الْضَّرْب
بِأَسَالِيْبِه الْمُتَنَوِّعَة مِن الْوَسَائِل الْمُسْتَخْدَمْة فِي
تَرْبِيَة الْأَطْفَال الَّتِي كَثِيْرَا مَا تَجْرُفُهُم إِلَى عَالِم
الْخَوْف وَالْقَلَق الُمَسْتَمِر ،
وَالَّتِي تُؤَثِّر سَلَبَا عَلَى نَفسيْتِهُم وَعَلَى تَكَيُّفِهم الْذَّاتِي وَالأجْتِمَاعِي ، وَيَتَمَثَّل الْعُنْف الْتَّرْبَوِي بِضَرْب وَتَعْذِيْب الْأَطْفَال ضَرْبَا
مُبَرِّحا وَإِلْقَاء كَلِمَات سَاخِرَة عَلَى مَسَامِعِهِم مِمَّا يُشْعِرُهُم بِالْحُزْن وَالْأَلَم .
فَكَيْف يَنْسَجِم مَوْقِف الْأِسْلام مِن الْضَّرْب مَع الْأَبْحَاث وَالَّدِّرَاسَات الْعِلْمِيَّة الْحَدِيثَة ؟
وَمَا الْبَدَائِل الْتَّرْبَوِيَّة لِلْضَّرْب ؟
فَن الْعِقَاب وَالْوَسَائِل الْتَّرْبَوِيَّة :
يَحْتَاج الْمُرَبُّون وَسَائِل بَدِيْلَة عَن
الْضَّرْب كَعُقَاب عِنْد ارْتِكَاب أَبْنَائِهِم الْأَخْطَاء
لِتَقْوِيْم سُلُوْكِهِم فَمَا هِي أَسَالِيْب الْعِقَاب
الَّتِي يَسْتَخْدِمُوْنَها بَعِيْدَا عَن الْضَّرْب ؟؟
1- الْحِرْمَان مِن الْأَشْيَاء الْمُحَبَّبَة إِلَيْهِم:
فَحِرْمان الْطِّفْل مِن شَي يُحِبُّه أَو
لُعْبَة يَلْعَبُها أَو شَي مْن هَذَا الْقَبِيْل يَرْدَعُه عَن
الْتَّصَرُّف الْخَاطِئ الَّذِي قَام بِه
وَلَكِن ..
يَجِب أَن يَكُوْن الْحِرْمَان لِفَتْرَة مَحْدُوْدَة فَقَط لسّاعِه أَو
لِيَوْم كَمَا أَن الْعِقَاب يَجِب أَن يَتِم بَعْد تَّكْرَار الْخَطَأ
وَالتَوجِيّة لَه
مَرَّات عِدَّة ، فَالْحِرْمَان الْطَّوِيْل يَجْلِب الْضَّرَر الْنَّفْسِي لِلْطِّفْل .
2- الْنَّظْرَة الْحَادَّة وَالْهَمْهَمَه:
يَعْتَقِد بَعْض الْأَبَاء أَن الْنَّظْرَة
الْحَادَّة كَفِيْلَة بِأَن تَرْدَع أَطْفَالَه عَن الْخَطَأ وَفِي بَعْض
الْأَحْيَان يُضْطَر للَهَمُهِمّة
وَالْزَّمْجَرَة كَإِشَارَة مِنْه إِلَى زِيَادَة غَضَبِه .
3- الْحَبْس الْمُؤَقَّت وَالأهْمَال:
حِيْن يُخْطِئ الْطِّفْل تَطْلُب مِنْه أُمِّه
أَن يَنْتَقِل إِلَى زَاوِيَة الْعِقَاب حَيْث يَجْلِس عَلَى كُرْسِي
مُحَدَّد فِي جَانِب الْغُرْفَة
وَيُتِم إِهْمَالِه لِفَتْرَة مَحْدُوْدَة مِن
الْوَقْت وَيُمْكِن تَنْفِيذ هَذَا الْنَّوْع مِن الْعِقَاب مِن جِيْل
سَنَتَيْن ، وَبَعْد انْتِهَاء الْعِقَاب
يُتِم الْحِوَار مَع الْأَبْن عَن أَسْبَاب عَقَّابَة .
