ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: تنشئة الأبناء على الشعور بالمسؤولية وتوليها الخميس 27 نوفمبر 2014, 7:36 am | |
| [rtl]تنشئة الأبناء على الشعور بالمسؤولية وتوليها[/rtl] [rtl] [/rtl][rtl]
د.فيصل غرايبه استشاري اجتماعي
ان من المفترض أن تحظى المسؤولية الاجتماعية باهتمام الأسرة، حيث تسعى أن تنشئ أبناءها على الشعور بالمسؤولية والقدرة على تحملها،فتبدأ بتدريب أطفالها على المبادرة في تحمل مسؤوليتهم تجاه أنفسهم بأنفسهم، تبدأ ذلك بالأمور الصغيرة الهينة المحدودة،إلى أن تمضي إلى ما هو أكبر وأعقد وأصعب،وهي تقصد بذلك أن يشب الطفل ويكبر وهو قادر على تحمل المسؤولية ولا يلجأ إلى الآخرين لمساعدته في تولى هذه المسؤولية نيابة عنه،باعتبارها من خصوصياته وشؤونه لوحده،وتمضي الأسرة إلى إكساب أبنائها مسؤوليات أخرى تجاه الآخرين،وتؤكد عليهم أن يتقنوا القيام بها كما ينبغي أن تكون،وتحاول أن تخرجهم إلى دائرة أوسع من المشاعر ومن الأفعال المرتبطة بالمسؤولية تجاه الحي الذي يعيشون فيه والمجتمع الذي ينتمون إليه. ومن المتوقع أن تواصل المدرسة المهمة التي بدأتها الأسرة، فتسعى من خلال الدروس والأنشطة والتوجيه المباشر وغير المباشر،أن تعلم طلبتها كيفية تحمل المسؤولية،وان تنمي فيهم الشعور بالمسؤولية،فتعودهم الاعتماد على أنفسهم في التفكير وفي الإجابة على الأسئلة وفي النقاش وفي أداء أدوار من خلال الأنشطة،ويفترض أن يشدد المعلمون على طلبتهم أن يقوموا بأداء الواجبات الدراسية البيتية بأنفسهم،وأن تدعوهم إدارة المدرسة إلى الاهتمام بالنظافة والترتيب داخل الصف وفي ساحة المدرسة وفي محيطها الخارجي،وذلك كتدريب على تحمل المسؤولية في مواقف الحياة المختلفة . ولا تتوقف تلك المواقف التربوية والتدريبية عند ذلك الذي تفعله الأسرة وتفعله المدرسة،في سبيل خلق الاتجاهات الايجابية عند الناشئة تجاه المسؤولية،شعورا أولا وقدرة ثانيا،وكذلك استعدادا ورغبة وحماسا ثالثا،تبدأ بالذات،وتمتد من الأسرة إلى المجتمع المحلي فالمجتمع الوطني فالقومي فالإنساني.وهكذا حتى تصبح واجبا يحس الإنسان بأنه عليه أن يؤديه،وان لم يؤديه يشعر بالحرج أو الندم أو الضيق،وهو في نظر الآخرين سلبي أو مقصر أو متخاذل،إذ أنه لم يقم بواجبه ولم يتولى مسؤوليته الاجتماعية على النحو المنتظر أو المأمول.
المسؤولية الاجتماعية لا تقوم كطبيعة في الأنسان: لا تقوم المسؤولية الاجتماعية كطبيعة في الفرد، ولا تتحقق بالحث على وجودها لديه،إنما تتشكل من عناصر،تعين على توفرها، فهي تحتاج إلى اهتمام الفرد بالمجتمع والمحيط الذي يعيش فيه، فيرتبط بهما عاطفيا ومعنويا،وبمبعث من هذا الارتباط فانه يهتم أن يكون هذا المحيط آمنا مستقرا متماسكا يرتبط أعضاؤه ببعضهم بروابط التفاهم والثقة المتبادلة، ويشعر هو كما الجميع أن مصلحة واحدة مشتركة تربطهم بهذا المجتمع،وهذا المكان الذي لم يعد حسب مشاعرهم كأي مكان،إذ أن مشاعرهم تدعوهم إلى أداء واجب خدمته وحمايته وتطويره . كما تحتاج المسؤولية الاجتماعية الى الفهم المتبادل بين المواطن والمجتمع،عندما يفهم المواطن المجتمع الذي ينتمي إليه،كإطار ثقافي له عاداته وتقاليده وأعرافه ومعتقداته واتجاهات التفكير فيه وآمال الناس العامة وطموحاتهم لمستقبل مجتمعهم، وعندما يفهم المواطن وخاصة وهو في ريعان شبابه، معنى مشاركته في النشاط العام من أجل مصلحة المجتمع،وإدراكه لأهمية هذا الدور،الذي يشكل جزءا مهما من أدانه،ويحرزون مكانة اجتماعية أفضل عند القيام به .وبدافع من ذلك الفهم وذاك الاهتمام،تحتاج المسؤولية الاجتماعية،الى مشاركة الفرد للآخرين، لانجاز الأعمال التي تتطلبها مصلحة المجتمع،وهي لن تتحقق إلا بتضافر جهود أعضاء المجتمع،وهم في حالة من التأهب والرغبة والحماس،للقيام بأفعال لصالح المجتمع،وخارج إطار المصلحة الشخصية والكسب الخاص .
