منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 دولة المواطنة في الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

دولة المواطنة في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: دولة المواطنة في الإسلام   دولة المواطنة في الإسلام Emptyالسبت 29 نوفمبر 2014, 9:56 am


[rtl]دولة المواطنة في الإسلام
أود بداية أن أعرّف باختصار وبرأيي الدولة الدينية والدولة العلمانية ليتسنى لنا فهم مفهوم الدولة في الإسلام كما كانت وكما يجب أن تكون.
الدولة الدينية هي حكم ديني بالكامل يكون فيه الدستور والقانون خاضعين خضوعا مطلقا لحكم الله أو «حكم السماء» كما يقولون، ويكون الرئيس أو الخليفة أو الإمام هو الحاكم المطلق بأمره الموحى من الله كما هو في الكتب الدينية وكما يرى هذا الرئيس بصفته المفوض من الله، والدولة العلمانية هي التي تقوم على مبدأ «الدين لله والوطن للجميع»، ودون أن يعني هذا أن الدولة كافرة أو غير ذلك أو ديمقراطية أم لا، وواضح لمن قرأ تاريخ دولة الإسلام منذ عهد الرسول حتى انهيار «دولة الخلافة» العثمانية أن الدولة الإسلامية لم تكن دينية ولا علمانية وإن كانت أقرب للعلمانية ويحكمها بصفة مبدئية شريعة الإسلام.
لقد كانت دولة الإسلام التي أسسها الرسول في المدينة بعد الهجرة دولة إسلامية دستورها القرآن وقوانينها (التي لم تكن مكتوبة غالبا) تعود إلى ما يراه الخليفة المفوض من الشعب بالمبايعة (حتى عهد علي) بما لا يتعارض مع الشرع وبما يراه أقرب للعدل والانصاف والمنطق. وهو ليس حاكما مطلقا بل له مجلس شورى وبابه مفتوح لكل الآراء. والرسول إضافة إلى كونه نبيا ورسولا كان قائداً عسكرياً ورئيس دولة وقاضيا في الوقت نفسه، وكذلك كان خلفاؤه. وفي مثل هذا الوضع فان عليه أن يتعامل مع كثير من القضايا الدنيوية وعلاقات الناس الاجتماعية والاقتصادية وفي الحرب وغير ذلك، وهذا يتطلب من الواحد منهم أن يستشير ويفتي ويتصرف بما يراه الأصح والأنسب في مسائل كثيرة لا جواب لها في القرآن أو السنة بل في الاجتهاد بناء عليهما، ومن هنا نشأت الخلافات والاختلاف بين الفقهاء، وما زاد من هذا الخلاف هو ما فهم كل من الفقهاء من آيات القرآن بطريقته الخاصة لا سيما في الآيات المتشابهات. وبرغم أن في هذا الاختلاف رحمة للتيسير على الناس الاّ أن الناس جعلوه خلافا وانشقاقا عن الدين وسببا للتكفير والتناحر والاقتتال بكل أسف. كذلك أساء هذا الاختلاف إلى الإسلام والمسلمين في العالم لا سيما في ما يرونه من عنف وقتل وارهاب من بعض المسلمين لسوء فهمهم لآيات القرآن التي تتعلق بالجهاد والقتال ومعاملة أهل الذمة في الدولة الإسلامية (ليست داعش وانما الدولة بمفهومها)، ولسوء فهمهم للأحاديث الصحيحة وتمسّكهم بالأحاديث المدسوسة والتي يدّعون أن قائلها لا ينطق عن الهوى فعلينا تصديقها. وآية «وما ينطق عن الهوى» قيلت بحق القرآن الموحى وليس أحاديثهم المزوّرة والرسول منها براء. وفي الحقيقة فان القرآن والأحاديث الصحيحة لا تنص اطلاقا على نشر الدين بالقوة ولا تعامل أهل الذمة من غير المسلمين كما يرى هؤلاء الضالون. فالقتال والجهاد هو فقط دفاع عن النفس لصد العدوان أو حرب استباقية مشروعة على من يعد العدة لقتال المسلمين. ومن يدّعي غير ذلك عليه تعلم العربية أولا ثم قراءة القرآن وتفسيره وكذلك الأحاديث التي فهمت خطأ كحديث «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله.. الخ» فالمقصود من كلمة الناس هنا قريش التي تحارب المسلمين وليس كل الناس، حيث يمكن لغة استعمال تعبير عام يراد به الخصوص كما ورد في كثير من الآيات (الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم...»آل عمران 173») فالذي قال هو شخص واحد اسمه نعيم بن مسعود الثقفي، والناس الذين جمعوا هم قريش. وآية قوم لوط (وفجرنا الأرض عيونا...) فلم يفجّر الله كل الأرض ولكن أرض القوم فقط. وأهل الذمة في الدولة الإسلامية هم مواطنون متساوون مع المسلمين في كل الحقوق حتى الولاية لمن صلح منهم وثبتت نزاهته واخلاصه للوطن والأمة. وقد فهم الناس آية «لا تتخذوهم أولياء» خطأ لأن المقصود اليهود والنصارى المتحالفين ضد الإسلام فقط وليس على اطلاق المعنى، وكما كان أيام الحروب الصليبية والآن في الغرب حيث تحالف البروتستانت الجدد مع اليهود الصهاينة. وتاريخ الدولة الإسلامية شاهد على ذلك حيث حارب مثل هؤلاء المواطنون مع الرسول في أحد وحنين وتولى كثير منهم مناصب هامة في الدولة الإسلامية عبر القرون.
