[rtl]منيَّته في أمنيته/ السيارة الحلم[/rtl]
كم من فتى كانت منيته في أمنيته!
عشرات القصص الحقيقية والرمزية تعبر بوضوح وجلاء عن هذا العنوان والمعنى.
استشهد أبو الشاب الضابط في الجيش الأردني في حرب 1967، وكان في بطن أمه التي لم يمضِ على زواجها سوى بضعة أشهر، ولما ولدته ترملت عليه وفاءً لأبيه، ولكي تعمل على تربيته على أفضل القيم والمعاني، رفضت الزواج رغم أنها كانت على قسط كبير من الجمال والجاه والمال، وتفرغت كاملاً لتربية ابنها الوحيد كما يجب أن يكون عليه الشاب المؤمن المميز، وكان فلذة كبدها المدلل هو أملها وحياتها ومستقبلها يملأ عليها كل شيء في دنياها حتى تخرج من الجامعة حقوقياً متقدماً، وأدخل القوات المسلحة وفاء لأبيه الضابط الشهيد، وكانت أولى أمنياته وحلمه الكبير الذي يملأ عليه فكره وذهنه هو أن يمتلك سيارة حديثة، وكانت رغبة أمه وأمنيتها أن يتزوج لكي يقر عينيها بذريته وأحفادها لتنعم بهم أنساً وحناناً وترى فيهم ثمرة جهدها وجهادها وصبرها وسهرها وعطائها، ولكنها تحت إلحاحة وإصراره لبت رغبته واشترت له سيارة حديثة، وفي أول مشوار له في ذهابه من الطفيلة إلى عمان وعلى أول الطريق حصل معه حادث مؤسف، ثم أخذ صاحب الوديعة وديعته ولفظ هذا الشاب الأمل أنفاسه الأخيرة التي قطّعت أنياط قلب أمه لتعيش حزناً جديداً على حزنها القديم، والله وحده الذي يلهم الصبر والسلوان.
وكم كانت قصة هذا الشاب مؤثرة ومحزنة بهذه النهاية المؤسفة لكل من يعرفه أو سمع بقصته ولله في خلقه شؤون وعبر وصدق المثل كم فتى كانت منيّته في أغلى أمانيه.
ونصيحتي لكل أخٍ ولكل شاب أن يطامن من غلواء تطلعاته وأمانيه والإفراط في العمل على تحقيقها على أن فيها السعادة والراحة، وصدق الله العظيم ((وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)) [216 البقرة].
وعلى المسلم إذا لم تتحقق أمانيه ومبتغياته وطلباته أن يرض بقضاء الله وقدره وأن الخيرة فيما اختاره الله له، وأما ارتشاف الندم، وتجرع الحسرات، وإشعال لهيب الآهات، والعيش في بيداء الندم والحسرة، يدلل على عدم القناعة بما قسم الله له استجابة لقول الله ((ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور)) [22 الحديد[.
وتسليماً لقول النبي r (ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك) وقوله كذلك (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف).
فالقناعة بقدر الله هي الرضا والطمأنينة التي تسكب في القلب السعادة والراحة، مع إيماننا أن الله قدّر وقدره نافذ وما شاء فعل، وما كل ما يتمناه المرء يدركه، وإلا فإن الأسى واللوعة والتذمر والحسرة تدمر حياة الإنسان وتجعله يعيش الحياة بنكد وشقاء.
دع الأيام تفعل ما تشـــاء وطب نفساً إذا حكم القضــاء