تنامي المسؤولية الاجتماعية: لن يكتب لتنمية المسؤولية الاجتماعية النجاح المستمر مع تطور شخصية الإنسان،إلا إذا مثلت القدوة الصالحة أمام أبناء الجيل، من الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات وكل من يشكل مثالا للناشئة، سواء بالتعامل المباشر معهم في حياتهم ومعايشهم، أو بالاتصال غير المباشر عبر وسائل الاتصال والتوجيه والثقافة المختلفة،وعكس ذلك يولد ردة فعل قوية وسريعة،تضر بمدى تمسك وقناعة الأجيال بالمسؤولية الاجتماعية،وتقلل من ثقتهم بمجتمعهم، مما يدفعهم إلى التخلي عن اهتمامهم بشؤونه وبمستقبل الحياة فيه،رغم أنهم جزء من هذا المستقبل،وحياتهم جزء من هذه الحياة. اذ لما كانت تنمية المسؤولية الاجتماعية، تشكل طاقة يتمتع بها الفرد ويوظفها لأداء واجباته وللدفاع عن حقوقه في نفس الوقت، فالإنسان يحاول دائما مهما كانت حياديته وموضوعيته، أن يوزن واجباته وحقوقه بشكل متقابل ، ولا يخفف من حدة ذلك إلا تنامي الشعور بالمسؤولية الاجتماعية،وأول ما يعزز هذا الشعور هو تحقيق العدالة الاجتماعية.
كيف تنجح عمليات تنمية المسؤولية الاجتماعية؟: يشكل تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص اهم ضمانة لنجاح عمليات تنمية المسؤولية الاجتماعية، اذ أن اصطدام الشباب في حياتهم اليومية بممارسات تحيد عن هذا المبدأ، يضعف من قناعتهم بهذه المسؤولية،سواء كانت هذه الممارسات تتم في إطار ضيق محدود: بين الأبناء من قبل الأب مثلا، أو بين الطلبة من قبل أحد المعلمين مثلا ثانيا،أو مورست في إطار أوسع على مستوى المجتمع المحلي أو المجتمع الوطني.هذا ما يجعلنا نقول لجيل الكبار أن مهمة تنمية المسؤولية الاجتماعية لدى الأبناء تقع عليكم،فهي غرسة تبدأ بذرة في الصغر،وتسقى وترعى وتخصب،حتى تقوى ويشتد عودها،وتصبح ممارسة حياتية لا تقوى عليها مشاهد الخرق أو الفساد،ولا تزعزعها تداعيات الانتهاك والإهمال من قبل البعض،قل هذا البعض أو كثر،وعلى المجتمع بمؤسساته وتنظيماته الصغيرة والكبيرة،أن يدرك في نفس الوقت أن من مسؤوليته أن يحافظ على تلك الغرسة التي غرست في نفوس أبنائه ويترجمونها سلوكا وممارسة ، وذلك بتضييق فرص الاختراق وعدم المساواة ومجافاة العدالة ، في مختلف الفعاليات والتنظيمات ، والتي تشكل تهديدا لقناعات الشباب بالمسؤولية تجاه المجتمع ونحو حاضره ومستقبله .
أتيحو فرص المشاركة أمام الشباب: تشكل إتاحة الفرص أمام الشباب للمشاركة، ميدانا رحبا لتنمية المسؤولية الاجتماعية،تبدأ بإشعار الشاب بأهميته،وتبلغه الاعتراف بدوره الاجتماعي وتشركه بعملية تبادل وجهات النظر،ومناقشة البدائل المطروحة،وتدخله في عملية التخطيط للعمل الجماعي من أجل المجتمع،وفي توزيع الأدوار التنفيذية والمتابعة والتقييم، وفي كل عمل يقوم به وفي كل دور يسند إليه،يوضع الشاب في وضعية المتدرب والممارس لمسؤوليته الاجتماعية،وكلما كانت هذه الوضعية مريحة،تلاقي التقدير والتشجيع والدعم والتأييد،وتتم بروح رياضية متسامحة،وبإدارة ديمقراطية عادلة ،مما يوفر لنجاح لتنمية المسؤولية الاجتماعية لدى الشباب ويزيد من إمكانية ممارستها في مختلف المواقف والحالات. ولنعلم إن استشعار المسؤولية الاجتماعية،كركن من أركان بناء شخصية الإنسان،يكون انجازا كبيرا على مستوى الوعي في أوساط المجتمع،على أن يتعدى حدود الذهن،ولا ينحصر بالحدود النظرية لهذا المفهوم، ولا يترجم إلى واقع ملموس على صعيد الممارسة، لأن ذلك يحول الشعورالى يأس من الاستفادة من التجارب،بعد أن يتجاوز المجتمع مشكلته الطارئة، أو أن يعتاد الحالة السالبة. لقد تلازمت الدعوة إلى الإصلاح واختيار الطريق الأفضل والأسلوب الأنسب لإحداث نقلة نوعية ملموسة في حياة الوطن وفي معيشة المواطن مع طرح قضية المواطنة الحقة التي تبني الوطن النموذج وتنقله إلى مستوى الآمال العريضة والطموحات الكبيرة،والتي تعبر عن إرادة أهل العزم وعن إرادة مجموع المواطنين الذين يشعرون دائما بمسؤوليتهم تجاه بلادهم ليوطنوا الأركان على الاستقامة وليعلوا البنيان بإتقان، يحدوهم الأمل و تقودهم العزيمة على مواجهة التحديات ومن ثم تحقيق أعز الآمال والوصول إلى أعز الطموحات،ويسلمها الجيل بعد الجيل راية خفاقة تزدهي بها الأجيال. أن استنبات المسؤولية الاجتماعية في شخصية الشاب،وبثها كاتجاه عام في صفوف الشباب،سواء كقناعة أخلاقية،أو كممارسة عملية، ينبغي أن يشكل هدفا للنظم الاجتماعية جميعها - والنظام الأسري والتعليمي في مقدمتها - والمؤسسات العاملة على تحقيق أهدافها وتسهيل أدائها لأدوارها في المجتمع.[/rtl] |
|