المشكلة الكبرى تكمن في عدم فهمنا للقرآن والسنة الصحيحة واتباعنا لما وجدنا عليه آباءنا دون عقل ولا تفكير ولتقديمنا عمليا البخاري ومسلم على القرآن ولو ادّعينا العكس. وهجرنا للقرآن هجرا شبه مطلق. والهجر ليس بالضرورة وضعه على الأرفف بل اننا نقرؤه ونحفظه ونتسابق ونبدع في ذلك لكن دون أي محاولة لفهمه وتدبره حيث يقول الرسول يوم القيامة لربه: «وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا» (الفرقان 30). وهو الكتاب الذي يقول فيه عز وجل «ما فرّطنا في الكتاب من شيء» لكنهم يقولون ان القرآن ناقص أو غير واضح وأكملته أو أوضحته السنة!! (أي البخاري ومسلم رحمهما الله عند السنة والكافي عند الشيعة). وهذا شطط وضلال واجرام بحق الدين والأمة وأساء لنا وللدين وجعلنا مضرب المثل في العنف والاجرام، وها هي أفعالنا تشهد على ذلك. نعم ان الإسلام دين ودولة. دين لمن شاء (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. لا اكراه في الدين)، ودولة بحكم الشرع للجميع بعدل ومساواة دون أي اعتبار لدين أو عرق أو فئة الاّ بالتقوى. والتقوى قد تكون عند المسلم وغير المسلم وقد لا تكون. وأهل الذمة كلهم مؤمنون بالله وهذا هو الحد الأدنى المطلوب منهم من الله. وتكفير المعتقدين بالثالوث المقدس (ولا يعتقد كثير منهم بذلك) لا يعني فقدان أي حق لهم في المواطنة والحقوق الأخرى كاملة تماما كالمسلم ما دام لا ينازع الدولة ولا يحاربها بأي طريقة من الطرق. وحكم القرآن للمسلم وغير المسلم عادل وهو حكم الله وليس حكم البشر. وهو يحترم حقوق الناس جميعا بلا فرق. والجزية تقابل الزكاة لمن يستحق عليه ذلك فقط وهما ليسا عقوبة.
هناك أمثلة في عصرنا للدولة الإسلامية الأقرب لما يجب أن تكون، كاندونيسيا وتركيا ومشروع الدولة في تونس. وهي دول ديمقراطية. والديمقراطية في الإسلام تعني الديمقراطية المتعارف عليها وهي حكم الشعب للشعب (وهو هنا مسلم) في حدود ما شرع الله دون مخالفة الاّ ما خص غير المسلمين في خصوصيتهم الدينية. وبذلك تكون كل الأمور الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية وغيرها هي مسائل دنيوية يتفق عليها بالرأي والمشورة. فالديمقراطية ليست كفرا. والوطنية ليست كفرا لأن الوطن أرض الدولة وأرض مكوناتها الاجتماعية والجغرافية وهي واجبة الدفاع عنها. وكذلك القومية العربية والقبلية ليست بالكفر لأن الله جعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف. ولا يجوز مسح هذه الخصوصيات والمكونات الاجتماعية في الدولة الإسلامية ما دامت لا تعارض الدولة والنظام. فللفئات المختلفة من المجتمع أن تحتفل بمناسباتها الخاصة وأن ترفع علمها الخاص ان كان لها علم لكن دون منازعة الدولة والناس. فالإسلام يحترم غير المسلمين في خصوصياتهم، ومن باب أولى أن يحترم خصوصية الفئات المسلمة في الدولة.
ثمة أمر آخر هام جدا وهو وجوب إعادة النظر في الحدود التي أساء تطبيقها للإسلام بشدة نتيجة لسوء فهم مشايخنا وعلمائنا للأحكام لتركهم القرآن وعبادتهم للنصوص المتوارثة التي وجدوا عليها آباءهم لا سيما ما يتعارض منها مع أحكام القرآن الواضحة كقتل المرتد ورجم الزاني المحصن وقطع يد السارق، هذه أحكام في القرآن ليس لأحد أن ينكرها أو ينقضها لكن يجب أن نفهمها ونفهم ما قصده القرآن منها، فهم يأخذون الحديث «من بدّل دينه فاقتلوه» (وهو ضعيف السند عن عكرمة ومردود المتن لتعارضه مع القرآن) ويتركون القرآن الذي يقول «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» و«لا اكراه في الدين» وآيات أخرى كثيرة، وكذلك السنة التي نهى فيها الرسول عن قتل المنافقين المعروفين وهم أخطر من الكفار. وحد الزاني (محصنا أو غير محصن) هو الجلد مائة جلدة بنص القرآن. ولا يجوز رجمه حتى الموت بناء على ما أمر به الرسول في حالتين تم الرجم فيهما على شريعة ابراهيم وموسى ولم تكن آية النور (مائة جلدة) قد نزلت حيث نسخت حكم الرجم رحمة بالناس. ومن الاجرام بحق القرآن أن نقول بأن آية الجلد لم تنسخ حكم الرجم الذي لا نصّ عليه في القرآن. وعلى الذين هجروا القرآن واتبعوا ما يرونه سنّة أن يعودوا لخطبة الوداع ليروا حكم الزانية المتزوجة (وهو العظة والهجر والضرب)، وكذلك قطع يد السارق فلا تقطع يد من سرق أول مرة حتى لو كانت الظروف موجبة حيث يمكن معاقبته بعقوبة مناسبة لحجم وطبيعة السرقة، والمقصود بالآية هو محترف السرقة (الحرامي) أي الذي يكرر العملية ولم تردعه عقوبة سابقة.
لقد شوّهنا صورة الإسلام باساءة فهمنا للقرآن وتمسّكنا بما وجدنا عليه آباءنا ولو كانوا لا يفقهون شيئا ولا يعقلون. فلنعد إلى القرآن وسنة الرسول الصحيحة التي تشرح وتوضح ما أجمل في القرآن وبعقل مفتوح وليس من موقف مسبق يقدّس المعتقدات البالية التي لا يقبلها الله ولا العقل السليم.
[/rtl]






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

دولة المواطنة في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: دولة المواطنة في الإسلام   دولة المواطنة في الإسلام Emptyالجمعة 12 أكتوبر 2018, 7:01 am

المواطنة بين المصطلح والمفهوم (قراءة في الفكر السياسي الإسلامي)

المواطنة واحدة من أهم مفردات الدولة الحديثة، وهو تعبير يهتم بنسج علاقة عادلة ومتوازنة بين مكون الشعب وبين مكوني الاقليم والسلطة السياسية داخل الدولة بما يضمن مكانة فاعلة للفرد داخل مجتمعه.

فالمواطنة هي التي توجد المعادلة الناجحة لمواجهة تحديات الدولة من خلال الموازنة بين منظومة الحقوق والواجبات.

ولفظة (مواطنة) لم ترد في كتب التراث الاسلامي التي تهتم بالسياسة الشرعية، وهو مصطلح دستوري مستحدث بدأ الحديث عنه في القرن السابع الميلادي ولكنه لم يستقر بشكله النهائي إلا بصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948م بمعنى أن مصطلح المواطنة مر بمراحل تطور وانضاج الى أن استقر على المفهوم الذي يتداول اليوم.

فكرة المواطنة:

تقوم فكرة المواطنة على فك حالة تعارض المصالح التي تُفضي الى الاختلاف والتنازع بين أفراد البلد الواحد المتنوعون عرقياً أو دينياً او طبقياً اجتماعياً واقتصادياً. بل يتعدى حالة فك التعارض في المصالح الى ايجاد صيغة تعايش مشترك ، هذا على مستوى علاقة مجموع الافراد في الدولة الواحدة.

ومن ناحية اخرى فان فكرة المواطنة تقوم على أساس ايجاد علاقة متوازنة بين مجموع افراد الشعب في الدولة وبين  السلطة السياسية أساسه العدل والمساواة في الحقوق والواجبات.

ولذلك فان فكرة المواطنة تأتي مرافقة لتشكيل الدولة وتأسيسها في محاولة  حقيقية لاذابة الفوارق وتقليص الفجوات بقدر الامكان، وخلق حالة من التناغم والتكامل داخل المكونات الاجتماعية في الدولة الواحدة مع الاخذ بعين الاعتبار ان هذا لا يعني شطب او الغاء تعدد الديانات وتنوع العرقيات واختلاف الثقافات داخل الدولة ، لكن مفهوم المواطنة يحدد اسهام كل فرد او جماعة او طائفة في الدولة وما يمكن أن يقدم فيها من انجازات تعود على المجتمع بكليته بالخير والفائدة والرفاه.

وهذا المعنى يدل عليه المعنى اللغوي لكلمة "مواطنة" على وزن "مفاعلة" والتي تفيد المشاركة في تشكيل حالة تشاركية إما سياسية او مجتمعية او اقتصادية او فكرية وأدبية.

وبالتالي فهي تشكل المدخل الطبيعي للتعايش السلمي بين أفراد الشعب في الدولة الواحدة وبين الأمم والشعوب وعلاقتها مع بعضها البعض، وكذلك ترسخ حالة الاستقرار السياسي وتضمن الممارسة الديمقراطية الحقيقية في التعددية والتدول السلمي على السلطة.

فالبديل عن ترسيخ مفهوم المواطنة بما يحمل من معاني ايجابية هو انكفاء كل مكون على نفسه وتقوقعه وبالتالي ضعف أواصر التواصل في المجتمع، والأخطر من كل ذلك وجود بيئة خصبة لوقوع الاختلافات والتدافعات الاجتماعية والسياسية التي قد تفضي الى النزاعات المسلحة وعندها يسهل على أعداء الدولة اضعافها وانهاكها والسيطرة عليها.

مفهوم المواطنة:

مفهوم وليس تعريف اصطلاحي، لوجود تباين يصعب من خلاله تحديد تعريف متفق عليه للمواطنة، وذلك لاختلاف زاوية النظر التي يُنظر منها للمواطنة، فمفهوم المواطنة يعالج أبعاداً ومجالات متعددة منها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقانونية والقيميّ والثقافي والمكاني، ولكل مجالٍ وبُعدٍ مفهوم ودلالة يحملها ويعبر عنها.

وهنا ترد عدة تساؤلات على المواطنة في محاولة تحديد مفهومها:

- هل هي علاقة الفرد مع الوطن الذي هو النطاق الجغرافي الذي ولد ونشأ فيه فهو ينتسب اليه او يقيم به اقامة دائمة؟

- أم هل هي علاقة الفرد مع المجتمع الذي يتداخل معه يومياً في مختلف نشاطات الحياة اليومية وما ينشأ عنها من تقاطعات ومصالح مشتركة وتحقيق نفعٍ عام؟

- أم هي علاقة الفرد مع السلطة السياسية بما ينشئ الحقوق ويرتب الواجبات التي تنشئ التزامات متبادلة له وعليه؟

أعتقد ان كل ما سبق هو جزء من مفهوم المواطنة لا يمكن تجاوزه فالمواطنة أساساً تحدد علاقة الفرد بمن حوله ضمن اطار الدولة بكل مكوناتها سواء أكانت سلطة سياسية او كانت علاقة الفرد مع مجموع افراد المجتمع، وكل ذلك يجري ضمن أرض الدولة ونطاقها الجغرافي.

لكن المواطنة الصالحة مرتبطة أساساً بالسلوك البشري من عموم أفراد المجتمع حكاماً ومحكومين بحيث يكون ذلك السلوك صحيحاً ومفيداً ونافعاً للفرد نفسه وللمجتمع من حوله.

ومن هنا يجب التركيز على الانسان وتأهيله وتوفير الأمن والحماية له، وتحقيق كرامته وتوفير العيش الكريم والرفاهية بما يمكّنه ويعينه على القيام بواجباته وجعله عنصراً ايجابياً وفاعلاً في محيطه.

وعليه فان المواطنة ليست مجرد انتساب لنطاق جغرافي معين، وانما يحمل مفهوماً أكبر وأعمق له علاقة بمكونات المجتمع نفسه، وبالسلطة السياسية وحقوقه السياسية، وله علاقة بالجانب الاقتصادي وممارسة حقوقه الاقتصادية وغيرها من الأبعاد والمجالات المختلفة.

معنى ذلك ان مبدأ المواطنة لا يتعارض مع الانتماء القومي العروبي ولا يتعارض مع الانتماء للامة الاسلامية والشعور الديني كما انها لا تتعارض مع انتماء الفرد لعشيرته التي ينتسب اليها فهي حلقات متواصلة ومتداخلة، بينها تقاطع واشتراك كبير، فالمواطنة في البعد السياسي تنظم علاقة الفرد مع السلطة السياسية ولها تعبير سياسي من خلال المشاركة السياسية ترشيحاً وانتخابات وحق تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية وتسلم المناصب العامة والعليا في الدولة، ولها تعبير قانوني من خلال مجموع الحقوق التي يتمتع بها بسبب الحصول على جنسية تلك الدولة من حق التعليم والتأمين الصحي والمحاكمة العادلة وغيرها.

والمواطنة في بعدها الاجتماعي يعبّر عنها من خلال المساواة والحرية والتعايش السلمي وغيرها.

أما علاقة الفرد باسرته وعشيرته فلها طابع اجتماعي بحت، وهي علاقة فطرية لا تحمل ولا ينبغي أن تُحمّل أي مضمون سياسي.

أما علاقة الفرد مع أمته العربية فلها طابع ثقافي ووجداني مهم، وأينما وجد الانسان العربي اليوم في العالم كله حتى لو كان يحمل جنسية دولة غير عربية فان الانتماء العروبي لا ينقطع ولا يتلاشى.

وأما علاقة الفرد في الدولة القُطرية ومواطنته فيها فانه لا يتناقض مع علاقته بأمته الاسلامية القائمة على رابطة الاخوة في العقيدة والدين، فالمواطن الصالح ينعكس صلاحه على وطنه وكذلك الحال على امته العربية وكذلك الاسلامية، ومن لا يملك الصلاح في نفسه فانه لن يعطيه لغيره.

لذلك فانني أعتقد اننا اذا أردنا ان ننسجم مع ذواتنا ومجتمعاتنا واذا ما ابتعدنا عن جانب التنظير واقتربنا من جانب التأطير والعمل والانجاز فاننا لن نجد تعارضاً بين تلك العلاقات جميعاً.

وأما اذا أردنا ان نضع العراقيل ونعظم التناقضات ونضعها نصب أعيننا  فاننا حتماً سنوجد التعارض حتى فيما لا تعارض فيه.

وبالخلاصة فان المواطنة  ليست مجرد انتماء لتراب أو جغرافيا فحسب، بل هي حالة معقدة ومتداخلة بين الارض والانسان بما تحمله تلك والعلاقات الانسانية من ثقافات متنوعة وديانات متعددة وعرقيات مختلفة ومكونات سياسية واجتماعية واقتصادية متداخلة، كل هذا تجمعه المواطنة بتفاعل ايجابي مثمر وتترجمه انجازات حضارية مشهودة.

المواطنة في الفكر السياسي الاسلامي:

بعد النظر والتدقيق ندرك ان مفهوم المواطنة كان حاضراً في الفكر السياسي الاسلامي من خلال دلالات النصوص الشرعية ووقائع السيرة النبوية وفي الكثير من أحداث التاريخ الاسلامي.

ففي القرآن الكريم جملة من الايات التي تدعو الى اقامة العدل بين الناس وان اختلفو معنا في العرق أو الدين أو الطائفة قال تعالى: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). وامر الله بالمحاورة بالاسلوب الامثل كدليل على حرية الرأي التعبير قال تعالى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). كذلك حق حرية الاعتقاد لقوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) وقوله تعالى (أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) وأما احاديث النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته فهي كثيرة في التدليل على تكريس حالة الحريات وحقوق الانسان في الدولة الاسلامية والتي تقوم أساساً على الكرامة الانسانية ، فقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم احتراماً لمرور جنازة في المدينة ، ولما اخبروه انها جنازة يهودي قال صلى الله عليه وسلم Sadأليست نفساً). وقول النبي صل الله عليه وسلم: (من آذى ذمياً فقد آذاني).

وأول ما قامت الدولة الاسلامية في المدينة المنورة ظهرت الحاجة لتأطير مفهوم المواطنة لجمع كل مكونات المجتمع المدني ضمن نطاق دستوري واحد ، فكانت وثيقة المدينة المنورة التي ومنذ اللحظة الأول أسست لقيام مجتمع مدني متنوع الأديان والقبائل والأعراق حيث جاء في الوثيقة ما نصه: (محمد والمسلمون من قريش ويثرب ويهود ومن دخل في حلفهم أمة من دون الناس).

وهذه الدولة قامت بمرجعية اسلامية يقودها النبي صل الله عليه وسلم كحاكم وقائد سياسي، جاء في الوثيقة ما نصه : ( وأن ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو أشتجار يخاف فساده فان مرده الى الله ومحمد رسول الله).

وفي سياق صياغة هذه الوثيقة الدستورية المهمة يتعين علينا أن نعرف بان عدد اليهود في المدينة المنورة في وقت كتابة الوثيقة كان أكثر من عدد المسلمين، وكان من مكونات المجتمع المدني قبائل يثرب التي بقيت على الوثنية ولم تدخل الاسلام بعد ، بمعنى ان المجتمع المدني وقت صياغة الوثيقة النبوية كان مكوَّن من ثلاث فئات : المسلمون من المهاجرين والانصار، واليهود، وقبائل المدينة الذين ما زالو يعبدون الاصنام. فقد كان المجتمع المدني متنوعاً عرقياً واثنياً وعقائدياً، ومع ذلك لم يمنع أن يكون الاسلام كنظام عام هو مرجعية جميع مكونات المجتمع المدني بلا استثناء، وهنا يظهر ان الانتماء للدولة المدنية أساسه الالتزام بالنظام العام والنظام السياسي الذي يقوده، ويتضح بأن الاسلام بهذا الوصف ليس مجرد علاقة بين الانسان وربه تظهر على شكل عبادات شعائرية، بل هو نظام عام يقود المجتمع بكل مكوناته وينظم شؤونه وفق نظرة متكاملة. فمفهوم المواطنة مفهوم سياسي مدني جامع يظهر بالممارسة العملية في الحياة العامة.

وبالحديث عن الوثيقة النبوية في المدينة المنورة نجد السبق الزمني الواضح لترسيخ مفهوم المواطنة النابع من اقامة الدولة الدستورية المحددة الملامح والتي جاءت في القرن السابع الميلادي (1هـ الذي يوافق622 م) في حين ان مفهوم المواطنة لم يصل الى ذروة اكتماله في النظام الغربي المعاصر سوىفي القرن العشرين من خلال الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 م بفارق زمني كبير لا مجال فيه للمقارنة.

ومن أهم مراحل التطور التي مرت على مفهوم المواطنة في القرن الثامن عشر كانت مع الثورة الفرنسية والامريكية والتي خرجت بالانسان الغربي من عصر الاقطاع نحو المواطنة لكنها مواطنة منقوصة ، فقد حرمت الثورتان قطاعات مهمة من الناس من حق المواطنة، فدستور الثورة الامريكية سنة 1787 م استعبد النساء والهنود الحمر والجنس الاسود من دائرة المواطنة ، وظل هذا الوضع قائماً رغم الغاء نظام الرق سنة 1800م ولم تتحقق لهم المواطنة الا سنة 1965م.

وأما لثورة الفرنسية فانها لم تضع حداً للعبودية الا في سنة 1848م واستمر حرمان المرأة من ممارسة حقوقها السياسية ولم يسمح لها بالتصويت في الانتخابات الا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1948م، وفي انجلترا لم تحصل المرأة على المساواة السياسية وحق المواطنة الكامل الا في سنة 1928م.

مجتمع المواطنة يقوم على أساس الحرية والمساواة وحقوق الانسان في ظل دولة ديمقراطية تحكمها المؤسسات وتصل فيها الحقوق لأصحابها بموجب مواطنتهم وليس بموجب التكسب والهبات ولا حتى المطالبات، كل هذا يتحقق من خلال شعور الفرد بأنه كائن سياسي له حق المواطنة الكاملة من هنا تأتي مقولة "مواطنون لا رعايا".

ومع ذلك والى اليوم  ما زال مفهوم المواطنة  يواجه تحديات كبيرة في دول العالم الثالث وكذلك في دول العالم المتقدم صاحبة الديمقراطيات العريقة.

أهم هذه التحديات تكريس حالة الطبقية الجديدة لتلك الفئة التي تستحوذ على السلطة ومراكز صنع القرار، وتتحكم بالثروات واقتصادات الدول من خلال الشركات الكبرى العابرة للقارات، والتي تشكل مراكز قوى عالمية واقتصادية وسياسية تسطو على ثروات الدول والشعوب الفقيرة. اضافة الى عدم المساواة التامة بين المواطنين الأصليين وبين الحاصلين على الجنسية من الشعوب الأخرى في تلك الدول الكبرى.

أما تحديات المواطنة في دولنا العربية فهي أكثر من ان يتم الحديث عنها، فالانسان العربي لا زال يعيش كونه رعية الحاكم ينتظر منه العلاج للمريض أو اطلاق سراح السجين أو توظيف العاطل عن العمل في تكريس واضح لمفهوم الرعية بدلاً من المواطنة.

ومن أهم تحديات المواطنة في عالمنا العربي هو اننا الى الآن لم نفرق بين الدولة وبين شخص الحاكم ، وبين السلطة وبين النظام العام.

وأكثر ما يهدد مفهوم المواطنة في عالمنا العربي ويعدّ التحدي الأكبر له هو الخروج من حالة الاستقطاب الطائفي والعرقي والمذهبي التي أدت الى تفتيت المنطقة العربية وادخلتها في أتون صراع مع الذات والهوية بما يضمن عدم تحقيق استقرار او تقدم أو تنمية لشعوب منطقتنا، ذلك الى جانب تكريس الهويات الفرعية والعشائرية على حساب المواطنة الجامعة لكل مكونات المجتمع. وبما يضمن استمرار حالة الهيمنة والتبعية للقوى الكبرى، والشواهد ماثلة أمامنا على هذا الحال في العراق وسوريا واليمن وغيرها.

هذا يدعونا الى التفكير بعمق للملاءمة بين متطلبات الشعوب وسيطرة أصحاب السلطة السياسية والاقتصادية بما يحقق حالة التوازن والاستقرار البنيوي الاجتماعي والسياسي من خلال مواطنة حقيقية كاملة الحقوق والواجبات.

