش الاسلامية.
وقد بقيت تلك العائلات البيزنطية تعشق موطنها الاصلي وتتوق الى ترابه, وتورث محبته الى اجيالها الجديدة, وترسخ ارتباطهم بالوطن الأُم , بالرغم من أيلولة تلك العائلات بعد فترة من الزمن لتولي القيادة السياسية والاقتصادية في روسيا, باعتبارهم الاكثر ثقافةً, والاوسع علماً, والارقي سلوكاً, والأغني مالاً.
وقد استمرت القسطنطينة رمزاً شعرياً وسياسياً للمدينة المثالية الفاضلة, فتغنى بها شعراء اوروبا, ورسامو فرنسا, باعتبارها تجسيداً للرقي وللحضارة , والتمدين. تماماً كما كانت الجمهورية الفاضلة إلى يوتوبيا الفلاسفة الاغريق ومن أولئك الشعراء البريطانيين « و.ب. يـيـتـز» وكولردج وكيتز, الذين اعتبروا القسطنطينية أعلى ما يمكن ان تصله الحضارة الاوروبية اليونانية من فلسفة وعلم وسمو.
كان الوزير « سيرجي ديمتريفيش سازونوف» واحداً من آلاف, من أحفاد الامراء الذين يـَروْن في القسطنطينية ما يراه المسلم في مكة المكرمة.
وقبل وفاته عام 1927 نشر مذكراته في فرنسا, نيس, حيث استقر بعد هروبه من الثورة البلشفية. ويشرح في كتاباته حنين جيله من الامراء الى استعادة القسطنطينية باعتبارها العاصمة الروحية والثقافية والعلمية لكل ما هو اورثوذوكسي وصادق وأصيل ومنتمٍ.
لم تكن اتفاقية سايكس بيكو في مراحلها الاولى سواء في القاهرة او في روسيا مؤامرة صهيونية, بل لم يعلم بها حاييم وايزمان إلا في مرحلة متاخرة بعد أيداعها في الخارجية البريطانية, واستطاع ان يمارس تاثيره على لويد جورج لوضع الموصل العراقية لتكون ضمن النفوذ البريطاني وليس الفرنسي, ولتكون القدس ضمن النفوذ البريطاني المتحالف مع الحركة الصهيونية , بعد أن كانت ضمن عهدة عصبة الأُمم.
والان, وبعد أن استكمل التاريخ دوراته الحتمية, نرى في القرن الواحد والعشرين احفاد الامراء من ورثة نيقولا الثاني الروسي, وقسطنطين الثاني البيزنطي,يتضورون حرقة لاستعادة المجد التليد في اسطنبول, او كما كان اسمها اسلام بول, او القسطنطينية.
ومن الاحتمالات النادرة الحصول ان نرى البعض يؤمن ان التحالف الروسي السوري الحالي الذي يقوده حالياً احفاد الامير الغامض سازونوف إلا من الإرهاصات التمهيدية التي تحدثت عنها الكتب الصفراء في مدينة قم الايرانية التي تنص على إنتهاء غيبة إمام الزمان عندما يدخل الجنود الروس الى القسطنطينية ليبحثوا عن قبر آخر الآباطرة الذي اختفى فعلياً ولم يره أحد حياً او ميتاً فور دخول السلطان محمد الثاني الى المدينة فاتحاً.
[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
في ذكراها المئوية: (سايكس - بيكو) القصة الكاملة!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفاهمات ما بعد “سايكس-بيكو”
» الخروج من سايكس بيكو
» فلسطين 1920.. أول فيلم وثائقي يكشف مقومات الدولة الفلسطينية
»  خطوط علي الرمال كامل 100 عام على سايكس بيكو
» «سايكس بيكو 2»واعترافات مايكل هايدن !

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث ثقافيه-
انتقل الى: