ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: جزيرة جِربة التونسية؛ أسطورة «الغريبة» اليهوديّ ..!؟ الإثنين 11 أغسطس 2014, 8:10 am | |
| [rtl]جزيرة جِربة التونسية؛ أسطورة «الغريبة» اليهوديّ ..!؟[/rtl] [rtl] [/rtl][rtl]
محمد رفيع - هناك، في الجزيرة المتوسّطيّة الغريبة يكمن سِرٌّ. والسِرُّ يختبىءُ في أسطورة. والأسطورة فيها حكايا القرويين، وكرامات القدّيسين، لكنّها هنا أسطورة يهوديّ، تقول؛ فتاة غريبة كانت تعيش في كوخ بمفردها، وكانت محلّ استغراب من الجميع، لا يقترب منها أحد من سكّان القرية، حتى موتها، الذي تمّ في ظروف، جعلت القرويين يرجّحون أنها كانت من أصحاب البركات. ففي إحدى اللّيالي، رأى سكّان القرية اللّهب يتصاعد من الكوخ، وفي الصّباح اِكتشفوا أنّه تحوّل إلى كومة رماد، بينما بقي جسد الفتاة الهالكة ووجهها سليمين، فعلموا أنّها قدّيسة، وبنوا معبداً مكان الكوخ نفسه. غير أنّ الغريب والمهمّ هنا هو أنّ هذا المعبد يُعتبرُ أقدم كنائس اليهود في العالم. ..!؟ ومن أهم طقوس (الغريبه) هناك الـ(مناره)، وهي عبارة عن هرم عال، سداسيّ الأضلاع، نقشت على كل واحد من طوابقه رموز وكتابات من التراث اليهوديّ. كما أنّه تحيط بكلّ طابق شمعدانات ذات شموع كثيرة. و توضع ال(مناره) بساحة الفندق، مغطّاة بقطع من الأقمشة، تُعرض كلّ قطعة منها للبيع بالمزايدة. ثمّ تغادر الـ(مناره) معبد (الغريبه)، لتطوف بها الجموع حول المعابد اليهوديّة الموجودة في جزيرة جربة التونسيّة.
حقائق - جِرْبَة جزيرة تونسية تقع في جنوب شرق تونس في خليج قابس. تبلغ مساحتها 514 كم2 وتعدّ أكبر جزر شمال أفريقيا (شريطها الساحلي طوله 125 كم) وتلقب بـ«جزيرة الأحلام». - ترتبط الجزيرة بالقارّة الإفريقيّة بمنفذين أحدهما بحريّ اِنطلاقا من آجيم حيث يوجد مضيق يفصل الجزيرة عن القارّة، يبلغ اتساعه كيلومترين. أمّا الثّاني فهو برّي اِنطلاقا من النطرة بواسطة طريق يشقّ البحر تعود جذوره إلى العهد الرّوماني. هذا بالإضافة إلى موانئ عديدة كانت منذ القديم وإلى اليوم نقاطا رئيسيّة لإرساء البواخر و وتوجد أبرز هذه الموانئ بحومة السّو بالسّاحل الشّماليّ و آجيم بالسّاحل الغربيّ و النطرة بالسّاحل الجنوبيّ وتمرّ بقرب هذه الموانئ أودية تحت مائيّة تسمح بوصول السّفن ولذلك أنشئت حول هذه الموانئ تحصينات دفاعيّة لمنع الأعداء من اختراقها. - لِجزيرة جِرْبَة تراث ثقافي ثريّ من أبرز معالمه؛ الجوامع التي تبنى لكل عائلة، وبروج مراقبة تسمى أربطة على امتداد شواطئها، كل برج رباط وفي ذات الوقت مسجد. وفي العمق صف ثاني للدفاع يتكون من مساجد هي أيضا قلاع محصنة، وتتصل بالرباطات باستخدام الدخان نهارا والنار ليلا. كما أنها من معاقل الإباضية في المغرب العربي. - تقع جزيرة جربة في الرّكن الجنوبيّ الغربيّ من الحوض الشّرقي للمتوسّط بخليج ابس أو ما يعرف ب»سرت الصّغرى» عند القدامى. مّا يجعلها منفتحة في ذات الوقت