يبقى التأكيد على ان المواطنة بالرغم من كونها حقاً إلا أنها ممارسة وسلوك لا يمكن أن تنمو وتعيش إلا في مناخ الحرية والديمقراطية والمساواة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

دولة المواطنة في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: دولة المواطنة في الإسلام   دولة المواطنة في الإسلام Emptyالأربعاء 15 يوليو 2020, 6:05 am

البعد القانوني لمفهوم المواطنة

د.حنا عيسى
أمد/ (المواطنة مأخوذة في العربية من الوطن، أي المنزل الذي تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحله، ويُقال وَطَنَ البلد: أي اتخذه وطناً، وجمع الوطن أوطان: منزل إقامة الإنسان، ولد فيه أم لم يولد).

(يعتبر مفهوم المواطنة فكرة اجتماعيّة وقانونيّة وسياسيّة ساهمت في تطور المجتمع الإنساني بشكل كبير بجانب الرقي بالدّولة إلى المساواة والعدل، عن طريق تعزيزها لدور كل من الدّيمقراطية والشّفافيّة في بناء وتطور الدولة وذلك بإشراك المواطنين بالحكم وضمان حقوقهم وواجباتهم. ففي الدول الديمقراطية يتمتع كل من يحمل جنسية الدولة من البالغين الراشدين بحقوق المواطنة فيها. وهذا الوضع ليس نفسه في الدول غير الديمقراطية إذ تكون الجنسية مجرد تابعية، لا تتوافر لمن يحملها بالضرورة حقوق المواطن السياسية، هذا إن توافرت هذه الحقوق أصلاً لأحد غير الحكام وربما للحاكم الفرد المطلق وحده).

المواطنة: الانتماء إلى مجتمع واحد يضمه بشكل عام رابط اجتماعي وسياسي وثقافي موحد في دولة معينة. وتبعاً لنظرية جان جاك روسو المواطن له حقوق إنسانية يجب أن تقدم إليه وهو في نفس الوقت يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية التي يلزم عليه تأديتها. وفي القانون يدل مصطلح المواطنة على وجود صلة بين الفرد والدولة، وبموجب القانون الدولي المواطنة هي مرادفة لمصطلح الجنسية، على الرغم من أنه قد يكون لهما معان مختلفة وفقا للقانون الوطني. والشخص الذي لا يملك المواطنة في أي دولة هو عديم الجنسية.

والوطنية تأتي بمعنى حب الوطن في إشارة واضحة إلى مشاعر الحب والارتباط بالوطن وما ينبثق عنها من استجابات عاطفية، أما المواطنة فهي صفة المواطن والتي تحدد حقوقه وواجباته الوطنية ويعرف الفرد حقوقه ويؤدي واجباته عن طريق التربية الوطنية، وتتميز المواطنة بنوع خاص من ولاء المواطن لوطنه وخدمته في أوقات السلم والحرب والتعاون مع المواطنين الآخرين عن طريق العمل المؤسساتي والفردي الرسمي والتطوعي في تحقيق الأهداف التي يصبو لها الجميع وتوحد من أجلها الجهود وترسم الخطط وتوضع الموازنات.

*صفات المواطنة:

- الاعتراف بوجود ثقافات مختلفة.

-احترام حق الغير وحريته.

-الاعتراف بوجود ديانات مختلفة.

- فهم وتفعيل أيديولوجيات سياسية مختلفة.

- فهم اقتصاديات العالم.

- الاهتمام بالشؤون الدولية.

- المشاركة في تشجيع السلام الدولي.

- المشاركة في إدارة الصراعات بطريقة اللاعنف.

 

مبدأ المواطنة العالمية يرتكز على:

الأولى: عالمية التحديات في طبيعتها كعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، والامتلاك غير المتساوي لتقنيات المعلومات وانخفاض الخصوصية، والتدهور البيئي وتهديد السلام.


الثانية: أن هناك أمماً ومجتمعات ذات ديانات وثقافات وأعراف وتقاليد ونظم مختلفة.

ويعد جيفرسون الرئيس الثالث لأمريكا 1801-1809 أحد الآباء المؤسسين لأمريكا والأكثر نفوذا لتعزيز المثل العليا في الولايات المتحدة بمنطقه وتنوره، وظهر ذلك عند كتابته للدستور الأمريكي الذي ساوى فيه بين كافة المهاجرين، بغض النظر عن لون بشراتهم وألسنتهم، متسلحا بأنهم أصبحوا مواطنين في أمريكا، وهذا ما جعل أمريكا دولة جاذبة للمهاجرين وغالبيتهم من المبدعين.
وما يميز دستور جيفرسون هو تركيزه على حقوق الانسان و المواطنة وضرورة الحفاظ على حقوق المعارضين وحمايتهم، وبرأيي أن هذا الدستور وما تضمنه من مثل في هذا المجال تحديدا هو الذي جعل من أمريكا دولة عظمى في العالم  حيث بدأت مسيرة أمريكا الوحدوية بثلاثة عشرة ولاية تضم ثلاثة ملايين مواطن ينعمون بقانون ودستور يسريان على الجميع.