وَتَأْخُذ أَشْكَال الأهْمَال صُوَر أَقْسَى
حِيْنَمَا يَدْخُل الْأَب أَو الْأُم فَيُسَلِّم وَلَا يَخُص ذَلِك
الْأُبَن بِتَحِيَّة خَاصَّة أَو لَا يَسْأَل عَن
بَرَامِجُه فِي ذَلِك الْيَوْم أَو يَمْدَح
غَيْرِه مِن الْأَبْنَاء أَمَامَه عَلَى أَن لَّا يَكُوْن ذَلِك الْعِقَاب
إِلَا لِلْعِقَاب عِنْد الْأَخْطَاء الْكَبِيْرَة
وَيُنْصَح بِعَدَم الْإِكْثَار مِن هَذَا الْأُسْلُوب الِإ لِلْحَاجَة الْمُلِحَّة .
4 - الْتَّهْدِيْد :
بَعْد أَن تَسْتَنْفِذ كُل الْوَسَائِل
الْتَّرْبَوِيَّة الْأُخْرَى تُضْطَر الْأُم إِلَى تَخْوِيْف أَبْنَائِهَا
وَتَهْدِيْدُهُم بِالْضَّرْب وَإِذَا أَصَر الْبَعْض
عَلَى الْخَطَأ الْشَّدِيْد وَلَم يَأْبَه
بِتَهْدِيدِهَا تُضْطَر أَخِيِرَا لِتَنْفِيْذ تَهْدِيِّدَاتِهَا
بِالْضَّرْب غَيْر الْمُؤْذِي وَلَا الْمُبَرِّح .
أُخَر الْعِلَاج الْضَّرْب:
الْضَّرْب أُخَر الْوَسْائِل وَلَيْس
أَوَّلُهَا وَلِلْضَّرْب شُرُوْط وَآَدَاب وَلَا يَكُوْن إِلَّا فِي
الْأُمُور الْكَبِيْرَة كَتَرْك الْصَّلاة وَلَكِن يَجِب أَن
يَسْبَقة الْخُطُوَات الْتَّأْدِيبِيَّة الْسَّابِقَة .
مُوَاصَفَات أَدَاة الْضَّرْب :
- أَن تَكُوْن مُعْتَدِلَة الْحَجْم
- أَن تَكُوْن مُعْتَدِلَة الْرُّطُوْبَة فَلَا تَكُوْن رَطْبَة تَشُق الْجِلْد لِثِقَلِهَا ، وَلَا شَدِيْدَة الْيُبُوسَة فَلَا تُؤْلِم لِخِفَّتِهَا
طَرِيْقَة الْضَّرْب :
- أَن يَكُوْن مُفَرَّقَا لَا مَجْمُوْعَا فِي مَحَل وَاحِد
- أَن يَكُوْن بَيْن الْضَّرْبَتَيْن زَمَن يَخِف بِه الْأَلَم الْأَوَّل
- أَلَّا يَرْفَع الْضَّارِب ذِرَاعِه لِيُنْقَل الْسَّوْط لأَعْضِدِه حَتَّى يُرَى بَيَاض إِبْطِه لِئَلَّا يُعَظِّم أَلَمِه
- أَن لَا يُضْرَب الْوَجْه وَالْرَّأْس ...
عَن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عُلَيَّة وَسَلَّم قَال : ( إِذَا ضَرَب
أَحَدُكُم فَلْيَتَّق الْوَجْه )
كَمَا يُؤَكَّد الْأَخِصَّائِيُّون عَلَى أَن أَفْضَل مَكَان لِلْضَّرْب الْيَدَيْن وَالْرِّجْلَيْن
- لَا ضَرْب مَع الْغَضَب
الْعِقَاب بِحَجْم الْخَطَأ:
عَلَى الْأَبَاء وَالْأُمَّهَات مُرَاعَاة
أَخْطَاء أَبْنَائِهِم وَأَن يَكُوْن الْعِقَاب بِحَجْم الْخَطَأ فَلَا
يُعْقَل أَن يَكُوْن عِقَاب الْأُبَن الَّذِي
تَكَاسُل عَن غُسْل يَدَيْه بَعْد الْطَّعَام مِثْل عِقَاب مَن سَب جِيْرَانِه وَشَتْمُهُم ، فَعَلَى الْأَبَاء أَن يَتُدَرِجُوا فِي رُدُوْد فِعْلِهِم
وَفْق مُسْتَوَى أَخْطَاء أَبْنَائِهِم .
بِالْنِّهَايَة ...
الْضَّرْب مُفِيْد بَعْض الْأَحْيَان لَكِن اجْعَلْه عَزِيْزِي الْمُرَبِّي أُخَر وَسَيْلَة لِلْتَّفَاهُم مَع أَبْنَائِك