على المتوسّط والصّحراء. وشكلها أقرب عموما إلى المربّع إذ يبلغ أقصى الامتداد بين الشّمال و الجنوب قرابة 29.5 كم في حين يبلغ أقصي امتداد لها من الشّرق إلى الغرب 29 كم. ويبلغ طول سواحلها 125 كم أمّا مساحتها فتبلغ 514 كم2. - تتميّز تضاريسها البحريّة بوجود حزام من القيعان الضّحلة والمصطبات البحريّة يطوّقها من أغلب الجهات وقد وفّر لها على مدى قرون حصانة طبيعيّة تمنع السّفن الحربيّة من الوصول إلى سواحلها. ولكن بجنوبها الغربيّ تتّخذ بحيرة بوغرارة شكل حوض يصل عمقه أحيانا إلى 54 م. ولكن يغلب على سواحل الجزيرة الانبساط. - المعروف تاريخيّا أنّ البربر هم السّكان الأصليّون لإفريقيا الشّماليّة و كانوا يسكنون الشواطئ والجبال و يشتغلون بفلاحة الأرض، مساكنهم الكهوف و البيوت المنحوتة أو المبنيّة من الحجارة والطّين، أو القشّ و أغصان الأشجار على شكل أكواخ فوق الجبال والهضاب. و آخرون كانوا يعيشون عيشة البداوة يترحّلون بمواشيهم، و كانوا يسكنون تحت الخيام، و بعض الطوائف منهم كانوا يعيشون ممّا يقومون به من أعمال السّلب و النّهب. - منذ فجر التّاريخ تنقّلت جربة من مًحتلّ إلى آخر و أوّل من احتلّها بعض سكّان جزر (بحر إيجي)، الّذين مكثوا فيها فترة طويلة قبل مجيء الفينيقييّن، أدخلوا خلالها غراسة الأشجار و صناعة الفخّار. وقد سبق الإغريق غيرهم من الشّعوب في التّعايش مع سكّان جربة. - في القرن 12 ق.م. نزل بها الفينيقيين الّذين قدموا من مدينتي صور و صيدا من السّواحل السوريّة الكنعانيّة، وهي الجزء الّذي يحاذي البحر الأبيض المتوسّط من القّارة الآسيويّة. ازدهرت خلالها التّجارة في جربة فانتشرت بذلك صناعة الفخّار و صناعة الأرجوان، الّذي ذكر عنه المؤرّخون أنّه كان يُضاهي إن لم يفق أرجوان صور، و كان يباع بأغلى الأثمان. ويُعتقد أنّ الفينيقيّين هم الّذين جلبوا غراسة أشجار الزّيتون فانتشرت بذلك صناعة عصر الزّيتون. - توالى المحتلّون على جربة فقدم بعد الفينيقيّين الرّومان، فشهدت الجزيرة في العهد الرّوماني ازدهارا عظيما لا تزال آثاره العمرانيّة دالة عليه إلى اليوم. ومن ثَمّ قدم بعدهم الوندال، وهم أمّة جرمانيّة الأصل زحفت على بلاد الغال و الأندلس في القرن الرّابع بعد الميلاد، حيث استقرّت قرابة عشرين عاما ثمّ بسطت نفوذها على المغرب الأقصى سنة 429 م بقيادة ملكها جنسريق. - كانت جربة من بين الأماكن الّتي شملها الفتح العربي على يد الصّحابي رويفع بن ثابت الأنصاري سنة 60 هـ، ثمّ أصبحت إفريقيّة بعد فتحها تحت حكم الولاّة ودام عهدهم قرابة قرن. - كانت جربة تابعة تارة للأغالبة و تارة للرستميّين لكنّها كانت دائما شبه مستقلّة، إلى أن جاءت الدّولة الإسلاميّ الثانية و هي الدّولة الفاطميّة الّتي قامت في البلاد التّونسيّة بعد العهد الأغلبي من 296هـ إلى 362هـ. - في المرحلة الأولى عرفت القيروان الإزدهار طيلة 78 سنة إلى قدوم الهلاليّين سنة 440 هـ، أمّا المرحلة الثّانية فقد قاست فيها جربة كثيرا من الويلات بسبب ما تعرّضت له من حملات الغزو لعلّ من أبرزها حملة (روجار النّرمندي) سنة 529 هـ هاجم خلالها جربة و استولى عليها و سبى نسائها و أطفالها و أرسلهم إلى صقليّة رغم المقاومة العنيفة الّتي أبداها الأهالي. - احتلّ العثمانيّيون جانبا من إفريقيّة سنة 1574 و جعلوا منها إيالة عثمانيّة على غرار ما فعلوا بالمغرب الأوسط سنة 1519-1520 و بطرابلس في 1551. إلاّ أنّ هذه الإيالة التّونسيّة الّتي تمّ تكوينها بتاريخ متأخّر ما لبثت أن طوّرت نظامها السّياسي قبل جارتيها الجزائريّة و الطّرابلسيّة منذ أواخر القرن 16. فظهر بها آنذاك حكم الدّاي المنفرد بالسّلطة (في النّصف الأوّل من القرن 17) ثمّ نظام وراثي شبه ملكي في عهد البايات المراديّين (1628-1702) ثمّ الحسينيّين (بعد 1705). و قد نجح هؤلاء الحسينيّيون في بناء صرح دولة مترسّخة في البلاد و متمتّعة باستقلاليّة عريضة إزاء القوى الخارجيّة (إصطنبول أو داي الجزائر) خاصّة في عهد حمّودة باشا (1782-1814). - لكن سرعان ما تطوّر نظامها السّياسي أثناء القرنين السّابع و الثّامن عشر ليتحوّل إلى (ملكيّة شبه وطنيّة) مستقلّة بذاتها ولا تربطها باصطنبول إلاّ علاقات ولاء شكليّة. و هي تتحكّم (بصفة متفاوتة حسب الجهات و المجموعات) في فضاء محدّد و مختلف عن فضاء الإيالات المجاورة. - ومن ثمّ سقطت تونس في فخّ الاستعمار. وفعلا تدرّجت أوضاع الإيالة التّونسيّة منذ الثلث الأوّل من القرن التّاسع عشر نحو التدهور و التأزّم تحت ضغط القوى التّوسعيّة الأوربيّة الصّاعدة حتّى استقرّت الإيالة في أزمة شاملة يسّرت التدخّل الفرنسي في 1881. - عرفت جربة باسم جزيرة الليتوس زمن الإغريق وقد امكن تحديد موقع إحدى قراها منكس ببرج القنطرة وكان اسم جربة يطلق على ما يقارب حومة السوق. وقد استقرت بجربة جالية يهودية هامة اثر هدم معبد القدس وطرد اليهود في القرن الأول ق.م، وما يزال أحفادهم يعيشون في حومة السوق . - الهندسة التي يتميز بها فنّ العمارة في جربة، تُعتبر بسيطة و نقية، فلا يوجد فيها اى نوع من التفاخر، اذا لا يوجد هندسة على الجدران. - يعدّ معمار المسجد في جربة فريدا من نوعه سواء على مستوى التوزيع الجغرافي للعمارة أو من ناحية الزخارف المعتمدة في تزيين المساجد. وتمتاز المساجد في جزيرة جربة بالبساطة والتواضع، فلا نجد فيها الزخارف المعتادة في بقية المساجد التونسية، وهي لا تتعدى في مثل هذه الحالات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأدعية. - لجزيرة جربة تاريخ طويل بدأ مع رحلة «أوليس» منذ أكثر من 30 قرنا وبناء معبد الغريبة والفتح الإسلامي والكر والفر الذي حدث بين المسلمين والبربر، وهو ما أفرز خلافات مذهبية أهمها الصراع المعروف في الجزيرة بين السنة المالكية وأتباع المذهب الإباضي. ومن اغرب المساجد الموجودة في الجزيرة اليوم مسجد «سدويكش» المبني تحت الأرض وكذلك مسجد طريق «أجيم»؛ وهذان المسجدان موجودان بالكامل تحت الأرض ما عدا المدخل وبعض القباب التي تبقى على السطح. وتقول المراجع التاريخية إن أتباع المذهب الإباضي كانوا يلجأون إلى أسلوب التقية ويمارسون شعائرهم الدينية بعيدا عن مناهضيهم. - مثّلت جزيرة جربة على مدى تاريخيها ملاذا للأقليات عرقية كانت أم دينية وربما يعود ذلك لموقعها البحري المنعزل نوعا ما. فالجزيرة تعدّ من أقدم المناطق المأهولة بشمال إفريقيا و قد أوت منذ أقدم العصور اليهود الفارّين والمسيحيين كاثولكيين و أورثوذكس تعايشوا بسلام بها وتشهد كنائس حومة السوق على ذلك. - أقلية أخرى من السود سكنت الجزيرة وقد اعتنقوا الإسلام. كذلك هناك من ضمن السكان جالية يهودية كبرى عاشت بجربة منذ قرون و مارست طقوسها في تعايش مع الأغلبية المسلمة. - يكتنف الغموض أصل تسمية (الغريبه) وتتعدّد حولها الأساطير المنقولة عن يهود الجزيرة حول؛ فتاة غريبة كانت تعيش في كوخ بمفردها وكانت محلّ استغراب من الجميع، لا يقترب منها أحد من سكّان القرية، حتى موتها الذي تم في ظروف جعلت القرويين يرجحون أنها كانت من أصحاب البركات. ففي إحدى اللّيالي، رأى سكّان القرية اللّهب يتصاعد من الكوخ وفي الصّباح اِكتشفوا أنّه تحوّل إلى كومة رماد، بينما بقي جسد الهالكة ووجهها سليمين، فعلموا أنّها قدّيسة، وبنوا معبدا مكان الكوخ نفسه. و لكن أهمية الغريبة تكمن في كونها الآن اقدم كنائس اليهود في العالم. ومن أهم طقوس (الغريبه) هناك الـ(مناره) وهي عبارة عن هرم عال، سداسيّ الأضلاع، نقشت على كل واحد من طوابقه رموز وكتابات من التراث اليهوديّ. كما أنّه تحيط بكلّ طابق شمعدانات ذات شموع كثيرة. و توضع ال(مناره) بساحة الفندق، مغطّاة بقطع من الأقمشة، تعرض كلّ قطعة منها للبيع بالمزايدة. ثمّ تغادر الـ(مناره) معبد (الغريبه)، لتطوف بها الجموع حول المعابد اليهوديّة الّتي ما تزال مفتوحة للعبادة بـالحاره الصّغيره. - يستعمل يهود الجزيرة تمائم مختلفة و أدوات تعويذية للوقاية من (العين)، كالعقود و القلادات الواقية، التي تعلّق بالجدران، و الأيادي المرسومة أو المقلوبةة فوق الأبواب، كذلك أسماك مختلفة الأشكال تتدلّى عند مداخل المنازل أو تزوّق حديد الأبواب والنّوافذ المطروق. - المجتمع الجربي هو خليط مركب بما انه يضم أعراقا و أديانا مختلفة تتعايش فيما بينها. و لكن رغم هذا التنوع هناك وحدة في المجتمع الجربي ما يعطيه انتماءا واضحا و قويا لنفس الجهة. ويبرز هذا التفرّد على مستوى الطقوس و العادات من الممارسات اليومية البسيطة إلى تقاليد الزواج. - تأثّرت حياة سكان جربة بتعاقب عادات وتقاليد وحضارات الشعوب الوافدة عليهم مثل اليونانيين والفينيقيين والرومان والبيزنطيين والعرب المسلمين والنورمانديين والعثمانيين ولكن ورغم هذا التدفق الحضاري المتنوع فإنّ الطابع العربي الإسلامي ظلّ المهيمن على عادات وسلوكيات (الجرابة) كما يسمّي التونسيون سكانها.[/rtl] |
|