ولم تصل أوروبا إلى ما وصلت إليه من إرساء مفهوم المواطنة وتحويله إلى مفردات محبوكة بعناية في نسيج الدولة ومفاصلها وفي ثقافة المواطن الفرد وسلوكه، إلا بعد صراعات مريرة سألت فيها أنهار من الدماء، حيث كان الثمن الذي دفعه الإنسان الغربي باهظا جدا حتى وصل إلى صيغة المواطنة في صورتها الحالية والتي كانت الدواء الناجع للخروج من دوامة التمزق والصراع إلى آفاق التعايش والتسامح وقبول الآخر، وبالتالي الدخول إلى دولة القانون والمؤسسات.

فتحولت من دولة الحماية إلى دولة الرعاية التي ترعى جميع مكوناتها وتقف على مسافة متساوية منهم جميعا بغض النظر عن أصولهم العرقية أو انتماءاتهم الدينية أو المذهبية أو قناعاتهم الفكرية؛ فدولة المواطنة هي دولة الكفاءات لا الولاءات. لم تعد الدولة بحاجة إلى استئصال بعض شعبها عن طريق التطهير العرقي أو التهجير القسري حفاظا على العنصر الغالب. ولم تعد تفكر في التخطيط لإحداث تغيير ديموغرافي في تركيبتها السكانية تغليبا لفئة على أخرى. وبالتالي استطاع الغرب من خلال تبني هذا المفهوم ابتكار الصيغة المناسبة للتعامل مع اختلافات البشر الطبيعية في الجنس والعرق واللون والدين والمذهب والفكر واللغة عن طريق الاعتراف بها وإيجاد القنوات اللازمة للتعبير عنها بما يصب في مصلحة الوطن. وبذلك تحول الاختلاف إلى تنوع يزيد الدولة ثراء ويمدها بمزايا إضافية ما كانت لتحصل عليها لو لم تتخذ المواطنة أساسا للتعايش وسبيلا للتقدم.

 

وبناء دولة مدنية ديمقراطية على اساس المواطنة بدون تمييز قومي او ديني واحترام حقوق جميع القوميات والاديان، سيكون الافضل، بصورة مطلقة، من خيار بناء دولة على الاساس القومي او الاثني وبغض النظر عن مضمون الحكم فيها. فدولة المواطنة التي تحترم فيها حقوق الافراد والجماعات، دون تمييز قومي او عرقي او سياسي، هي مرحلة متقدمة في مسار صعود الانسان مما هو ادنى الى ما هو اكثر تقدما ورقيا واكتمالا، اما الدول القائمة على الاساس الاثني او القومي او الديني فقد عرفها البشر قديما وحديثا، وكانت  باستمرار مشاريع حرب او على الاقل منتج للعداء والتعصب والكراهية، وهي الان لا يمكن ان تكون خيارا ايجابيا، كما انها لا يمكن ان تكون حلولا حقيقية وناجعة لمشاكل التمييز والاضطهاد الاثني او الديني، ان الديمقراطية والديمقراطية الحقيقية ذات المحتوى الانساني الجاد، لا ديمقراطية نخب الفساد والطغم المالية او شراء الاصوات، او تضليل الجماهير وتغييب وعيها او ترهيبها، هذه الديمقراطية هي، الضمانة و الحل لإشكالات الاضطهاد والتمييز العرقي او الديني.

وبناء الدولة المدنية القائمة على اساس المواطنة، امر ليس بالسهل او متعلق بمجرد الرغبة او التمني او حتى الإرادة انما يمكن ان يتحقق عبر كفاح تاريخي طويل وهو ايضا عملية اجتماعية تراكمية، فالدولة في السويد او الدنمارك او المانيا او الولايات المتحدة وطبيعة علاقتها بمواطنيها، ليست وليدة الساعة او رغبة هذا الحزب او تلك الفئة وانما جاءت بالتأكيد تتويجا لكفاح اجتماعي وسياسي عنيد تطلب الكثير من المثابرة والتضحيات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
دولة المواطنة في الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كيف تحولت ايران من دولة اسلامية سنية الى دولة شيعية , السبب الرئيسي ؟
» أخلاقيات الحرب في الإسلام.. (الإسلام والقانون الدولي الإنساني)
» دولة القلال في فراكسينتوم .. أعجب دولة إسلامية غربية
» سقوط قانون "المواطنة" في أراضي 48 .. الدلالات والتداعيات
»  تفاصيل مقتل المواطنة الأميركية من الأصول التركية عائشة نور

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: