ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: الباحثة التونسية رجاء بن سلامة الأحد 20 أغسطس 2017, 8:11 am | |
| الباحثة التونسية رجاء بن سلامة لـ «القدس العربي»: تجربة تونس الديمقراطية تعطي الأمل لبقية البلدان رغم كل الدمار روعة قاسم تونس ـ «القدس العربي»: تقول المفكرة والباحثة التونسية رجاء بن سلامة، ان العودة إلى الوراء في تونس غير ممكنة، مشيرة إلى ان تونس الآن بلد ديمقراطي تقريبا وبصدد ارساء مبادئ الديمقراطية وهي الفصل بين السلطات وحرية تعبير. وأكدت ان التحدي الأكبر بعد الإرهاب هو الفساد، لأنه يمكن ان يخرب الديمقراطية، واعتبرت ان النخب التونسية ساهمت مع المجتمع المدني في انقاذ البلاد. يشار إلى ان رجاء بن سلامة حصلت على شهادة الأستاذية في اللغة والآداب والحضارة العربية عام 1985 من دار المعلمين العليا في تونس، ثم على شهادة التبريز في اللّغة والآداب والحضارة العربيّة عام 1988 من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في تونس، ثم على شهادة دكتوراه الدولة في اللغة والآداب والحضارة العربية بأطروحة عنوانها «العشق والكتابة: قراءة في الموروث». ودرست أيضا التحليل النفسي في تونس وفرنسا، وهي أحد الأعضاء المؤسسين لرابطة العقلانيين العرب، ولجمعية «بيان الحريات بفرنسا» و»الجمعية الثقافية التونسية للدفاع عن اللائكية». وهي حاليا مديرة المكتبة الوطنية في تونس. ومن أبرز مؤلفاتها: «صمت البيان» و»العشق والكتابة» و»نقد الثوابت: آراء في العنف والتمييز والمصادرة» و»بنيان الفحولة: أبحاث في المذكر والمؤنث» و «في نقد إنسان الجموع». وهنا نص الحوار. ○ لو تحدثينا عن دور المكتبة الوطنية التونسية والتحديات التي تواجهكم؟ • يجب ان نفرق بين المكتبة الوطنية والعمومية، المكتبة الوطنية تحفظ التراث المكتوب ونواتها الأولى تأسست سنة 1885 وهي تضم أهم مجموعات المخطوطات في شمال افريقيا. لدينا 43 ألف عنوانا ومخطوطا ولدينا 16 ألفا من مجموع الدوريات والنفائس، وفي المكتبة توجد إضافة إلى المخطوطات الدوريات أيضا. لدينا دوريات تعود إلى القرن التاسع عشر من مجلات وصحف وجرائد، لأن المكتبة الوطنية هي وكالة بيبلوغرافية حيث يقع الإيداع القانوني للدوريات والكتب فيها منذ مدة طويلة، وفيها وثائق وصور وبطاقات فردية نادرة، والمكتبة الوطنية تعنى بالحفاظ على تراث البلاد لذلك هي وطنية. ○ ما هي أهم التحديات التي تواجه العمل في هذه المؤسسة؟ • لأسباب سياسية هناك تصيد للأخطاء، ولكن في تقديري نجحت في تحقيق الكثير من الأهداف وقد تعرضنا لذلك في تقرير المكتبة الصادر سنة 2016. فتحنا قاعات مطالعة أخرى وفتحنا ربما أول جناح خاص بالمكفوفين في المكتبات الوطنية العربية والإسلامية منذ السنة الماضية، كما حرصنا على وجود جناح خاص بالأطفال اقتناعا منا بأهمية زرع بذور حب المطالعة لدى الأجيال الجديدة، اضافة إلى مشروع رقمنة التراث المكتوب وهو مشروع ضخم رصد له مبلغ بقيمة 50 مليون دينار في إطار الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وإلى حد الآن نجحت في ان لا يلغى لأننا وجدنا صعوبات عديدة وهو مشروع سيمكن تونس من مكتبة وطنية افتراضية بعد بضعة سنوات، إضافة إلى ذلك أعدنا فتح المكتبة الخلدونية وأطلقنا موقعا جديدا للمكتبة دون إنفاق مال. ○ هل رقمنة الكتب يمكن ان تؤثر سلبا على مطالعة الكتب الورقية؟ • بالعكس بالنسبة للمكتبة الوطنية لاحظنا ان عدد المنخرطين يزداد، لأنها خلافا للمكتبات العمومية معنية بالبحث، وعدد الباحثين يزداد حسب الإحصائيات الموجودة في التقرير الأخير، ولكن قيمة الموارد الرقمية أصبحت تزداد أهمية. وقد اتبعنا سياسة إنتاج المواد الأكترونية وإنتاج الفيديوهات. ○ كمفكرة وباحثة كيف تقيمين مستوى البحث العلمي في تونس والعالم العربي؟ • في تونس هناك باحثون جيدون في كل المجالات ويتفوقون في الخارج وفي الداخل أيضا، هم متفوقون على النطاق الفردي لكن الهياكل والأطر الجماعية للبحث العلمي هي التي تمثل مشكلة، فالباحثون جيدون ولكن الهياكل والأطر البحثية ما زالت تحتاج إلى الكثير حتى تصبح ناجعة. وفيما يتعلق بالعالم العربي اعتقد ان الباحثين يواجهون المشاكل نفسها فيما يتعلق بنقص الهياكل والأطر المساعدة. ○ كنت قد انضممت في السابق إلى حزب نداء تونس ما هو تقييمك للحزب وهل نفذ ما وعد به ناخبيه؟ • الحزب أخل بوعوده لمن انتخبوه قبل كل شيء ثم أخل بالقيم الديمقراطية في تسييره الداخلي. وما آل إليه اليوم هو بسبب الانقلابات المتكررة، وعوضا عن عقد مؤتمر ديمقراطي استولى عليه بعض الأشخاص وعلى رأسهم ابن رئيس الجمهورية وهذه مأساة. حركة نداء تونس سنة 2013 ليست هي نفسها اليوم، هناك انحدار كبير والمتسبب فيه رئيسيا هو انعدام التسيير الديمقراطي النزيه. ○ هذا الانحدار إلى أي مدى يؤثر على الوضع في البلاد؟ • طبعا يؤثر، لكن المشاهد السياسية تتغير بسرعة مهولة اليوم، انظري لما حدث في فرنسا، حزب له من العمر سنة واحدة سيطر على البرلمان، اذن المشهد التونسي أيضا بصدد التغيير. ○ وفي خضم هذه التغيرات هل هناك تهديد للمكاسب الديمقراطية التي تحققت في تونس؟ • هناك من يحاول العودة إلى الوراء ولكن هذا لم يعد ممكنا، تونس الآن بلد ديمقراطي تقريبا، لأن الديمقراطية هي التداول السلمي للسلطة، وهي مؤسسات دستورية نحن بصدد ارسائها وهي الفصل بين السلطات وحرية تعبير. لذلك أعتقد ان العودة إلى الوراء غير ممكنة والتحدي الأكبر بعد الإرهاب هو الفساد، لأنه يمكن ان يخرب الديمقراطية ولكن نحن هنا خطونا خطوات إلى الأمام. ○ اذن في رأيك هل حكومة يوسف الشاهد ستصمد أمام الضغوط في معركتها ضد الفساد المستفحل بكافة أشكاله؟ • بشجاعته وإقدامه على هذه الحرب على الفساد سيترك بصمة في البلاد حتى في سبر الآراء وصل إلى 80 في المئة درجة فيما يتعلق بمستوى رضا الرضا. ولم نكن نتوقع ان يقع القبض على حيتان الفساد الكبيرة بهذه السرعة ونأمل ان يتواصل . ○ نأتي الآن إلى مسألة أخرى هامة تهدد البلاد وهي انتشار الإرهاب والفكر المتطرف لدى عدد من الشباب رغم كل المكاسب الحداثية فماذا تقولين في الشأن؟ • لم تقع في تونس لمدة سنتين أي حادثة إرهابية، إذن من الناحية الأمنية هناك تطور ولكن فيما يتعلق بوجود الشباب التونسي في الحركات الإرهابية فهناك عاملان، العامل الأول سياسي، فحكومة الترويكا هي التي فتحت الأبواب ونظمت هجرة الشباب إلى سوريا بعد ان قطعت العلاقات فجأة مع سوريا وخلافا لعادات تونس الدبلوماسية. لقد ساهمت حكومة الترويكا في تدمير سوريا والشعب التونسي يجب ان يعتذر. شخصيا أعتذر عن الخراب الذي تم التسبب فيه، لكن المسؤولية سياسية في الأساس، وكل هذا لا يعني ان نسبة الشباب التونسي الذي يتبنى الفكر الجهادي أعلى من المغرب أو الجزائر أو المشرق أو مصر، فهناك ظروف أدت إلى ذلك أهمها، هشاشة الوضع بعد الثورة، ما أفسح المجال لبعض الجهات لتنظيم هجرة الشباب إلى أماكن القتال. هناك إحصائيات قامت بها معاهد أمريكية تدل على ان الشباب التونسي إحصائيا ليس الأكثر اقبالا على الإرهاب، وهناك ملاحظة ربما تكون وجيهة تفسر ما قيل عن شراسة الإرهابيين التونسيين في سوريا والعراق بأنهم يشعرون بالذنب لأن تونس بلد لائكي أو يعتبره الإسلاميون المتطرفون لائكيا أو انه مفرط في الابتعاد عن الإسلام. ولكن سبب وجود الآلاف من التونسيين للجهاد خارج تونس له أسباب سياسية مباشرة كما ذكرت سالفا. ○ وماذا عن الأسباب الاجتماعية وهناك من يحمل النخبة التونسية دورا في عدم توعية الشباب لأنها تعيش في برج عاجي؟ • بالعكس تماما النخبة التونسية هي التي خاضت معركة شرسة ضد الفكر المتشدد. كنا نتظاهر يوميا في باردو من أجل ذلك. النخب التونسية ساهمت مع المجتمع المدني في انقاذ البلاد. ○ هل يمكن ان يكون المثقف سياسيا ناجحا وان يوفق بين إنتاجه الفكري والنشاط العام؟ • نحن جميعا معنيون بالسياسة وكلنا يجب ان نشارك فيها. أنا ضد الرأي الذي يعتبر المثقف صاحب رسالة نورانية ويجب ان يترفع عن كل شيء وان يكون محايدا، بالعكس للمثقف دور وأنا أكره الحياد، واليوم الفئة الأسوأ هي من يمارسون السياسة التي يغيب عنها المثقفون. إذن يجب ان تتغير النخب السياسية وتطعم بنخب ثقافية. ○ كيف ترين الدور الحضاري بين الماضي والحاضر خاصة ان تونس التي أنجبت عددا من المفكرين تعيش اليوم مأزقا وتواجه تحديات صعبة في هذا المسار المفصلي؟ • اعتقد ان تونس بخوضها هذه التجربة في الانتقال الديمقراطي الحقيقي قد نجحت في تخطي العديد من الأزمات، ما حصل ليس انتقالا من باب الزينة، أي ليس مشهدا بل انتقالا ديمقراطيا حقيقيا يعطي الأمل للبلدان الأخرى حتى التي تدمرت بسبب هذا التوق للانتقال الديمقراطي ونتيجة للتدخلات الخارجية. لقد كانت الحركات والانتفاضات سلمية وتطالب بالكرامة في سوريا وليبيا وفي كل مكان وكانت حركات غير دينية أيضا، بعد ذلك دخلت أطراف وركبت على الحدث. تونس كانت أفضل حالا ربما لأسباب عديدة ولكن تجربتها في اعتقادي تعطي الأمل لبقية البلدان رغم كل الدمار. ○ كيف تنظرين الى مبادرة الرئيس التونسي بشأن المساواة في الميراث بين المرأة والرجل وما تعليقك على الجدل الذي أثارته داخليا وخارجيا؟ • لا بد أن أعلق على من يرى في هذه المبادرة حملة رئاسية وانتخابية واعتبر انها مسألة هامة تتجاوز حدود الحملة الانتخابية لأنها تتعلق بمبادئ المساواة وتتعلق بدونية المرأة أو كرامتها. وما دعا إليه الباجي قائد السبسي هو مطلب أجيال من المصلحين والحقوقيين منذ 1930 وتحديدا تاريخ مطالبة الطّاهر الحدّاد بالمساواة في الميراث. وهي أيضا استحقاق اقتصاديّ وتنمويّ بالإضافة إلى كونها قضيّة مبدئيّة وحقوقيّة. وها نحن ننتظر مواقف من أصبحوا يعتبرون أنفسهم تقدّميّين ويؤمنون بالديمقراطية والدولة المدنية. وفيما يتعلق بموقف الأزهر الذي أدلى بدلوه فيما يتعلق بالإصلاحات التي دعا إليها الرئيس التونسي، فليست المرة الأولى التي يعارض فيها المساواة أو الحريات. فرجال الدين في العالم الإسلامي في العصر الحديث خاصة لعبوا دورا سلبيا ونشروا الظلامية. واؤكد ان الأزهر ليس كنيسة دينية ولا وصاية له على أحد وكان عليه أن يصلح نفسه ويعتذر عن تاريخه في مصادرة المتصوفة والمفكرين والمبدعين على غرار ابن عربي وعلي عبد الرازق وطه حسين وغيرهم. ثم لا بد أن أؤكد على أن التونسيين انخرطوا في منظومة الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وجسّدوا ذلك في دستور 2014 الذي ينصّ على المساواة ومدنيّة الدّولة التي تقتضي تغيير أحكام الميراث. وفيما يتعلق بالإفتاء يجب أن يقتصر أمره على العبادات والأخلاقيّات، مع التأكيد على ضرورة عدم إلزامية ما يصدر عن الإفتاء وذلك بخلاف الأحكام القانونية. اعتقد ان المساواة في الميراث هو الثّورة التّونسيّة الثّانية وهذه الثّورة البديعة المستمرّة تثير المخاوف في الدّاخل والخارج. ولهذا السّبب لا أنزعج من ردود الفعل السلبيّة، فهي تجذيف ضدّ تيّار التّاريخ. المساواة آتية لا محالة، ومعها الحريّات الفرديّة، وكلّ قوانين المساواة ستمرّ، عاجلا أم آجلا. |
|